مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2005 إلى آخر مارس 2006 - صـ 369

(49)
جلسة 11 من فبراير سنة 2006م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز - رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان، وحسن سلامة أحمد محمود، وأحمد عبد الحميد حسن عبود، ود. محمد كمال الدين منير أحمد - نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ ألهم محمود أحمد - مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس - سكرتير المحكمة

الطعنان رقما 8401 و8932 لسنة 49 قضائية. عليا:

هيئات رياضية - سلطة الوزير المختص في إسناد اختصاصات جمعياتها العمومية إلى مجلس إدارة معين - ضوابطها.
المشرع بعد أن بين ماهية الهيئات الخاصة للشباب والرياضة في المادة (1) من قانون الهيئات الخاصة للشباب والرياضة الصادر بالقانون رقم 77 لسنة 1975 وتعديلاته، أخضع في المادة (25) من ذات القانون هذه الهيئات ماليًا وتنظيميًا وإداريًا وفنيًا وصحيًا لإشراف الجهة الإدارية المختصة، وعين سلطات ومكنات هذه الجهة. كما بين في المادة (26) سلطات الوزير المختص إزاءها، وبعد أن قرر في المادة (27) لكل هيئة جمعية عمومية تتكون من الأعضاء العاملين المسددين لاشتراكاتهم، والذين مضت على عضويتهم العاملة سنة على الأقل حتى تاريخ انعقاد الجمعية العمومية، أجاز للوزير المختص استثناء بعض الهيئات من هذا الحكم إذا اقتضت الضرورة ذلك، وفي هذه الحالة يكون لمجلس الإدارة المعين سلطات واختصاصات الجمعية العمومية - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الاثنين الموافق 11/ 5/ 2003 أودع الأستاذ/ محمد محمد محمود زكي - المحامي بالنقض والإدارية العليا، بصفته وكيلاً عن الطاعنين في الطعن الأول، قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد برقم 8401 لسنة 49 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 4097 لسنة 57 ق بجلسة 23/ 3/ 2003، القاضي في منطقوه بقبول الدعوى شكلاً، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما، وإلزام المدعين المصروفات.
وطلب الطاعنان - للأسباب الواردة في تقرير طعنهما- قبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبوقف تنفيذ قراري وزير الشباب رقمي 1047 و1067 لسنة 2002، وما يترتب عليهما من آثار أخصها دعوى الجمعية العمومية لجمعية بيوت الشباب المصرية للانعقاد لانتخاب مجلس إدارة جديد مع تنفيذ الحكم بمسودته.
وفي يوم الخميس الموافق 22/ 5/ 2003 أودع الأستاذ/ محمد محمد متولي - المحامي بالنقض والإدارية العليا، بصفته وكيلاً عن الطاعنين في الطعن الثاني، قلم كتاب هذه المحكمة، تقرير طعن، قيد برقم 8932 لسنة 49 ق. عليا في ذات الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 4097 لسنة 57 ق المشار إليها، وطلبًا - للأسباب الواردة في تقرير طعنهما - قبول الطعن شكلاً، وإلغاء الحكم المطعون فيه، ووقف تنفيذ الحكم وقراري المطعون ضده الأول رقمي 1047 و1067 لسنة 2001، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها دعوة الجمعية العمومية لجمعية بيوت الشباب المصرية للانعقاد لانتخاب مجلس إدارة جديد، وتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان.
وجرى إعلان الطعنين على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا برأيها القانوني في الطعنين، ارتأت فيه قبول الطعنين شكلاً، ورفضهما موضوعًا، وإلزام الطاعنين المصروفات.
ونظرت دائرة فحص الطعون الطعنين الماثلين بجلسة 7/ 7/ 2003 والجلسات التالية لها؛ حيث قررت ضم الطعن الثاني للطعن الأول للارتباط، وليصدر فيهما حكم واحد، ثم إحالتهما إلى هذه الدائرة لنظرهما بجلسة 25/ 6/ 2005، حيث نظرتهما على النحو المبين بمحاضر جلساتها، إلى أن تقرر النطق بالحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونًا.
من حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعنين في الطعن الثاني كانا قد أقاما الدعوى رقم 4097 لسنة 57 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بتاريخ 16/ 11/ 2002 بطلب الحكم بقبولها شكلاً، وبوقف تنفيذ قرار المدعى عليه الأول رقم 1047 لسنة 2002 فيما تضمنه من استبدال وإلغاء عدد 33 مادة من لائحة النظام الأساسي للجمعية الصادر بالقرار رقم 807 لسنة 2001، وكذلك وقف تنفيذ القرار رقم 1067 لسنة 2002 فيما تضمنه من تعيين مجلس إدارة جديد لجمعية بيوت الشباب المصرية لمدة أربع سنوات، على أن ينفذ الحكم بمسودته دون إعلان، وفي الموضوع بإلغاء القرارين المطعون فيهما، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المدعى عليهما بصفتهما المصروفات.
وذكرا - شرحًا لدعواهما - أنه بتاريخ 22/ 9/ 2002 أصدر المدعى عليه الأول القرار رقم 1047 لسنة 2002 باستبدال بعض نصوص القرار رقم 807 لسنة 2001 وإلغاء البعض الآخر بالمخالفة للقانون رقم 77 لسنة 1975 وتعديلاته الذي أعطى لكل هيئة تعمل في مجال الشباب والرياضة جمعية عمومية تختص ببعض الاختصاصات، وجاء التعديل ليلغي الجمعية العمومية لجمعية بيوت الشباب وإسناد اختصاصاتها إلى مجلس الإدارة مخالفًا بذلك القانون الذي قصر ذلك على حالة الضرورة، والتي لم تتوافر في الحالة موضوع الدعوى، كما أصدر المدعى عليه الأول - أيضًا - القرار رقم 1067 لسنة 2002 بتعيين مجلس إدارة للجمعية العمومية لمدة أربع سنوات استنادًا إلى القرار رقم 1047 لسنة 2002 دون انتخاب بالمخالفة للقانون، وفي أثناء نظر الشق العاجل تدخل الطاعنان وآخران في الدعوى إلى جانب المدعين.
وبجلسة 22/ 3/ 2003 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه تأسيسًا على أن المشرع في القانون رقم 77 لسنة 1975 لم يحدد طبيعة الهيئات التي يجوز أن يشكل مجلس إدارتها، وأن تتضمن أنظمتها الأساسية هذه القاعدة، وإنما أطلق هذا الحكم بأن تكون ذات طبيعة خاصة كما لم يحدد المشرع حالة الضرورة التي تقتضى استثناء بعض الهيئات من وجود جمعية عمومية، الأمر الذي يكون معه قد أطلق لجهة الإدارة تحديد الطبيعة الخاصة للهيئة وحالة الضرورة لإعمال الاستثناءين المشار إليهما، تحت رقابة القضاء... ومتى كان الأمر ذلك وكانت جهة الإدارة قد ذكرت - تبريرًا لصدور القرار المطعون فيه بتعديل طريقة تشكيل مجلس إدارة جمعية بيوت الشباب، وإلغاء الجمعية العمومية بها إلى صعوبة واستحالة اجتماع الجمعية العمومية، نظرًا لطبيعة العضوية بها، والتي تتم لمجرد النزول بإحدى بيوتها لليلة واحدة دون وجود رابط بين العضو والجمعية، وأن ترامى نشاطها على مستوى الجمهورية يستحيل معه حصر جميع أعضائها أو اجتماعهم، وقد أثبت الواقع العملي ذلك في عقد الجمعية عام 2001 وعدم عقدها لمدة تزيد على الأربع سنوات، وهي ظروف قدرتها، ورأت أن حسن العمل بها وإدارة الجمعية إدارة جيدة للنهوض بأعبائها يقتضى إلغاء اختصاصات الجمعية العمومية بها، وتعديل اللائحة ليكون تشكيل مجلس إدارة الجمعية بالتعيين، وليس الانتخاب، الأمر الذي يكون معه القرار الطعين قد صدر ممن يملك إصداره قانونًا لسبب يبرره ولا مطعن عليه، كما أن القرار رقم 1067 لسنة 2001 وقد صدر استنادًا إلى القرار رقم 1047 لسنة 2002 وقد انتهت المحكمة إلى شرعيته، الأمر الذي ينتفي معه ركن الجدية في طلب المدعيين بوقف تنفيذه.
ومن حيث إن مبنى الطعنين الماثلين أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، كما شابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وعدم إلمامه بوقائع الدعوى على النحو الصحيح لأسباب جماعها أن الدستور حرص على حق المواطنين في تكوين الجمعيات واحترام إرادة التجمع المدني في مجلس إدارة الجمعية، وأن سلطة الإدارة ليست مطلقة وإنما مقيدة بتوافر أسبابها خاضعة في ذلك لرقابة القضاء، كما أن جمعية بيوت الشباب ليست المقصودة بالطبيعة الخاصة كما ذهب الحكم المطعون فيه، فهي مؤسسة منذ خمسين عامًا ولها جمعيتها العمومية العادية وغير العادية وتنعقد سنويًا وتقوم بانتخاب مجلس إدارتها، ومنصوص عليها في القوانين السابقة على القانون رقم 77 لسنة 1975 الذي أفرد لها الباب الرابع، كما أن الجمعية ليس صحيحًا أنها لم تنعقد لمدة أربع سنوات، ذلك أن المجلس المنتخب صدر قرار بجلسة سنة 2000 بتعيين مجلس جديد ثم مدت مدته سنة 2001، ثم عين مجلس آخر لمدة ثلاثة أشهر، وهو الوحيد الذي دعا لانعقاد الجمعية العمومية ولم يكتمل العدد بسبب خطأ في الإجراءات ثم أعقب ذلك المجلس المعين سنة 2002.
ومن حيث إنه يشترط لوقف تنفيذ القرارات الإدارية المطعون عليها، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن يتوافر في طلب وقف التنفيذ ركنان: الأول: هو ركن الجدية: ويتمثل في قيام الطعن في القرار - بحسب الظاهر من الأوراق - على أسباب جدية من حيث الواقع والقانون، تحمل على ترجيح الحكم بإلغائه عند نظر الموضوع، والثاني: وهو ركن الاستعجال بأن يكون من شأن استمرار القرار وتنفيذه نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضى بإلغائه.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن البين من استقراء نصوص قانون الهيئات الخاصة للشباب والرياضة الصادر بالقانون رقم 77 لسنة 1975 وتعديلاته أن المشرع بعد أن بين ماهية الهيئات الخاصة للشباب والرياضة في المادة (1) منه، أخضع في المادة (25) من ذات القانون هذه الهيئات ماليًا وتنظيميًا وإداريًا وفنيًا وصحيًا لإشراف الجهة الإدارية المختصة، وعين سلطات ومكنات هذه الجهة، كما بين في المادة (26) سلطات الوزير المختص إزاءها، وبعد أن قرر في المادة (27) لكل هيئة جمعية عمومية تتكون من الأعضاء العاملين المسددين لاشتراكاتهم، والذين مضت على عضويتهم العاملة سنة على الأقل حتى تاريخ انعقاد الجمعية العمومية، أجاز للوزير المختص استثناء بعض الهيئات من هذا الحكم، إذا اقتضت الضرورة ذلك، وفي هذه الحالة يكون لمجلس الإدارة المعين سلطات واختصاصات الجمعية العمومية.
ومن حيث إن سلطة الوزير في حالة الضرورة هذه هي سلطة تقديرية يمارسها بلا معقب عليه ما دام قراره قد صدر في حدود القانون، وخلا تقديره من إساءة استعمال السلطة.
