أحكام النقض - المكتب الفني- جنائى
العدد الثانى - السنة 13 - صـ 332

جلسة 10 من أبريل سنة 1962

برياسة السيد المستشار السيد أحمد عفيفى، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد السلام، وعبد الحليم البيطاش، وأديب نصر، ومختار رضوان.

(83)
الطعن رقم 1677 لسنة 31 القضائية

مسئولية جنائية. دفاع. إثبات "خبرة. اعتراف". حكم "ما لا يعيبه".
(أ) مسئولية جنائية. الإعفاء منها. تقدير حالة المتهم العقلية أمر يتعلق بوقائع الدعوى. يفصل فيه قاضى الموضوع دون معقب عليه فى ذلك. طالما أنه يقيمه على أسباب سائغة.
(ب) طلب ندب خبير. لابداء الرأى فى حالة المتهم العقلية. لا تلزم المحكمة بإجابة هذا الدفاع. ما دامت قد رأت أنها فى غير حاجة للاستعانة برأية. وكانت قد تبينت حالة المتهم من عناصر الدعوى وما بوشر فيها من تحقيق.
(ج) الاعتراف. لا يلزم أن يكون صريحا. يكفى أن تحمل أقوال المتهم معنى الاعتراف. تأويل محكمة الموضوع تلك الأقوال بما تؤدى إليه من معنى التسليم بوقوع الجريمة. وصفها هذه الأقوال بأنها اعتراف. ذلك فهم صحيح للواقع. لا تثريب.
1- تقدير حالة المتهم العقلية التى يترتب عليها الإعفاء من المسئولية الجنائية أمر يتعلق بوقائع الدعوى يفصل فيه قاضى الموضوع بما لا معقب عليه طالما أنه يقيمه على أسباب سائغة. فإذا كانت المحكمة قد ردت على عدم مسئولية الطاعن، استنادا إلى الشهادة الطبية المقدمة منه، بأنها لا تطمئن إلى صحتها لما استبان لها من تصرفات المتهم ومسلكه فى أدوار التحقيق وطريقه تأويله لأقواله فيه من أنه كان متمتعا بقواه العقلية فى وقت ارتكاب الحادث وخلصت من ذلك إلى مسئوليته عن الفعل الذى وقع منه فإنه لا يصح مجادلتها فى ذلك.
2- ليست المحكمة ملزمة بإجابة الدفاع إلى طلبه ندب خبير لإبداء الرأى فى حالة المتهم العقلية ما دامت قد رأت أنها فى غير حاجة للاستعانة برأيه فى أمر تبينته من عناصر الدعوى وما بوشر فيها من تحقيقات.
3- إنه وإن كانت أقوال المتهم (الطاعن) فى محضر ضبط الواقعة لا تتفق وما وصفت به فى الحكم المطعون فيه من أنها اعتراف صريح بصحة ارتكابه جريمة الشروع فى هتك العرض المسندة إليه إلا أنه متى كان الحكم قد أول إجابات المتهم بما تؤدى إليه من معنى التسليم بوقوع الفعل المسند إليه فإنه يكون سليما فى نتيجته ومبنيا على فهم صحيح للواقع . ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من مخالفته الثابت بالأوراق يكون على غير أساس.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 12 أغسطس سنة 1959 بدائرة قسم العطارين محافظة الإسكندرية: شرع فى هتك عرض .... بالقوة والتهديد بأن حاول نزع ملابسه عنوة وكم فمه وشد على عنقه بيديه وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مقاومة المجنى عليه واستغاثته ومداركة المارة له حالة كون عمر المجنى عليه لم يبلغ ست عشرة سنة كاملة. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 45 و46 و268/ 1 - 2 من قانون العقوبات. فقررت الغرفة ذلك. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضوريا بتاريخ 13 أكتوبر سنة 1960 عملا بالمادة 268/ 1 - 2 من قانون العقوبات بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ... الخ.


