أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثانى - السنة 13 - صـ 404

جلسة 23 من أبريل سنة 1962

برياسة السيد المستشار السيد أحمد عفيفى، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد السلام، وعبد الحليم البيطاش، وأديب نصر، ومختار رضوان.

(101)
الطعن رقم 1800 لسنة 31 القضائية

عقوبة. ارتباط. تعدي. إثبات "بوجه عام". نقض "ما لا يجوز الطعن فيه".
(أ) عقوبة واحدة. للارتباط. شروط المادة 32 عقوبات. توفرها أو عدم توفرها يدخل فى سلطة قاضى الموضوع: ما دام استخلاصه سائغا.
(ب) التعدى. على موظف. أثناء تنفيذه أمرا صادرا إليه من رئيسه. مما هو مكلف بأدائه. هذا مما يدخل فى أعمال وظيفته. المادة 109 عقوبات. مثال.
ما يدخل فى أعمال الوظيفة: كل عمل يرد عليه تكليف صحيح صادر من الرؤساء ولو كان بأمر شفوى.
(ج) أدلة الإثبات. سلطة محكمة الموضوع فى تقديرها. الأخذ بما ترتاح إليه منها. المجادلة فى ذلك، أمام محكمة النقض. لا محل لها.
1- لقاضى الموضوع سلطة تقرير توافر شروط تطبيق المادة 32 عقوبات أو عدم توافرها ما دام استخلاصه سائغا. فإذا كان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما يفيد استقلال كل جريمة من الجريمتين المسندتين إلى الطاعنين الأول والثانى عن الأخرى، وكان الطاعنان المذكوران لم يدفعا أمام المحكمة بقيام الارتباط بين الجريمتين المسندتين إليهما فإن النعى على الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون يكون على غير أساس.
2- لما كان الحكم المطعون فيه قد أوضح أن الخفير المجنى عليه إنما تلقى أمرا من رئيسه المباشر "وكيل شيخ الخفراء" بالقبض على أحد المتهمين بناء على أمر صادر من العمدة باحضاره لاتهامه فى جنحة ضرب، وأن تعدى الطاعنين عليه كان لمنعه من تنفيذ الأمر المكلف بأدائه وهو ما يدخل فى أعمال وظيفته، وكان من القرار أنه يدخل فى أعمال الوظيفة فى هذا الخصوص كل عمل يرد عليه تكليف صحيح صادر من الرؤساء ولو كان بأمر شفوى، وكان الطاعنون لا ينازعون فى وقوع التعدى على هذه الصورة وفى تلك الظروف فإن ما ينعونه على الحكم من قالة الخطأ فى تطبيق القانون لتخلف شروط المادة 109 عقوبات يكون غير سليم.
3- لمحكمة الموضوع سلطة تقدير الأدلة والأخذ بما ترتاح إليه منها. فإذا كان مبنى الوجه الثالث من الطعن هو القصور فى التسبيب إذ لم يرد الحكم المطعون فيه على ما أثاره الدفاع من عدم وجود أثر مادى بالخفير المجنى عليه مما يكذب زعمه من حصول اعتداء عليه من الطاعنين، فإن ذلك يعد من قبيل الجدل الموضوعى الذى لا محل لإثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من الطاعنين وآخرين بأنهم فى يوم 9 أغسطس سنة 1957 بدائرة مركز قنا مديرية قنا: المتهمون الأول والثانى والثالث (الطاعنون) - استعملوا القوة والعنف فى حق الخفير النظامى أبو الوفا جاد الكريم ليحصلوا على اجتنابه أداء عمل من الأعمال المكلف بها وذلك بأن أمسكوا به واعتدوا عليه لإفلات المتهم الخامس من قبضته ليحولوا بينه وبين الذهاب به إلى دوار العمدة كأمر وكيل شيخ الخفراء له الذى ضبطه وقام بتسليمه إليه لهذا الغرض وتمكنوا بذلك من إفلات المتهم المذكور. المتهمان الأول والثانى أيضا - ضربا أبو المجد أحمد محمد فأحدثا به اصابتى الرأس والذقن المبينتين بتقرير السيد الطبيب الشرعى ولم يقصدا من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته ... الخ وأحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 109 و236 من قانون العقوبات للأول و109 و236 و136 و137/ 1 من القانون نفسه للثانى و109 من قانون العقوبات للثالث و242/ 1 من القانون المذكور للرابع والخامس والسادس. ومحكمة جنايات قنا قضت حضوريا بتاريخ 8 ديسمبر سنة 1960 عملا بالمواد 103 و104 و109 و111 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهمين الثلاثة الأول والمادة 236 من القانون المذكور للمتهمين الأول والثانى مع تطبيق المادة 17 من القانون نفسه للمتهمين الثلاثة والمادة 242/ 1 من قانون العقوبات بالنسبة لباقى المتهمين بمعاقبة كل من الطاعنين بالسجن ثلاثة سنوات عن التهمة الأولى وبمعاقبة كل من هندى محمود جاد الله ويوسف محمد أحمد جاد الله "الطاعن الأول والثانى" بالسجن ثلاث سنوات عن التهمة الثانية وغيابيا للمتهم الرابع والسادس حضوريا للخامس بتغريم كل منهم مبلغ 200 قرش. فطعن المحكوم عليهم الثلاثة الأول فى هذا الحكم بطريق النقض ... الخ.


