أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 13 - صـ 236

جلسة 13 من مارس سنة 1962

برياسة السيد/ محمود ابراهيم اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: توفيق أحمد الخشن، ومحمود اسماعيل، وحسين صفوت السركى، ومختار مصطفى رضوان.

(61)
الطعن رقم 1405 سنة 31 القضائية

(أ) دخان.
الأصل عدم جواز خلطه. متى يجوز خلطه؟ لا يكون ذلك إلا بقرارات وزارية. المادة 6 مكررا من القانون 74 لسنة 1933 المضافة بالقانون 79 لسنة 1944.
دخان المضغة. عدم صدور قرار وزارى يجيز خلطه. أثر ذلك: خضوعه لحكم المادتين 1 و6 من القانون:
(ب) دخان. جريمة "الباعث".
الدخان المخلوط. المادة الغريبة المشار إليها بالمادة 1 فقرة أخيرة من القانون. ماهيتها: هل هى كل مادة تضاف إلى الدخان قبل تجهيزه للاستعمال فى المصنع أركان الجريمة. ما يوفرها: علم المتهم بأن ما يضيفه مادة غريبة.
الباعث: لا أهمية له. مثال. اضافة سائل معين لتحسين الصنف إرضاء للعملاء. توافر الجريمة.
(ج) دخان. إثبات "بوجه عام".
خلط الدخان. عدم خضوع هذه الجريمة لوسائل اثبات خاصة. لا يلزم أن يكون الدليل مستمدا من نتيجة التحليل وإمكان عزل المادة الغريبة المضافة. تفاعل تلك المادة مع مكونات الدخان أو تشابهها معها: لا أهمية له.
(د) دخان. عقوبة. مصادرة.
دخان مخلوط. لا تقع المصادرة إلا على القدر الذى تم خلطه دون سائر ما ضبط من الدخان.
1- متى كان لم يصدر قرار وزارى يجير اضافة مادة ما إلى دخان المضغة، فإن الأمر بشأنه يظل خاضعا لحكم المادتين الأولى والسادسة من القانون رقم 74 لسنة 1933 بتنظيم صناعة وتجارة الدخان المعدل بالقانون رقم 79 لسنة 1944.
2- المادة الغريبة المشار إليها فى الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من القانون رقم 74 لسنة 1933 هى كل مادة تضاف إلى الدخان قبل تجهيزه للاستعمال فى المصنع، ولا اعتداد بالباعث الذى يحمل المتهم على إيقاع هذا الخلط ما دام يعلم أن ما أضافه هو مادة أخرى. ومن ثم فإنه يعد من أعمال الخلط التى حرمها القانون رش الدخان بسائل يحتوى على الماء والعسل والنطرون ولو كان ذلك بقصد تحسينه وإرضاء العملاء.
3- ليس بلازم للحكم بأن مادة ما قد خلطت بالدخان، أن يكون الدليل عليها مستمدا حتما من نتيجة التحليل وإمكان عزلها وتحديد نسبتها، إذ أن التحليل جزء من أوجه البحث - فمتى اطمأنت المحكمة إلى الأدلة المستقاة من اعترافات بعض من سئلوا برش الدخان بسائل معين ومن ضبط هذا السائل وأداة استعماله، فإن ذلك يكون كافيا للاستدلال على وقوع الجريمة، ولا ينال من هذا النظر أن تكون المادة التى خلط بها الدخان قد تفاعلت مع بعض مكوناته أو أنها تشابهت مع البعض الآخر مما يصعب معه تحديد نسبتها.
4- متى كان الثابت من وقائع الدعوى ومما اطمأنت إليه المحكمة من الأدلة أن قدرا معينا من الدخان هو الذى تم خلطه دون سائر ما ضبط من الدخان، فإنه يتعين أن يقتصر الحكم بعقوبة المصادرة على هذه الكمية المخلوطة وحدها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من الطاعن وآخرين بأنهم: الأول - أحرز دخانا مغشوشا بمصنعه مع علمه بذلك. والثانى "الطاعن" والثالث - صنعا دخانا مغشوشا على الوجه المبين بتقرير مصلحة الكيمياء مع علمهما بذلك. وطلبت عقابهم بالمواد 1 و3 و4 و5 و6 من القانون رقم 74 لسنة 1933 والمادة الأولى من القانون رقم 79 لسنة 1944. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا ببراءة المتهمين الأول والثانى مما أسند إليهما وبانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم الثالث لوفاته. استأنفت النيابة هذا الحكم بالنسبة للمتهمين الأول والثانى المحكوم ببراءتهما. وأمام المحكمة الاستئنافية دفع الحاضر عن المتهمين بعدم جواز استئناف النيابة. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا برفض الدفع بعدم جواز الاستئناف المرفوع من النيابة وبقبوله شكلا وفى الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وتغريم كل من المتهمين عشرة جنيهات ومصادرة كمية الدخان المخلوط الموجود بالأربعة صناديق التى ضبطت بالغرفة التى يجهز بها دخان المضغة والتى زنتها 315 ك. فطعن الأستاذ المحامى والوكيل عن المحكوم عليه الثانى فى هذا الحكم بطريق النقض. فقضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى المحكمة الاستئنافية لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى. ومحكمة الإعادة قضت حضوريا برفض الدفع بعدم جواز استئناف النيابة وبقبول استئنافها شكلا. وفى الموضوع أولا - برفضه وتأييد الحكم المستأنف بالنسبة إلى المتهم الأول. ثانيا - وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة إلى المتهم الثانى "الطاعن" وبتغريمه ألف قرش ومصادرة الدخان المضبوط. فطعن الطاعن لثانى مرة فى هذا الحكم بطريق النقض. قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلا وبتحديد جلسة لنظر الموضوع.


المحكمة

حيث إن استئناف النيابة استوفى الشكل المقرر فى القانون.
وحيث إن واقعة الدعوى تخلص فى أن مفتش المباحث السرية بإدارة عموم الجمارك السيد/ ابراهيم نخله انتقل يوم 8/ 2/ 1954 وبصحبته معاون المباحث السيد/ جرجس عبد الملك ومفتش الإنتاج السيد/ حسن طلبه والمخبر محمد فؤاد هلال إلى مقر شركة السجاير توكوس للتحقق من بلاغ تلقاه موضوعه قيام هذه الشركة بخلط ورق دخان المضغة، فالتقوا بمدير المصنع خريستو يوانى كاسيمس فاتجه إلى الغرفة الخاصة بصناعة وتعبئة دخان المضغة فوجدوا بها أربعة صناديق كبيرة مملوءة بهذا الدخان وعرفوا منه أن هذه الكمية من الأدخنة قد تم إعدادها للبيع وأنها مرشوشة بسائل يحتوى على ماء وعسل اسود ومسحوق النطرون وارشدهم إلى المضخة التى تستعمل فى رش هذا الدخان ووجدوا بها كمية من ذلك السائل، فقام رجال الجمارك بأخذ عينات من صناديق الدخان الأربعة وعينات من السائل الذى بالمضخة وتبين أن الصناديق الأربعة تحتوى ما وزنه 315 كيلو جراما من الدخان المعسل، كما اخذت عينات من دخان آخر وجد بالمصنع ولم يجهز بعد. وحرر مفتش المباحث محضر ضبط. وأرسلت لمصحة الكيمياء عينات الدخان والسائل فتبين من تحليلها أن السائل يحتوى على مواد صلبة بنسبة 7.9% بالوزن وكربونات الصوديوم بنسبة 3.4% بالوزن وبيكربونات الصوديوم بنسبة 0.8% بالوزن ومواد سكرية بنسبة 0.3% كما أثبت تقرير التحليل أن رش الدخان بهذا السائل يجعله فى حكم الدخان المغشوش، وتبين من تقرير التحليل المؤرخ 8/ 11/ 1955 أن المواد الغريبة التى يطلب البحث عنها بالأدخنة المضبوطة نتيجة لرشها بالسائل سالف البيان يصعب تحديد نسبتها نتيجة لتفاعلها مع بعض مكونات الدخان أو لتشابهها مع البعض الآخر وخاصة إذا كانت نسب صغيرة كما يحدث عند الرش بمحلول مخفف لها، كما أثبت هذا التقرير تحت البند ثالثا أن رش الدخان بالسائل المشار إليه يجعله مخلوطا. وقد اعترف المتهم خريستو يوانى كاسيمس بوصفه مدير المصنع لمفتش المباحث عند ضبط الواقعة برش دخان المضغة بمحلول يحتوى على الماء والعسل والنطرون وتستعمل فى ذلك المضخة التى وجدت بغرفة التجهيز وبها السائل الذى أرسل لمصلحة الكيمياء وظهر أنه يحتوى على المواد السكرية وكربونات الصوديوم وبيكربونات الصوديوم مذابة فى الماء. وقد تولت النيابة العامة التحقيق ثم أقامت الدعوى الجنائية على المستأنف ضده وآخرين بتهمة صنع دخان مخلوط بإضافة مواد غريبة إليه مبينة بالمحضر بالمخالفة لأحكام المواد 1 و3 و4 و5 و6 من القانون رقم 74 سنة 1933 والمادة الأولى من القانون 79 لسنة 1944. وقضت محكمة أول درجة ببراءة المتهمين ومن بينهم المستأنف ضده فاستأنفت النيابة هذا الحكم.
