أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 1 - صـ 786

جلسة 14 من يونية سنة 1950

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة وأحمد حسني بك وإبراهيم خليل بك ومحمد غنيم بك المستشارين.

(250)
القضية رقم 322 سنة 20 القضائية

ا - التعويضات المنصوص عليها في قانون رسم الإنتاج. لها خصائص العقوبات. ويصح الحكم بها بلا ضرورة لدخول الخزانة في الدعوى.
ب - إجراءات. متهم. عدم حضوره أمام محكمة الدرجة الأولى. الحكم عليه في غيبته. عدم تمسكه أمام المحكمة الاستئنافية بسماع شاهد الإثبات في الدعوى. لا يقبل منه النعي على المحكمة أنها لم تسمع هذا الشاهد.
جـ - اختصاص. الدفع بعدم الاختصاص. الغرض منه. دفع عدم الاختصاص. المحكمة صاحبة الاختصاص لم تعد موجودة لانتهاء ولايتها. محكمة الدرجة الأولى التي يطلب الطاعن إحالة الدعوى إليها استنفدت سلطتها لسبق فصلها في الدعوى. إثارة الكلام في هذا الصدد. لا وجه لها.
1 - التعويضات المنصوص عليها في قانون رسم الإنتاج الصادر به مرسوم 7 من يولية سنة 1947 ليست تضمينات مدنية فحسب بل هي أيضا جزاءات تأديبية رأى الشارع أن يكمل بها الغرامة المنصوص عليها في الجرائم الخاصة بهذا القانون، فلها خصائص العقوبات من جهة كونها تلحق الجاني مع الغرامة ويحكم بها في كل الأحوال بلا ضرورة لدخول الخزانة في الدعوى.
2 - إذا كان المتهم لم يحضر أمام محكمة الدرجة الأولى فقضت في الدعوى في غيبته عملا بالمادة 162 من قانون تحقيق الجنايات، ثم أمام المحكمة الاستئنافية لم يتمسك بسماع شاهد الإثبات في الدعوى وهو مفتش مصلحة الإنتاج، فأدانته هذه المحكمة استناداً إلى المحضر الذي حرره هذا الموظف، فلا يكون له أن ينعى عليها أنها لم تسمع هذا الشاهد.
3 - الغرض من الدفع بعدم الاختصاص هو رد الدعوى إلى المحكمة المختصة بنظرها. فإذا كانت المحكمة صاحبة الاختصاص قد باتت - عندما ثبتت صحة الدفع - غير موجودة لانتهاء ولايتها، وكانت محكمة الدرجة الأولى التي يطلب الطاعن في طعنه إحالة الدعوى إليها قد سبق أن نظرتها وفصلت فيها فاستنفدت بذلك ولايتها عليها - فكل ما يثيره الطاعن في صدد ذلك لا يكون له وجه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: (أولا) صنع سائلا كحوليا "فرموث" دون أن يبلغ مكتب الإنتاج بذلك في الميعاد المقرر. (ثانيا) لم يدفع رسم الإنتاج المقرر على الفرموث سالف الذكر، وطلبت عقابه بالمواد 1/د و3 و6/5 و15 من المرسوم الصادر في 7 يوليو سنة 1947 وبالمادة 5 من القرار الوزاري رقم 69 سنة 1947 والقانون رقم 1 لسنة 1939.
سمعت محكمة العطارين الجزئية الدعوى وقضت غيابيا عملا بالمواد المذكورة، بتغريم المتهم عشرة جنيهات وأمرت بغلق المحل ومصادرة السائل موضوع الجريمة وبإلزامه بأن يدفع الرسوم المستحقة. فعارض ولكنه لم يحضر الجلسة المحددة لنظر معارضته فقضت المحكمة باعتبارها كأن لم تكن، فاستأنف، وأمام محكمة الإسكندرية الابتدائية التي نظرت استئنافه دفع المتهم بعدم اختصاص القضاء الوطني بنظر دعواه استناداً إلى أنه أجنبي ومن رعايا دولة اليونان، فردت المحكمة على هذا الدفع بقولها إنه أصبح غير ذي موضوع بانتهاء أجل المحاكم المختلطة، ثم قضت حضوريا بقبول استئنافه شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليه في الحكم الأخير بطريق النقض الخ الخ.


