مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2004 إلى آخر مارس سنة 2005 - صـ 827

(119)
جلسة 26 من مارس سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان، وأحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم، وحسن سلامة أحمد محمود، وحمد عبد الحميد حسن عبود
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ رضا محمد عثمان
مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة

الطعن رقم 8688 لسنة 46 قضائية. عليا:

( أ ) نقابات - نقابة المهن الفنية التطبيقية - خصم رسوم القيد والاشتراكات لأعضاء النقابة العاملين بالجهاز الإداري للدولة يقع على عاتق الجهات الإدارية التابعين لها - أثر ذلك.
طبقًا لأحكام القانون رقم 67 لسنة 1974 بإنشاء نقابة المهن الفنية التطبيقية وتعديلاته, فإنه بالنسبة لأعضاء النقابة العاملين بالجهاز الإداري للدولة وغيرها من الجهات المحددة بالمادة (61) من القانون سالف الذكر تلتزم هذه الجهات بخصم قيمة رسوم القيد والاشتراكات شهريًا من مرتبات هؤلاء الأعضاء وبناءً على طلب النقابة مع توريدها إليها بدون مقابل - مقتضى ذلك أن الالتزام بالخصم من مرتب عضو النقابة والتحصيل للنقابة يقع على عاتق الجهة الإدارية التي يعمل بها العضو وبناءً على طلب النقابة - أثر ذلك: إن التراخي في الخصم والتوريد تقوم مسئوليته على عاتق الجهة التي يعمل بها العضو, ويجوز للنقابة في هذه الحالة أن تتخذ من الوسائل تجاه هذه الجهة ما يكفل إلزامها بسداد الاشتراكات للنقابة - أساس ذلك: إنه لا يتصور قيام الجهة بالخصم وعدم السداد للنقابة ثم يعاقب العضو والحالة الوحيدة التي يمكن تحميل العضو نتيجة عدم الخصم والتحصيل أن يكون ثمة تواطؤ بينه وبين المسئول في الجهة على عدم الخصم من الراتب والامتناع عن التوريد – تطبيق.
(ب) دعوى - مصاريف قضائية - مدى جواز إعفاء النقابة منها.
إن المصاريف أعم وأشمل من الرسوم, فتشمل الرسوم التي استلزمها المشرع لرفع الدعوى وسيرها والحكم فيها كمصاريف الخبراء ومصاريف الشهود ومصاريف انتقال المحكمة وما إلى ذلك من مصروفات محددة فضلاً عن أتعاب المحاماة, وعليه فإن المادة (58) وإن قضت بإعفاء النقابة من الرسوم المقررة لرفع الدعوى فإن الإعفاء لا ينصرف إلى باقي مصروفات الدعوى, ويتعين رفض دفع النقابة في هذا الشأن وإلزامها بالمصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات – تطبيق.


