مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخمسون – الجزء الأول – من أول أكتوبر سنة 2004 إلى آخر مارس سنة 2005 – صـ 290

(40)
جلسة 16 من ديسمبر سنة 2004م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار / منصور حسن على غربي
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ إبراهيم على إبراهيم عبد الله, ومحمد الأدهم محمد حبيب, ومحمد لطفي عبد الباقي جودة, وعبد العزيز أحمد حسن محروس
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ خالد سيد
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ صبحي عبد الغني جودة
أمين السر

الطعن رقم 246 لسنة 45 قضائية. عليا:

موظف - عاملون مدنيون بالدولة - تسوية - إرجاع الأقدمية في الدرجة بناءً على ضم مدد خدمة لا تسري بشأنها الزيادة في المرتبات المقررة بالقانون رقم 31 لسنة 1983.
المادة الثانية من القانون رقم 31 لسنة 1983 بشأن تعديل جدول مرتبات العاملين بالحكومة والقطاع العام وزيادة مرتبات العاملين بالدولة والقطاع العام.
إن المشرع رعاية منه للعاملين بالحكومة والهيئات العامة والقطاع العام ولمواجهة الغلاء يتفرد بإصدار القوانين المعدلة لجداول المرتبات وزيادة المرتبات عند بداية بعض السنوات المالية ومن هذه القوانين القانون رقم 31 لسنة 1983 الذي قرر زيادة المرتبات المذكورة سلفًا بواقع 60 جنيهًا سنويًا وهذه الزيادة تُمنح بعد صدور القرار بمنح العلاوة الدورية المقررة في 1/ 7/ 1983 وقد اشترط المشرع فيمن يُمنح هذه الزيادة أن يكون موجودًا بالخدمة وقت صدور القانون وقد عبر عن ذلك بعبارة العاملين الحاليين، وأضاف إليهم من صدرت قرارات بتعيينهم قبل 1/ 7/ 1983، وفي هذا الصدد فإن المغايرة في تعبير نص المادة الثانية بورود عبارة "العاملين الحاليين والمعينين قبل أول يوليو سنة 1983" تقتضي إفراد الحكم لكل طائفة على حدة، فالعاملون الحاليون هم طائفة الموجودين بالخدمة وقت العمل بالقانون، وطائفة المعينين قبل 1/ 7/ 1983 هم من صدرت قرارات بتعيينهم في الفترة ما بين صدور القانون وبين 1/ 7/ 1983 فتسري عليهم هذه الزيادة ويفيدون منها وينصرف هذا التفسير ليشمل من تأخرت قرارات تعيينهم إلى ما بعد 1/ 7/ 1983، وقد تضمنت قرارات التعيين اعتبارها من 30/ 6/ 1983 لعلة اقتضاها المشرع وهو إفادة هؤلاء من الزيادات السابق تقريرها ولم يكونوا بخدمة الجهة الإدارية فعليًا وقت صدورها، وإن واقعة استلام العمل فقط وقت صدور القرار إنما تنتج أثرها فيما يتعلق بصرف الراتب، وعلى ذلك يكون التعيين عن طريق ترشيح القوى العاملة بأثر رجعي يؤتي أثره حالاً ومباشرة بمجرد النص عليه في قرار التعيين على هذه الرجعية، وذلك بخلاف الحال فيما يتعلق بضم مدد الخدمة العسكرية والعامة والخبرة، فهذه المدد جميعها واردة بعد صدور قرار التعيين فلا تأخذ الحكم المشار إليه سلفًا وإنما تختلف عنه، ولو أراد المشرع غير ذلك لما أعياه النص على ذلك صراحةً بإضافة عبارة الوجود الفعلي بالخدمة وهو ما لم يقصده – تطبيق.


الإجراءات

في يوم السبت الموافق 17/ 10/ 1998 أودع الأستاذ/ إسحق يعقوب وهبه، المحامي بالنقض والإدارية العليا بصفته وكيلاً عن الطاعنة قلم كتاب المحكمة تقريرًا بالطعن الماثل في الحكم المشار إليه والقاضي منطوقه برفض الدعوى.
