مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2004 إلى آخر مارس سنة 2005 - صـ 808

(116)
جلسة 26 من مارس سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ/ محمد أحمد الحسيني عبد المجيد
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. محمد ماجد محمود، وأحمد محمد حمد، وعادل سيد عبد الرحيم بريك، وسراج الدين عبد الحافظ عثمان
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ د.محمد عبد المجيد إسماعيل
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سيد سيف محمد
أمين السر

الطعن رقم 3141 لسنة 44 قضائية. عليا:

توجيه وتنظيم أعمال البناء - ما لا يعد من أعمال البناء - التقفيلات الخشبية - أثر ذلك: لا يشترط الحصول على ترخيص بإقامتها.
طبقًا لأحكام قانون توجيه وتنظيم أعمال البناء رقم 106 لسنة 1976 فإن تقفيل الشرفة بمواد محمولة مما يستخدم في صنع الأثاث ونحوه ودون تعديل في وضعها كشرفة وبغير هدم أو بناء للحوائط أو تعديل لأي من أجزاء المنزل القائمة بالفعل ودونما الإخلال بالأسس البنائية التي صدر الترخيص بسند منها أو تأثير في سلامة المبنى - أثر ذلك: أن التقفيل لا يعد من بين الأعمال المحظور القيام بها، أو تلك التي نهى المشرع عنها إلا بترخيص من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم - أساس ذلك: أنها لا تلحق بالمبنى أي إخلال بأسسه البنائية ولا تؤثر في أمن السكان وسلامة الجيران أو المارة فضلاً عن اعتبارات المناخ وما يمليه العرف من الحفاظ على حرمة المسكن بحجبه عن العيون المتطفلة أو المتلصصة على قاطنيه - تطبيق.


