أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثاني - السنة 4 - صـ463

جلسة 2 من فبراير سنة 1953

برياسة حضرة رئيس المحكمة أحمد محمد حسن؛ وبحضور حضرات المستشارين إبراهيم خليل ومصطفى حسن وحسن داود ومحمود إبراهيم إسماعيل.

(177)
القضية رقم 1253 سنة 22 القضائية

رشوة. العمل. لا يشترط لاعتباره داخلا في اختصاص الموظف أن يكون هو وحده المختص بالقيام به. مثال.
إن القانون لا يتطلب لاعتبار العمل المتعلق بالرشوة داخلا في اختصاص وظيفة المرتشي أن يكون هو وحده المختص بالقيام به. بل يكفي أن يكون له نصيب من الاختصاص به. وإذن فإذا كان الحكم قد أدان الطاعن بالرشوة لأنه بصفته موظفا عموميا (كونستابلا من رجال الضبط القضائي) قد أخذ مبلغا من النقود من متهم في واقعة يباشر ضبطها وتحرير محضرها على سبيل الرشوة ليؤدي عملا من أعمال وظيفته هو تنفيذ الأمر الخاص بإخلاء سبيله ولتسليمه السيارة المضبوطة وتوجيه إجراءات الضبط في الدعوى إلى غاية مرسومة - هذا الحكم لا يكون قد أخطأ في شئ.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته موظفا عموميا (كونستابلا) أخذ مبلغ خمسة وعشرين جنيها على سبيل الرشوة من روبير كردوس ليؤدي عملا من أعمال وظيفته وهو تنفيذ الأمر الخاص بإخلاء سبيله في قضية الجنحة رقم 5479 سنة 1950 شبرا التي كان يباشر التحقيق فيها وتسليمه السيارة المضبوطة ولإنهاء التحقيق الخاص بهذه القضية في صالحه - وطلبت إلى قاضي الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقا للمواد 103و104و108 من قانون العقوبات, فقرر بذلك. ومحكمة جنايات مصر قضت فيها حضوريا عملا بمواد الاتهام بمعاقبة بدر الدين محمد محجوب بالسجن لمدة خمس سنوات مع تغريمه مبلغ 25 جنيها. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون إذ اعتبر الطاعن مرتشيا مع أن عمله بوصف كونه كونستابلا وقائما بتحرير محضر ضبط الواقعة في جنحة الإصابة خطأ المتهم فيها الراشي قد اقتصر على المعاينة وسؤال المجني عليه واستجواب المتهم مبدئيا وإحضاره إلى قسم البوليس - أما التصرف في أمر المتهم وتسليمه السيارة فليس من اختصاصه بل متروك أمره إلى معاون البوليس - وأضاف الطاعن أن أقوال الشهود جاءت مضطربة وأن الحكم اجتزأ منها وأطرح بعضها وأغفل أقوال شهود النفي ولم يرد عليها ودان الطاعن بالجريمة رغم أن أحدا لم يشاهده وهو يأخذ النقود المدعي بأنه قبلها على سبيل الرشوة, كما أن أحدا لم يقطع بما قيل من أنه أخذها ووضعها في جيبه ولا بما قيل من أنه أخرجها وألقاها على الأرض.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به عناصر جريمة الرشوة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها - ولما كان الحكم إذ تعرض لما يقوله الطاعن في شأن عدم اختصاصه قد رد عليه بأنه هو الذي كان مكلفا بضبط الواقعة (التي كان الراشي متهما فيها) ومن سلطته توجيه الإجراءات والقبض على المتهم فيها للمدة التي حددها القانون كما أن من سلطته حجز السيارة حتى يقدمها للرجل الفني لإثبات حالتها, وكان القانون لا يتطلب لاعتبار العمل المتعلق بالرشوة داخلا في اختصاص وظيفة المرتشي أن يكون وحده المختص بالقيام به, بل يكفي أن يكون له نصيب من الاختصاص به - لما كان ذلك, فإن الحكم إذ دان الطاعن لأنه بصفته موظفا عموميا (كونستابلا من رجال الضبط القضائي) قد أخذ مبلغا من النقود من متهم في واقعة يباشر ضبطها وتحرير محضرها على سبيل الرشوة ليؤدي عملا من أعمال وظيفته هو تنفيذ الأمر الخاص بإخلاء سبيله ولتسليمه السيارة المضبوطة وتوجيه إجراءات الضبط في الدعوى إلى غاية مرسومة, فإن الحكم إذ دان الطاعن لذلك بالرشوة لا يكون قد أخطأ في شئ - أما ينعاه الطاعن دون ذلك في طعنه فهو مردود بأن للمحكمة أن تمحص الواقعة المطروحة أمامها ولها في سبيل تكوين عقيدتها بشأنها واستخلاص الحقيقة فيها أن تأخذ بأقوال شاهد في شطر منها وأن تعرض عنها في شطر آخر دون أن تكون مكلفة ببيان الأسباب إذ الأمر مرجعه إلى اطمئنانها إلى الدليل الذي تأخذ به, كما أنها غير ملزمة بالرد في حكمها على شهادة شهود النفي إذ أن ذلك يكون مستفادا من قضائها بالإدانة بناء على ما أوردته من أدلة - وما يقوله الطاعن غير ما تقدم في طعنه هو جدل موضوعي في واقعة الدعوى وتقدير الأدلة فيها ومبلغ اقتناع المحكمة بها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.