مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2004 إلى آخر مارس سنة 2005 - صـ 208

(31)
جلسة 7 من ديسمبر سنة 2004م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكي عبد الرحمن اللمعي
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ محمود إبراهيم محمود على عطا الله, ويحيى خضري نوبي محمد, ومنير صدقي يوسف خليل, وعبد المجيد أحمد حسن المقنن
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ حسين محمد صابر
مفوض الدولة
وحضور السيد/ محمد عويس عوض الله
سكرتير المحكمة

الطعن رقم 10394 لسنة 47 قضائية. عليا:

عقد إداري - الإخلال بتنفيذ العقد - الطبيعة القانونية لغرامة التأخير - شروط توقيعها.
غرامة التأخير في العقود الإدارية مقررة ضمانًا لتنفيذ هذه العقود في المواعيد المتفق عليها حرصًا على حسن سير المرافق العامة بانتظام وباطراد - التكييف القانوني لهذه الغرامة أنها صورة من صور التعويض الاتفاقي إلا أنها تتميز عن التعويض الاتفاقي في مجالات القانون الخاص بأن لها أحكامًا خاصة أهمها أن أحد أركانها وهو الضرر مفترض بمجرد حصول التأخير إلا أنه يجوز للطرف الآخر أن يثبت انتفاء ركن الخطأ - أساس ذلك – تطبيق.


الإجراءات

في يوم الثلاثاء السابع من سبتمبر سنة 2001 أودع الأستاذ/ عدلي حسن المحامي نيابة عن الأستاذ/ شريف أحمد خشية المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل عن الحكم المطعون فيه الذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بأحقية المدعي في استرداد مبلغ 1458 جنيهًا والفوائد القانونية على هذا المبلغ بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم الطعين فيما قضى به من رفض ما عدا ذلك من طلبات والحكم مجدداً بأحقية المدعي بصفته في استرداد مبلغ 8281.2 جنيهًا وفوائده القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تاريخ الوفاء مع إلزام جهة الإدارة المصروفات عن الدرجتين.
وأعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب الطاعن بصفته استرداد مبلغ 6823.2 جنيهاً قامت الجهة الإدارية بخصمه من مستحقاته عن عملية إنشاء صالة الأنشطة بمركز شباب البداري كغرامة تأخير بواقع 5% من قيمة ختامي العملية، والقضاء بأحقيته في استرداد هذا المبلغ وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحاضر جلساتها، حيث قررت بجلسة 15/ 11/ 2003 إحالة الطعن للدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 16/ 3/ 2004 وتدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات؛ حيث قررت بجلسة 5/ 10/ 2004 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بمراعاة إضافة ميعاد مسافة طبقًا للمادة (16) من قانون المرافعات لأن الطاعن من المقيمين بأسيوط التي تبعد عن مدينة القاهرة حوالي 400 كيلو متر.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 45 لسنة 9 ق أمام محكمة القضاء الإداري بأسيوط بصحيفة أودعت بتاريخ 7/ 10/ 1997 طلب في ختامها بأحقيته في استرداد مبلغ 8281.1 جنيه وفوائده التجارية من تاريخ المطالبة الرسمية، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال شرحًا لدعواه إنه تعاقد مع المدعى عليه الثاني المطعون ضده الثاني بعقد مقاولة مؤرخ 9/ 3/ 1994 على تنفيذ عملية توريد وتركيب بردورات وحاجز رصيف بالمناطق العشوائية بالبداري، وقام بتنفيذ الأعمال المطلوبة وتسليمها لجهة الإدارة في 20/ 6/ 1994 وانتهت العلاقة التعاقدية بينهما عن هذه العملية. وأضاف قائلاً إنه بموجب عقد مقاولة مؤرخ 5/ 7/ 1994، تعاقد مع ذات الجهة على تنفيذ عملية إنشاء صالة أنشطة بمركز شباب البداري بقيمة 25000 جنيه، وبعد شروعه في تنفيذ الأعمال ظهرت معوقات في العمل ترتب عليها وقف العمل لحين دراسة طبيعة التربة وأسلوب معالجتها، وبعد تلك الدراسة صدر ملحق لأمر التشغيل في 12/ 10/ 1994 وقد قام بتنفيذ أعمال معالجة التربة إلا أنه فوجئ بكارثة السيول التي حدثت يوم 2/ 11/ 1994 بأسيوط والتي اكتسحت جميع الأعمال التي تمت، ومواد البناء الموجودة بالموقع واستحال تنفيذ الأعمال الباقية، وتبودلت المكاتبات وتعددت الشكاوى وتشكلت اللجان حتى صدر ملحق لأمر التشغيل في 21/ 5/ 1995، وتحدد يوم 24/ 6/ 1995 موعدًا لنهو الأعمال، وقد اشترطت الإدارة ألا يتم العمل إلا بمباشرة الخبير الاستشاري وإصدار تقريره بشأن ما تم من معالجة التربة، وقد قام الأخير بالمعاينة والدراسة وأخطرت الإدارة المدعي برأي الخبير في 11/ 9/ 1995 وهو مطابقة الأعمال للمواصفات وتم استكمال أعمال صب الخرسانة ويعتبر ميعاد الإخطار هو ميعاد بدء مدة تنفيذ الأعمال والمحدد لها 35 يومًا.
وقد قام بتنفيذ الأعمال المطلوبة كاملة وطبقًا لشروط ومواصفات جهة الإدارة وتسليمها ابتدائيًا بموجب محضر الاستلام المؤرخ 25/ 7/ 1995 أي قبل الموعد المحدد بمدة عشرين يومًا وتم عمل ختامي للأعمال في 16/ 12/ 1995 وفي هذا الختامي فوجئ بخصم مبلغ 6823.2 جنيه غرامة تأخير بواقع 5% من إجمالي الأعمال عن العملية موضوع الختامي، وقد تظلم من هذه الخصومات فشكلت النيابة الإدارية لجنة من مديرية الإسكان والمرافق بأسيوط انتهت إلى عدم أحقية الإدارة في خصم غرامة التأخير وطالبتها بصرف مستحقاته المشار إليها وهي 1458+ 6823 جنيهًا.
وبجلسة 6/ 6/ 2001 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه، وأقامت قضاءها بعدم أحقية الجهة الإدارية في خصم مبلغ 1458 جنيهًا غرامة تأخير عن عملية تركيب بردورات بالمناطق العشوائية بالبداري من مستحقات المقاول استنادًا إلى ما انتهى إليه تقرير الخبير الذي تطمئن إليها المحكمة، وأحقية الإدارة في خصم مبلغ 6823.2 جنيه كغرامة تأخير بواقع 15% من ختامي عملية إنشاء صالة أنشطة بمركز شباب البداري لتسبب المدعي في توقف العمل وتأخره لمدة تزيد على سبعة أشهر مما يحق للإدارة خصم هذا المبلغ من مستحقاته وهو الشق مثار الطعن الماثل.
من حيث إن الطعن يقوم على أسباب حاصلها مخالفة الحكم المطعون للقانون وصدوره مشوبًا بالفساد في الاستدلال وذلك لأنه اعتمد على تقرير الخبير بالرغم مما شابه من عيوب وأخطاء رد عليها الطاعن بمذكرة ولكن المحكمة لم تلتفت إليها، فضلاً عن أنه لم يلتفت أيضاً إلى مذكرة مديرية الإسكان والمرافق بأسيوط المقدمة بناءً على تحقيق النيابة الإدارية والتي انتهت إلى عدم أحقية الجهة الإدارية في خصم غرامة التأخير عن عملية إنشاء صالة الأنشطة بواقع 6823.2 جنيه وذلك لعدم تسبب الطاعن في تأخير تنفيذ العملية وإنما كان لأسباب خارجة عن إرادته.
ومن حيث إنه جرى قضاء هذه المحكمة أن غرامة التأخير في العقود الإدارية مقررة ضمانًا لتنفيذ هذه العقود في المواعيد المتفق عليها حرصًا على حسن سير المرافق العامة بانتظام وباطراد، وأن التكييف القانوني لهذه الغرامة أنها صورة من صور التعويض الاتفاقي إلا أنها تتميز عن التعويض الاتفاقي في مجالات القانون الخاص بأنها أحكام خاصة أهمها أن أحد أركانها وهو الضرر مفترض بمجرد حصول التأخير، إلا أنه يجوز للطرف الآخر أن يثبت انتفاء ركن الخطأ، ومتى انتفى أحد أركان المسئولية الموجبة للتعويض فلا مجال عندئذ لاستعمال الحق المخول للإدارة في اقتضائه لانعدام الأساس القانوني الذي يقوم عليه.
ومن حيث إنه متى استبان ما تقدم فإن مقطع النزاع في الطعن الماثل ينحصر فيما إذا كان التأخير في تسليم العملية مثار النزاع عن موعدها المحدد بداءة يرجع إلى إهمال المقاول وخطئه أو كان بسبب خارج عن إرادته.
ومن حيث إن الثابت من مذكرة مديرية الإسكان والمرافق بأسيوط التي أعدت بناء على تكليف النيابة الإدارية أنها انتهت إلى أن العمل في عملية إنشاء صالة الأنشطة بمركز شباب البداري توقف مرتين: الأولى من 2/ 11/ 1994 حتى 15/ 4/ 1995 وذلك بسبب كارثة السيول التي اكتسحت جميع الأعمال التي تمت وأتلفت جميع مواد البناء الموجودة بالموقع مما استحال معه تنفيذ الأعمال الباقية، وأن مدة التوقف الثانية كانت من 17/ 5/ 1995 وحتى 16/ 9/ 1995 بسبب عدم ورود موافقة الاستشاري الذي حددته الجهة الإدارية لمتابعة الأعمال ومطابقتها للمواصفات، لأن هيئة الإشراف رفضت التقرير الذي قدمه المقاول بنفسه، وبعد ذلك قام المقاول بتسليم الأعمال ابتدائياً في 25/ 9/ 1995 وهو تاريخ سابق لميعاد نهو الأعمال بحوالي 25 يومًا، الأمر الذي يقطع بأن التوقف في تنفيذ العملية والتأخر في تنفيذها يرجع إلى سبب خارج عن إرادة المقاول، مما يتنافى معه ركن الإهمال والتقصير في حقه ويكون توقيع غرامة التأخير عن هذه العملية بمقدار 6823.2 جنيهًا وخصمها من مستحقاته قد تم بالمخالفة للقانون، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد جانبه الصواب مما تقضي معه المحكمة بتعديله بإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدي للطاعن بصفته مبلغاً مقداره 6823.2 جنيه بالإضافة لما قضى به الحكم المطعون فيه وهو مبلغ 1458 جنيهًا، مع إلزامها بأن تؤدي الفوائد القانونية عن إجمالي المبلغ بواقع 4% سنويًا - حسبما طلب الطاعن - من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد؛ تطبيقًا لحكم المادة (226) من القانون المدني مع إلزامها المصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدي للطاعن بصفته مبلغاً مقداره 8281.2 جنيه "ثمانية آلاف ومائتان وواحد وثمانون جنيهًا وعشرون قرشًا" والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 7/ 10/ 1997 وحتى تمام السداد، وألزمتها المصروفات.