أحكام النقض - المكتب الفني- جنائى
العدد الثانى - السنة 13 - صـ 280

جلسة 2 من ابريل سنة 1962

برياسة السيد/ محمود ابراهيم اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد السلام، وعبد الحليم البيطاش، وأديب نصر، ومختار مصطفى رضوان.

(70)
الطعن رقم 1014 لسنة 31 القضائية

إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه". مواد مخدرة.
(أ) الحكم ببراءة المتهم تأسيسا على مجرد وجود خلاف ظاهرى بين وصف الحرز ووزنه الذى أرسلته النيابة إلى الطبيب الشرعى والحرز الموصوف بتقرير التحليل. ذلك قصور وفساد فى الاستدلال. واجب المحكمة. أن تجرى تحقيقا تستجلى به حقيقة الأمر.
(ب) مواد مخدرة. إحرازها. توافر الجريمة مهما كان المقدار ضئيلا. متى كان لها كيان مادى محسوس أمكن تقديره.
وجود آثار للمخدر بجيب جلباب المتهم. ذلك يكفى للدلالة على الإحراز.
1- إذا كان الحكم المطعون فيه قد قضى ببراءة المتهم تأسيسا على أن ثمة اختلافا فى الوصف وفروقا فى الوزن، مقدرة بالجرامات، بين حرز المواد المخدرة الذى أرسلته النيابة إلى الطبيب الشرعى لتحليل محتوياته والحرز الموصوف بتقرير التحليل - فإن ما ذكره الحكم من ذلك لا يكفى فى جملته لأن يستخلص منه أن هذا الحرز غير ذاك، إذ أن هذا الخلاف الظاهرى فى وصف الحرزين ووزنهما إنما كان يقتضى تحقيقا من جانب المحكمة تستجلى به حقيقة الأمر، ما دام الثابت أن كلا منهما كان يحتوى على قطع ثلاث من المادة المضبوطة ولم يكن هناك ما يدل على أن الحرز قد تغير أو امتدت إليه يد العبث - ومن ثم فإن الحكم يكون معيبا بالقصور وفساد الاستدلال متعينا نقضه.
2- متى كان الثابت من الحكم أنه ظهر من تقرير التحليل أن الآثار التى وجدت بجلباب المتهم من مادة ثبت من التحليل أنها "حشيش"، فإن هذه الآثار - ولو كانت دون الوزن - كافية للدلالة على أن المتهم كان يحرز المخدر، ذلك أن القانون لم يعين حدا أدنى للكمية المحرزة فى المادة المخدرة، والعقاب واجب حتما مهما كان المقدار ضئيلا متى كان لها كيان مادى محسوس أمكن تقديره.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من الطاعن وآخر بأنهما فى يوم 9/ 11/ 1957 بدائرة مركز أشمون مديرية المنوفية: حازا جواهر مخدرة (حشيشا) فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 1 و2 و33/ 1جـ و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبند 12 من الجدول 1 المرافق. فقررت الغرفة ذلك. ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت حضوريا بتاريخ 26 سبتمبر سنة 1960. أولا - بانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم أحمد محمد ريان لوفاته. وثانيا - ببراءة المتهم مختار أحمد محمد ريان "المطعون ضده" مما أسند إليه. وثالثا - بمصادرة المخدر. فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض ... الخ.


المحكمة

... وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور والفساد فى التدليل إذ قضى ببراءة المطعون ضده تأسيسا على أن الحرز الذى أرسل إلى مصلحة الطب الشرعى للتحليل وثبت أنه يحوى حشيشا ليس هو الحرز الخاص بهذه الدعوى لوجود خلاف فى وصف ووزن كل من الحرزين كما أن الآثار التى وجدت بجلباب المتهم وثبت أنها حشيش هى دون الوزن.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى قال إن الثابت من الأوراق أن الحرز الذى أرسته النيابة إلى المعمل الكيماوى قد احتوى قطعا ثلاث من المادة المضبوطة مع المتهم وضعت داخل علبه دواء ختم عليها بخاتم وكيل النيابة وأنه ثبت من تقرير المعمل الكيمائى أن هذا الحرز وجد بداخل علبة كرتون بداخلها ثلاث قطع ثبت أنها حشيش كما أشار الحكم إلى وجود خلاف فى وزن الحرزين بالجرامات ثم أورد دفاع المطعون ضده المؤسس على أن المادة التى ثبت انها حشيش ليست هى التى ضبطت مع المتهم وأضاف أنه إزاء هذا الخلاف لا يكون هناك من دليل على أن المادة المضبوطة مع المتهم حشيش أو مخدر من نوع آخر وأنه عن الآثار التى وجدت بجلبابه فإنه وإن ثبت أنها حشيش فإنها دون الوزن وترتيبا على ذلك تكون التهمة على غير أساس.
وحيث إنه لما كان الثابت من الحكم أنه لا خلاف فى أن كلا من الحرزين كان يحتوى على قطع ثلاث من المادة المضبوطة وكان ليس هناك ما يدل على أن الحرز قد تغير أو امتدت إليه يد العبث فإن ما ذكره الحكم لا يكفى فى جملته لأن يستخلص منه أن حرز العينة التى أخذت ليس هو بعينه الحرز الذى أرسل لمصلحة الطب الشرعى لتحليل محتوياته لأن هذا الخلاف الظاهرى فى وصف الحرز ووزنه كان يقتضى تحقيقا من جانب المحكمة تستجلى به حقيقة الأمر. لما كان ذلك، وكان القانون لم يعين حد أدنى للكمية المحرزة من المادة المخدرة فإن العقاب واجب حتما مهما كان المقدار ضئيلا متى كان لها كيان مادى محسوس أمكن تقديره. واذن فمتى كان الثابت من الحكم أنه ظهر من تقرير المعمل الكيمائى أن الاثار التى وجدت بجلباب المتهم من مادة ثبت من التحليل أنها حشيش فان هذه الأثار ولو كانت دون الوزن كافية للدلالة على أن المتهم كان يحرز المخدر وإذ قضى الحكم ببراءة الطاعن فانه يكون معيبا بما يستوجب نقضه وإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة لتفصل فيها مجددا دائرة أخرى.