أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 13 - صـ 79

جلسة 23 من يناير سنة 1962

برياسة السيد/ محمود ابراهيم اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمد عطية اسماعيل، ومحمد عبد السلام، وعبد الحليم البيطاش، وأديب نصر حنين المستشارين.

(21)
الطعن رقم 639 لسنة 31 القضائية

(أ) دفاع. تحقيق. إثبات. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير سن المتهم فى محضر الجلسة ثمانية عشر عاما. عدم اعتراضه على ذلك أمام محكمة الموضوع. ماهيته: هو رضاء منه بهذا التقدير. اعتماد المحكمة هذا التقدير. مسألة موضوع. المادة 73 عقوبات.
المجادلة فى ذلك أمام محكمة النقض لأول مرة. لا تقبل.
(ب) أسباب الاباحة. الدفاع الشرعى. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعى لأول مرة أمام محكمة النقض. لا تقبل. متى كانت الواقعة لا ترشح لقيامها.
1- إذا كان المتهم قد ارتضى سنه المثبت بمحضر الجلسة وهو ثماني عشرة سنة، ولم يعترض عليه ولم يحاول إقامة الدليل على عدم صحته سواء بتقديم شهادة ميلاد أو مستخرج رسمى أو بغير ذلك، فإن هذا التقدير يصبح نهائيا لتعلقه بمسألة موضوعية فصلت فيها محكمة الموضوع باعتمادها السن التى ذكرها المتهم نفسه أو بتقديرها إياها عملا بحكم المادة 73 من قانون العقوبات، وليس للمتهم بعد ذلك أن يطعن فى هذا التقدير لأول مرة أمام محكمة النقض.
2- متى كانت واقعة الدعوى لا تتوافر بها حالة الدفاع الشرعى ولا ترشح لقيامها، فإنه لا يقبل من المتهم أن يثير هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب مبروك محمود عيد عمدا على رأسه بفأس فأحدث به الاصابة الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى والتى تخلف له من جرائها عاهة مستديمة هى فقد جزء من عظام الجمجمة وتقدير بنحو 12%. وطلبت من غرفة الإتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات. فقررت الغرفة ذلك. ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بمادة الإتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنتين. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو الخطأ فى القانون والإخلال بحق الدفاع، إذ يقول الطاعن إنه أثار أمام المحكمة أن سنه كانت أربع عشرة سنة فى وقت وقوع الحادث وأن المحكمة لم تحقق هذا الدفاع الذى يترتب على ثبوت صحته جواز النزول بالعقوبة إلى الحبس لمدة 24 ساعة وفقا للمادة 66 من قانون العقوبات.
وحيث إن ما ينعاه الطاعن فى هذا الوجه مردود بما هو ثابت فى محضر الجلسة من أن سن المتهم ثمانى عشرة سنة ولم يدفع الطاعن أمام محكمة الموضوع بصغر سنه. ولما كان المتهم قد ارتضى سنه المثبت بمحضر الجلسة ولم يعترض عليه ولم يحاول أمام محكمة الموضوع إقامة الدليل على عدم صحته سواء بتقديم شهادة ميلاد أو مستخرج رسمى أو بغير ذلك، فإن هذا التقدير يصبح نهائيا لتعلقه بمسألة موضوعية فصلت فيها محكمة الموضوع باعتمادها السن التى ذكرها المتهم نفسه أو بتقديرها إياها عملا بحكم المادة 73 من قانون العقوبات, وليس للمتهم بعد ذلك أن يطعن فى هذا التقدير لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن مبنى الوجه الثانى هو القصور فى التسبيب، ذلك أن الطاعن قرر فى جميع مراحل التحقيق أمام المحكمة بأنه والمجنى عليه تنازعا على الرى ثم تماسكا وعضه المجنى عليه فى أذنه وهو ما يرشح لقيام حالة الدفاع الشرعى عن نفسه إلا أن الحكم المطعون فيه حين دانه لم يعرض لهذه الحالة ولم يبحثها مما يجعله قاصرا.