أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثاني - السنة 4 - صـ437

جلسة 27 من يناير سنة 1953

برياسة حضرة رئيس المحكمة أحمد محمد حسن؛ وبحضور حضرات المستشارين مصطفى حسن ومحمود إبراهيم إسماعيل وأنيس غالي ومصطفى كامل.

(167)
القضية رقم 1231 سنة 22 القضائية

تبديد أشياء محجوزة. متى تقوم هذه الجريمة؟ انتفاء نية عرقلة التنفيذ. لا قوام للجريمة. صورة واقعة.
إن جريمة تبديد الأشياء المحجوزة لا تتحقق إلا باختلاس هذه الأشياء أو بالتصرف فيها أو عرقلة التنفيذ عليها بعدم تقديمها يوم البيع. فإذا كان الظاهر من الحكم المطعون فيه أنه لم تتخذ إجراءات لبيع المحصول المحجوز وأن المستأجرين من باطن الطاعن كانوا يقومون بسداد دفعات الإيجار رأسا إلى وزارة الأوقاف بموجب إيصالات محررة باسم الطاعن مناولة أولئك المستأجرين وهو ما لا يكون إلا لقاء استيلائهم على محصولاتهم المحجوزة, فإن الحكم إذ أدان الطاعن بالتبديد بناء على أن هذه الجريمة لا تنتفي عنه لأنه عين حارسا على الزراعة المحجوزة ومن واجبه المحافظة عليها ورد العدوان عنها أو العبث بها, وذلك دون أن تكون لدى الطاعن نية في عرقلة التنفيذ على المحجوز - يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدد محصول الذرة المبين بالمحضر والمحجوز عليه إداريا لصالح وزارة الأوقاف إضرارا بها ولم يكن قد سلم إليه إلا على سبيل الوديعة لحراسته فاختلسه لنفسه حالة كونه مالكا به, وطلبت عقابه بالمادتين 341و342 من قانون العقوبات. ومحكمة مركز بني سويف الجزئية قضت غيابيا عملا بمادتي الاتهام المذكورتين بحبس المتهم شهرا واحدا مع الشغل وكفالة مائتي قرش. فعارض, ولكنه لم يحضر الجلسة المحددة لنظر معارضته, فقضت المحكمة باعتبارها كأنها لم تكن, فاستأنف, ومحكمة بني سويف الابتدائية قضت حضوريا بتعديل الحكم المستأنف وذلك بوقف تنفيذ العقوبة المقضي بها لمدة خمس سنين تبدأ من اليوم وذلك عملا بالمادتين 55و56 من قانون العقوبات. فرفع المحكوم عليه طعنا بطريق النقض عن الحكم الأخير, ومحكمة النقض قضت بقبول هذا الطعن شكلا وفي موضوعه بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى المحكمة الاستئنافية لتقضي فيها من جديد دائرة أخرى. ومحكمة بني سويف الابتدائية قضت بتأييد الحكم المستأنف مع وقف تنفيذ العقوبة المقضي بها لمدة خمس سنوات تبدأ من اليوم. فطعن المحكوم عليه في الحكم الأخير بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ إذ دان الطاعن بجريمة تبديد الذرة المحجوزة والموضوعة تحت حراسته على أساس أنه لم يقم نحو المستأجرين من باطنه بما تتطلبه أمانة الحراسة التي عهد بها إليه, مع أن جريمة التبديد قصدية وإيجابية لا تتحقق بإهماله, كما أنه لم يطلب منه تقديم الذرة للبيع, وأنه لا يزرع الأرض بنفسه بل يؤجرها من باطنه إلى مستأجرين يقومون بالسداد رأسا لوزارة الأوقاف الحاجزة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه دان الطاعن بجريمة التبديد على أساس أن ما ذكره الشهود من المستأجرين من باطنه من أنهم قاموا بالسداد إلى وزارة الأوقاف نظير المحصول المحجوز وما قدموه من إيصالات ذكر فيها أن المبالغ مدفوعة من الطاعن مناولتهم لا ينفي عنه جريمة التبديد لأنه عين حارسا على زراعة الذرة المحجوزة, وكان من واجبه المحافظة عليها ورد العدوان عنها.
ولما كانت جريمة تبديد الأشياء المحجوز عليها لا تتحقق إلا باختلاس هذه الأشياء أو بالتصرف فيها أو عرقلة التنفيذ عليها بعدم تقديمها يوم البيع, وكان يبين مما دونه الحكم المطعون فيه أنه لم تتخذ إجراءات للبيع وأن المستأجرين من باطن الطاعن كانوا يقومون بسداد دفعات الإيجار رأسا إلى وزارة الأوقاف بموجب إيصالات محررة باسم الطاعن "مناولة" أولئك المستأجرين وهو ما لا يكون إلا لقاء استيلائهم على محصولاتهم المحجوزة - لما كان ذلك, فإن الحكم إذ دان الطاعن رغم ما تقدم بناء على أن جريمة التبديد لا تنتفي بذلك عنه لأنه عين حارسا على زراعة الذرة المحجوز عليها, وكان من واجبه المحافظة عليها ورد العدوان عنها أو العبث بها - إذ دان الحكم الطاعن لذلك وحده دون أن تكون له نية في عرقلة التنفيذ عليها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون, وتكون التهمة على غير أساس ويتعين لذلك نقض الحكم والقضاء ببراءة الطاعن.