أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 56 - من يناير إلى ديسمبر 2005 - صـ 662

جلسة 4 من ديسمبر سنة 2005

برئاسة السيد المستشار/ مجدى الجندى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أنور محمد جبرى، أحمد جمال الدين عبد اللطيف، وسعيد فنجرى "نواب رئيس المحكمة" وعصمت عبد المعوض.

(100)
الطعن رقم 35179 لسنة 73 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده".
إيداع مذكرة أسباب الطعن بعد الميعاد. أثره: وجوب الالتفات عنها.
(2) جريمة "أركانها". قصد جنائى. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لمحكمة الموضوع أن ترى فى تحريات وأقوال الضابط ما يكفى لإسناد واقعة إحراز المخدر للمتهم ولا ترى فيها ما يقنعها بأن الإحراز بقصد الاتجار. النعى عليها فى هذا الشأن. لا محل له.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير أقوال الشهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشاهد وتقديرها. موضوعى.
إفصاح المحكمة عن اطمئنانها إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة. أثره؟
الجدل الموضوعى فى تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
(4) حكم "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل". إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
عدم تقيد القاضى الجنائى بنصاب معين فى الشهادة. حقه فى تكوين عقيدته من أى دليل يطمئن إليه. مادام له مأخذه الصحيح من الأوراق.
تعويل الحكم المطعون فيه على شهادة الضابط وحده والتفاته عن الرد على ما دفع به الطاعن فى هذا الشأن. لا ينال من سلامته.
(5) تفتيش "التفتيش بغير إذن". تلبس. دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش". مأمورو الضبط القضائى "اختصاصاتهم". قبض. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير قيام حالة التلبس". نقض "أسباب الطعن.ما لا يقبل منها".
تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها. موضوعى. مادام سائغًا.
التفتيش المحظور قانونًا. ماهيته؟
حصول مأمور الضبط القضائى أو رجل السلطة العامة على الدليل من غير طريق التفتيش أو القبض. صحيح. متى كان المتهم قد تخلى اختياريًا عما يحوزه من مخدر.
الجدل الموضوعى. غير جائز امام محكمة النقض.
مثال.
(6) قانون "صدوره" "القانون الأصلح" "تطبيقه". محكمة النقض "سلطتها".
صدور القانون رقم 95 لسنة 2003 بتعديل بعض أحكام قانونى العقوبات والإجراءات الجنائية. قانون أصلح للمتهم. أساس وأثر ذلك؟
لمحكمة النقض نقض الحكم جزئيًا وتصحيحه. المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر حضوريًا يوم 24 من أبريل سنة 2003، فقرر المحكوم عليه بالطعن فيه بطريق النقض يوم 31 من مايو، كما أودع أسباب طعنه يوم 19 من يونيه من السنة ذاتها، موقعة من المحامى... المقبول أمام محكمة النقض، فإن الطعن يكون قد استوفى الشكل المقرر فى القانون، مع الإشارة إلى أن أسباب الطعن الموقعة من المحامى.... لم تودع إلا فى يوم 24 من يونيه من السنة المذكورة، بعد انقضاء الميعاد المحدد لذلك، فى قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، فيتعين الالتفات عنها.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن ترى فى تحريات وأقوال الضابط ما يكفى لإسناد واقعة إحراز المخدر للمتهم، ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار، دون أن يعد ذلك تناقضًا فى حكمها، فلا يكون ثمة محل لما ينعاه الطاعن على الحكم فى هذا الصدد.
3 - من المقرر أن وزن أقوال الشاهد وتقديرها مرجعة إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه، بغير معقب، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة، فلا تثريب عليها إذا هى لم تعرض فى حكمها إلى دفاع الطاعن بشأن عدم معقولية أقوال الضابط، الذى ما قصد به سوى إثارة الشبهة فى الدليل المستمد من تلك الأقوال، ومنازعة الطاعن فى القوة التدليلية لشهادته، على النحو الذى ذهب إليه فى طعنه لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعيًا فى تقدير الدليل لا يقبل أمام محكمة النقض.
4 - لما كان الشارع لم يقيد القاضى الجنائى فى المحاكمات الجنائية بنصاب معين فى الشهادة، وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أى دليل يطمئن إليه، طالما أن له مأخذه الصحيح فى الأوراق، فإن تعويل الحكم المطعون فيه على شهادة الضابط وحده ليس فيه مخالفة للقانون، ولا ينال من سلامته التفاته عن الرد على ما دفع به الطاعن فى هذا الشأن.
