مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخمسون - الجزء الثاني - من أول إبريل سنة 2005 إلى آخر سبتمبر سنة 2005 - صــ 1341

(193)
جلسة 29 من يونيه سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد منير السيد أحمد جويفل - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عبد الله عامر إبراهيم، ومحمد البهنساوي محمد، ومصطفى محمد عبد المعطي، وحسن عبد الحميد البرعي - نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ سعيد عبد الستار محمد - مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ عصام سعد ياسين - سكرتير المحكمة

الطعن رقم 2435 لسنة 48 قضائية. عليا:

تراخيص - ترخيص صيدلية - الاستثناء من شرط المسافة.
القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة.
الأصل أنه يلغى ترخيص الصيدلية إذا نقلت من مكانها إلى مكان آخر ما لم يكن النقل قد تم بسبب الهدم أو الحريق, فيجوز الانتقال بذات الرخصة إلى مكان آخر توافرت فيه الشروط الصحية المقررة, وفي هذه الحالة لا يجب التقيد بشرط المسافة الوارد بالقانون وهو مائة متر بين الصيدلية المنقولة وأقرب صيدلية مرخص بها, باعتبار أن الهدم أو الحريق من الأعمال الاضطرارية التي تُعفى من التقيد بشرط المسافة ما لم يكن قد اتخذ أي منهما وسيلة للتحايل على هذا الشرط – تطبيق.


الإجراءات

في يوم الأربعاء الموافق 9/ 1/ 2002 أودع الأستاذ/ غبريال إبراهيم غبريال، نيابة عن الأستاذ/ أنور عبد الفتاح (المحامي) وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة تقريرًا بالطعن على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية - الدائرة الأولى شرقية - في الدعوى رقم 191 لسنة 5 ق بجلسة 22/ 12/ 2001 والذي قضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب.
وطلب في ختام تقرير الطعن - للأسباب الواردة به - الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء مجددًا برفض الدعوى الأصلية, وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن وفقًا للثابت بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن انتهت فيه - للأسباب الواردة به - إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء مجددًا برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه, وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
ونظرت الدائرة السادسة فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا الطعن إلى أن قررت إحالته إلى الدائرة السادسة موضوع بذات المحكمة, ونفاذًا لذلك ورد الطعن إلى هذه الدائرة, نظرته وفقًا للثابت بمحاضر الجلسات إلى أن تقرر إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم 29/ 6/ 2005, وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق, وسماع الإيضاحات, وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
من حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 20/ 10/ 1999 أودع المطعون ضدهما السابع والثامن قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية عريضة الدعوى رقم 191 لسنة 5 ق طالبين في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بنقل الترخيص رقم 1516 لسنة 1998 الممنوح للمطعون ضده السادس مع ما يترتب على ذلك من آثار وذلك على سند من القول بأنه بتاريخ 1/ 2/ 1998 أصدرت مديرية الصحة بالشرقية ترخيصًا برقم 1516 بفتح صيدلية بالمساكن التعاونية للمدعى عليه السادس, وكان هذا الترخيص معلقًا على استيفاء بعض الشروط, وعليه لم يتم فتح الصيدلية ولم تباشر نشاطها حتى انتهى عقد الإيجار والذي كان محدد المدة من أكتوبر سنة 1996 حتى أكتوبر سنة 1998, ثم صدر قرار إزالة للعقار الكائن به المحل المراد عمله صيدلية وتقدم المدعى عليه السادس بطلب لنقل الترخيص من المساكن التعاونية على ميدان المنتزه بالزقازيق مع الاستثناء من شرط المسافة إلا أن مدير إدارة الصيدليات رفض نقل الترخيص لعدم توافر حالة الضرورة, فتقدم بشكوى لمدير عام مديرية الصحة بالشرقية, وأحيل الأمر إلى الشئون القانونية بمديرية الصحة بالشرقية والمحافظة, ثم تقرر نقل الترخيص لميدان المنتزه مع الاستثناء من شرط المسافة فتظلم المدعيان من هذا القرار دون جدوى فأقاما الدعوى ناعيين على ذلك القرار بالمخالفة لنص المادة (14) من القانون رقم 7 لسنة 1956, لأن الصيدلية المطلوب نقل ترخيصها لم تباشر نشاطها ولم يكتمل الكيان القانوني لها وأن المدعى عليه السادس كان مسافرًا للعمل بالخارج ولم يمارس أي نشاط بالصيدلية وأن عقد الإيجار انتهى في أكتوبر سنة 1998 مما تنتفي معه حالة الضرورة, وبذلك لا يكون المدعي عليه السادس مستأجرًا للعين حتى يمكن استثناؤه من شرط المسافة كما أنه تعمد عدم الطعن في قرار الإزالة.
ونظرت محكمة القضاء الإداري سالفة الذكر الشق العاجل من الدعوى بعدة جلسات والتي تقدم خلالها الطاعن بصحيفة تدخل منضمًا إلى جهة الإدارة والمدعى عليه السادس والذي تم نقل ترخيص الصيدلية منه إليه بعد نقلها إلى ميدان المنتزه بالشرقية في 16/ 1/ 2001, وبجلسة 22/ 12/ 2001 أصدرت المحكمة المذكورة حكمها المطعون فيه, وأقامت قضاءها بعد قبول تدخل الطاعن واستعراض بعض نصوص القانون رقم 127 لسنة 1955 بشأن مزاولة مهنة الصيدلة والمستفاد منها على أن البادي من ظاهر الأوراق أن المدعى عليه السادس منح الترخيص رقم 1516 في 1/ 2/ 1998 باسم صيدلية سعد لبيب النجدي بالمساكن التعاونية بالزقازيق وأن عقد الإيجار الصادر له سارٍ من 5/ 10/ 1996 حتى 4/ 10/ 1998, وقرار إزالة العقار الكائن به الصيدلية صدر بتاريخ 28/ 7/ 1998, وأثبتت المعاينة أن العقار به صيدلية غير مستغلة وأصيب بتصدعات نشأت قبل صدور قرار الإزالة مما يلقي ظلالاً من الشك حول مدى جدية الترخيص الممنوح للمدعى عليه السادس, كما لم يقدم ما يثبت تعامله مع شركات الأدوية أو ما يفيد وجود بطاقة ضريبية أو سجل تجاري, وأن قرار الإزالة تضمن أن الصيدلية غير مستغلة, ومن ثم فإن حالة الضرورة المترتبة على تعمده الإفلات من شرط المسافة بالنسبة للموقع المنقول إليه الصيدلية بميدان المنتزه, مما يصم قرار النقل - بحسب الظاهر من الأوراق - بعيب مخالفة القانون, ويتوافر ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه, كما أن تنفيذ قرار النقل المطعون فيه إلى أقل من مائة متر على صيدلية المدعيين يؤثر على نسبة المبيعات وفي ذلك إصابة لهما بأضرار يتعذر تداركها مما يتوافر معه ركن الاستعجال أيضًا, ويكون طلب وقف تنفيذ القرار المطعون موافقًا لصحيح القانون متعينًا القضاء به.
