أحكام النقض - المكتب الفني- جنائى
العدد الثانى - السنة 13 - صـ 368

جلسة 17 من أبريل سنة 1962

برياسة السيد/ محمود ابراهيم اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود حلمى خاطر، ومحمد عبد السلام، عبد الحليم البيطاش، وأديب نصر.

(93)
الطعن رقم 1772 لسنة 31 القضائية

اختصاص. محكمة الجنايات. قضاة "الجمعية العمومية".
اختصاص محكمة الجنايات بالفصل فى جميع الجنايات التى فى دائرة المحكمة الابتدائية. المادة 7 من القانون 56 لسنة 1959.
الجمعية العمومية لمحكمة الاستئناف. توزيعها القضايا على دوائر المحكمة المختلفة عملا بالمادة 35 من القانون. هو مجرد تنظيم إدارى. لا يسلب محكمة الجنايات اختصاصها الشامل فى حدود دائرة المحكمة. مثال.
مؤدى نص المادة السابعة من القانون رقم 56 لسنة 1959 فى شأن السلطة القضائية أن اختصاص محكمة الجنايات إنما ينعقد صحيحا بالنسبة لجميع الجنايات التى تقع بدائرة المحكمة الابتدائية. ولا يغير من ذلك ما نصت عليه المادة 35 من القانون المذكور من اجتماع محكمة الاستئناف بهيئة جمعية عمومية للنظر فى توزيع القضايا على الدوائر المختلفة، فإنه لم يقصد به سلب محكمة الجنايات اختصاصها المنعقد لها قانونا بمقتضى المادة السابعة سالفة الذكر بل هو تنظيم إدارى لتوزيع الأعمال بين تلك الدوائر، ومن ثم فلا يكون صحيحا فى القانون ما يدعيه المتهم "الطاعن" من بطلان الحكم المطعون فيه بمقولة إن قرار الجمعية العمومية بمحكمة استئناف الاسكندرية قضى بتوزيع العمل بين دائرتى محكمة الجنايات بها على أساس اختصاص كل منهما بنظر الجنايات التى تقع فى أقسام معينة من المدينة وأن الجناية التى حوكم من أجلها وقعت فى قسم "مينا البصل" الذى لم تختص به الدائرة التى أصدرت الحكم - طالما أنه لا يجحد أن المحكمة التي أصدرته هى إحدى دوائر محكمة الجنايات بمحكمة استئناف الاسكندرية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من الطاعنين وآخرين بأنهم فى يوم 20 أكتوبر سنة 1959 بدائرة قسم مينا البصل محافظة الاسكندرية: حازوا وأحرزوا جواهر مخدرة (حشيشا) فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 1 و2 و33/ جـ وأخيرة و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبند 12 من الجدول رقم 1 الملحق به. فقررت الغرفة ذلك. ومحكمة جنايات الاسكندرية قضت حضوريا بتاريخ 13 من نوفمبر سنة 1960 عملا بالمواد 1 و2 و34 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند رقم 2 من الجدول أ المرفق، والمادة 5 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهمين الأول والثانى (الطاعنين) وبالمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية للمتهمين من الثالث إلى الأخير بمعاقبة كل من الطاعنين بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وتغريم كل منهما ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المواد المخدرة والأدوات المضبوطة. وببراءة باقى المتهمين مما أسند إليهم. فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

... حيث إن مبنى أسباب الطعن المقدمة فى 4 ديسمبر سنة 1960 والسبب الثانى من سببى الطعن المقدمين فى 20 منه هو القصور وفساد التدليل على قصد الاتجار فى إحراز المادة المخدرة الذى أسند إلى الطاعنين، وفى ذلك يقولان إن الحكم المطعون فيه دانهما وفق المادة 34 من القانون رقم 182 لسنة 1960 التى تشترط توافر قصد خاص هو قصد الاتجار واستند فى توافره إلى كثرة كمية الحشيش المضبوط والتحريات وظروف الضبط ووجود الجوزة وأدوات التدخين بما يدل على تعدد المدخنين وذلك على الرغم من أنه حصل واقعة الدعوى فى أن الطاعن الأول أحرز الحشيش بقصد التعاطى وعلى الرغم من أن خمسة من المتهمين الذين قضى ببراءتهم اعترفوا لرجال الشرطة بأنهم إنما اجتمعوا مع الطاعنين فى منزلهما لتدخين الحشيش كما أن الكمية المضبوطة منه ليست كبيرة بحيث ينفى أنها أعدت لتعاطى سبعة أشخاص، أما تعدد المدخنين فهو يؤيد أن الإحراز كان بقصد التعاطى، وأما التحريات فليست لها بذاتها القوة التدليلية على قصد الاتجار.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى فى أن رئيس مكتب مكافحة المخدرات بالإسكندرية علم من التحريات أن الطاعنين يتجران بالمواد المخدرة فاستصدر من النيابة إذنا بتفتيشهما وتفتيش مسكنهما وانتقل مع قوة من رجال المكتب، وطرق باب المسكن ففتحه تابع للطاعن الأول وشم رائحة حشيش فى إحدى غرفه فداهمها ووجد فيها الطاعنين وخمسة آخرين وضبط فى جيب صديرية الطاعن الأول لفافتين من الحشيش تزنان 2 و61 جراما وفى جيب سرواله أربع لفافات تزن 18.5 جراما وعلى منضدة بالحجرة اثنتى عشرة قطعة تزن 1.5 جراما وحجرى جوزة على كل منهما قطعة من الحشيش تزن أولاهما 10 جم والثانية 15 جم كما وجد حجرا آخر وجوزة تبين أن غسالتهما تحتوى على آثار حشيش وماشة وخمس لفافات دخان معسل، واعترف الطاعنان لرجال الشرطة بملكيتهما لجميع المواد المخدرة المضبوطة. ودلل الحكم على ثبوت الواقعة فى حق الطاعنين بشهادة رجال الشرطة وبتقرير التحليل وباعتراف الطاعن الأول فى تحقيق النيابة باحرازه لجميع المواد المخدرة المضبوطة بقصد التعاطى وقضى ببراءة تابع الطاعن الأول لعدم قيام الدليل لدى المحكمة على أنه أسهم فى إحراز أو تدخين الحشيش كما قضى ببراءة الخمسة الآخرين على أساس أنه وإن كان ظاهر الحال يدل على أن بعضهم كان يدخنه إلا أنه لا يمكن تحديد من دخن منهم ومن لم يدخن وعرض الحكم لقصد الاتجار فقال إنه ثابت من اعتراف الطاعنين لرجال الشرطة بإحرازهما جميع الحشيش المضبوط مع أدوات التدخين فى مسكنهما وإصرار أولهما على هذا الإعتراف فى تحقيق النيابة ومن كثرة الكمية المضبوطة ومن ظروف الضبط ووجود الجوزة وأدوات التدخين بما يدل على أن الطاعنين أعداها لاستعمال عدة أشخاص ومن التحريات التى دلت على اتجارهما بالمواد المخدرة. لما كان ذلك، وكان توافر قصد الاتجار المنصوص عليه فى المادة 34 من القانون رقم 182 لسنة 1960 هو من الأمور الموضوعية التى تستقل بتقديرها محكمة الموضوع بغير معقب طالما كان تقديرها سائغا وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه دلل على توافر هذا القصد فى حق الطاعنين بأدلة سائغة حاصلها أن التحريات دلت على اتجارهما فى الحشيش ومن ظروف تقديمهما كمية كبيرة منه فى مسكنهما لآخرين. لما كان ذلك، وكان لا يوجد ما يمنع من الاستناد إلى تحريات رجال الشرطة كدليل مكمل للأدلة الأخرى متى اقتنعت المحكمة بصحته فإن ما يثيره الطاعنان فى هذا الشأن لا يعدو كونه جدلا موضوعيا فيما اطمأنت إليه المحكمة من توافر قصد الاتجار الأمر الذى لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن مبنى السبب الأول من سببى الطعن المقدمين بالتقرير المؤرخ 20 من ديسمبر سنة 1960 هو بطلان الحكم لصدوره من دائرة الجنايات التى يرأسها المستشار حليم الضعيف فى جناية وقعت بدائرة قسم مينا البصل على الرغم من أن قرار الجمعية العمومية لمحكمة استئناف الإسكندرية قضت بتوزيع العمل فى محافظة الإسكندرية بينها وبين دائرة أخرى على أساس اختصاص كل منهما بنظر الجنايات التى تقع فى أقسام معينة واختصت الدائرة الأخرى بمقتضاه بنظر جنايات قسم مينا البصل.
وحيث إنه لما كانت المادة 7 من القانون رقم 56 لسنة 1959 فى شأن السلطة القضائية قد نصت على أن "تنعقد محكمة الجنايات فى كل مدينة بها محكمة ابتدائية وتشمل دائرة اختصاصها ما تشمله دائرة المحكمة الإبتدائية" فإن اختصاص محكمة الجنايات ينعقد صحيحا بالنسبة لجميع الجنايات التى تقع بدائرة المحكمة الإبتدائية، أما ما نصت عليه المادة 35 من اجتماع محكمة الاستئناف بهيئة جمعية عمومية للنظر فى توزيع القضايا على الدوائر المختلفة فإنه لم يقصد به سلب محكمة الجنايات اختصاصها المنعقد لها قانونا بمقتضى المادة السابعة سالفة الذكر بل هو مجرد تنظيم إدارى لتوزيع الأعمال بين الدوائر المختلفة. لما كان ذلك، وكان الطاعنان لا يجحدان أن المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه هى إحدى دوائر محكمة الجنايات بمحكمة استئناف الإسكندرية فإن ما يدعيانه من بطلان الحكم لا يقوم على أساس من القانون.
وحيث إنه يتعين لما تقدم الحكم فى موضوع الطعن برفضه.