المحكمة

وحيث إن الوجه الأول من أوجه الطعن يتحصل في القول بأن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بأنه صنع كحولا - فرموث - دون أن يبلغ مكتب الإنتاج بذلك في الميعاد المقرر، ولم يدفع رسم الإنتاج المستحق عليه - قضى أيضا بإلزام الطاعن بأن يدفع الرسوم المستحقة لمصلحة الإنتاج، في حين أن هذه المصلحة لم تتدخل في الدعوى مطالبة بحقوق مدنية، وبذلك يكون الحكم قد قضى في دعوى لم تعرض على المحكمة، هذا فضلا عن أنه لم يحدد مقدار هذه الرسوم.
وحيث إنه لما كانت التعويضات المنصوص عليها في قانون رسم الإنتاج الصادر به مرسوم 7 يولية لسنة 1947 ليست تضمينات مدنية فحسب، بل هي أيضا جزاءات تأديبية رأى الشارع أن يكمل بها الغرامة المنصوص عنها في الجرائم الخاصة بهذا القانون، فلها خصائص العقوبات من جهة كونها تلحق الجاني مع الغرامة، ويحكم بها في كل الأحوال بلا ضرورة لدخول الخزانة في الدعوى. لما كان ذلك وكان الطاعن لم يثر نزاعا في مقدار الرسوم المستحقة أمام محكمة الموضوع فإنه لا يكون هناك محل لما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الوجه من طعنه.
وحيث إن محصل الوجه الثاني هو أن المحكمة قد قضت بإدانة الطاعن دون أن تسمع شاهد الإثبات في الدعوى، وهو مفتش مصلحة الإنتاج، مع أنها استندت في حكمها إلى المحضر الذي حرره هذا الموظف.
وحيث إنه يبين من مراجعة أوراق الدعوى أن الطاعن لم يحضر أمام محكمة الدرجة الأولى، فقضت في الدعوى في غيبته بمقتضى المادة 162 من قانون تحقيق الجنايات، وأنه لم يتمسك أمام المحكمة الاستئنافية بسماع شاهد الإثبات - لما كان ذلك، فإن ما يثيره في هذا الوجه لا يكون مقبولا أمام محكمة النقض.
وحيث إنه الوجه الثالث يتحصل في قول الطاعن إنه كان قد دفع أمام محكمة الدرجة الثانية بعدم اختصاص القضاء الوطني بنظر الدعوى لأنه من رعايا دولة اليونان، واستند في ذلك إلى بطاقة تحقيق الشخصية، فأجلت المحكمة نظر الدعوى، وكلفت النيابة بالاستعلام عن حقيقة هذه الرعوية، وأجابت إدارة الجنسية في 15 يونيه سنة 1949 بما يفيد أن الطاعن يوناني، ولكن المحكمة قضت بجلسة 6 ديسمبر سنة 1949 في موضوع الدعوى بتأييد الحكم الابتدائي الصادر بإدانته، وقالت عن الدفع بأنه أصبح غير ذي موضوع بانتهاء أجل المحاكم المختلطة، وهذا في حين أن الدعوى العمومية قد رفعت على الطاعن وصدر الحكم الابتدائي بإدانته في وقت لم تكن للمحاكم الوطنية فيه ولاية على الطاعن، بل إن محكمة الدرجة الثانية لم تبدأ لها هذه الولاية إلا من تاريخ 15 أكتوبر سنة 1949 مما كان يتعين معه على هذه المحكمة الأخيرة، وقد تبين لها أن الطاعن أجنبي أن تقضي ببطلان الحكم المستأنف لصدوره من جهة قضائية لم تكن لها ولاية على الطاعن في وقت صدوره، وبإحالة الأوراق على النيابة الوطنية لرفع الدعوى عليه من جديد أمام محكمة أول درجة الوطنية.
وحيث إنه لما كان الغرض من الدفع بعدم الاختصاص هو رد الدعوى إلى المحكمة المختصة بنظرها، وكانت هذه المحكمة قد باتت عندما ثبتت صحة دفعه غير موجودة لانتهاء ولايتها - لما كان ذلك، وكانت محكمة الدرجة الأولى التي يطلب الطاعن في طعنه إحالة الدعوى إليها قد سبق أن نظرتها، وفصلت فيها، فاستنفدت بذلك ولايتها عليها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يكون له أساس.
وحيث إن محصل الوجه الرابع هو أن المحل الذي حصلت فيه الواقعة هو مركز الشركة العمومية بشركة "فيك" وأن الطاعن إنما هو مدير هذه الشركة فما كان يجوز أن يقضي الحكم المطعون فيه بالإغلاق دون إدخال الشركاء أو أعضاء مجلس الإدارة في الدعوى، وذلك عملا بقاعدة شخصية العقوبات، ولكي يكون الحكم حجة عليهم.
وحيث إن هذا الوجه مردود بعدم جدواه في نفي مسئولية الطاعن وبعدم وجود صفة له في التمسك به.
وحيث إن محصل باقي الأوجه هو أنه لا يقع من السوائل الكحولية تحت طائلة القانون - بمقتضى المادتين الأولى والخامسة من مرسوم 7 يوليه لسنة 1947 - إلا ما زادت درجة الكحول فيه عن 13 درجة، وأن الطاعن قد تمسك أمام المحقق في محضر ضبط الواقعة بأن "الفرموث" المضبوط لا تزيد درجة كحوله عن هذه الدرجة، وأن مصلحة الإنتاج - تحقيقاً لهذا الدفاع - قد أخذت عينة من السائل لتحليلها، وتحرر بذلك محضر، ولكن المحكمة قد فصلت في الدعوى قبل أن ترد نتيجة التحليل، ولم تتعرض في حكمها لهذه النقطة الحاسمة في الدعوى. ثم إنه لما كانت كل أقوال الطاعن قاطعة بأنه كان حسن النية، فقد كان يتعين إعفاؤه من العقاب، وذلك عملا بنص المادة 12 من المرسوم سالف الذكر، تلك التي تعفي من العقاب إذ أقام المتهم الدليل على حسن نيته، هذا إلى أن الحكم قد قضى بإغلاق المؤسسة بأكملها، وكان الواجب قصر الإغلاق على المخزن الذي ضبط فيه "الفرموث" كما أنه حصل واقعة الدعوى خطأ وعلى خلاف الواقع في أن الطاعن هو مالك المتجر، وأنه هو الذي أجرى عملية الخلط موضوع الجريمة.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه جميع العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، مستنداً في ذلك إلى الأدلة التي أوردها ولها أصلها في التحقيقات، والتي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، وكان الطاعن لم يدفع أمام المحكمة بشأن "الفرموث" بأن المضبوط تقل درجة كحوله عن 13 درجة - لما كان ذلك - فإن ما يثيره الطاعن في هذه الأوجه من طعنه لا يكون في واقعه إلا جدلا موضوعياً وعوداً إلى مناقشة أدلة الدعوى مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لكل ما تقدم يتعين رفض الطعن موضوعا.