المحكمة

... حيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو الخطأ فى تطبيق القانون، ذلك أن الحكم المطعون فيه قضى بعقوبتين مستقلتين عن كل من التهمتين المسندتين إلى الطاعنين الأول والثانى بالرغم من قيام الارتباط بينهما مما كان يتعين معه توقيع عقوبة واحدة إعمالا لنص المادة 32 من قانون العقوبات.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما يفيد استقلال كل جريمة من الجريمتين المسندتين إلى الطاعنين الأول والثانى عن الأخرى، وكان تقدير توافر الشروط المقررة فى المادة 32 من قانون العقوبات أو عدم توافرها أمرا داخلا فى سلطة قاضى الموضوع له أن يقرر فيه ما يراه ما دام استخلاصه سائغا، وكان الطاعنون لم يدفعوا أمام المحكمة بقيام الارتباط بين الجريمتين، فإن هذا الوجه من النعى يكون على غير أساس.
وحيث إن محصل الوجه الثانى من الطعن هو الخطأ فى القانون أيضا إذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى إدانة الطاعنين عن تعديهم على الخفير بقصد إفلات المتهم الخامس من قبضته مع أن القبض عليه لم يكن مشروعا لإنتفاء ما يبرره قانونا. فتخلف بذلك شرط تطبيق المادة 109 من قانون العقوبات.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أوضح أن الخفير المجنى عليه إنما تلقى أمرا من رئيسه المباشر "وكيل شيخ الخفراء" بالقبض على المتهم الخامس بناء على أمر صادر من العمدة بإحضاره لاتهامه فى جنحة ضرب، وأن تعدى الطاعنين عليه كان لمنعه من تنفيذ الأمر المكلف بأدائه وهو ما يدخل فى أعمال وظيفته، وكان من المقرر أنه يدخل فى أعمال الوظيفة فى هذا الخصوص كل عمل يرد عليه تكليف صحيح صادر من الرؤساء ويكفى لصحته أن يكون بأوامر شفوية، ولما كان الطاعنون لا ينازعون فى وقوع التعدى على هذه الصورة وفى تلك الظروف فإن هذا الوجه من الطعن يكون غير سليم.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث من الطعن هو القصور فى التسبيب إذ لم يرد الحكم المطعون فيه على ما أثاره الدفاع من عدم وجود أثر مادى بالخفير المجنى عليه، مما يكذب ما زعمه من حصول اعتداء عليه من الطاعنين لتمكين زميلهم من الإفلات.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا الدفاع ورد عليه بأن عدم وجود إصابات بالخفير لا يضعف الثقة بشهادته، وكان لمحكمة الموضوع سلطة تقدير الأدلة والأخذ بما ترتاح إليه منها، فإن ما يثيره الطاعنون فى هذا الوجه هو من قبيل الجدل الموضوعى الذى لا محل لإثارته أمام محكمة النقض، ومن ثم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض موضوعا.