أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثالث - السنة 4 - صـ720

جلسة 14 من أبريل سنة 1953

المؤلفة من حضرة رئيس المحكمة أحمد محمد حسن رئيسا, وحضرات المستشارين مصطفى حسن وحسن داود ومحمود إبراهيم إسماعيل وأنيس غالي أعضاء.

(260)
القضية رقم 231 سنة 23 القضائية

إثبات. شهادة. فهمها على غير حقيقتها والاستناد إلى ما حصلته من ذلك في الإدانة فساد في الاستدلال.
إذا كانت المحكمة - على ما هو ظاهر من حكمها ذاته - قد فهمت شهادة الشاهد على غير ما يؤدي إليه محصلها الذي أثبتته في الحكم واستخلصت منها مالا تؤدي إليه واعتبرته دليلا على الإدانة - فهذا فساد في الاستدلال يستوجب نقض الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أولا - ضربا عمدا محمد حسين بهنسي بعصا غليظة على رأسه فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي ولم يقصدا من ذلك قتله ولكن الضرب افضى إلى موته. ثانيا - المتهم الأول ايضا ضرب عمدا محمد حسن الناقة فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي استلزمت علاجا يزيد على العشرين يوما. وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقا لنص المواد 236/ 1و241/ 1 من قانون العقوبات فقرر بذلك. ومحكمة جنايات دمنهور نظرت هذه الدعوى ثم قضت فيها حضوريا عملا بمادتي الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن لمدة ثلاث سنوات. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في الاستدلال وفي ذلك يقولان إنهما دفعا التهمة بما ظهر من التحقيق الذي أجراه المحكمون, والذي أسفر عن أن لا يد لهما في الحادث, وقد سلم الحكم بأن هذا التحقيق لم يقطع بإدانة المتهمين ولكنه دانهما رغم ذلك دون بيان سبب إطراح شهادة شهود مجلس التحكيم سوى ما دونه الحكم من أن رئيس المجلس قضى على أهل المتهمين بالدية في حين أنه قرر في الجلسة بناء على مناقشة المحكمة له أن الدية لا تؤدي عن قتيل لا يعرف من قتله وواضح أن هذا الشاهد قطع أمام المحكمة بأن الدية لم تدفع خلافا لما فهمته المحكمة, وكان من نتيجة ذلك أن المحكمة لم ترتب على شهادته ما ينبغي أن ترتبه عليها مما يتفق مع الثابت في الأوراق.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة سألت رئيس مجلس التحكيم فقال: "طلبت من أهل المجني عليه إثبات الأدلة فلم يقدموا أدلة فطلبت اليمين على أن عائلة الناقة هم الضاربين لتحكم بالدية فلم يحلفوا - فقلت نتصالح وبعد ذلك قلت لعائلة الناقة ما دام حصل صلح من الواجب أن يجمعوا شئ من بينهم ويعطوه لأهل المجني عليه لأن هناك شخص توفى - وكان غرضي ترضية النفوس باعتبار أن شخصا توفى". لما كان ذلك وكانت المحكمة إذ أشارت إلى شهادة هذا الشاهد في حكمها قالت "وحيث إن الدفاع عمد أيضا إلى إشهاد بعض الشهود الذين حضروا مجلس الصلح لكي يحققوا الحادث ويعملوا على إزالة آثار الخصومة بين الفريقين - وقد شهد هؤلاء الشهود بما مؤداه أن تحريات المجلس لم تقطع بإدانة المتهمين في واقعة قتل المجني عليه, ولكن رئيس المجلس حسين درويش أقر بأنه قضى على أهل المتهمين بأن يدفعوا الدية إلى أهل القتيل وفي هذا من دلالات الإدانة ما لا يخفي على كل ذي بصر". وهو ما يدل على أنها فهمت شهادة الشاهد على غير حقيقتها فاستخلصت منها ما لا تؤدي إليه واعتبرته دليلا على الإدانة, ولذا فإن حكمها يكون مشوبا بفساد الاستدلال مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه.