أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 13 - صـ 158

جلسة 20 من فبراير سنة 1962

برياسة السيد/ محمود ابراهيم اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عطية اسماعيل، ومحمد عبد السلام، وأديب نصر حنين، ومختار مصطفى رضوان.

(43)
الطعن رقم 872 لسنة 31 القضائية

جريمة. بناء. دعوى جنائية. قوة الشئ المحكوم فيه. حكم "تسبيبه. ما يعيبه".
(أ) الجريمة المتتابعة الأفعال. معيارها: وحدة المشروع الإجرامى ووحدة الحق المعتدى عليه.
مثال. جريمة البناء بدون ترخيص. هى جريمة أفعال متتابعة: متى كانت أعمال البناء معاقبة متوالية، ولو لم يكشف عن بعضها إلا بعد الحكم فى بعضها الآخر.
(ب) بناء متعدد الأدوار. إقامته - بدون ترخيص - دورا بعد دور. إدانة المتهم عن تهمة بناء الأدوار الأولى بدون ترخيص. رفع الدعوى عليه بعد ذلك عن بناء دور جديد. دفعه بعدم جواز نظر الدعوى عن هذا الدور. العبرة فيه: هى بتاريخ إقامة البناء الجديد وهل كان قبل الحكم الصادر فى شأن الأدوار القديمة فيصح الدفع وتمتنع محاكمته، أم بعده فلا يصح هذا الدفع.
سكوت الحكم عن تحقيق هذا الدفاع وسائر عناصره: قصور.
1- من المقرر قانونا أن جريمة البناء بغير ترخيص إن هى إلا جريمة متتابعة الافعال متى كانت أعمال البناء متعاقبة متوالية، إذ هى حينئذ تقوم على نشاط - وإن اقترف فى أزمنة متوالية - إلا أنه يقع تنفيذا لمشروع إجرامى واحد والإعتداء فيه مسلط على حق واحد وإن تكررت هذه الأعمال مع تقارب أزمنتها وتعاقبها دون أن يقطع بينها فارق زمنى يوحى بانفصام هذا الاتصال الذى يجعل منها وحدة إجرامية فى نظر القانون، بمعنى أنه إذا صدر الحكم فى أى منها يكون جزاء لكل الأفعال التى وقعت فى تلك الفترة حتى ولو لم يكشف أمرها إلا بعد صدور الحكم.
2- إذا كان الحكم المطعون فيه قد قضى بإدانة المتهم عن تهمة إقامة بناء الدورين "الرابع والخامس" بدون ترخيص، على أساس أنهما غير الدور الذى سبق أن حكم عليه من أجله، وذلك دون تحقيق دفعه من إقامة الأدوار جميعها كانت نتيجة قصد جنائى واحد ونشاط إجرامى متصل من قبل صدور الحكم فى الدعوى الأولى عن ذلك الدور السابق، فإنه يكون مشوبا بالقصور متعينا نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: 1- أقام بناء بلا رخصة. و2- أقام البناء السابق مخالفا للمواصفات القانونية. وطلبت عقابه طبقا للمواد 1، 30، 31 من القانونين رقم 656 لسنة 1954 و344 لسنة 1956. وأمام المحكمة الجزئية دفع الحاضر مع المتهم بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها فى الجنحة رقم 902 سنة 1957. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بمواد الإتهام بتغريم المتهم مائة قرش. وإلزامه بسداد الرسوم المستحقة على الترخيص وتصحيح الأعمال المخالفة وإلزامه بأن يدفع مبلغ ألف ومائة جنيه قيمة التكاليف. استأنف المتهم هذا الحكم والمحكمة الاستئنافية قضت حضوريا عملا بالمواد 1، 12، 14، 16، 30 من القانون رقم 656 لسنة 1954 والمادتين 1، 7 من القانون رقم 344 لسنة 1956 بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض .. الخ.