ولما لم يصادف هذا القضاء قبولاً لدى الطاعن فأقام هذا الطعن ناعيًا على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون لأن جدية الترخيص رقم 1516 لسنة 1998 ووجوده قائم وثابت من ملف الترخيص, كما أن العقار الصادر ترخيص الصيدلية به سنة 1998 كان سليمًا وقت الترخيص وفقًا للمعاينة التي تمت عند الترخيص ولم يصب بتصدعات إلا بعد ذلك, مما ينفي شبهة التحايل لنقل الترخيص والاستفادة من الاستثناء الخاص بشرط المسافة.
من حيث إن المادة (11) من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة المستبدلة بالقانون رقم 253 لسنة 1955 تنص على أنه "لا يجوز إنشاء مؤسسة صيدلية إلا بترخيص من وزارة الصحة.... ولا يصرف هذا الترخيص إلا إذا توافرت في المؤسسة الاشتراطات الصحية التي يصدر ببيانها قرار من وزير الصحة العمومية, وكذا الاشتراطات الخاصة التي تفرضها السلطات الصحية على صاحب الشأن".
تنص المادة (13) من ذلك القانون بعد تعديلها بالقانون رقم 360 لسنة 1956 على أن "يرسل الرسم الهندسي إلى السلطة الصحية المختصة للمعاينة وتعلن الوزارة طالب الترخيص برأيها في موقع المؤسسة في موعد لا يجاوز ثلاثين يومًا من تاريخ قيد الطلب بالسجل المشار إليه. يعتبر في حكم الموافقة على الموقع فوات الميعاد المذكور دون إبلاغ الطالب بالرأي بشرط عدم الإخلال بأحكام الفقرة الثانية من المادة (30) من هذا القانون, فإذا أثبتت المعاينة أن الاشتراطات الصحية المقررة مستوفاة صرفت الرخصة خلال ثلاثين يومًا من تاريخ المعاينة وإلا وجب إعطاء الطالب المهلة الكافية لإتمامها, ثم تعاد المعاينة في نهايتها ويجوز منحه مهلة ثابتة لا تجاوز نصف المهلة الأولى فإذا ثبت بعد ذلك أن الاشتراطات لم تتم رفض طلب الترخيص نهائيًا".
وتنص المادة (14) من ذات القانون على أن "تلغى تراخيص المؤسسات الخاضعة لأحكام هذا القانون في الأحوال الآتية:
1 - إذا أغلقت المؤسسة بصفة متصلة مدة تجاوز سنة ميلادية.
2 - إذا نقلت المؤسسة من مكانها إلى مكان آخر ما لم يكن النقل قد تم بسبب الهدم أو الحريق, فيجوز الانتقال بنفس الرخصة إلى مكان آخر توفرت فيه الشروط الصحية المقررة ويؤشر بالإلغاء أو النقل على الترخيص وفي السجلات المخصصة لذلك بوزارة الصحة العمومية".
وتنص المادة (30) من القانون سالف الذكر على أنه "لا يمنح الترخيص بإنشاء صيدلية إلا لصيدلي مرخص له بمزاولة مهنية ....... ويراعى ألا تقل المسافة بين الصيدلية المطلوب الترخيص بها وأقرب صيدلية مرخص بها عن مائة متر".
ومن حيث إن المشرع بموجب النصوص سالفة الذكر حظر إنشاء الصيدليات إلا بترخيص يصدر بذلك من وزارة الصحة وبعد استيفاء الاشتراطات المتطلبة قانونًا سواء من حيث المكان أو الشروط الصحية وغير ذلك من الاشتراطات التي تطلبها القانون رقم 127 لسنة 1955 وتعديلاته أو أي قانون آخر يتعلق بالاشتراطات الصحية والقرارات المنفذة لأي منهم, كما أن المشرع حدد حالات إلغاء الترخيص للصيدلية ومنها إغلاقها لمدة سنة ميلادية أو نقلها إلى مكان آخر في غير حالات الهدم أو الحريق, والذي يستفاد منه أنه في حالتي الهدم أو الحريق لا يجب التقيد بشرط المسافة الوارد بالقانون وهو مائة متر بين الصيدلية المنقولة وأقرب صيدلية مرخص بها باعتبار أن الهدم أو الحريق من الأعمال الاضطرارية التي تُعفَى من التقيد بشرط المسافة ما لم يكن قد اتخذ أي منهما وسيلة للتحايل على هذا الشرط.
ومن حيث إنه في ضوء ذلك ولما كان البادي من الاطلاع على الأوراق أن المطعون ضده السادس قد صدر له الترخيص رقم 1516 لسنة 1998 بفتح صيدلية بالمساكن التعاونية بالزقازيق بتاريخ 2/ 2/ 1998 وأن المكان الموجودة به الصيدلية مؤجر له بموجب عقد إيجار محرر بتاريخ 5/ 10/ 1996 وبتاريخ 28/ 7/ 1998 صدر قرار بإزالة العقار الموجودة به تلك الصيدلية فتقدم المرخص له بطلب لنقل مكان الصيدلية إلى ميدان المنتزه ببرج شعيب بالزقازيق ملك فوزية فوزي حافظ, وقد وافق وكيل وزارة الصحة بالشرقية بناءً على رأي الشئون القانونية وذلك بتاريخ 23/ 11/ 1999, ثم قام المطعون ضده السادس ببيع تلك الصيدلية للطاعن بتاريخ 6/ 12/ 1999 بعقد البيع بالجدك المودعة صورته بحافظة المستندات المقدمة بجلسة 7/ 4/ 2002, ومن ثم فإن قرار نقل الصيدلية المذكورة بسبب هدم العقار يكون صدر في إحدى الحالات المقررة قانونًا دون التقيد بشرط المسافة وينتفي ركن الجدية بحسب الظاهر من الأوراق في طلب وقف تنفيذه دون أن ينال منه ما ذكر من أن حالة التصدع الحاصل بالعقار المرخص فيه بفتح الصيدلية للمدعى عليه السادس المتنازل للطاعن عن الصيدلية نشأت قبل صدور قرار الإزالة في 28/ 7/ 1998, لأن هذا القول يتنافى وتقارير المعاينة الصادرة عن مديرية الشئون الصحية المودعة صورتها بأوراق الطعن والتي تفيد وجود الصيدلية وسلامتها والترخيص بها. كما تفيد الأوراق وجود تعاملات مع شركات الأدوية لصاحب الصيدلية وتقرير ضرائب عليه وفقًا للبطاقة الضريبية رقم 1427 لسنة 1997 وصدور قرار إزالة بعد الترخيص بالصيدلية بخمسة شهور تقريبًا لا يفيد يقينًا شبهة التحايل في الترخيص بها في عقار آيل للهدم؛ إذ خلت الأوراق من دليل على اتخاذ أي إجراء من إجراءات الهدم قبل الترخيص بالصيدلية محل القرار مثار النزاع, وإذ انتفى ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فلا محل لبحث ركن الاستعجال لعدم جدواه ويكون قضاء الحكم المطعون فيه بغير ما ذكر قد جانب صواب القانون, من المتعين القضاء بإلغائه, وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه, وإلزام المطعون ضدهما السابع والثامن المصروفات طبقًا لحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه, وألزمت المطعون ضدهما السابع والثامن المصروفات.