أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثالث - السنة 4 - صـ876

جلسة 25 من مايو سنة 1953

المؤلفة من حضرة رئيس المحكمة أحمد محمد حسن رئيسا وحضرات المستشارين إسماعيل مجدي ومصطفى حسن وأنيس غالي ومصطفى كامل أعضاء.

(318)
القضية رقم 639 سنة 23 القضائية

إتلاف عمدا. القصد الجنائي. متى يتحقق؟
إن القصد الجنائي في جرائم التخريب والإتلاف العمدية, سواء ما اعتبره القانون منها جنايات, وما اعتبره جنحا, كالجريمة المنصوص عنها في المادة 361 من قانون العقوبات ينحصر في ارتكاب الفعل المنهي عنه بأركانه التي حددها القانون, مع اتجاه إرادة الفاعل إلى إحداث الإتلاف أو التخريب, وعلمه بأنه يحدثه بغير حق, وعبارة "بقصد الإساءة" التي ذكرت في المادة 361 لم تأت في الواقع بزيادة على معنى القصد الجنائي المطلوب في جرائم الإتلاف العمدية الذي تقدم بيانه, إذ نية الإضرار تتوفر قانونا لدى المتهم متى كان يعلم أن عمله يضر أو يمكن أن يضر بغيره, فمن يتلف مالا لغيره عن قصد وبغير حق, يضر بهذا الغير, ويسئ إليه قصدا وعمدا. وإذن فمتى كان الحكم قد أثبت في حق الطاعن, ومن كانوا معه, أنهم كانوا يقذفون عربة السكة الحديدية بالحجارة وأن الطاعن كان يحمل في يده زقلة ويحطم زجاجها, فأحدثوا بالعربة الإتلاف الذي أثبتته المعاينة, والذي ترتب عليه ضرر مالي يزيد على عشرة جنيهات, ودانهم من أجل ذلك بجريمة التخريب بقصد الإساءة تطبيقا للمادة 361 من قانون العقوبات, فإن الحكم يكون صحيحا في القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العمومية الطاعن بأنه, أولا - تعدى على العسكريين علي عليوه والسيد حسن السيد والكونستابل عبد المنعم وقاوم الثلاثة بالقوة والعنف بأن ضرب العسكريين علي عيلوه والسيد حسن بعصا كانت بيده فأحدث بهما الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تحتاج لعلاج مدة لا تزيد على العشرين يوما, وثانيا - خرب مع آخرين مجهولين عربة السكة الحديد المبينة بالمحضر مما ترتب عليه ضرر مالي يزيد على عشرة جنيهات ومما عطل أعمال مصلحة ذات منفعة عامة, وطلبت عقابه بالمواد 136و137/ 1و361/ 1و2و3 من قانون العقوبات. ومحكمة دشنا الجزئية قضت غيابيا عملا بمواد الاتهام المذكورة آنفا بحبس المتهم سنة واحدة مع الشغل وكفالة خمسمائة قرش لوقف تنفيذ العقوبة عن التهمة الثانية المسندة إليه وتغريمه عشرة جنيهات عن التهمة الأولى. فعارض, والمحكمة قضت برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فاستأنف, ومحكمة قنا الابتدائية قضت حضوريا, أولا - بتعديل الحكم المستأنف عن التهمة الثانية والاكتفاء بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وتأييده بالنسبة للتهمة الأولى. فطعن في الحكم الأخير بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن الطاعن يستند في طعنه إلى أن الحكم المطعون فيه دانه بجريمة تخريب أموال منقولة, تطبيقا للمادة 361 من قانون العقوبات, مع عدم توفر أركانها, ذلك أن التخريب لم يكن بقصد الإساءة. هذا وقد تمسك الطاعن بضرورة سماع الشهود أمام المحكمة الاستئنافية, لأنهم لم يسمعوا بمحكمة أول درجة, وبعد أن قررت المحكمة سماعهم, وأجلت الدعوى لإعلانهم, قضت فيها دون أن تسمعهم بحجة عدم الاستدلال عليهم, مع أنهم من رجال البوليس الذين لا يتعذر الاهتداء إلى محال إقامتهم. كذلك دافع الطاعن بأنه كان في مركز البوليس, وقت وقوع الحادث, لاستخراج رخصة محل عمومي, ووافقه شيخ الخفراء على ذلك, ولم تأخذ المحكمة بدفاعه.
وحيث إن القصد الجنائي في جرائم التخريب والإتلاف العمدية, سواء ما اعتبره القانون منها جنايات, وما اعتبره جنحا, كالجريمة المنصوص عنها في المادة 361 من قانون العقوبات, ينحصر في ارتكاب الفعل المنهي عنه بأركانه التي حددها القانون, مع اتجاه إرادة الفاعل إلى إحداث الإتلاف أو التخريب, وعلمه بأنه يحدثه بغير حق, وعبارة "بقصد الإساءة" التي ذكرت في المادة 361 لم تأت في الواقع بزيادة على معنى القصد الجنائي المطلوب في جرائم الإتلاف العمدية الذي تقدم بيانه, إذ نية الإضرار تتوفر قانونا لدى المتهم متى كان يعلم أن عمله يضر أو يمكن أن يضر بغيره, فمن يتلف مالا لغيره عن قصد وبغير حق, يضر بهذا الغير, ويسئ إليه قصدا وعمدا, ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن, ومن كانوا معه, أنهم كانوا يقذفون عربة السكة الحديدية بالحجارة, وأن الطاعن كان يحمل في يده زقلة ويحطم زجاجها, فأحدثوا بالعربة الإتلاف الذي أثبتته المعاينة, والذي ترتب عليه ضرر مالي يزيد على عشرة جنيهات, ودانهم من أجل ذلك بجريمة التخريب بقصد الإساءة, تطبيقا للمادة 36 من قانون العقوبات, فإن الحكم يكون صحيحا في القانون. هذا ولما كان يبين من محاضر الجلسات, أن المحكمة الاستئنافية أجلت الدعوى أكثر من مرة لسماع شاهدي الإثبات اللذين طلب الطاعن سماعهما, فلما لم يتيسر الاهتداء إلى محل إقامتهما, سمعت بالجلسة الأخيرة, شهادة من حضر في حضور محامي الطاعن, الذي ترافع بعد ذلك في الدعوى وناقش شهادة الشاهدين الغائبين, كما جاء في أسباب الحكم المطعون فيه دون أن يتمسك بسماعهما - لما كان ذلك, وكان ما يثيره الطاعن في الوجه الأخير ليس إلا جدلا في موضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها, مما لا تقبل إثارته أمام هذه المحكمة, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس واجبا رفضه.