الإجراءات

في يوم السبت الموافق 28/ 2/ 1998 أودعت هيئة قضايا الدولة النائبة قانونًا عن الطاعنين بصفاتهم قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 3141 لسنة 44 ق. عليا في الحكم المشار إليه الصادر بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار.
والتمس الطاعنون للأسباب الواردة بتقرير الطعن تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبإحالته إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغائه والقضاء مجددًا برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي طلبت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
ونظرت الطعن دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 8/ 1/ 2002 قررت الدائرة المذكورة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الخامسة/ موضوع" لنظره بجلسة 24/ 3/ 2002 حيث تدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 25/ 12/ 2004 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 19/ 2/ 2005 وبها تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
ومن حيث إن الطعن قد أقيم خلال الأجل المقرر قانونًا، وإذ استوفى سائر أوضاعه الأخرى، فمن ثم يكون مقبول شكلاً. ومن حيث إن واقعات الطعن تخلص حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 23/ 8/ 93 صدر قرار رئيس حي شرق الإسكندرية رقم 557 بإزالة الأعمال المخالفة بمنطقة الارتداد بالأدوار السادس والسابع والتاسع فوق الميزانين بالعقار رقم "6" الكائن بشارع مصطفى فهمي بجليم رمل الإسكندرية، الأمر الذي حدى بالمطعون ضدهم إلى إقامة الدعوى رقم 3999 لسنة 47 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية طعنًا على القرار المشار إليه لمخالفته للقانون بسند من أن الأعمال محل الإزالة تتمثل في تقفيل شرفات وبلكونات بالخشب والألوميتال، وهي أعمال تخرج عن نطاق قوانين البناء المختلفة، فإذا ما اعتبرت جهة الإدارة هذه الأعمال من أعمال البناء تكون قد انحرفت في استخدام سلطتها ويغدو قرارها متعين الإلغاء.
وبجلسة 29/ 12/ 1997 أصدرت المحكمة المذكورة حكمها بقبول الدعوى شكلاً، وبإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات وأقامت قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن المطعون ضدهم "المدعين" قاموا بتقفيل الفرندات والشرفات بالأدوار: السادس، والسابع، والتاسع، بالعقار المشار إليه بألواح من البلاستيك والأسبستوس دون تعديل في وضعها كشرفات، ومن ثم لا تعتبر من بين الأعمال المحظور القيام بها دون ترخيص وإنما من قبيل التعديلات البسيطة التي تتطلبها الظروف المعيشية الأمر الذي يغدو معه القرار المطعون فيه قد صدر مخالفًا للقانون ويتعين الحكم بإلغائه.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله إذ إن أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء قد حظرت أية أعمال أو منشآت أو تعديلها أو توسيعها أو تعليتها إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم أو إخطارها بذلك وفقًا لما تبينه اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه، وفي حالة مخالفة ذلك توقف الأعمال المخالفة ثم يصدر قرار مسبب بالإزالة أو تصحيح الأعمال من المحافظ أو من ينيبه، وحظر البناء دون ترخيص ورد عامًا والأصل أن يظل على عمومه دون تخصيص بلا مبرر قانوني أو نص ولا يمكن القطع بانصراف نية المشرع إلى الأعمال التي تتم بالمواد التقليدية دون تلك التي تتم بمواد خشبية أو نحوها، الأمر الذي يغدو معه القرار الطعين الصادر بإزالة الأعمال التي تمت دون ترخيص قد صدر صحيحًا ولا تثريب عليه، ومن ثم يكون الحكم الطعين قد خالف القانون متعين الإلغاء.
ولما كان هذا الحكم مرجح الإلغاء وسيترتب على تنفيذه نتائج يتعذر تداركها تتمثل في البناء دون ترخيص مما يحق معه للطاعنين بصفاتهم طلب وقف تنفيذه.
ومن حيث إن الفصل في موضوع الطعن يغني على الفصل في شقه العاجل.
ومن حيث إن المادة (4) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء المعدل بالقانونين رقمي 30 لسنة 1983 و54 لسنة 1984 تنص على أنه "لا يجوز إنشاء مبان أو إقامة أعمال أو توسيعها أو تعليتها أو تدعيمها أو هدمها أو إجراء أية تشطيبات خارجية مما تحدده اللائحة التنفيذية إلا بعد الحصول على ترخيص في ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم أو إخطارها بذلك وفقًا لما تبينه اللائحة التنفيذية لهذا القانون.
وتنص المادة (11) على أنه يجب أن يتم تنفيذ البناء وفقًا للأصول الفنية وطبقًا للرسومات والبيانات والمستندات التي منح الترخيص على أساسها.
وتضيف المادة (15) من ذات القانون على أن توقف الأعمال المخالفة بالطريق الإداري ويصدر بالوقف قرار مسبب من الجهة الإدارية.
وتردف المادة (16) يصدر المحافظ المختص أو من ينيبه بعد أخذ رأي لجنة تشكل بقرار منه من ثلاثة من المهندسين المعماريين والمدنيين من غير العاملين بالجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم ممن لهم خبرة لا تقل عن عشر سنوات قرارًا مسببًا بإزالة أو تصحيح الأعمال التي تم وقفها.... ومع عدم الإخلال بالمحاكمة الجنائية يجوز للمحافظ بعد أخذ رأي اللجنة المنصوص عليها في الفقرة السابقة التجاوز عن الإزالة في بعض المخالفات التي لا تؤثر على مقتضيات الصحة العامة أو أمن السكان أو المارة أو الجيران وذلك في الحدود التي تبينها اللائحة التنفيذية.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع أوجب الحصول على ترخيص من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم لإنشاء أية مبان أو إقامة أعمال أو توسيعها أو تعليتها أو تدعيمها أو هدمها أو إجراء أية تشطيبات خارجية مما تحدده اللائحة التنفيذية للقانون رقم 106 لسنة 1967 المشار إليه.
كما أوجب المشرع أن يتم تنفيذ الأعمال المرخص بها وفقًا للأصول الفنية المتبعة وطبقًا للرسومات والبيانات والمستندات المعتمدة والتي بركيزة منها صدر الترخيص. فإذا بدء في تنفيذ هذه الأعمال أو بعض منها أو تم إنجازها دون ترخيص بها أصدرت الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم قرارًا مسببًا بإيقافها على أن يصدر المحافظ المختص أو من ينيبه بعد استطلاع رأي اللجنة المشار إليها في المادة (16) قرارًا مسببًا بإزالتها أو تصحيحها حسب الأحوال والتي سبق أن تم إيقافها من قبل بيد أنه يجوز للمحافظ المختص التجاوز عن الإزالة في بعض المخالفات غير المؤثرة على مقتضيات الصحة العامة أو أمن السكان أو المارة أو الجيران بعد التيقن من ذلك باستطلاع رأي اللجنة المشار إليها.
ومن حيث إن مجلس الدولة قد استقر إفتاء وقضاء على أن تقفيل الشرفة بمواد محمولة مما يستخدم في صنع الأثاث ونحوه، ودون تعديل في وضعها كشرفة وبغير هدم لحوائط أو بنائها أو تعديل لأي أجزاء المنزل القائمة بالفعل ودونما إخلال بالأسس البنائية التي صدر الترخيص بسند منها أو تأثير في سلامة المبنى، فمن ثم فإن هذا التقفيل لا يعد من بين الأعمال المحظور القيام بها أو تلك التي نهى المشرع إلا بترخيص من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم باعتبار أنها لا تلحق بالمبنى ثمة إخلال بأسسه البنائية ولا تؤثر في أمن السكان وسلامة الجيران أو المارة، فضلاً عن اعتبارات المناخ وما يمليه العرف من الحفاظ على حرمة المسكن بحجبه عن العيون المتطفلة أو المتلصصة على قاطنيه.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن القرار رقم 557 لسنة 1993 المطعون فيه قد صدر بسند من قيام المطعون ضدهم على نحو ما ورد برأي اللجنة الثلاثية بالبناء في منطقة الارتداد بالدور التاسع العلوي والسادس والسابع بألواح البلاستيك والأسبستوس، وهي مواد خفيفة محمولة، ولم تتضمن هدمًا لحوائط أو بنائها أو إخلال بالأسس البنائية التي صدر بها الترخيص، وليس لها ثمة تأثير على سلامة المبنى ولا تؤثر في أمن السكان وسلامة الجيران أو المارة، وإنما أملت إقامتها الظروف المعيشية واعتبارات المناخ، وهي من الأعمال التي تقتضي استصدار ترخيص بها قبل إقامتها، الأمر الذي يغدو معه القرار الطعين قد صدر فاقدًا لسببه المبرر للإبقاء عليه مما يتعين إلغاؤه.
وإذ ذهب الحكم الطعين إلى هذا المذهب يكون قد صدر صحيحًا ولا تثريب عليه ويغدو من ثم الطعن الماثل لا سند له من القانون خليقًا بالرفض.
ومن حيث إن إصابة الخسر في طعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الطاعنين بصفتهم المصروفات.