وحيث إن رئيس قسم إعداد دخان قسم المضغة السيد/ عبد المنعم محمد فودة اعترف فى التحقيق بأن الدخان الذى بالصناديق الأربعة والذى بلغ وزنه 315 كيلو جراما تم إعداده وأنه رش بسائل يحتوى عسلا أسود ومسحوق النطرون وماء وأنه يقوم بهذه العملية لتحسين الصنف وأنه كان يجهل أن ذلك محظور وقد ذكر خريستو يوانى كاسيمس فى محضر الواقعة أن رئيس قسم المضغة يقوم بإضافة تلك المواد كى يرضى عملاءه بتحسين الصنف وأنه لو كان يعلم بأن هذه الإضافة مخالفة للقانون لمنعه من القيام بها.
وحيث إن ضبط المضخة المحتوية على السائل بغرفة التصنيع قد أقر به مدير المصنع ورئيس العمال وذكر أن هذا السائل قد رش به دخان المضغة المضبوط بالصناديق الأربعة، وعلل الدفاع عن المستأنف ضده هذا الخلط بأنه إنما حصل بقصد تحسين الصنف والتهيئة للاستعمال وحسن المذاق وأنه لم يقصد من إجراء هذه العملية الخلط أو الغش.
وحيث إن الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من القانون رقم 74 لسنة 1933 فى شأن تنظيم صناعة وتجارة الدخان تنص على أنه "يقصد بعبارة الدخان المخلوط الدخان الذى تخلط به أو تدس فيه مواد غريبة بأية نسبة كانت" وتنص المادة السادسة على عقاب كل صانع أو تاجر أو صاحب حانوت أو مخزن يحرز دخانا مغشوشا أو مخلوطا بالحبس لمدة لا تزيد على شهر وبغرامة لا تتجاوز عشرة جنيهات أو بإحداهما فضلا عن الحكم بمصادرة الدخان موضوع الجريمة. وتنص المادة 6 مكررا المضافة بالقانون رقم 79 لسنة 1944 على أنه "يجوز التصريح بإجراء خلط الدخان بموجب قرارات وزارية تحدد الشروط التى بها تصبح حيازة هذا المخلوط جائزة قانونا" كما تنص المادة التاسعة على أن لوزير المالية أن يصدر القرارات التى تلزم لتنفيذ هذا القانون، وقد صدر قرار وزير المالية رقم 91 لسنة 1933 تنفيذا للقانونين 72 و74 لسنة 1933 الذى عدل بعد ذلك بالقرارين 50 لسنة 1937 و138 لسنة 1941 ورخص بخلط الدخان المعسل للشيشة والدخان المفروم للغليون ودخان العطوس "النشوق" والدخان المفروم للسجاير ببعض المواد الأخرى وبنسب معينة.
وحيث إن قرارا ما لم يتناول اجازة إضافة مادة إلى دخان المضغة، ومن ثم فالأمر بشأنها يظل خاضعا لحكم المادتين الأولى والسادسة من القانون رقم 74 لسنة 1933 المعدل بالقانون 79 لسنة 1944.
وحيث إن المادة الغريبة المشار إليها فى الفقرة الأخيرة من نص المادة الأولى من القانون رقم 74 لسنة 1933 هى كل مادة تضاف إلى الدخان قبل تجهيزه للاستعمال فى المصنع، ولا اعتداد بالباعث الذى يحمل المتهم على إيقاع هذا الخلط ما دام يعلم أن ما أضافه للدخان هو مادة أخرى غريبة عنه، ومن ثم تكون الواقعة مما يعد من أعمال الخلط التى حرمها القانون.