5 - لما كان الحكم قد بين واقعة الدعوى بقوله: " أنه فى يوم... تلقى النقيب... معلومات من أحد مصادره السرية بأن المتهم يقف بالطريق العام بمكان حدده له كما حدد أوصاف المتهم وأنه يحرز مواد مخدرة فاتجه إليه وسأله عن تحقيق شخصيته فإذا به يسقط كيس من يده التقطه وفضه فوجد به خمس لفافات بكل منها نبات يشبه البانجو المخدر، كما عرض للدفع ببطلان إجراءات ضبط الواقعة واطرحه بقوله: " أن المتهم قد تخلى عن كيس المخدر اختياريًا بإرادته، لأنه لم يبدر من الضابط اتجاه المتهم عمل إيجابى غير مشروع دفعه إلى هذا التخلى ". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها، هو من المسائل الموضوعية التى تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها، مادامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة، على نحو ما سلف بيانه، فإن الحكم يكون سليمًا فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان الضبط والتفتيش، تأسيسًا على توافر حالة التلبس، ولا يكون صحيحًا ما يزعمه الطاعن من أن الحكم لم يعرض لهذا الدفع، هذا فضلاً عن أن ما يحرمه القانون بشأن تفتيش الأشخاص ويرتب عليه بطلان الدليل المستمد منه هو التفتيش أو القبض على خلاف الأوضاع التى رسمها القانون، أما إذا كان مأمور الضبط أو رجل السلطة العامة قد حصل على الدليل من غير طريق التفتيش أو القبض، كأن يكون المتهم قد ألقى من تلقاء نفسه بمخدر كان يحمله عندما شاهد أحدهما، فإن ضبط هذا المخدر من بعد القائه، ثم الاستشهاد به فى الدعوى كدليل على المتهم الذى كان يحمله، يكون صحيحًا لا بطلان فيه، حتى ولو لم تكن الجريمة متلبسًا بها، وينحل ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن إلى جدل موضوعى لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة ثلاث سنوات، وكان قد صدر من بعد القانون رقم 95 لسنة 2003، ونص فى مادته الثانية على أن:" تلغى عقوبة الأشغال الشاقة أينما وردت فى قانون العقوبات أو فى أى قانون أو نص عقابى آخر، ويستعاض عنها بعقوبة السجن المؤبد إذا كانت مؤبدة، وبعقوبة السجن المشدد إذا كانت مؤقتة "، وهو ما يتحقق به معنى القانون الأصلح للمتهم فى حكم المادة الخامسة من قانون العقوبات، ومن ثم فإنه يتعين تصحيح الحكم المطعون فيه، عملاً بنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، بجعل العقوبة المقيدة للحرية المقضى بها السجن المشدد لمدة ثلاث سنوات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز بقصد الاتجار نباتًا ممنوعًا زراعته "نبات الحشيش المخدر " فى غير الأحوال المصرح بها قانونًا.
وأحالته إلى محكمة جنايات... لمعاقبته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملاً بالمواد 29، 38/ 1، 42/ 1 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة 1989 والبند الأول من الجدول الخامس المرفق بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه عما أسند إليه وبمصادرة المخدر المضبوط وذلك باعتبار أن الإحراز مجرد من كافة القصود.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الحكم المطعون فيه قد صدر حضوريًا يوم 24 من أبريل سنة 2003، فقرر المحكوم عليه بالطعن فيه بطريق النقض يوم 31 من مايو، كما أودع أسباب طعنه يوم 19 من يونيه من السنة ذاتها، موقعة من المحامى... المقبول أمام محكمة النقض، فإن الطعن يكون قد استوفى الشكل المقرر فى القانون، مع الإشارة إلى أن أسباب الطعن الموقعة من المحامى.... لم تودع إلا فى يوم 24 من يونيه من السنة المذكورة، بعد انقضاء الميعاد المحدد لذلك، فى قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، فيتعين الالتفات عنها.
