أحكام النقض - المكتب الفني- جنائى
العدد الثانى - السنة 13 - صـ 295

جلسة 2 من أبريل سنة 1962

برياسة السيد المستشار السيد أحمد عفيفى، وبحضور السادة المستشارين: عادل يونس، وتوفيق أحمد الخشن، ومحمود اسماعيل، وحسين صفوت السركى.

(75)
الطعن رقم 1741 لسنة 31 القضائية

تعد. قصد جنائى.
التعدى على موظف عام. جريمته نوعان.
النوع الأول: جنحة المواد 133 و136 و137 عقوبات.
النوع الثانى: جناية المادة 109 عقوبات.
أركانهما. ما يجمعهما، وما يفصل بينهما.
يجمعها: الركن المادى. ويفصل بينهما: الركن الأدبى.
القصد الجنائى العام. هو إدراك الجانى لما يفعل وعلمه بشروط الجريمة. يكفى لتوفر الركن الأدبى فى جرائم النوع الأول. الباعث: لا إعتداد به.
جرائم النوع الثانى: لا يكفى فيها القصد الجنائى العام. يجب توفر نية خاصة أيضا لدى الجانى: هو انتواء الحصول من الموظف المعتدى عليه نتيجة معينة تتعلق بعمله.
من المقرر أن جنح التعدى على الموظفين المنصوص عليها فى المواد 133 و136 و137 عقوبات والجناية المنصوص عليها فى المادة 109 من هذا القانون يجمعهما ركن مادى واحد ويفصل بينهما الركن الأدبى. فبينما يكفى لتوفر الركن الأدبى فى الجرائم التى من النوع الأول قيام القصد الجنائى العام وهو إدراك الجانى لما يفعل وعلمه بشروط الجريمة دون اعتداد بالباعث فإنه لا يتحقق فى المادة 109 إلا إذا توفرت لدى الجانى نية خاصة بالإضافة إلى القصد الجنائى العام تتمثل فى انتوائه الحصول من الموظف المعتدى عليه نتيجة معينة هى أن يؤدى عملا لا يحل له أن يؤديه أو أن يستجيب لرغبة المعتدى فيمتنع عن أداء عمل كلف بأدائه. وهذه النية هى قوام القصد الجنائى فى المادة 109 وهى وحدها التى تفرق بين هذه الجريمة وبين الجرائم سالفة الذكر التى سلكها القانون فى عداد الجنح. فإذا انهارت النية الخاصة كما يتطلبها القانون فإن الجناية تنحل إلى جنحة تعدى متى توفرت مقوماتها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم فى يوم 13 ديسمبر سنة 1958 بدائرة قسم الأزبكية محافظة القاهرة: 1- استعملوا القوة والعنف فى حق موظفين عموميين ليحصلوا على اجتنابهما أداء عمل من الأعمال المكلفين بها وذلك بأن اعتدوا على اليوزباشى زكريا أحمد مختار معاون مباحث قسم الأزبكية والبوليس الملكى فرحات أحمد عبد المقصود وأحدثوا بالأخير الإصابات المبينة بالتقرير الطبى وذلك بقصد تمكين شقيق المتهم الأول (الطاعن) من الفرار بعد أن تم ضبطه محرزا مواد مخدرة وتمكنوا بذلك من إفلات المتهم المذكور. 2- مكنوا على عبد العليم المقبوض عليه قانونا فى إحراز مواد مخدرة من الهرب وساعدوه على ذلك باعتدائهم على رجلى البوليس على الوجه سالف البيان. وأحالت نيابة أمن الدولة الدعوى إلى محكمة جنايات القاهرة بالقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. فقضت تلك المحكمة حضوريا بتاريخ 25 أكتوبر سنة 1960 عملا بالمواد 133 و136 و137 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32 منه بالنسبة إلى المتهم الأول (الطاعن) بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة ثلاثة شهور وببراءة كل من المتهمين الآخرين مما أسند إليهما. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض .. إلخ.


المحكمة

... حيث إن مبنى الطعن هو التناقض والفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب - وفى بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم ذكر فى مستهل أسبابه أن المحكمة لا تطمئن إلى ما ورد بأقوال الشهود عما أسند إلى الطاعن والمتهمين الآخرين الذين كانوا معه وأن الاتهام الموجه إليهم قائم على غير أساس وبذلك تسقط التهمة الثانية المنسوبة إليهم وينهار الركن المعنوى للجريمة الأولى ولكنها انتهت مع ذلك إلى إدانته بالتعدى على موظف عمومى طبقا للمواد 133 و136 و137 عقوبات - رغم ما هو ظاهر من أن العناصر الأساسية المكونة للجريمة الأولى التى لم تطمئن المحكمة إلى قيامها هى بعينها العناصر المكونة للجريمة التى دين الطاعن بها . ويضيف الطاعن أن الحكم ساق أدلة تنفى التصوير الذى أدلى به الشهود فى التحقيقات عن ضبط كيس النقود مع على عبد الحليم وخلص إلى أن هذه الواقعة محوطة بالشكوك مما ينتفى به بداهة الباعث الذى يحمل الطاعن على التماسك بضابط المباحث بدعوى محاولة استخلاص هذا الكيس منه. هذا إلى أن الحكم أسند الخطأ إلى الطاعن أنه تعدى بالسب على ضابط المباحث عقب تفتيشه لمحل أخيه مع أن الثابت من التحقيقات أن عبارة السب وردت فى حديث موجه من الطاعن إلى المتهم الثانى يدعوه فيه إلى استخلاص الكيس من يد الضابط فإذا كانت المحكمة قد نفت واقعة ضبط الكيس فقد انتفى تبعا لذلك السبب فى صدور عبارات السب من الطاعن.
وحيث إن الدعوى رفعت على الطاعن وآخرين لأنهم. أولا - استعملوا القوة والعنف مع موظفين عموميين ليحصلوا على اجتنابهما أداء عمل من الأعمال المكلفين بها وذلك بأن اعتدوا على اليوزباشى زكريا أحمد مختار معاون مباحث قسم الأزبكية والبوليس الملكى فرحات أحمد عبد المقصود وأحدثوا بالأخير الإصابات المبينة بالتقرير الطبى وذلك بقصد تمكين شقيق المتهم الأول "الطاعن" من الفرار بعد أن تم ضبطه محرزا مواد مخدرة وتمكنوا بذلك من إفلات المتهم المذكور. ثانيا - مكنوا على عبد العليم المقبوض عليه قانونا لاتهامه فى إحراز مواد مخدرة من الهرب وساعدوه على ذلك باعتدائهم على رجلى البوليس على الوجه سالف الذكر. وبعد أن نظر الدعوى انتهت المحكمة إلى القول "ومن حيث إنه من أجل ذلك جميعه ترى المحكمة أن تكييف النيابة لما وقع من المتهمين غير قائم على أساس من الوقائع الثابتة فى الدعوى ولا على أساس من القانون وأن الوصف الصحيح لما نسبته إليهم من أفعال هو جنحة إهانة بالقول وتعد أثناء تأدية الوظيفة منطبقة على المواد 133 و136 و137 من قانون العقوبات ".ودانت الطاعن على هذا الأساس بعد أن طبقت المادة 17 من قانون العقوبات وقالت فى تبرير ذلك "إذ أنه يجب لتحقيق تلك الجريمة - الجريمة الأولى التى رفعت عنها الدعوى - أن يكون القصد من استعمال القوة والعنف على الموظف هو الحصول على اجتنابه أداء عمل من الأعمال المكلف بها. والظاهر من مناقشة ضابط المباحث ومرافقيه بالجلسة ومن أقوالهم بالتحقيقات أن شيئا من ذلك لم يكن يقصد إليه أى واحد من المتهمين بل كان قصدهم من التعدى كما ذكر ضابط المباحث نفسه هو إظهار قوتهم أمام سكان الحى أما ما استطرد إليه الضابط من القول فى بعض أقواله فى تحقيق نيابة شمال القاهرة من أن قصد المتهمين كان تمكين على عبد العليم من الهرب بعد القبض عليه فقول لا يستند إلى أساس من وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها ويتنافى مع ما قرره هذا الضابط نفسه فى تحقيق النيابة الأول وما شهد به بالجلسة وما أجمع عليه المخبرون المرافقون له من أن أحدا لم يساعد ذلك المتهم على الهرب ولا حاول أحد ذلك ولا فكر هو نفسه فى الفرار فى أى وقت من الأوقات بل ظل فى مكانه لا يبرحه حتى اقتيد إلى قسم الأزبكية .." لما كان ذلك، وكان يبين مما سبق أن المحكمة وإن سلمت بوقوع تعد على الضابط والمخبر إلا أنها رأت فى حدود سلطتها التقديرية وبأسباب سائغة أن الطاعن لم يقصد من هذا التعدى إلا مجرد استعراض قوته لدى أهل الحى وليس إلى تخليص متهم مقبوض عليه قطع الحكم بأنه لم يحاول الهرب وليس فيما ذهب إليه الحكم من ذلك أى تعارض. ذلك بأنه من المقرر أن جنح التعدى على الموظفين المنصوص عليها فى المواد 133 و136 و137 من قانون العقوبات والجناية المنصوص عليها فى المادة 109 من هذا القانون يجمعها ركن مادى واحد ويفصل بينها الركن الأدبى فبينما يكفى لتوفر الركن الأدبى فى الجرائم التى من النوع الأول قيام القصد الجنائى العام وهو إدراك الجانى لما يفعل وعلمه بشروط الجريمة دون اعتداد بالباعث فإنه لا يتحقق فى المادة 109 إلا إذا توفرت لدى الجناية نية خاصة بالإضافة إلى القصد الجنائى العام تتمثل فى انتوائه الحصول من الموظف المعتدى عليه على نتيجة معينة هى أن يؤدى عملا لا يحل له أن يؤديه أو أن يستجيب لرغبة المعتدى فيمتنع عن أداء عمل كلف بأدائه وهذه النية هى قوام القصد الجنائى فى المادة 109 وهى وحدها التى تفرق بين هذه الجريمة وبين الجرائم سالفة الذكر التى سلكها القانون فى عداد الجنح، لما كان ما تقدم فإن إنهيار النية الخاصة كما يتطلبها القانون تنحل به الجناية إلى جنحة تعد متى توفرت مقوماتها وهو ما فعله الحكم بحق - لما كان كل ذلك، وكان ما يثيره الطاعن للتدليل على انتفاء التعدى بانتفاء سببه إنما هو محاولة للجدل فى موضوع الدعوى وأدلتها مما لا تقبل منه أمام هذه المحكمة، وكان ما أورده الحكم على ثبوت واقعة الاعتداء بالسب على الضابط له سنده من أقوال الشهود فلا خطأ كالذي يدعيه الطاعن فضلا عن أن الحكم طبق المادة 32 من قانون العقوبات وأنزل به العقوبة الأشد وهى المقررة للمادة 137 سالفة الذكر لتعديه بالضرب على البوليس السرى فرحات أحمد عبد المقصود وإحداث إصابة به ومن ثم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.