الإجراءات

في يوم الثلاثاء الموافق 11/ 7/ 2000 أودع الأستاذ محمود محمود أبو الفيضي (المحامي) وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 8688 لسنة 46 ق. ع في الحكم المشار إليه والقاضي "بأحقية المدعين في صرف المعاش المطالب به على النحو المبين بالأسباب وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام النقابة المدعى عليها المصروفات".
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه، والقضاء برفض الدعوى مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وقد جرى إعلان تقرير الطعن إلى الجهة الإدارية المطعون ضدها على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من تحميل النقابة المدعى عليها المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام الدائرة الثامنة - فحص جلسة 9/ 11/ 2003، وبجلسة 22/ 2/ 2004 قررت إحالته إلى "الدائرة الثامنة/ موضوع" والتي نظرته بجلسة 15/ 4/ 2004، وفيها قررت إحالة الطعن إلى هذه الدائرة، حيث نظرته بجلساتها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حتى قررت إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون ضدهم (فيما عدا الثالث) أقاموا الدعوى المشار إليها بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بقنا بتاريخ 5/ 3/ 1994 وطلبوا في ختامها الحكم بوقف تنفيذ القرار السلبي بامتناع النقابة المدعى عليها عن صرف المعاش المستحق لهم اعتبارًا من تاريخ وفاة مورثهم واستمرار صرفه حتى الحكم في الموضوع وإلزام النقابة تقرير معاش شهري لهما وفق النسب المقررة باللائحة الداخلية للصندوق اعتبارًا من الشهر التالي لوفاة مورثهما والمستحق بدءًا من 1/ 11/ 1991 وكل حسب نصيبه وحتى بلوغ الآجال القانونية وصرف متجمد المعاش حتى الحكم في الدعوى وإلزام المدعى عليه الثاني (محافظ أسوان بصفته) الوفاء بما تكون قد حجبته الإدارة التعليمية بكوم أمبو من اشتراكات القيد في المدد التي يثبت دفعها مع إلزام من ترى المحكمة منهما المصاريف والأتعاب، وقالوا - شرحًا للدعوى - إن مورثهما كان يشغل وظيفة أمين معمل بالإدارة التعليمية المذكورة وقيد بالنقابة المدعى عليها برقم 43616 بعد أداء رسم القيد، وكانت الاشتراكات الشهرية تخصم منه عن طريق جهة عمله طوال حياته، وقد امتنعت النقابة عن صرف معاش لهما بعد وفاته في 30/ 10/ 1991 على سند أن المذكور لم يكن قد سدد الاشتراكات الشهرية.
وبجلسة 17/ 5/ 2000 صدر الحكم المطعون فيه وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن مورث المدعيتين قيد بالنقابة المشار إليها برقم 43616 واستخرجت له بطاقة عضوية بها، وثابت بكتاب الإدارة التعليمية بكوم أمبو المؤرخ في 9/ 4/ 1994 أنه كان يتم خصم قيمة اشتراك النقابة من المذكور منذ تعيينه في 7/ 9/ 1971 حتى تاريخ وفاته في 20/ 10/ 1991، ومن ثم تستحق المدعيتان معاشًا وفقًا لأحكام النظام الداخلي لنقابة التطبيقيين الصادر بقرار وزير الصناعة رقم 543 لسنة 1979 وتعديلاته، ويتعين الحكم بأحقيتهما في ذلك مع إلزام النقابة المدعية عليها المصروفات.
ومن حيث إن مبنى الطعن قصور الحكم في التسبيب وفساد في الاستدلال، وذلك حين اعتمد على الشهادة المقدمة من الإدارة التعليمية بكوم أمبو بخط أحد الموظفين بهذه الإدارة تفيد خصم اشتراك النقابة من تاريخ تعيين مورث المطعون ضدهما حتى وفاته وختمت بخاتم الإدارة دون بيان قيمة المبالغ التي تخصم من عدمه ولا الأقساط الشهرية كما لم توضح أرقام أو حوافظ الشيكات التي يتم إرسالها من عدمه للنقابة الطاعنة وقد طلبت المحكمة عدة مرات الكشوف المرسلة من الإدارة بأسماء أعضاء النقابة وقيمة الاشتراكات التي تم خصمها ولم ترسل هذه الكشوف للمحكمة، كما أخل الحكم بحق الدفاع حين وقعت النقابة بعدم أحقية مورث المطعون ضدهما للانتفاع بنظام المعاشات والإعانات لعدم سداد الاشتراكات ولم يرد الحكم على هذا الدفع، كما أنه أخطأ في تطبيق القانون حين لم يعمل نصي المادتين (84) من القانون رقم 67 لسنة 1974 الخاص بالنقابة، والمادة (120) من القرار الوزاري رقم 543 لسنة 1979 بأنه يشترط لاستحقاق المعاش النقابي أن يكون العضو قد أدى إلى النقابة رسم الاشتراك المستحق ما لم يكن معفًى منه وهو ما خالفه الحكم المطعون فيه، كما خالف نص المادة (58) من القانون المشار إليه والتي قررت إعفاء النقابة من كافة أنواع الضرائب والرسوم ومنها المصروفات القضائية.
