أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 1 - صـ 7

جلسة 18 من أكتوبر سنة 1949

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد محمد حسن بك وكيل المحكمة وحضور حضرات: أحمد فهمي إبراهيم بك وأحمد حسني بك وحسن الهضيبي بك وفهيم عوض بك المستشارين.

(3)
القصية رقم 820 سنة 19 القضائية

1 - دفاع. توجيه تهمة شهادة الزور إلى شهود. عدم منع المحكمة إياهم من التقدم بما يعن لهم من دفاع فيها. نعيهم عليها أنها لم تتح لهم فرصة الاستعانة بمحام. لا يقبل الاستعانة بمحام في جنحة غير واجبة.
ب - دفاع. تقرير طبي شرعي وتقرير استشاري في الدعوى. أخذ المحكمة بالتقرير الطبي الشرعي دون مواجهة الطبيبين ومناقشتهما. من حقها. ليس عليها أن تستعين بغيرهما في الترجيح. فإذا لم يطلب المتهم إليها طلباً في هذا الشأن فليس له النعي على الحكم لهذا السبب.
1 - إذا كانت المحكمة بعد أن وجهت إلى الشهود تهمة شهادة الزور لم تمنعهم من أن يتقدموا بما يعن لهم من دفاع فيها، وكانوا هم لم يتقدموا إليها بشيء في هذا الصدد، فلا يقبل منهم - والتهمة الموجبة إليهم جنحة لا يوجب القانون أن يكون لهم محام يساعدهم في المدافعة- أن ينعوا عليها أنها أخلت بحقهم في الدفاع بدعوى أنها لم تتح لهم فرصة الاستعانة بمحام.
2 - للمحكمة، بما لها من السلطة في تقدير أدلة الدعوى، أن توازن بين التقرير الطبي الشرعي وبين التقرير الاستشاري وأن تأخذ بما تطمئن إليه منهما. فإذا هي اطمأنت إلى الأخذ بأولهما دون الثاني فلا يصح أن ينعى عليها أنها لم تواجه الطبيبين وتناقشهما أو تستعين في الترجيح بغيرهما، وإذا كان الدفاع لم يطلب إليها استدعاء الطبيبين أو الاستعانة بغيرهما فليس له أن ينعى عليها إغفال ذلك.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة هؤلاء الطاعنين بأنهم (أولاً): المتهم الأول- قتل محمود محمد إبراهيم مسعد عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً من بندقية قاصداً قتله فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته. (ثانياً): المتهم الثاني - شرع في قتل معوض حسين أحمد عمداً بأن أطلق عياراً نارياً من بندقية قاصداً قتله فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي وقد خاب أثر الجريمة لسبب خارج عن إرادته وهو إسعاف المجني عليه بالعلاج. (ثالثاً): المتهم الثالث- شرع في قتل عشماوي محمد حامد عامداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً من بندقية قاصداً قتله فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي وقد خاب أثر الجريمة لسبب خارج عن إرادته، وهو إسعاف المجني عليه بالعلاج. وطلب إلى حضرة قاضي الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبة الأول بالمادة 234/ 1 عقوبات والثاني والثالث بالمواد 45 و46 و234/ 1 عقوبات فقرر إحالتهم إليها لمحاكمتهم بالمواد المذكورة.
ولأن الباقين جميعاً شهدوا لصالح المتهمين الثلاثة الأول وطلبت النيابة عقابهم بالمادة 294 عقوبات.
سمعت محكمة جنايات قنا هذه الدعوى وقضت فيها حضورياً عملاً بمواد الاتهام (أولاً): بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات الخ. (ثانياً): بمعاقبة المتهم الثاني أحمد محمد يوسف بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات الخ. (ثالثاً): بمعاقبة المتهم الثالث مهدي أحمد يوسف بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات الخ. (رابعاً): بمعاقبة كل من الباقين بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة.
فطعن في هذا الحكم بطريق النقض الخ الخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ حين دان الطاعنين بالقتل العمد وبالشروع فيه وبشهادة الزور. وفي بيان ذلك يقولون إن المحكمة قد استندت في إدانة الثلاثة الأول إلى شهادة المجني عليهم وباقي الشهود ثم دانت هؤلاء الشهود بأنهم شهدوا زوراً لمصلحة المتهمين ولكنها لم تبين أقوالهم التي اعتمدت عليها إن كانت هي الأقوال التي قالوها بالتحقيقات أو التي أدلوا بها بالجلسة بل جاءت عبارة الحكم عنها عامة مطلقة ومن جهة أخرى فالأصل في التحقيق هو الاعتماد على ما تجريه المحكمة بالجلسة لذا كان من المتعين الأخذ بما جرى فيها وهو يقضي ببراءة الطاعنين الثلاثة الأول. ويضيف الطاعنون الباقون أن النيابة وجهت تهمة شهادة الزور إليهم فأدانتهم المحكمة بها مكتفية بسؤالهم عنها دون أن تطلب إليهم إبداء دفاعهم أو تتيح لهم فرصة الاستعانة بمحام يتولى الدفاع عنهم حتى يتبين وجه الحق في الدعوى. ثم إن محامي الطاعن الأول قد استند إلى تقرير طبي استشاري ثابت فيه أن القتيل لم يتكلم بعد الإصابة ولكن المحكمة لم تأخذ به وأخذت بتقرير الطبيب الشرعي المقدم في القضية والذي يقول بجواز تكلم المصاب وكان من المتعين عليها أيضاً إزاء تعارض الرأيين الفنيين أن تواجه الطبيبين وأن تناقشهما الرأي أو تستعين في الترجيح برأي كبير الأطباء الشرعيين دون أن تكتفي بالقول بانعدام مصلحة الطبيب الشرعي في الأمر وهذا إخلال بحق الدفاع مبطل للحكم.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى وأتى بأقوال الشهود بالتحقيقات وبالجلسة وانتهى إلى ما انتهى إليه من الأخذ بأقوال الشهود الأولى دون الثانية التي تبين له كذبها وأنهم إنما شهدوا بها زوراً لمصلحة المتهمين في الجناية. ومتى كان الأمر كذلك وكان ما أوردته المحكمة من شأنه أن يؤدي إلى ما رتب عليه فلا محل لما يثيره الطاعنون الأولون. أما ما يشير إليه الباقون من عدم إبداء دفاعهم وتمكينهم من الاستعانة بمحام فلا وجه له إذ أن المحكمة - وقد وجهت إليهم التهمة - لم تمنعهم من التقدم بما يرون من دفاع فيها كما أنهم لم يطلبوا إليها طلباً في هذا الشأن والتهمة الموجهة إليهم جنحة لا يجب معها أن يكون لهم محام يساعدهم في المدافعة. وأما ما يقول به الطاعن الأول عن تعارض التقريرين الطبيين أو الاستعانة برأي كبير الأطباء الشرعيين فمردود بأن للمحكمة الحق في تقدير أدلة الدعوى ومن بينها التقارير الطبية وقد وازنت بين التقريرين الطبي الشرعي والاستشاري فاطمأنت إلى الأول دون الثاني. والطاعن لم يطلب إلى المحكمة استدعاء الطبيبين أو الاستعانة بغيرهما حتى ينعى عليهما إغفال ذلك.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.