ولما كانت جمعية بيوت الشباب المصرية هي إحدى الهيئات الخاصة الخاضعة لأحكام القانون رقم 77 لسنة 1975، المشار إليه، بل وأفرد لها المشرع الباب الرابع منه مبينًا دورها بالنسبة للشباب أثناء سفرهم ومقررًا مسئوليتها وحدها فنيًا عن حركة بيوت الشباب في جميع أنحاء الجمهورية، وكان للوزير المختص عليها ذلت الاختصاصات المقررة له بالنسبة لباقي الهيئات الخاصة الأخرى، ومن ثم فإن له أن يستثنى الجمعية من أن يكون لها جمعية عمومية خاصة بها إذا ما اقتضت الضرورة ذلك، وما يستتبعه ذلك من تعيين مجلس إدارة له ذات اختصاصات الجمعية العمومية.
ومن حيث إنه متى كان ذلك، وكان البادي من ظاهر الأوراق أن جهة الإدارة حينما أصدرت قرارها الأول المطعون عليه رقم 1047 لسنة 2002 قد استندت فيما تضمنه من إلغاء الجمعية العمومية لجمعية بيوت الشباب إلى ما تلاحظ للجهة الإدارية من صعوبة اجتماعها نظرًا لطبيعة عضويتها والتي تلحق بالشاب بمجرد نزوله بإحدى بيوت هذه الجمعية، ولو لمجرد ليلة واحدة، دون الاستيثاق من وجود رابطة بين العضو والجمعية، فضلاً عن ترامي نشاطها على مستوى الجمهورية، مما يتعذر معه حصر جميع أعضائها أو اجتماعهم، وهو ما وقع فعلاً عام 2000 وما استتبعه ذلك من تعيين مجلس مؤقت ثم مد مدته عام 2001 ثم تعيين مجلس آخر لمدة ثلاثة أشهر عام 2002، الأمر الذي دعاها إلى إصدار القرار المطعون فيه، وهى كلها أمور تدخل ضمن حالة الضرورة المنصوص عليها في المادة (27) من القانون، وتستظل، من ثم، بالمكنة التي خولها المشرع للوزير المختص وذلك لعظم المهام التي تضلع بها جمعية بيوت الشباب، وما يستلزمه ذلك من مجلس إدارة معين حتى يقوم بالدور المنوط بالجمعية العمومية، ولا يرتهن تشكيله بإرادة أعضاء الجمعية العمومية، ولا غضاضة في ذلك ما دامت أعمال وتصرفات مجلس الإدارة تخضع لإشراف الجهة الإدارية المختصة، وهو ما استظهره وبحق الحكم المطعون فيه للأسباب التي قام عليها، وتحيل إليها هذه المحكمة بالإضافة إلى ما تقدم من أسباب، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد قام على صحيح سببه بحسب الظاهر من الأوراق وانتفى بشأن طلب وقف تنفيذه ركن الجدية، ودونما حاجة لبحث مدى توافر ركن الاستعجال لعدم جدواه، ويغدو من ثم متعينًا القضاء برفض وقف تنفيذه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذا التزم هذه الوجهة من النظر، فمن ثم يكون قد صدر وفق صحيح القانون، ويكون الطعن عليه غير قائم على سببه خليقًا بالرفض وهو ما تقضي به هذه المحكمة.
ومن حيث إنه عن القرار المطعون عليه الثاني رقم 1067 لسنة 2002 بتعيين مجلس إدارة جديد للجمعية موضوع التداعي لمدة أربع سنوات، فإنه وقد صدر استنادًا إلى القرار رقم 1047 لسنة 2002 المشار إليه والذي خلصت المحكمة إلى أن صدوره - بحسب الظاهر من الأوراق - جرى وفق صحيح حكم القانون، فمن ثم يكون هو الآخر قد صدر صحيحًا ولا وجه للمطالبة بوقف تنفيذه على نحو ما استظهره وبحق الحكم المطعون فيه، لانتفاء ركن الجدية والاستعجال، وبالتالي فلا وجه للمطالبة بإلغاء هذا الحكم من هذه الوجهة أيضًا.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعنين شكلاً، وبرفضهما موضوعًا، وألزمت الطاعنين المصروفات.