وحيث إن الطاعن اقتصر فى مذكرة أسبابه المقبولة، على النعى على الحكم المطعون فيه بالقصور والتناقض فى التسبيب، فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه عول فى إدانته على أقوال الضابط، رغم اطراحه لقوله أن الإحراز بقصد الاتجار، وأعرض عن دفاعه بعدم معقولية تلك الأقوال، وبانفراد الضابط بالشهادة، كما لم يعرض إيرادًا وردًا لدفعه ببطلان الضبط والتفتيش، لانتفاء الدليل المستمد من ضبطه محرزًا المخدر، وهو ما لم يتفطن إليه الحكم بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى، بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، ولا ينازع الطاعن فى أن لها معين صحيح فى الأوراق. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن ترى فى تحريات وأقوال الضابط ما يكفى لإسناد واقعة إحراز المخدر للمتهم، ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار، دون أن يعد ذلك تناقضًا فى حكمها، فلا يكون ثمة محل لما ينعاه الطاعن على الحكم فى هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشاهد وتقديرها مرجعة إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه، بغير معقب، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة، فلا تثريب عليها إذا هى لم تعرض فى حكمها إلى دفاع الطاعن بشأن عدم معقولية أقوال الضابط، الذى ما قصد به سوى إثارة الشبهة فى الدليل المستمد من تلك الأقوال، ومنازعة الطاعن فى القوة التدليلية لشهادته، على النحو الذى ذهب إليه فى طعنه لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعيًا فى تقدير الدليل لا يقبل أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الشارع لم يقيد القاضى الجنائى فى المحاكمات الجنائية بنصاب معين فى الشهادة، وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أى دليل يطمئن إليه، طالما أن له مأخذه الصحيح فى الأوراق، فإن تعويل الحكم المطعون فيه على شهادة الضابط وحده ليس فيه مخالفة للقانون، ولا ينال من سلامته التفاته عن الرد على ما دفع به الطاعن فى هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان الحكم قد بين واقعة الدعوى بقوله: " أنه فى يوم... تلقى النقيب... معلومات من أحد مصادره السرية بأن المتهم يقف بالطريق العام بمكان حدده له كما حدد أوصاف المتهم وأنه يحرز مواد مخدرة فاتجه إليه وسأله عن تحقيق شخصيته فإذا به يسقط كيس من يده التقطه وفضه فوجد به خمس لفافات بكل منها نبات يشبه البانجو المخدر، كما عرض للدفع ببطلان إجراءات ضبط الواقعة واطرحه بقوله: " أن المتهم قد تخلى عن كيس المخدر اختياريًا بإرادته، لأنه لم يبدر من الضابط اتجاه المتهم عمل إيجابى غير مشروع دفعه إلى هذا التخلى ". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها، هو من المسائل الموضوعية التى تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها، مادامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة، على نحو ما سلف بيانه، فإن الحكم يكون سليمًا فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان الضبط والتفتيش، تأسيسًا على توافر حالة التلبس، ولا يكون صحيحًا ما يزعمه الطاعن من أن الحكم لم يعرض لهذا الدفع، هذا فضلاً عن أن ما يحرمه القانون بشأن تفتيش الأشخاص ويرتب عليه بطلان الدليل المستمد منه هو التفتيش أو القبض على خلاف الأوضاع التى رسمها القانون، أما إذا كان مأمور الضبط أو رجل السلطة العامة قد حصل على الدليل من غير طريق التفتيش أو القبض، كأن يكون المتهم قد ألقى من تلقاء نفسه بمخدر كان يحمله عندما شاهد أحدهما، فإن ضبط هذا المخدر من بعد إلقائه، ثم الاستشهاد به فى الدعوى كدليل على المتهم الذى كان يحمله، يكون صحيحًا لا بطلان فيه، حتى ولو لم تكن الجريمة متلبسًا بها، وينحل ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن إلى جدل موضوعى لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة ثلاث سنوات، وكان قد صدر من بعد القانون رقم 95 لسنة 2003، ونص فى مادته الثانية على أن:" تلغى عقوبة الأشغال الشاقة أينما وردت فى قانون العقوبات أو فى أى قانون أو نص عقابى آخر، ويستعاض عنها بعقوبة السجن المؤبد إذا كانت مؤبدة، وبعقوبة السجن المشدد إذا كانت مؤقتة "، وهو ما يتحقق به معنى القانون الأصلح للمتهم فى حكم المادة الخامسة من قانون العقوبات، ومن ثم فإنه يتعين تصحيح الحكم المطعون فيه، عملاً بنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، بجعل العقوبة المقيدة للحرية المقضى بها السجن المشدد لمدة ثلاث سنوات.