ومن حيث إن المادة (58) من القانون رقم 67 لسنة 1974 بإنشاء نقابة المهن الفنية التطبيقية وتعديلاته تنص على أن: "تعفى نقابة المهن الفنية التطبيقية والنقابات الفرعية لها من كافة أنواع الضرائب والرسوم التي تفرضها الحكومة أو أية سلطة عامة أخرى مهما كان نوعها أو تسميتها ...". وتنص المادة (61) على أنه "يجب على كل عضو مقيد بجداول النقابة أن يسدد إلى صندوقها في ميعاد أقصاه آخر ديسمبر من كل عام رسم الاشتراك السنوي المستحق، ويجوز للعضو أن يؤدي هذا الرسم على أقساط شهرية متساوية، وتلتزم الجهات التي يعمل بها أعضاء النقابة والتابعة للجهاز الإداري للدولة والقطاع العام والهيئات العامة والوحدات التابعة لها والشركات المساهمة الخاصة بخصم قيمة رسوم القيد والاشتراكات شهريًا من مرتبات أعضاء النقابة بناءً على طلبها مع توريدها إليها بدون مقابل. وإذ لم يسدد العضو رسم الاشتراك في الميعاد المحدد فلا يجوز له التمتع بأية خدمة نقابية إلا بعد سداد الاشتراكات المتأخرة وتنذر النقابة العضو المتخلف عن سداد الاشتراك بالأداء خلال شهر بكتاب موصى عليه بعلم الوصول فإذا انقضت هذه المهلة ولم يقم بالأداء جاز لمجلس النقابة أن يقرر إسقاط عضويته منها، ولا يقبل في هذه الحالة إعادة قيده في جداول النقابة إلا بعد أداء رسم القيد، فضلاً عن الوفاء برسوم الاشتراك المتأخرة حتى تاريخ إعادة القيد".
وتنص المادة (84) من ذات القانون على أن "يكون للعضو الحق في معاش أو إعانة بالشروط وفي الأحوال الآتية:- أولاً: أن يكون قد أدى إلى النقابة رسم الاشتراك المستحق عليه ما لم يكن مُعفى من أدائه بقرار من تلك النقابة".
وتنص المادة (85) على أنه "إذا توفي صاحب الحق في المعاش كان للمستحق عنه الحق في اقتضاء معاش ويبين النظام الداخلي هؤلاء المستحقين وشروط استحقاقهم المعاش ومقداره وكيفية صرفه".
ومن حيث إن مفاد ما سبق أن ثمة التزامًا على عاتق عضو النقابة طبقًا لصريح النصوص مفاده ضرورة أدائه رسم الاشتراك المقرر للنقابة، فإذا تخلف عن السداد تنذره النقابة خلال شهر بكتاب موصى عليه بعلم الوصول فإذا انقضت هذه المهلة ولم يسدد جاز لمجلس النقابة أن يقرر إسقاط عضويته فيها، وبالنسبة لأعضاء النقابة العاملين بالجهاز الإداري للدولة وغيرها من الجهات المحددة بالمادة (61) سالفة البيان تلتزم هذه الجهات بخصم قيمة رسوم القيد والاشتراكات شهريًا من مرتبات هؤلاء الأعضاء وبناء على طلب النقابة مع توريدها إليها بدون مقابل، ومن ثم فإن الالتزام بالخصم من مرتب عضو النقابة في هذه الحالة والتحصيل للنقابة يقع على عاتق الجهة الإدارية التي يعمل بها العضو وبناءً على طلب النقابة فالخصم والتوريد يجريان بين الجهة الإدارية والنقابة ولا يتدخل فيهما عضو النقابة العامل بالجهة ولا يستطيع العضو أن يمنع الجهة من خصم الاشتراك أو يمنعها من توريده، ومن ثم فإن التراخي في الخصم والتوريد تقوم مسئوليته على عاتق الجهة التي يعمل بها ويجوز للنقابة في هذه الحالة أن تتخذ من الوسائل تجاه هذه الجهة التي ألزمها القانون ما يكفل سداد الاشتراكات للنقابة ولا يتصور - عقلاً - قيام الجهة بالخصم وعدم السداد للنقابة ثم يعاقب العضو، وإذا كان ثمة إهمال من الجهة بعدم الخصم من مرتب العضو وعدم التحصيل فقد كان على النقابة أن تبادر فورًا إلى مطالبة هذه الجهة وإجبارها على خصم الاشتراك وتوريده، والحالة الوحيدة التي يمكن تحميل العضو نتيجة عدم الخصم والتحصيل أن يكون ثمة تواطؤ بينه وبين المسئول في الجهة على عدم الخصم من الراتب والامتناع عن التوريد، وفي الحالة الماثلة فلا خلاف على قيد مورث المطعون ضدهما بالنقابة وأنه معين منذ 7/ 9/ 1971 وحتى وفاته في 20/ 10/ 1991 أي ما يزيد على عشرين عامًا لا يقبل من النقابة المشار إليها السكوت طيلة هذه المدة عن عدم قيام الإدارة التعليمية بكوم أمبو عن سداد الاشتراك وقد كان عليها المبادرة فور الامتناع عن سداد الاشتراك مطالبة الجهة بالسداد وإلا اتخذت ضدها الإجراءات المقررة في هذا الشأن، فإذا أضيف إلى ذلك ما ورد بكتاب الإدارة التعليمية بكوم أمبو المؤرخ في 9/ 4/ 1994 بأنه كان يتم خصم قيمة الاشتراك من المذكور منذ تعيينه حتى وفاته، فالأمر في هذه الحالة بين الجهتين لمتابعة خصم الاشتراك ومصير هذا الخصم وإذا لم يكن ثمة خصم فإن تراخي النقابة طوال هذه الفترة لا يتحمله صاحب الشأن بحرمانه من مستحقاته المقررة قانونًا، بل ينحصر الأمر بين النقابة والجهة الإدارية المشار إليها، وإذ انتهى الحكم الطعين إلى استحقاق ورثته معاشًا طبقًا للنظام وبالفئات والنسب المقررة قانونًا فإنه يكون قد صادف صحيح أحكام القانون.
من حيث إنه عما دفعت به النقابة من أن الحكم أغفل إعفاءها من المصاريف القضائية استنادًا إلى المادة (58) المشار إليها، وإذ جرى قضاء هذه المحكمة على أن المصاريف أعم وأشمل من الرسوم فتشمل الرسوم التي استلزمها المشرع لرفع الدعوى وسيرها والحكم فيها كمصاريف الخبراء ومصاريف الشهود ومصاريف انتقال المحكمة وما إلى ذلك من مصروفات محددة فضلاً عن أتعاب المحاماة، ومن ثم فإن حكم المادة (58) إذ قضى بإعفاء النقابة من الرسوم المقررة لرفع الدعوى فإنه لا ينصرف إلى باقي مصروفات الدعوى ويتعين رفض دفع النقابة في هذا الشأن وإلزامها بالمصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الطاعن بصفته المصروفات.