أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 13 - صـ 120

جلسة 5 من فبراير سنة 1962

برياسة السيد/ محمود ابراهيم اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين: محمد عطيه اسماعيل، ومحمد عبد السلام، وعبد الحليم البيطاش، ومختار مصطفى رضوان.

(32)
الطعن رقم 3150 لسنة 31 القضائية

(أ) تبديد. دفاع. محكمة الموضوع. حكم "تسبيبه".
طبيعة عقد الأمانة. تفسيره. هل هو عقد بيع أم وكالة بالعمولة. سلطة القاضى الجنائى فى الفصل فى هذه العلاقة القانونية. قول الحكم إن العقد عقد وكالة يتضمن ردا على دفاع المتهم من أنه عقد بيع.
(ب) دفاع. إثبات "خبرة".
طلب ندب خبير. متى لا تلتزم المحكمة بإجابته ؟ إذا رأت كفاية الأدلة للفصل فى الدعوى دون حاجة إلى ندبه.
(ج) تبديد. دفاع. إثبات "أوراق". حكم "تسبيبه".
طلب الدفاع ضم دفاتر لإثبات حصول برد سابق على تاريخ الاتهام. رفضه. متى لا يستلزم ردا صريحا ؟ إذا كان الدليل المستمد منه - بفرض صحته - لا ينفى حصول التبديد اللاحق لهذا الجرد.
1- إذا كانت المحكمة هى فى صدد بحث تهمة التبديد المنسوبة للمتهم، قد فسرت العقد المقدم فى الدعوى على أنه عقد وكالة بالعمولة، فإن ذلك منها يعتبر فصلا فى العلاقة القانونية القائمة بينه وبين المجنى عليها، وردا سائغا على ما ذهب إليه فى دفاعه من أنه عقد بيع لا عقد وكالة.
2 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بندب خبير إذا هى رأت من الأدلة المقدمة فى الدعوى ما يكفى للفصل فيها دون حاجة إلى ندبه.
3 - إذا كان الظاهر أن ما طلبه الدفاع من ضم الدفاتر إنما كان الغرض منه إثبات حصول جرد سابق لعهدة المتهم فى 25/ 2/ 1954، فإن هذا الطلب لا يقتضى من المحكمة عند رفضه ردا صريحا مستقلا ما دام الدليل الذى قد يستمد منه - إن صح - ليس من شأنه أن ينفى حصول التبديد فى تاريخ لاحق وهو تاريخ الحادث أو يهدر القوة التدليلية للأدلة الأخرى القائمة فى الدعوى والتى أفصح الحكم عن أنها أكدت لديه حصول العجز فى عهدة المتهم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدد الأسمدة المبينة وصفا وقيمة بالمحضر المملوكة للجمعية الزراعية المصرية والتى سلمت إليه بصفة كونه وكيلا لديها بالأجرة فاختلسها إضرارا بالمجنى عليها. وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات. وقد ادعت الجمعية المجنى عليها مدنيا قبل المتهم بطلب تعويض قدره 2000 جنيه. والمحكمة الجزئية قضت حضوريا عملا بمادة الإتهام بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة خمسين جنيها لوقف التنفيذ بلا مصاريف جنائية وبإلزامه بأن يدفع للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ 977 جنيها و 600 مليم والمصاريف التى تحملتها وبعدم اختصاص المحكمة بالدعوى المدنية فيما يتعلق بالتعويض المطلوب عن الأسمدة التالفة. استأنف المتهم هذا الحكم والمحكمة الاستئنافية قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به فى الدعوى الجنائية والإكتفاء بحبس المتهم ثلاثة شهور مع الشغل وبتأييده بالنسبة للدعوى المدنية مع إلزام المتهم بالمصاريف المدنية الاستئنافية ومقابل أتعاب المحاماة. فطعن الأستاذ المحامى الوكيل عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض إلخ ...