المحكمة

... حيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن أن الحكم المطعون فيه قد انطوى على اخلال بحق الدفاع وشابه قصور فى التسبيب - ذلك أن المدافع عن الطاعن دفع بانعدام مسئوليته الجنائية بمرض عقلى هو انفصام فى الشخصية. وقدم للمحكمة شهادة من الطبيب المعالج تفيد أن حالة المتهم المرضية تجعله فى بعض الأحيان غير مسئول عن تصرفاته فأطرح الحكم هذه الشهادة كما أنه لم يجب ما طلبه الدفاع من عرض المتهم على الطبيب الشرعى ورد على ذلك ردا قاصرا.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه تناول دفاع الطاعن فى هذا الوجه ورد على ما دفع به خاصا بحالته العقلية التى دلل عليها بالشهادة الطبية المقدمة منه بقوله "وحيث إن المحكمة لا تطمئن إلى صحة ما ورد بالشهادة الطبية المذكورة إذ أنه فضلا عن أن ... فإن تصرفات المتهم فى جميع مراحل التحقيق تنم عن إدراكه التام لكل ما يبديه من أقوال وما يأتيه من أفعال ولعل دفاعه عن نفسه وتأويله لما نسب إليه من إعتراف فى محضر ضبط الواقعة خير دليل على ذلك". لما كان ذلك، وكان تقدير حالة المتهم العقلية التى يترتب عليها الإعفاء من المسئولية الجنائية أمر يتعلق بوقائع الدعوى يفصل فيه قاضى الموضوع بما لا معقب عليه طالما أنه يقيمه على أسباب سائغة وكانت المحكمة قد ردت على عدم مسئولية الطاعن استنادا إلى الشهادة بأنها لا تطمئن إلى صحتها لما استبانته من تصرفات المتهم ومسلكه فى أدوار التحقيق وطريقة تأويله لأقواله فيه من أنه كان متمتعا بقواه العقلية فى وقت ارتكاب جريمته وخلصت من ذلك إلى مسئوليته عن الفعل الذى وقع منه فانه لا يصح مجادلتها فى هذا الأمر - لما كان ذلك، وكانت المحكمة غير ملزمة باجابة الدفاع إلى ما طلبه من ندب خبير لابداء الرأى فى حالة المتهم العقلية ما دامت قد رأت أنها فى غير حاجة للاستعانة برأيه فى أمر تبينته من عناصر الدعوى وما بوشر فيها من تحقيقات ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الوجه لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجه الثانى هو مخالفة الثابت فى الأوراق فقد نسبت المحكمة إلى الطاعن أنه اعترف فى محضر ضبط الواقعة اعترافا صريحا بصحة ما أسند إليه فى حين أن أقوال الطاعن خلت من هذا الاعتراف الصريح.
وحيث إنه يبين من المفردات التى أمرت المحكمة بضمها تحقيقا لوجه الطعن أنه وإن كانت أقوال الطاعن فى محضر ضبط الواقعة لا تتفق وما وصفت به فى الحكم من أنها اعتراف صريح بصحة ما أسند إليه إلا أنها تحمل هذا المعنى فقد سئل المتهم عن سبب توجهه لمكان الحادث فأجاب "أنا اللى أخذته هناك ومعلش أنا غلطان وأنا عندى طوفة ومستعد أعتذر له وخلاص" وسئل إن كان قد راود المجنى عليه عن نفسه فأجاب "أنا كنت أهزر معاه وهو زعل" ثم سئل عما إذا كان قد اتفق مع المجنى عليه على ارتكاب الفحشاء فأجاب "لا. وأنا تبت ودى آخر مرة". ولما كان الحكم قد أول هذه الاجابات مما تؤدى إليه من معنى التسليم بوقوع الفعل المسند إلى الطاعن وكان الحكم قد بنى على فهم صحيح للواقع فانه يكون سليما فى نتيجته - لما كان ما تقدم فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.