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به عناصر الجريمة التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بقيام حالة الدفاع الشرعى وكان يبين من الاطلاع على المفردات التى أمرت المحكمة بضمها تحقيقا للطعن أن الواقعة تتحصل فى أنه "بينما كان المجنى عليه بحقله يروى زراعته إذ حضر المتهم عنده وحاول منعه من الرى زاعما أن المياه سوف تطغى على أرضه المجاورة فقامت بينهما مشادة وأمسك المتهم بالمجنى عليه فعضه الأخير فى أذنه وبعد ذلك اعتدى المتهم على المجنى عليه بأن ضربه بالفأس على رأسه فأحدث إصابته الثابتة بالتقرير الطبى الشرعى والتى تخلفت عنها العاهة المستديمة". ولما كانت هذه الواقعة لا تتوافر بها حالة الدفاع الشرعى ولا ترشح لقيامها فإنه لا يقبل من الطاعن أن يثير هذا الدفاع لأول مرة أمام هذه المحكمة.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث هو الخطأ فى الإسناد فقد قال الحكم "إن الحاضر مع المتهم قرر أن إصابة المجنى عليه أحدثها به محمد إمام الأخرس مرتكنا فى ذلك على ما جاء بأقوال سيد مدكور ولا ترى المحكمة الأخذ بهذا الدفع لأن المتهم لم يبده إلا بالجلسة"، مع أن الثابت من أوراق الدعوى أن محامى الطاعن أبدى هذا الدفاع أكثر من مرة أمام قاضى المعارضة.
وحيث إن المحكمة وهى بصدد الرد على دفاع الطاعن "قالت إن الحاضر مع المتهم قرر أن إصابة المجنى عليه إنما أحدثها به المدعو محمد إمام الأخرس مرتكنا فى ذلك على ما جاء بأقوال سيد مدكور ولا ترى المحكمة الأخذ بهذا الدفع لأن المتهم لم يبده إلا بالجلسة فى حين أنه قرر فى مراحل التحقيق أن والد المجنى عليه نفسه محمود عبد العزيز هو الذى أصابه هذه الإصابة نظرا لضعف بصره وقد أراد عندما رآهما يتشاجران أن يضرب المتهم بفأس فجاءت فى المجنى عليه ولا ترى المحكمة الأخذ بهذا الدفاع الذى لم يقم عليه أى دليل يسنده". ولما كان الواضح من عبارة الرد السالف ذكرها أن المحكمة أسست اطراحها دفاع الطاعن على أنه إنما جاء متأخرا إذ لم يبده المتهم فى مرحلة التحقيق الابتدائى، ولا ينال من سلامة هذا الرد أن يكون الطاعن قد أبدى دفاعه المشار إليه بعد ذلك أمام قاضى المعارضة ما دامت المحكمة قد أفصحت عن أنها لا ترتاح إلى صحته.
وحيث إن مبنى الوجه الرابع هو الفساد فى الاستدلال فقد استند الحكم المطعون فيه إلى أقوال المجنى عليه ووالده على الرغم من تخبط المجنى عليه فى تحديد المعتدى عليه فى التحقيق كما أن والده فاقد البصر مما يقطع بعدم رؤيته للمعتدى، ولم يبين الحكم بأدلة سائغة سبب اقتناعه بشهادة هذين الشاهدين وإطراحه للأدلة الأخرى التى تؤكد أن المعتدى شخص آخر غير الطاعن.
وحيث إن الثابت من الأوراق أن أقوال المجنى عليه التى أدلى بها أمام النيابة وبالجلسة صريحة فى أن الطاعن هو الذى اعتدى عليه بضربة الفأس وأحدث به الإصابة التى تخلفت عنها العاهة برأسه، وقد اتخذ الحكم من أقوال والد المجنى عليه فى التحقيق والتى ذكرها نقلا عن ابنه المصاب قرينة مؤدية لوقوع الحادث إذ أثبت الحكم أن الشاهد حين رأى ولده المجنى عليه مصابا استوضحه عمن ضربه فأخبره بأن المتهم هو الذى اعتدى عليه بفأس ضربه به فى رأسه. ولما كان ما حصله الحكم من أقوال الشاهدين سائغا بما لا تناقض فيه، فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الوجه لا يكون مقبولا. وهو فى حقيقته لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا حول تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تقبل إثارته لدى محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم كله يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.