المحكمة

... وحيث إن مبنى الوجه الأول من أوجه الطعن هو القصور فى التسبيب، ذلك أن الطاعن نازع فى حقيقة وصف العقد المحرر بينه وبين المطعون ضدها وهل هو عقد وكالة بالعمولة أو عقد بيع ولكن الحكم أغفل الرد على دفاعه ولم يفصل فى هذه المسألة القانونية.
وحيث إن الحكم الابتدائى الذى أيد أسبابه الحكم المطعون فيه عرض إلى العقد المقدم من المطعون ضدها فقال "إن المدعية بالحق المدنى قدمت عقدا مؤرخا 6/ 1/ 1951 مبرما بين مدير الجمعية وبين المتهم يفيد أن يكون المتهم وكيلا عن للجمعية فى بيع الأسمدة لحسابها على أن تظل الأسمدة وباقى ما يسلم إليه ملكا للجمعية وتقتصر حصة المتهم على كونه وكيلا لها". ثم أضاف الحكم بعد بيان العجز الذى وجد بعهدة الطاعن "أنه إذا ما ثبت هذا العجز على النحو السالف فإن استلامه لما كان بالمخزن ثابت من الإقرار من المدعية بالحقوق المدنية المنوه عنه، وأساس هذا الاستلام ثابت فى نفس الإقرار أيضا ومن العقد المؤرخ 6/ 1/ 1951 أساس العلاقة ثابت أنه كان على سبيل الوكالة بالعمولة التى قامت بين المتهم وبين المدعية بالحق المدنى نفاذا للعقد المذكور". لما كان ذلك، وكان العقد المقدم فى الدعوى - على ما يبين من مفرداتها المضمومة - صريحا فى ثبوت علاقة الطاعن بالمطعون ضدها كوكيل بالعمولة، وكانت المحكمة وهى فى صدد بحث تهمة التبديد المنسوبة للطاعن قد فسرت ذلك العقد مستعينة بظروف الدعوى على أنه عقد وكالة بالعمولة مما يعتبر فصلا فى العلاقة القانونية بين الطاعن والمطعون ضدها وردا سائغا على دفاعه. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الوجه غير سديد.
وحيث إن مبنى الوجه الثانى من الطعن هو الإخلال بحق الدفاع، ذلك أن الدفاع عن الطاعن مع تمسكه بأن العلاقة بينه وبين الجمعية علاقة مدنية طلب تعيين خبير حسابى لتصفية حسابه معها وبيان حقيقة العجز المدعى به ولكن المحكمة رفضت إجابة هذا الطلب.
وحيث إن الحكم المطعون فيه دلل على وجود عجز فى عهدة الطاعن فى قوله "إن المحكمة تأكدت من وجود العجز لدى المتهم من شهادة ... هذا فضلا عن المحضر المحرر بمعرفة الأستاذ ... فى 4/ 9/ 1954 والمرفوع إلى عضو مجلس الإدارة المنتدب والمتضمن الإجراءات التى اتبعت عند فتح مخزن المتهم وبيان العجز ومقداره. يضاف إلى ذلك أن المتهم لم يطعن على شهادة أيهم بأى مطعن مما يجعل المحكمة تطمئن إلى أقوالهم". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بندب خبير إذا هى رأت من الأدلة المقدمة فى الدعوى ما يكفى للفصل فيها دون حاجة إلى ندبه، وكان العجز فى عهدة الطاعن قد ظهر للمحكمة من واقع الأدلة المعروضة عليها فى الدعوى فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الوجه يكون لا محل له.
وحيث إن الوجه الثالث من الطعن مبناه الإخلال بحق الدفاع، ذلك أن الطاعن تمسك ضم دفاتره التى كانت بالمخزن واستولت الجمعية عليها وكذلك ضم دفاترها المقابلة لدفاتره ليبين أن جردا سابقا حصل بمعرفة مفتش الجمعية فى 25/ 2/ 1954. لما كان ذلك، وكان ظاهرا أن طلب ضم الدفاتر التى لم يثبت استيلاء المطعون ضدها عليها إنما كان الغرض منه إثبات حصول جرد سابق لعهدة الطاعن فى 25/ 2/ 1954، فإن هذا الطلب لا يقتضى من المحكمة عند رفضه ردا صريحا مستقلا ما دام الدليل الذى قد يستمد منه إن صح ليس من شأنه أن ينفى حصول التبديد فى تاريخ لاحق وهو تاريخ الحادث أو يهدر القوة التدليلية للأدلة الأخرى القائمة فى الدعوى والتى أفصح الحكم عن أنها أكدت لديه حصول العجز فى عهدة الطاعن. لما كان ذلك، فإنه لا محل لما ينعاه الطاعن فى هذا الوجه.
وحيث إنه لذلك يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه.