أحكام النقض - المكتب الفني- جنائى
العدد الثانى - السنة 13 - صـ 408

جلسة 23 من أبريل سنة 1962

برياسة السيد المستشار السيد أحمد عفيفى، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد السلام، وعبد الحليم البيطاش، وأديب نصر، ومختار مصطفى رضوان.

(102)
الطعن رقم 1803 لسنة 31 القضائية

إثبات "شهود. قرائن". استدلالات. تفتيش. تحقيق "إجراءاته".
(أ) شهود. أقوالهم فى محضر جمع الاستدلالات. عدولهم عنها فى تحقيق النيابة. استناد حكم الإدانة إلى أقوالهم الأولى. وإلى قرائن مؤيدة لتلك الأقوال. من إطلاقات محكمة الموضوع.
(ب) إذن التفتيش. الصادر من النيابة إلى مأمور الضبط القضائى. تجاوزه حدود الإذن وتفتيشه مسكن شخص آخر. دون أن يسفر هذا التفتيش عما يؤاخذ به المتهم. بطلان التفتيش. لا يستتبع بطلان إجراءات التحقيق الأخرى: طالما كانت هذه الإجراءات منقطعة الصلة بالتفتيش الباطل.
1- إذا كان الحكم المطعون فيه قد أخذ بأقوال الشهود والمتهمين فى محضر جمع الإستدلالات التى عدلوا عنها فى تحقيق النيابة وكان يبين من مطالعة محضر الضابط أنه تولى من بادئ الأمر تحقيق واقعة جنحة السرقة المسندة للطاعن واستأذن النيابة فى ضبط شخصين آخرين وتفتيش مسكنيهما فأذنت له بضبط أحدهما فقط وتفتيش مسكنه ولكنه فتش مسكنى الإثنين ولم يضبط فيهما شيئا ثم سأل المأذون له تفتيشه وشخصا آخر فأبديا فى محضره أقوالهما التى أخذ بها الحكم المطعون فيه وأقام قضاءه بإدانة الطاعن على تلك الأقوال وإلى قرائن مؤيدة لها. لما كان ذلك، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قالة الفساد فى الإستدلال والخطأ فى الإسناد يكون فى غير محله لأن ذلك من إطلاقات محكمة الموضوع.
2- إذا كان مأمور الضبط القضائى قد تجاوز حدود إذن النيابة وذلك بتفتيش مسكن شخص آخر دون أن يسفر هذا التفتيش الباطل عما يؤاخذ به المتهم، وكان كل ما يترتب على بطلان التفتيش هو استبعاد الدليل المستمد منه، فإن بطلان هذا التفتيش لا يستتبع بطلان إجراءات التحقيق الأخرى التى شملها المحضر كسؤال الشهود والمتهمين طالما كانت هذه الإجراءات منقطعة الصلة بالتفتيش الباطل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من الطاعن وآخرين بأنهم فى خلال سنتى 1951 و1952 و1953 بدائرة محافظة الإسكندرية ومركز مغاغة مديرية المنيا: أولا - المتهم الأول: 1- ارتكب تزويرا فى محررين رسميين هما رخصة القيادة رقم 31819 اسكندرية ورخصة السيارة رقم 3291 نقل اسكندرية بأن اصطنع هاتين الرخصتين ووقع عليهما بإمضاءات مزورة وأختام مقلدة. 2- استعمل هاتين الرخصتين المزورتين بأن قدمهما لألبير إلياس بدرة وكيل شركة الشمال بمغاغة بمناسبة قيامه بنقل أقطان بسيارته. 3- ارتكب تزويرا فى محررات عرفية هى إيصال سند الشحن 327 وإيصال استلام أقطان من محلج شركة مصر بمغاغة ومانفستو شركة أوتوبيس الشمال فرع مغاغة بأن وقع على هذه المحررات بإمضاءات نسبها زورا لياقوت محمد زايد بأن سرق الأقطان المبينة الوصف والقيمة بالمحضر لعملاء بنك مصر والمسلمة إليه بصفته سالفة الذكر. وثانيا: المتهمون الثانى والثالث (الطاعن) والرابع والخامس والسادس اشتركوا مع المتهم الأول فى ارتكاب الجرائم سالفة الذكر بطريق الإتفاق والمساعدة بأن اتفقوا معه على ارتكابها وبأن قدم المتهم الثانى إليه سيارة نقل استعملها فى ارتكاب الحادث. ثالثا - المتهم الأول أيضا: 1- ارتكب تزويرا فى محرر رسمى هو رخصة القيادة رقم 30714 اسكندرية بأن اصطنع هذه الرخصة ووقع عليها بإمضاءات مزورة وأختام مقلدة. 2- استعمل هذه الرخصة المزورة بأن قدمها إلى كل من الأمباشى أحمد توفيق أبو النصر والأمباشى أحمد محمد برعى والعسكرى عبد الفتاح محمد شرف والأمباشى عبد العزيز مصطفى بمناسبة تحرير محاضر مخالفات ضده. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 40 و41/ 2 - 3 و211 و212 و214 و215 و317/ 1 من قانون العقوبات. فقررت الغرفة ذلك. وادعت شركة مصر للتأمين بحق مدنى قبل المتهمين متضامنين بقرش واحد تعويضا مؤقتا. ومحكمة جنايات المنيا قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمين من الأول إلى الخامس. أولا: بمعاقبة كل من اسكندر سعيد بشاى وعبد الرحمن عمر على وحلمى عبد العال علام (الطاعن) وأحمد عبد الله محمد وخميس الفار سعيد بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا إلى المدعية بالحق المدنى مبلغ قرش بصفة تعويض مؤقت والمصاريف المدنية وخمسمائة قرش أتعاب محاماة. وثانيا: ببراءة أحمد ابراهيم أحمد مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية قبله. فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض فى 25 من ديسمبر سنة 1957. وبتاريخ 2 مارس سنة 1959 قضت محكمة النقض: بعدم قبول الطعن المقدم من الطاعنين الأول والثانى شكلا، وبقبول الطعن المقدم من الطاعنين الثالث والرابع والخامس شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات المنيا لتحكم فيها مجددا هيئة أخرى وألزمت المطعون ضدها المصروفات. سمعت محكمة جنايات المنيا هذه الدعوى من جديد وقضت فيها حضوريا عملا بالمواد 40 و41/ 2 - 3 و317 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من حلمى عبد العال علام وأحمد عبد الله محمد وخميس الفار سعيد بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عن تهمة الإشتراك فى السرقة وببراءتهم من باقي التهم المسندة إليهم عملا بالمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية. فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو الخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الإستدلال والخطأ فى الإسناد وفى ذلك يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه دانه بالإشتراك فى السرقة استنادا إلى أقوال اسكندر سعيد بشاى وتوفيق جاد مساك فى محضر معاون المباحث يوسف فوزى المؤرخ فى 22 من مايو سنة 1953 على الرغم من أنه دفع ببطلان هذا المحضر بطلانا مرجعه إلى أن النيابة أذنت له بضبط اسكندر وحده وتفتيش مسكنه لكنه تجاوز حدود الإذن بتفتيش مسكن آخر يدعى خميس الفار سعيد ولما لم يجده فيه ضبط زوج ابنته توفيق جاد مساك، ثم سأله هو واسكندر فأبديا تلك الأقوال التى استند إليها الحكم مطروحا عدولهما عنها فى تحقيق النيابة مع أن مؤدى بطلان محضر المعاون أن لا يؤخذ بما تضمنه من أقوال من سئلوا، به هذا إلى أن ما أورده الحكم فى مدوناته عن أقوالهما فى هذا المحضر يخالف ما ثبت عنها به.
وحيث إن الحكم المطعون فيه استند فيما استند إليه فى إدانة الطاعن بالإشتراك فى سرقة القطن إلى ما شهد به توفيق جاد مساك فى محضر جمع الإستدلالات من أنه رأى الطاعن يجتمع بآخرين فى منزل صهره خميس الفار سعيد وسمعهم يتحدثون فى موضوع سرقة القطن وإلى ما قرره المتهم اسكندر سعيد بشاى فى هذا المحضر من مقابلته للطاعن وآخرين فى هذا المنزل وإلى قرائن مؤيدة لأقوالهما. لما كان ذلك، وكان يبين من مطالعة المفردات أن ما سجله الحكم عن أقوال الشاهد والمتهم المذكورين يتفق فى مؤداه مع ما قرراه فى محضر معاون المباحث المؤرخ 22 مايو سنة 1953 بما تنتفى به قالة الخطأ فى الإسناد، ولما كان من اطلاقات محكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشهود والمتهمين فى محضر جمع الإستدلالات ولو عدلوا عنها فى تحقيق النيابة، وكان يبين من مطالعة محضر المعاون أنه تولى من بادئ الأمر تحقيق واقعة جنحة السرقة واستأذن النيابة فى ضبط اسكندر سعيد بشاى وخميس الفار السعيد وتفتيش مسكنيهما فأذنت له بضبط الأول فقط وتفتيش مسكنه لكنه فتش مسكنى الإثنين ولم يضبط فيهما شيئا ولم يجد خميس فاستدعى زوج ابنته توفيق جاد مساك وسأله كما سأل المتهم اسكندر سعيد بشاى فأبديا فى محضره أقوالهما التى أخذ بها الحكم. ولما كان كل ما يترتب على بطلان التفتيش استبعاد الدليل المستمد منه، وكان تفتيش مسكن خميس الذى وقع باطلا لعدم إذن النيابة به لم يسفر عن دليل يؤاخذ به الطاعن، وكان بطلان التفتيش لا يستتبع بطلان إجراءات التحقيق الأخرى التى شملها المحضر كسؤال الشهود والمتهمين طالما كانت هذه الإجراءات منقطعة الصلة بالتفتيش الباطل - كما هو الحال فى واقعة الدعوى - ولما كان يبين من الوقائع السابقة أن معاون المباحث ضبط المتهم اسكندر وسأله بناء على إذن النيابة بذلك، كما استدعى توفيق وسأله كشاهد فى الدعوى وذلك أداء لواجبه المنصوص عليه فى المادتين 21 و24 من قانون الإجراءات الجنائية، لما كان كل ذلك، فإن الطعن يكون قائما على غير أساس متعين الرفض موضوعا.