أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثالث - السنة 4 - صـ820

جلسة 18 من مايو سنة 1953

المؤلفة من حضرة رئيس المحكمة أحمد محمد حسن رئيسا, وحضرات المستشارين إسماعيل مجدي وحسن داود ومحمود إبراهيم إسماعيل ومصطفى كامل أعضاء.

(298)
القضية رقم 608 سنة 23 القضائية

دفاع شرعي. البت فيما إذا كان المدافع قد تجاوز أو لم يتجاوز حدود الدفاع. من سلطة قاضي الموضوع.
إن البت فيما إذا كان المدافع قد تجاوز أو لم يتجاوز حدود الدفاع الشرعي, هو من الأمور الموضوعية, ويخضع التقدير فيها لسلطة محكمة الموضوع دون معقب عليها مادامت قد استندت في هذا التقدير إلى أسباب سائغة مقبولة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي رتبتها عليها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة: (1) إبراهيم محمد قاسم (الطاعن) و (2) السيد علي أبو غانم و(3) علي أحمد النحال بأنهم: الأول - شرع في قتل المتهم الثالث علي أحمد النحال عمدا بأن طعنه بسكين حاد عدة طعنات في مواضع قاتلة من جسمه قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادة المتهم فيه وهو إسعاف المجني عليه بالعلاج. وثانيا أحدث عمدا بأحمد علي النحال الإصابة المبينة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوما. والمتهم الثاني - ضرب عمدا عبد المنعم أحمد النحال فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوما. والمتهم الثالث - ضرب عمدا المتهم الأول إبراهيم محمد قاسم فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوما. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 45و46و234/ 1 وكذلك بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات, وقد صدر قرار غرفة الاتهام بإحالتهم إليها لمعاقبتهم بالمواد المذكورة. ومحكمة جنايات دمنهور قضت فيها حضوريا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات للأول بحبس المتهم الأول إبراهيم محمد قاسم سنة مع الشغل وتغريم كل من المتهمين السيد علي أبو غانم وعلي أحمد النحال 500 قرش.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مؤدى وجه الطعن هو أن المحكمة بعد أن نفت في أسباب حكمها قيام حالة الدفاع الشرعي نفيا باتا عادت وذكرت أن الطاعن كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه ولكنه جاوز حدود الدفاع فوقعت بذلك في تناقض يعيب الحكم كما أنها حين اعتبرت الطاعن متجاوزا حدود هذا الحق بنت ذلك على أنه ما كان يجوز له أن يقابل ضربة العصا التي أحدثها به المتهم الثالث بطعنه بسكين. وهذا القول منها غير سديد لأن حق الدفاع عن النفس ينشأ للمدافع حيث يكون الاعتداء حالا أو على وشك الوقوع أو إذا كان المدافع قد خشى أو توهم أن اعتداء خطيرا سيقع عليه والفيصل في تقدير قيام حالة الدفاع هو عقيدة المدافع نفسه, فإذا كان الطاعن رأى المتهم الثالث ونفرا من أقاربه قد حضروا للاعتداء عليه فقام في خاطره أن اعتداء خطيرا سوف يقع عليه منهم وضربه أحدهم بالفعل فإن من حقه أن يرد هذا الاعتداء باستعمال الآلة التي كانت معه والتي لم تكن لديه وقتئذ وسيلة للوصول إلى غيرها.
وحيث إنه لما كان يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه لم ينف قيام حالة الدفاع الشرعي نفيا تاما وإنما قال بأن الطاعن تجاوز حدود حقه في الدفاع وأورد أسبابا سائغة لهذا التجاوز, وكان البت فيما إذا كان المدافع قد تجاوز أو لم يتجاوز حدود الدفاع الشرعي, هو من الأمور الموضوعية, يخضع التقدير فيها لسلطة محكمة الموضوع دون معقب عليها مادامت قد استندت في هذا التقدير إلى أسباب سائغة مقبولة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي رتبتها عليها, فإن الطعن لا يكون في واقعه إلا جدلا في موضوع الدعوى مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس في موضوعه متعينا رفضه.