وحيث إنه ثبت مما قرره المشرف على قسم دخان المضغة عبد المنعم محمد فودة أنه قام برش الدخان بمحلول من الماء والعسل والنطرون وثبت من أقوال مفتش المباحث فى التحقيق أنه ضبط الدخان مرشوشا بهذا السائل وأنه تذوق طعم العسل عند مذاقه للدخان ومما شهد به محمود محمد محمود مدير المعمل الكيمائى أمام هذه المحكمة من أن عينات الدخان كانت مرشوشة بالسائل المضبوط والمفروض أن يكون الدخان صرفا، كما أن إقرار المستأنف ضده على الصورة الثابتة فى التحقيق يفيد علمه بعملية رش الدخان بالسائل المضبوط فهو ضالع فى هذه العملية. أما دفاعه الذى أبداه بعد ذلك من أنه لا يعرف أن الدخان الموجود بغرفة دخان المضغة قد رش بالسائل إذ المسئول عن تجهيز هذا الدخان هو رئيس قسم أدخنة المضغة - هذا الدفاع مردود فضلا عن إقراره فى صدر التحقيق على ما تقدم بيانه، بأنه هو الذى يشرف على إدارة المصنع وأن غرفة مكتبه من التحقيق - تقع إلى جانب الغرفة التى بوشرت فيها عملية الخلط وأنه يستطيع الإشراف من غرفته على عمال المصنع الذين يعملون فى تجهيز دخان المضغة.
وحيث إن المحكمة تطمئن إلى أن عملية رش دخان المضغة بالمحلول الذى ضبطت بقاياه بالمضخة التى وجدت بقاعة تصنيع المضغة والتى وجد بها أربعة صناديق من هذا الدخان المعد للبيع بعد تجهيزه ورشه بالسائل أن هذه العملية إنما كانت تجرى بإرادة المستأنف ضده وعلمه وقد أقر بأن تلك المضخة معدة للاستعمال بالمصنع.
وحيث إن الأدلة السالف ذكرها تؤكد أن المستأنف ضده ضالع فى عملية الخلط المحرمة وهو صاحب المصلحة فى إجراء هذه العملية وتصنيع دخان المضغة على هذه الصورة التى تبينت للمحكمة من التحقيقات، ولا ينال من هذا النظر أن تكون المادة التى خلط بها الدخان قد تفاعلت مع بعض مكونات الدخان وأنها متشابهة مع البعض الآخر مما يصعب معه تحديد نسبتها، ذلك أنه ليس بلازم للحكم بأن مادة ما قد خلطت، أن يكون الدليل عليها مستمدا حتما من نتيجة التحليل وإمكان عزلها وتحديد نسبتها لأن التحليل جزء من أوجه البحث وقد اطمأنت المحكمة إلى الأدلة التى سبق سردها بأن الدخان الذى كانت تحتويه الأربعة الصناديق قد خلط بمادة غريبة وأن هذا الخلط قد وقع بعلم المستأنف ضده وبإرادته.
وحيث إنه متى كان ما تقدم فإن الحكم الصادر من محكمة أول درجة ببراءة خريستو يوانى كاسيمس يكون غير سليم ويتعين لذلك إلغاؤه وأخذه بحكم المواد 1 و3 و4 و5 و6 من القانون رقم 74 لسنة 1933 والمادة الأولى من القانون رقم 79 لسنة 1944 والقضاء بإدانته وذلك بإجماع الآراء.
وحيث إنه بالنسبة للمصادرة فإن المحكمة ترى استنادا إلى وقائع الدعوى وما اطمأنت إليه من أدلة بيانها أن الدخان الذى كان مودعا بالصناديق الأربعة والبالغ زنته 315 كيلو جراما هو الذى بوشر خلطه فقد وجد مرشوشا بالسائل بوساطة مضخة فى نفس الحجرة وبها بقايا من محلول النطرون والعسل الذى استخدم فى الرش، ولإقرار محمد عبد المنعم فودة رئيس قسم دخان المضغة بأن هذا الدخان قد رش فعلا بهذا المحلول وأيده فى ذلك المستأنف ضده، يضاف إلى ذلك ما ظهر لمدير إدارة المباحث عند معاينته الصناديق الأربعة المذكورة من أن الدخان الذى تحتويه كان مذاقه ينم على أنه مخلوط بنطرون وعسل، كل أولئك قاطع فى أن هذا القدر من الدخان هو الذى تم خلطه دون سائر ما ضبط، ومتى تقرر ذلك فإن المحكمة ترى أن يقتصر الحكم بعقوبة المصادرة على هذه الكمية وحدها.