المحكمة

... وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور والخطأ فى القانون، وفى بيان ذلك يقول إنه دفع لدى محكمتى أول وثانى درجة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها فى الجنحة رقم 902 سنة1957إمبابه التى نسب إليه فيها إقامة الدور الرابع بدون ترخيص ولم يصدر الحكم فيها إلا فى 27/ 4/ 1957 بعد أن كان قد أتم بناء الدورين الخامس والسادس موضوع الدعوى الحالية وأنه وإن كان قد أتم بناء هذه الأدوار على أيام متتالية إلا أن هذه الأفعال إنما تمت من جانبه نتيجة قصد جنائى واحد مما يتعين معه اعتبار الحكم السابق صدوره فى الجنحة المشار إليها فاصلا فى مجموع تلك الأفعال. ويقول الطاعن إنه طلب إلى محكمة الموضوع سماع الشهود لتأييد دفاعه فى هذا الشأن إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفع مكتفيا بتأييد الحكم المستأنف الذى قرر باختلاف الأدوار التى أنشئت فى كل من الدعويين وهو ما لا يصلح ردا على ما أبداه من دفاع.
وحيث إنه لما كان الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد عرض لما يثيره الطاعن فى هذا الوجه بقوله "إنه لما كان الثابت من الإطلاع على الجنحة 902 سنة 1957 إمبابة أن النيابة العامة أسندت إلى المتهم أنه أجرى بناء الدور الثالث فوق الأرضى بدون رخصة من المصلحة وقد حوكم المتهم عن هذه التهمة وقضى بتغريمه مائة قرش وإلزامه بسداد الرسوم المستحقة على الترخيص. ولما كانت النيابة العامة قد أقامت الدعوى الحالية ضد المتهم بتهمة أنه أجرى بناء الدورين الرابع والخامس فوق الأرضى بدون رخصة من المصلحة متجاوزا الارتفاع ولم يقم بالارتداد القانونى فإن موضوع التهمة الموجه إلى المتهم فى هذه الدعوى يختلف عنه فى الدعوى 902 سنة 1957 جنح امبابه ويكون ما يثيره المتهم فى هذا الخصوص على غير أساس ويتعين لذلك رفضه". لما كان ما تقدم، وكان من المقرر قانونا أن جريمة البناء بغير ترخيص إن هى إلا جريمة متتابعة الأفعال متى كانت أعمال البناء متعاقبة متوالية إذ هى حينئذ تقوم على نشاط - وإن اقترف فى أزمنة متوالية - إلا أنه يقع تنفيذا لمشروع إجرامى واحدا، والاعتداء فيه مسلط على حق واحد وإن تكررت هذه الأعمال مع تقارب أزمنتها وتعاقبها دون أن يقطع بينها فارق زمنى يوحى بانفصام هذا الاتصال الذى يجعل منها وحدة إجرامية فى نظر القانون، بمعنى إنه إذا صدر الحكم فى أى منها يكون جزاء لكل الأفعال التى وقعت فى تلك الفترة حتى ولو لم يكشف أمرها إلا بعد صدور الحكم. لما كان ذلك، وكان الثابت من الإطلاع على مفردات الجنحة رقم 902 سنة 1957 إمبابة التى أمرت المحكمة بضمها تحقيقا لوجه الطعن أن الحكم فيها صدر غيابيا ضد الطاعن فى 16 من أكتوبر سنة 1957 بتغريمه مائة قرش وسداد رسم الترخيص وقد صار هذا الحكم نهائيا فى 26 من أكتوبر سنة 1957 بدفع الطاعن مبلغ الغرامة دون أن يطعن عليه بالمعارضة أو الاستئناف. لما كان ذلك، وكانت العبرة فيما يختص بما دفع به الطاعن من عدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها هو بالتاريخ الذى أقام فيه الدورين "الرابع والخامس" موضوع الدعوى الحالية، وهل كان ذلك قبل الحكم فى الدعوى رقم 902 سنة 1957 جنح امبابة أم بعده. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه إذ قضى بإدانة الطاعن عن تهمة إقامة الدورين المشار إليهما على أساس أنهما غير الدور الذى سبق أن حكم على الطاعن من أجله، وذلك دون تحقيق دفاعه من أن إقامة الأدوار جميعها كانت نتيجة قصد جنائى واحد ونشاط إجرامى متصل من قبل صدور الحكم فى الدعوى رقم 902 سنة 1957. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوبا بالقصور متعينا نقضه والإحالة دون حاجة لبحث باقى أوجه الطعن الأخرى.