وطلبت الطاعنة في ختام تقرير الطعن - ولما ورد به من أسباب - الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه بكامل أجزائه وبإلغاء القرار رقم 5/ 618 لسنة 1991 فيما تضمنه من إعادة تدرج مرتب الطاعنة واعتبارها من المعينين في 30/ 6/ 1983 وما يترتب على ذلك من آثار، وقد أعلن تقرير الطعن وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني التزمت فيه الرأي.
وقد تحدد لنظر الطعن جلسة 9/ 6/ 2003 أمام الدائرة الثانية عليا فحص وبها نظر، وبجلسة 29/ 9/ 2003 قررت الدائرة إحالة الطعن للدائرة الثامنة عليا فحص للاختصاص، وقد تحدد لنظره جلسة 9/ 11/ 2003 وبها نظر وبجلسة 23/ 11/ 2003 قررت الدائرة إحالة الطعن للدائرة الثامنة عليا موضوع، وقد تحدد لنظره جلسة 11/ 12/ 2003 وبها نظر وما تلاها من جلسات على النحو المبين بمحاضرها.
وبجلسة 4/ 11/ 2004 قررت المحكمة إصدار حكمها بجلسة اليوم وفيها صدر، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، والمداولة قانونًا.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وعن موضوع الطعن، فإن عناصر المنازعة تخلص في أن المدعية الطاعنة سبق وأن أقامت الدعوى المطعون على حكمها طالبة الحكم بإلغاء القرار رقم 5/ 618 لسنة 91 فيما تضمنه من إعادة تدرج مرتبها واعتبارها من المعينين في 30/ 6/ 1982 واستحقاقها العلاوة الدورية المقررة والزيادة المقررة بالقانون رقم 71 لسنة 1983 مع ما يترتب على ذلك من آثار. على سند من القول بأنها عينت بالهيئة المدعى عليها اعتبارًا من 30/ 6/ 1983 وردت أقدميتها إلى 30/ 6/ 1982 بعد ضم مدة الخدمة العامة إلا أنها فوجئت بصدور القرار رقم 5/ 618 في 21/ 3/ 1991 بتعديل تدرج مرتبها ليصبح المرتب في 1/ 7/ 1983 "43" جنيهًا بدلاً من "45" جنيهًا استنادًا إلى أن الزيادة المقررة بالقانون رقم 71 لسنة 1983 لا تستحق إلا لمن يوجد بصفة فعلية في الوظيفة العامة في 30/ 6/ 1983 أما من يرد أقدميته بضم مدة التجنيد أو الخدمة العامة لا يفيد من القانون رقم 31 لسنة 1983 وأن من حقها رد أقدميتها إلى 30/ 6/ 1982 بضم مدة الخدمة العامة وتدرج مرتبها باستحقاقها العلاوة المقررة بالقانون رقم 31 لسنة 1983.
وبجلسة 19/ 8/ 1998 أصدرت المحكمة حكمها المطعون عليه وشيدت قضاءها على سند من أنه صدر القرار رقم 5/ 1097 في 23/ 5/ 1984 بتعيين المدعية بوظيفة أخصائي زراعي ثالث اعتبارًا من 30/ 6/ 1983 بعد حصولها على بكالوريوس الزراعة عام 1980 "ترشيح القوى العاملة" ثم صدر القرار رقم 5/ 2088 في 4/ 10/ 1984 بضم مدة الخدمة العامة فردت أقدمية المدعية إلى 30/ 6/ 1982 وقد استفادت المدعية من الزيادة المقررة بالمادة الثانية من القانون رقم 31/ 1983 وتدرج مرتبها على النحو التالي: 38 جنيهًا في 30/ 6/ 1982، 45 جنيهًا في 1/ 7/ 1983 "ق 31/ 1983" 53 جنيهًا في 1/ 7/ 1984 "ق 53/ 1984".
ومن ثم فإن المدعية لم تكن موجودة فعليًا في الخدمة في 30/ 6/ 1983، ومن ثم فلا تستفيد من الزيادة المقررة بالقانون رقم 31/ 1983، ومن ثم يضحى ما قامت به جهة الإدارة من سحب الزيادة السابق منحها للمدعية متفقًا وصحيح حكم القانون ويضحى طلب المدعية استحقاق هذه الزيادة غير قائم على سند من القانون مما يتعين معه القضاء برفض الدعوى.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل ينصب على مخالفة الحكم المطعون عليه للقانون ذلك أن محكمة أول درجة قد أغفلت ما جاء بمذكرات الطاعنة ولم تقم بالرد عليها وما جاء فيها من وقائع واعتمدت على تقرير مفوض الدولة وأصرت على اعتبار المدعية لم تكن من المعينين قبل أول يوليو 1983 ولما كانت المادة الثانية من القانون رقم 31/ 1983 قررت الزيادة للموجودين في الخدمة والمعينين قبل 1/ 7/ 1983 والطاعنة يرجع تاريخ تعيينها إلى 30/ 6/ 1983 ولو أراد المشرع قصر الزيادة على الموجودين فعليًا بالخدمة قبل 1/ 7/ 1983 لما أضاف عبارة والمعينين قبل 1/ 7/ 1983 ذلك أن قرار تعيين الطاعنة يرجع إلى 30/ 6/ 1983 وبالتالي تستفيد من الزيادة، إضافة إلى أن أقدمية الطاعنة بعد حساب مدة الخدمة العامة ردت إلى 30/ 6/ 1982 وبالتالي تستحق علاوة دورية لهذه السنة.
ومن حيث إن المادة الثانية من القانون رقم 31 لسنة 1983 بشأن تعديل جدول مرتبات العاملين بالحكومة والقطاع العام وزيادة مرتبات العاملين بالدولة والقطاع العام تنص على أن "تزاد مرتبات العاملين الحاليين والمعينين قبل أول يوليه سنة 1983 بالدولة والهيئات العامة والقطاع العام بواقع 60 جنيهًا سنوياً وتُمنح هذه الزيادة للعامل بعد العلاوة الدورية المستحقة في تاريخ العمل بهذا القانون ولو تجاوز بهذا المرتب نهاية الربط المقرر قانونًا".
فمفاد ما تقدم أن المشرع رعاية منه للعاملين بالحكومة والهيئات العامة والقطاع العام ولمواجهة الغلاء يتفرد بإصدار القوانين المعدلة لجداول المرتبات وزيادة المرتبات عند بداية بعض السنوات المالية ومن هذه القوانين القانون رقم 31 لسنة 1983 والذي قرر بموجب المادة الثانية منه زيادة المرتبات للجهات المذكورة سلفًا بواقع 60 جنيهًا سنويًا وهذه الزيادة تمنح بعد صدور القرار بمنح العلاوة الدورية المقررة في 1/ 7/ 1983، وقد اشترط المشرع فيمن يُمنح هذه الزيادة أن يكون موجودًا بالخدمة وقت صدور القانون وقد عبر عن ذلك بعبارة العاملين الحاليين، وأضاف إليهم من صدرت قرارات بتعيينهم قبل 1/ 7/ 1983، وفي هذا الصدد فإن المغايرة في تعبير نص المادة الثانية سالفة الذكر بورود عبارة "العاملين الحاليين والمعينين قبل أول يوليو سنة 1983" تقتضي إفراد الحكم لكل طائفة على حدة، فالعاملون الحاليون هم طائفة الموجودين بالخدمة وقت العمل بالقانون، وطائفة المعينين قبل 1/ 7/ 1983 هم من صدرت قرارات بتعيينهم في الفترة ما بين صدور القانون وبين 1/ 1/ 1983 فتسري عليهم هذه الزيادة ويفيدون منها، وينصرف هذا التفسير كذلك ليشمل من تأخرت قرارات تعيينهم إلى ما بعد 1/ 7/ 1983. وقد تضمنت قرارات التعيين اعتبارهم معينين اعتبارًا من 30/ 6/ 1983 لعلة اقتضاها المشرع وهو إفادة هؤلاء من الزيادات السابق تقريرها ولم يكونوا بخدمة الجهة الإدارية فعليًا وقت صدورها، وأن واقعة استلام العمل فقط وقت صدور القرار إنما تنتج أثرها فيما يتعلق بصرف الراتب، وعلى ذلك يكون التعيين عن طريق ترشيح القوى العاملة بأثر رجعي إنما يؤتي أثره حالاً ومباشرة بمجرد النص في قرار التعيين على هذه الرجعية، وذلك بخلاف الحال فيما يتعلق بضم مدد الخدمة العسكرية والعامة والخبرة، فهذه المدد جميعها واردة بعد صدور قرار التعيين فلا تأخذ الحكم المشار إليه سلفًا، وإنما تختلف عنه ولو أراد المشرع غير ذلك لما أعياه النص على ذلك صراحة بإضافة عبارة الوجود الفعلي بالخدمة وهو ما لم يقصده.
ولا يغير من ذلك ما ورد من فتاوى بشأن الوجود الفعلي في الخدمة، إذ إن ذلك إنما ينصرف إلى ضم مدد الخدمة العسكرية والعامة والخبرة العملية.
وإعمالاً لما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنة قد صدر بشأنها وآخرين القرار رقم 5/ 1097 بتاريخ 23/ 5/ 1984 "ترشيح قوى عاملة" بتعيينها في وظيفة أخصائي زراعة ثالث لكونها حاصلة على بكالوريوس الزراعة عام 1980 بمرتب "43" جنيهًا وقد صرف لها هذا المرتب اعتبارًا من تاريخ تسلمها العمل، وقد تضمن قرار التعيين أن يكون اعتبارًا من 30/ 6/ 1983 "بأثر رجعي" ومنحت الزيادة المقررة بالقانون رقم 31/ 1983 باعتبارها من المعينين قبل أول يوليه 1983، ثم صدر القرار رقم 5/ 2088 بتاريخ 4/ 10/ 1984 بحساب سنة خدمة عامة للطاعنة فردت أقدميتها إلى 30/ 6/ 1982، ومن ثم لم يدخل في حساب الجهة الإدارية المطعون ضدها عند منح الطاعنة الزيادة المقررة بالقانون رقم 31/ 1983 مدة الخدمة العامة والتي بسببها أرجعت أقدميتها إلى 30/ 6/ 1982، بل إن الطاعنة مستحقة لهذه الزيادة لكون القرار الصادر بتعيينها تضمن الأثر الرجعي اعتبارًا من 30/ 6/ 1983 بالموافقة لصحيح حكم القانون، ومن ثم فإن ما قامت به جهة الإدارة في هذا الشأن يتفق وصحيح حكم القانون، وإذ صدر القرار رقم 5/ 618 لسنة 1991 بإعادة تدرج مرتب المدعية مجردًا من الزيادة المقررة بالقانون رقم 31 لسنة 1983 لعدم وجود الطاعنة فعليًا في الخدمة في 30/ 6/ 1983 فإن ما قامت به جهة الإدارة في هذا الشأن لا يتفق وصحيح حكم القانون ويضحى نعي الطاعنة في محله، مما تقضي معه المحكمة ببطلان القرار رقم 5/ 618 لسنة 1991 فيما تضمنه من إعادة تسوية حالة الطاعنة مجردًا من الزيادة المقررة بالقانون رقم 31/ 1983.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما تقضي معه المحكمة بإلغائه ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وببطلان التسوية التي تمت بالقرار رقم 5/ 618 لسنة 1991، مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب، وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.