أحكام النقض - المكتب الفني- جنائى
العدد الثانى - السنة 13 - صـ 449

جلسة 7 من مايو سنة 1962

برياسة السيد المستشار محمود حلمى خاطر، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد السلام، وعبد الحليم البيطاش، وأديب نصر، ومختار رضوان.

(113)
الطعن رقم 2356 لسنة 31 القضائية

محاكمة. دفاع. إثبات "بوجه عام. خبرة".
(أ) رفع الدعوى الجنائية. يلزم المحكمة بالفصل فيها. وفقا لما تستظهره من توافر أركان الجريمة وعلى هدى ما تستلهمه فى تكوين عقيدتها. استنادا إلى الأدلة والعناصر المعروضة. الأحكام أو الدعاوى المدنية. لا تقيد المحكمة الجنائية. ولا تعلق قضائها على ما عساه يصدر من أحكام فى النزاع المطروح. مثال.
الدفع بعدم جواز المحاكمة الجنائية، لقيام نزاع على تصفية الحساب أمام المحكمة المدنية. دفع ظاهر البطلان. علة ذلك: اختلاف موضوع الدعويين.
(ب) قيام المحكمة بتصفية الحساب بنفسها، ومناقشة تقرير الخبير المقدم إليها، وسماع اعتراضات المتهم. عدم تعويلها على ما أجرته محكمة الأحوال الشخصية بشأن ذلك الحساب. ثبوت انشغال ذمة المتهم بالمبلغ الذى انتجته التصفية. قضاؤها بالإدانة. ذلك قضاء صحيح.
1- من المقرر أنه متى رفعت الدعوى الجنائية أصبحت المحكمة، وقد اتصلت بها، ملزمة بالفصل فيها على ضوء ما تستظهره من توافر أركان الجريمة أو عدم توافرها على هدى ما تستلهمه فى تكوين عقيدتها من شتى الأدلة والعناصر المعروضة أمامها دون أن تتقيد بالأحكام المدنية أو تعلق قضاءها على ما عساه يصدر من أحكام بشأن النزاع المطروح عليها. فإذا كان الطاعن لا يجادل فى أن الدعوى المدنية المرفوعة أمام المحكمة المدنية تتعلق بتصفية الحساب عن مدة وصايته جميعها فإن هذا النزاع لا يمنع من محاكمته والمطالبة بالتعويض عن الضرر المباشر الناشئ عن الجريمة المسندة إليه "التبديد" لاختلاف موضوع الدعويين، وهو ما يجعل دفاعه بعدم جواز محاكمته ظاهر البطلان لا يستأهل من الحكم ردا خاصا.
2- إذا كانت المحكمة لم تعول فى إدانة الطاعن على القرار الصادر من محكمة الأحوال الشخصية ولم تكتف بتصفية الحساب التى أجرتها تلك المحكمة بل قامت بنفسها بتصفية ومناقشة تقرير مكتب الخبراء المقدم إليها وسماع اعتراضات الطاعن على طريقة الحساب، وثبت لديها أن ذمته مشغولة حقيقة بالمبلغ الذى أنتجته التصفية، وأن امتناعه عن أداء ما بذمته للمجنى عليه لا يرجع إلى سبب جدى، فإن النعى على هذا الحكم بالخطأ والقصور يكون على غير أساس.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 9 يوليو سنة 1959 بدائرة قسم الدرب الأحمر: بدد النقود المبينة القدر بالمحضر والمملوكة لحليم عطية على والتى لم تسلمه إليه إلا على سبيل الوديعة بوصف كونه وصيا على المجنى عليه ومكلفا بحفظها وتسليمها إليه عند بلوغه سن الرشد ولكنه اختلسها لنفسه إضرارا بالمجنى عليه مالكها. وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات. وقد ادعى حليم عطية على "المطعون ضده" بحق مدنى قدره 1400 جنيه قبل المتهم. ومحكمة الدرب الأحمر الجزئية قضت حضوريا بتاريخ 12 مايو سنة 1960 عملا بمادة الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ، وإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحق المدنى تعويضا قدره 559 جنيها و437 مليما والمصروفات المدنية المناسبة ومبلغ جنيهات مقابل أتعاب المحاماة بلا مصروفات جنائية. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم كما استأنفه المدعى بالحق المدنى. ومحكمة القاهرة الابتدائية قضت حضوريا بتاريخ 15 ديسمبر سنة 1960 مع تطبيق المادة 55 من قانون العقوبات بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بإيقاف التنفيذ بالنسبة للعقوبة الجنائية لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم بلا مصاريف. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ... الخ.


المحكمة

... حيث إن مبنى الطعن هو الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب إذ عولت المحكمة فى قضائها بإدانة الطاعن على قرار محكمة الأحوال الشخصية باعتماد الحساب عن مدة وصايته وتجاوزت اختصاصها بمحاكمته والحكم عليه بالمبلغ المدعى بتبديده كتعويض وذلك قبل أن يحكم نهائيا فى دعوى الحساب المرفوعة من المجنى عليه، كما أنها لم ترد على الدفع بعدم جواز محاكمته لهذا السبب وهو ما يعيبه حكمها.
وحيث إن محكمة الموضوع بعد تحصيلها لواقعة الدعوى قامت بنفسها بتصفية حساب الطاعن عن مدة وصايته وبحثت اعتراضات الطاعن التى أبداها أمامها بشأن هذا الحساب وكان مما قاله الحكم المطعون فيه فى ذلك "انه فيما يتعلق باعتراضات المتهم على طريقة الحساب التى اتبعت فانه لم يقدم أى دليل على جدية هذه الاعتراضات أو ما يناقض ما خلص إليه مكتب الخبراء فى تقريره وترى المحكمة الاطمئنان إلى تقرير مكتب الخبراء للأسس السليمة التى استقر بها" ثم عرض الحكم للتعويض المطالب به فى قوله "إنه وقد ثبت الخطأ فى جانب المتهم فانه يكون مسئولا عن تعويض الضرر الذى لحق المدعى من جراء فعله". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه متى رفعت الدعوى الجنائية أصبحت المحكمة وقد اتصلت بها ملزمة بالفصل فيها على ضوء ما تستظهره من توافر أركان الجريمة أو عدم توافرها على هدى ما تستلهمه فى تكوين عقيدتها من شتى الأدلة والعناصر المعروضة أمامها دون أن تتقيد بالأحكام المدنية أو تعلق قضاءها على ما عساه يصدر من أحكام بشأن النزاع المطروح عليها. وكان الطاعن لا يجادل فى أن الدعوى المدنية المرفوعة أمام المحكمة المدنية تتعلق بتصفية الحساب عن مدة وصايته جميعها. فمن ثم فان هذا النزاع لا يمنع من محاكمته والمطالبة بالتعويض عن الضرر المباشر الناشئ عن الجريمة المسندة إليه لاختلاف موضوع الدعويين، وهو ما يجعل دفاعه بعدم جواز محاكمته ظاهر البطلان لا يستأهل من الحكم ردا خاصا. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع لم تعول فى إدانة الطاعن على القرار الصادر من محكمة الأحوال الشخصية ولم تكتف بتصفية الحساب التى أجرتها تلك المحكمة بل قامت بنفسها بتصفيته ومناقشته تقرير مكتب الخبراء المقدم إليها وسماع اعتراضات الطاعن على طريقة الحساب وثبت لديها أن ذمته مشغولة حقيقة بالمبلغ الذى أنتجته التصفية وأن امتناعه عن أداء ما بذمته للمجنى عليه لا يرجع إلى سبب جدى. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه العناصر القانونية لجريمة التبديد التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه.