أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثالث - السنة 4 - صـ 996

جلسة 16 من يونيه سنة 1953

المؤلفة من حضرة رئيس المحكمة الأستاذ أحمد محمد حسن رئيسا, وحضرات المستشارين مصطفى حسن, وحسن داود, وأنيس غالي, ومصطفى كامل أعضاء.

(355)
القضية رقم 440 سنة 23 القضائية

(أ) إثبات. شاهد نفي. سماعه لدى المحكمة الاستئنافية عدم تعليقها على هذه الشهادة لا يقدح في سلامة حكمها.
(ب) فعل فاضح. متى تتوافر هذه الجريمة؟ مجرد الأقوال مهما بلغت من البذاءة. تعتبر سبا.
1 - إذا كانت المحكمة الاستئنافية قد سمعت شاهد نفي فجاءت شهادته مؤيدة لدفاع الطاعن ثم أيدت الحكم الابتدائي لأسبابه ولم تعرض لهذه الشهادة فذلك لا يقدح في سلامة حكمها, إذ هى غير ملزمة بالتعليق على شهادة شاهد النفي وتبرير اطراحها إياها وأخذها بشهادة شاهد الإثبات.
2 - يشترط لتوافر جريمة الفعل الفاضح المخل بالحياء وقوع فعل مادي يخدش في المرء حياء العين أو الأذن. أما مجرد الأقوال مهما بلغت من درجة البذاءة والفحش فلا تعتبر إلا سبا. وإذن فإذا كان الحكم قد اعتبر أن ما وقع من الطاعن من قوله بصوت مسموع لسيدتين يتعقبهما "تعرفوا انكم ظراف تحبوا نروح أي سينما" جريمة فعل فاضح مخل بالحياء فإنه يكون قد أخطأ. والوصف القانوني الصحيح لهذه الواقعة أنها سب منطبق على المادتين 306و171 من قانون العقوبات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: سب علنا سيدة سائرة في الطريق العام بأن وجه إليها العبارات الواردة بالمحضر وطلبت عقابه بالمادتين 171و306 من قانون العقوبات. ومحكمة عابدين الجزئية قضت حضوريا عملا بالمادتين 171و278 من قانون العقوبات بتغريم المتهم عشرين جنيها وذلك على اعتبار أن ما وقع منه يعتبر فعلا فاضحا مخلا بالحياء. فاستأنف. ومحكمة مصر الابتدائية قضت حضوريا بتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الوجه الأول والثاني والرابع من أوجه الطعن هو أن المحكمة الاستئنافية سمعت شاهد النفي فجاءت شهادته مؤيدة لدفاع الطاعن, ولكن المحكمة أيدت الحكم الابتدائي لأسبابه دون أن تعرض لهذه الشهادة وتبدي رأيها فيها, ودون أن تورد أسبابا لحكمها مما يجعله غير مسبب, وفضلا عن ذلك لم يعن الحكم ببيان ركن العلانية.
وحيث إنه لما كانت المحكمة غير ملزمة بالتعليق على شهادة شاهد النفي وتبرير اطراحها وأخذها بشهادة شاهد الإثبات, وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بأسباب الحكم الابتدائي الذي أيده مما يجعله مقاما على تلك الأسباب ومن بينها ما قالته المحكمة بشأن العلانية من أن العبارات التي وجهها المتهم إلى السيدتين المجني عليهما صدرت منه في الطريق العام وبصوت مسموع وهو ما يتحقق به ركن العلانية, فإن ما يثيره الطاعن لا يكون له أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه في الوجه الثالث أنه حين وصف الواقعة التي نسبت إلى الطاعن بأنها جريمة فعل فاضح تأسيسا على أن الإخلال بالحياء كما يكون بالأفعال يكون أيضا بالأقوال قد أخطأ في تطبيق القانون, لأن جريمة الفعل الفاضح لا تتوافر إلا بوقوع فعل مادي مغاير لقواعد السلوك ولا يكفي فيها مجرد الأقوال مهما كانت بذيئة.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن ضابط مكتب الآداب شاهد أثناء سيره في شارع عبد العزيز الطاعن وآخرين يتعقبون سيدتين وسمع الطاعن يقول لهما بصوت مسموع "تعرفوا أنكم ظراف تحبوا نروح أي سينما" فقبض عليه وعلى زميليه اللذين وجها عبارات أخرى وحرر لكل منهم محضرا على حدة, ثم عرض الحكم للوصف القانوني لهذه الواقعة وقال إنها تعد سبا علنيا, كما وصفتها النيابة, كما تعد في الوقت ذاته فعلا علنيا فاضحا وأنها أكثر انطباقا على جريمة الفعل الفاضح المنصوص عليها في المادة 278 من قانون العقوبات, وانتهى الحكم من ذلك إلى إدانة الطاعن عن هذه الجريمة.
وحيث إنه لما كان يشترط لتوافر جريمة الفعل الفاضح المخل بالحياء وقوع فعل مادي يخدش في المرء حياء العين أو الأذن, وكان مجرد الأقوال مهما بلغت من درجة البذاءة والفحش يخرج بذلك عن نطاق هذه الجريمة ولا تعتبر إلا سبا, فإن الحكم إذ اعتبر الواقعة الثابتة به جريمة فعل فاضح مخل بالحياء يكون قد أخطأ ويكون وصفها القانون الصحيح هو السب المنطبق على المادتين 306و171 من قانون العقوبات, إلا أنه لما كانت العقوبة المحكوم بها على الطاعن مقررة في القانون لجريمة السب علنا فإنه يتعين رفض الطعن.