أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 4 - صـ166

جلسة 25 من نوفمبر سنة 1952

برياسة حضرة الأستاذ أحمد محمد حسن رئيس المحكمة؛ وبحضور حضرات الأساتذة ابراهيم خليل ومحمد أحمد غنيم واسماعيل مجدى ومصطفى حسن المستشارين.

(67)
القضية رقم 963 سنة 22 القضائية

إثبات. الخلاف بين أقوال الشاهد والخبير الفني في تقدير المسافة التي أطلق منها العيار الناري على المجني عليه. لا يهدر باقي شهادة الشاهد.
إن مجرد الاختلاف في تقدير المسافة التي أطلق منها العيار على المجني عليه بين أقوال الشاهد في التحقيق والخبير الفني ليس من شأنه أن يهدر باقي شهادة الشاهد وإنما الأمر في ذلك كله مرجعه إلى تقدير المحكمة, وهو ليس من وجوه الدفاع الجوهرية التي تقتضي من المحكمة ردا خاصا ما دام حكمها مبنيا على أصل ثابت في الدعوى وما دام لها أن تأخذ من شهادة الشاهد ما تطمئن إليه وأن تأخذ من باقي عناصر الإثبات ما ترى أنه هو المتفق مع الواقع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة: 1 - زغلول مرسي الشرقاوي (الطاعن) و2 - السيد مرسي الشرقاوي و3 - ثابت عبد الحافظ الشرقاوي و4 - عبد العزيز عبد الحافظ الشرقاوي بأنهم: المتهم الأول زغلول مرسي الشرقاوي قتل ثابت حسن مهران قريش عمدا ومع سبق الإصرار بأن انتوى قتله وصمم عليه وأعد لذلك سلاحا ناريا "بندقية" وسدده نحوه وأطلق مقذوفين ناريين بقصد قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته والمتهمون الثاني والثالث والرابع السيد مرسي الشرقاوي وثابت عبد الحافظ الشرقاوي اشتركوا مع المتهم الأول في ارتكاب الجريمة سالفة الذكر بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة بأن حرضوه واتفقوا معه على قتل المجني عليه وحمل كل منهم بندقية ورافقوه إلى محل الحادث لشد أزره وفروا معه هاربين بعد ارتكاب الحادث فوقعت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق وتلك المساعدة وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهم على محكمة الجنايات لمعاقبتهم الأول بالمادتين 230و231 عقوبات والباقين بالمواد 230و231و40/ 1 - 2 - 3و41 من قانون العقوبات, فقرر بذلك. وقد ادعى حسن مهران قريش والد القتيل بحق مدني قبل المتهمين متضامنين وطلب القضاء عليهم بقرش صاغ تعويضا مؤقتا. ومحكمة جنايات سوهاج قضت حضوريا عملا بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الأول (الطاعن) أولا - بمعاقبته بالأشغال الشاقة المؤبدة وبإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحق المدني قرشا صاغا على سبيل التعويض والمصروفات المدنية ومبلغ خمسمسائة قرش مقابل أتعاب المحاماة وقد استبعدت بذلك ظرف سبق الإصرار. وثانيا - ببراءة كل من السيد مرسي الشرقاوي وثابت عبد الحافظ الشرقاوي وعبد العزيز عبد الحافظ الشرقاوي ورفض الدعوى المدنية قبلهم. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


c المحكمة

... حيث إن الطعن يتحصل في القول بأن الحكم المطعون فيه جاء قاصرا لاعتماده على شهادة شاهد الرؤية الوحيد رغما مما تمسك به الطاعن من أن تقرير الطبيب الشرعي جاء قاطعا في تكذيبه بما أثبته من أن المسافة التي أطلق منها العيار تبلغ بضعة أمتر في حين أن الشاهد قرر في التحقيق والمعاينة أن تلك المسافة كانت مترا واحدا, ومع أن الحكم تعرض لمسائل كثيرة إلا أنه لم يعد بهذا الخلاف الجوهري ولم يرد عليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى والأدلة التى استخلص منها ثبوتها في حق الطاعن ومن بينها شهادة الشيخ محمد عبد الله مبروك الشهير بأبي المجد ومؤداها كما أثبتها الحكم أنه أثناء وجوده بسيارته في انتظار السائق ليتوجه إلى مزرعته قدم إليه المجني عليه واستأذنه في السفر معه بالسيارة إلى بلدته المجاورة للمزرعة فسمح له وركب بالمقعد الخلفي إلى جانبه الأيمن وكان الشاهد جالسا بالمقعد الأمامي المجاور للسائق وكانت نوافذ السيارة مقفلة, وبعد مضي نحو دقيقتين سمع صوت عيار ناري وتهشم زجاج السيارة فألتفت إلى يمينه فرأى الطاعن بجوار باب السيارة الأيمن ومعه بندقية أطلق منها عيارا ثانيا على المجني عليه وفر هاربا. ثم يقل الحكم بعد ذلك بعض تقرير الطبيب الشرعي ومنه "إن إصابات المجني عليه نتجت عن مقذوفين ناريين من الأسلحة المششخنة ذات السرعة العالية وكان الجاني على يمين المجني عليه وفي مواجهته ومستواه والمسافة بينهما بضعة أمتار وأحد المقذوفين من الأمام للخلف وإلى اليسار قليلا والثاني من اليمين إلى اليسار إلى آخر ما جاء بذلك التقرير". ولما كان الشاهد لم يحدد في شهادته بالجلسة المسافة بين الجاني والمجني عليه وقت الحادث وكان الحكم قد اقتصر في شأن تلك المسافة على ما نقله عن تقرير الطبيب دون أن يشير بشئ إلى تقدير الشاهد لها في التحقيق, وكان مجرد الاختلاف في تقدير المسافة بين أقوال الشاهد في التحقيق والخبير الفني ليس من شأنه أن يهدر باقي شهادة الشاهد وإنما الأمر في ذلك كله مرجعه لتقدير محكمة الموضوع وليس هو من وجوه الدفاع الجوهرية التي تقتضي منها ردا خاصا ما دام حكمها مبنيا على أصل ثابت في الدعوى وما دام لها أن تأخذ من شهادة الشاهد ما تطمئن إليه وأن تأخذ من باقي عناصر الإثبات ما ترى أنه هو المتفق مع الواقع. لما كان ذلك فإن الطعن يكون واردا على مسائل موضوعية مما يرجع الفصل فيه إلى تقدير محكمة الموضوع دون معقب.