مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء السابع (عن المدة من 5 نوفمبر سنة 1945 لغاية 13 يونيه سنة 1949) - صـ 764

جلسة 7 من فبراير سنة 1949

برياسة سعادة سيد مصطفى باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: أحمد فهمي إبراهيم بك وأحمد حسني بك وحسن الهضيبي بك وفهيم عوض بك المستشارين.

(807)
القضية رقم 2351 سنة 18 القضائية

تزوير. محضر بوليس. انتحال المتهم اسم شخص معروف له في المحضر. تبرئته على أساس عدم حصول ضرر بالفعل للمنتحل اسمه. خطأ. علم المتهم بأن عمله من شأنه إحداث ضرر حال أو محتمل الوقوع. يكفي.
إنه لما كان العقاب على جريمة التزوير يكفي فيه أن يعلم الجاني أن عمله من شأنه إحداث ضرر بالغير سواء أكان الضرر حالاً أم محتمل الوقوع، وكان محضر البوليس صالحاً لأن يحتج به ضد من ينتحل اسمه فيه, فإن تبرئة من ينتحل اسم شخص معروف له في محضر تحقيق على أساس عدم حصول ضرر بالفعل للشخص المنتحل اسمه اعتباراً بأنه لا يكفي في هذه الحالة احتمال حصول الضرر - هذا يكون خطأ في القانون.


المحكمة

وحيث إن النيابة تقول في طعنها إن الحكم المطعون فيه حين قضى ببراءة المتهم من تهمة التزوير في محرر رسمي جاء مشوباً بما يبطله. فقد اعتبرت المحكمة أن انتحال اسم شخص معروف في محضر تحقيق غير معاقب عليه إلا إذا ثبت حصول ضرر بالفعل للشخص الذي انتحل اسمه، وأنه لا يكفي فيه احتمال حصول الضرر، وأنه لا محل للأخذ بقاعدة افتراض الضرر الاجتماعي. وهذا منها مخالف للقانون، إذ يكفي للعقاب أن يغير الجاني الحقيقة في محرر رسمي بإحدى الطرق المنصوص عليها في القانون وأن يكون من شأن ما وقع منه إلحاق الضرر بالغير سواء أكان هذا الضرر حالاً أم محتمل الوقوع. وإذن فيكون الحكم إذ قضى للمتهم بالبراءة مخطئاً متعيناً نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بيَّن واقعة الدعوى تعرض لدفاع المتهم بأن الفعل لا يكون جريمة التزوير لانعدام الضرر بصاحب الاسم المنتحل ولا بأحد غيره فقال: "إن تغيير المتهم (المطعون ضده) لاسمه في محضر تحقيق جنائي لا يعد وحده تزويراً معاقباً عليه سواء أكان مصحوباً بإمضاء أو غير مصحوب. وذلك لأن هذا المحضر لم يعد لإثبات حقيقة اسم المتهم، ولأن مثل هذا التغيير يعد من ضروب الدفاع المباح، وإنما يشترط ألا يترتب على الفعل إضرار بالغير، وإلا كان التزوير مستوجباً العقاب على كل حال... وإن انتحال اسم شخص حقيقي معلوم ولو صحبه توقيع لا يكفي أيضاً للعقاب، بل يشترط لذلك أن يترتب على هذا ضرر بهذا الشخص... فشرط تحقيق الضرر لازم... وإنه في صورة الدعوى الحالية ترى المحكمة أنه لم ينتج عن تسمي المتهم باسم أخيه أي ضرر بهذا الأخ أو بأحد غيره، لأن المتهم عند سؤاله في هذا المحضر لم يكن موجهاً إليه تهمة ما... وكل ما هنالك أنه أخذ بطريق الاشتباه... على أنه بفرض أنه كان هناك احتمال إلحاق الضرر بالأخ المنتحلة شخصيته وهو الأمر الذي لا تسلم المحكمة بوجوده، وإنما تعرض له من باب التسليم الجدلي، فإن ذلك وحده لا يكفي لمعاقبة المتهم بل لا بد أن يقع الضرر فعلاً. وهذا أمر لا شك فيه أنه منتفِ في الدعوى، وإن المتهم، كما تدل ظروف الدعوى وكما يقول أخوه المنتحل اسمه، لم يقصد من وراء تغيير الاسم غير إخفاء شخصيته حتى لا يفتضح أمر هروبه من الخدمة العسكرية ولم يكن هناك أي خوف من إمكان إلحاق تهمة الهروب هذه بأخيه... فيكون ما وقع من المتهم لا عقاب عليه". ولما كان العقاب على جريمة التزوير يكفي له أن يعلم الجاني أن عمله من شأنه إحداث ضرر بالغير سواء أكان حالاً أم محتمل الوقوع، وكان محضر البوليس صالحاً لأن يحتج به ضد صاحب الاسم المنتحل, وكل ما وقع من المتهم من شأنه احتمال وقوع هذا الضرر، فيكون الحكم المطعون فيه إذ قضى للمتهم بالبراءة مخطئاً، وتكون الواقعة على ما أثبتتها المحكمة معاقباً عليها.