أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 13 - صـ 35

جلسة 9 من يناير سنة 1962

برياسة السيد/ السيد أحمد عفيفى المستشار، وبحضور السادة: توفيق أحمد الخشن، ومحمود اسماعيل، وحسين صفوت السركى، ومختار مصطفى رضوان المستشارين.

(9)
الطعن رقم 847 لسنة 31 القضائية

قتل عمد. إثبات. حكم "تسبيبه".
نية القتل. وجوب تدليل الحكم على توافرها. إزهاق الروح: هى النتيجة التى يضمرها الجانى ويتعين على القاضى أن يستظهرها بما يدل عليها. مثال. قصور.
ما ذكره الحكم من أن " نية القتل ثابتة فى حق المتهمين من الحقد الذى ملأ قلوبهم ومن استعمال أسلحة نارية قاتلة "لا يوفر وحده الدليل على ثبوتها، ولو كان المقذوف قد أطلق عن قصد - ذلك أنه لا يبين مما أورده الحكم أن المتهمين تعمدوا تصويب الأعيرة النارية إلى مقاتل من المجنى عليهما، ولا يغير من الموقف ما عقب به المحكمة من "أن المتهم الأخير قد أطلق النار على المجنى عليه الثانى بقصد إزهاق روحه"، ذلك بأن إزهاق الروح هى النتيجة التى يضمرها الجانى ويتعين على القاضى أن يستظهرها بإيراد الأدلة والمظاهر التى تدل عليها وتكشف عنها، ومن ثم فإن هذا الحكم يكون قاصرا متعينا نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: المتهمون الثلاثة الأول - أولا - قتلوا المجنى عليه الأول عمدا ومع سبق الإصرار أن بيتوا النية على قتله وعقدوا العزم على ذلك وأعدوا أسلحة نارية "بنادق" لتنفيذ هذا الغرض وما أن ظفروا به حتى أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى والتى أودت بحياته. ثانيا: أحرزوا أسلحة نارية "بنادق" بدون ترخيص. ثالثا - أحرزوا ذخائر "طلقات" مما تستعمل فى الأسلحة النارية دون أن يكون مرخصا لأى منهم بحيازة السلاح أو إحرازه. المتهم الرابع - قتل المجنى عليه الثانى عمدا بأن أطلق عليه أعيرة نارية من بندقية قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى والتى أودت بحياته. وطلبت إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 230 و231 و234/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1 و6 و26/ 1 - 2 - 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدولين رقمي 2 و3 المرفقين. فقررت بذلك وادعت والدة المجنى عليه الأول مدنيا قبل المتهمين الثلاثة الأول بطلب تعويض مؤقت قدره قرش واحد، كما ادعى ابن المجنى عليه الثانى مدنيا قبل المتهم الرابع بمبلغ قرش واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام والمادة 32 من قانون العقوبات مع تطبيق الماد 17 بالنسبة للمتهمين الثلاثة الأول بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة وبإلزامهم بالتعويض المؤقت المطلوب والمصاريف المدنية ومقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض .. إلخ.


المحكمة

.. وحيث إنه مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه القصور فى بيان نية القتل إذ لم يقم الدليل على توافر هذه النية التى لا يمكن استنتاجها من مجرد الضغينة أو استعمال سلاح نارى قاتل بطبيعته.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حين تعرض لنية القتل قال "إنها ثابتة فى حق المتهمين الثلاثة الأول من الحقد الذى ملأ قلوبهم وتأججت نيرانه فحموا فى قلوبهم غلا لا يهدأ حتى يأخذوا بثأر قتيلهم الذى قتل منذ أمد بعيد وأعدوا الأسلحة النارية القاتلة وتخيروا الزمان والمكان حتى إذا ما ظفروا به نفذوا جريمتهم "ثم تحدث عنها بالنسبة للطاعن الرابع فقال "إنها متوافرة من الضغينة التى استقرت فى قلبه وقد علم بقتل شقيقه فأراد أن يثأر له فحمل السلاح القاتل وثأر لأخيه من القتيل فأطلق عليه النار قاصدا إزهاق روحه". ولما كان القصد الجنائى فى جريمة القتل العمد يتميز عن القصد الجنائى العام فى سائر جرائم التعدى على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجانى من ارتكابه الفعل إزهاق روح المجنى عليه وكان هذا العنصر بطبيعته أمرا داخليا فى نفس الجانى فإنه يجب لصحة الحكم بإدانة متهم فى هذه الجريمة أن تعنى المحكمة بالتحدث عنه استقلالا وأن تورد الأدلة التى تكون قد استخلصت منها أن الجانى حين ارتكب الفعل المادى المسند إليه كان فى الواقع بقصد إزهاق روح المجنى عليه. لما كان ذلك، وكان ما ذكره الحكم من أن نية القتل ثابتة فى حق الطاعنين من الحقد الذى ملأ قلوبهم ومن استعمال أسلحة نارية قاتلة لا يوفر وحده الدليل على ثبوتها ولو كان المقذوف قد أطلق عن قصد، وكان لا يبين مما أورده الحكم أن الطاعنين تعمدوا تصويب الأعيرة النارية إلى مقاتل من المجنى عليهما، وكان لا يغير من الموقف ما عقبت به المحكمة من أن الطاعن الأخير قد أطلق النار على المجنى عليه الثانى بقصد إزهاق روحه ذلك بأن إزهاق الروح هو النتيجة التى يضمرها الجانى ويتعين على القاضى أن يستظهرها بإيراد الأدلة والمظاهر التى تدل عليها وتكشف عنها. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصرا مما يستوجب نقضه والإحالة دون حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى.