أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثانى - السنة 13 - صـ 458

جلسة 8 من مايو سنة 1962

برياسة السيد المستشار محمود حلمى خاطر، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد السلام، وعبد الحليم البيطاش، وأديب نصر، ومختار رضوان.

(115)
الطعن رقم 2308 لسنة 31 القضائية

اجراءات المحاكمة. دفاع. اثبات "خبرة". تقليد "اختراع". زيوت معدنية.
(أ) الأصل فى أن الإجراءات قد روعيت أثناء نظر الدعوى. على صاحب الشأن أن يثبت أنها أهملت أو خولفت. المادة 30 من القانون 57 لسنة 1959.
سكوت الخصوم أو الدفاع. لا يبنى عليه طعن. ما دامت المحكمة لم تمنعهم من مباشرة حقهم فى الدفاع.
محضر الجلسة. خلوه من اثبات دفاع الخصم. لا يعيب الحكم. ما دام لم يطالب صراحة اثباته فى المحضر.
حق الدفاع. الادعاء بأن المحكمة صادرته. قبل حجز الدعوى للحكم. وجوب تقديم الدليل على ذلك. وتسجيل المخالفة فى طلب مكتوب قبل صدور الحكم.
(ب) تقدير رأى الخبراء. من اطلاقات محكمة الموضوع.
الطعن على تقرير الخبير. أمام محكمة النقض. القول بأن الحكم المطعون فيه أغفل الرد عليها. وجوب بيان عناصر العيب فى التقرير. أهمية ذلك: أن تتبين المحكمة مدى أثر هذه العناصر على وجه الرأى فى الدعوى.
(ج) جرائم التقليد. العبرة فيها بأوجه الشبه لا بأوجه الخلاف.
أوجه الشبه. استظهار الحكم: أنها قاصرة على أساس العمليات الطبيعية والكيمائية المشتركة المقررة علميا والمعروفة للكافة، وأنها معدومة فيما يتميز به اختراع عن آخر من كيفية اجراء العمليات وتطبيقها. قضاؤه بالبراءة على هذا الأساس. صحيح فى القانون.
1- الأصل - طبقا لنص المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 - أن الإجراءات قد روعيت أثناء الدعوى وأن على صاحب الشأن أن يثبت أنها أهملت أو خولفت. كما أن من المقرر أن سكوت الطاعن أو المدافع عنه لا يصح أن يبنى عليه طعن ما دامت المحكمة لم تمنعهما من مباشرة حقهما فى الدفاع. ولا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من اثبات دفاع الخصم إذ عليه - إن كان يهمه تدوينه - أن يطلب صراحة اثباته فى هذا المحضر. كما أن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه فى الدفاع قبل حجز الدعوى للحكم، أن يقدم الدليل على ذلك وأن يسجل عليها هذه المخالفة فى طلب مكتوب قبل صدور الحكم.
2- الأمر فى تقدير رأى الخبراء من اطلاقات محكمة الموضوع ولها أن تطمئن إلى رأى خبير دون آخر. فإذا كان وجه الطعن أن الحكم المطعون فيه قد أغفل الرد على ما ناقش به الطاعن تقرير الخبير الذى عينته المحكمة، وكان الطاعن لم يحدد فى طعنه العناصر التى يعيبها على هذا التقرير حتى تتبين محكمة النقض إن كانت من العناصر الجوهرية التى تستلزم من محكمة الموضوع ردا خاصا أو من العناصر التى لا تؤثر على وجه الرأى فى الدعوى والتى يكون الرد عليها مستفادا ضمنا من الأخذ بتقرير الخبير. لما كان ذلك، فإن هذا الوجه من الطعن يكون قائما على غير أساس.
3- القاعدة القانونية المقررة فى جرائم التقليد تقضى بأن العبرة هى بأوجه الشبه لا بأوجه الخلاف. فإذا كان الحكم المطعون فيه لم يخالف هذه القاعدة واستند فى قضائه بالبراءة ورفض الدعوى المدنية إلى أن أوجه الشبه مقصورة على أساس العمليات الطبيعية والكيميائية المشتركة علميا والمعروفة للكافة "فى صناعة تكرير الزيوت المعدنية"، وأنها معدومة فيما يتميز به اختراع عن آخر من كيفية إجراء العمليات وتطبيقها، فإن ما انتهى إليه الحكم يكون صحيحا فى القانون.


الوقائع

أقام الطاعن "المدعى بالحق المدنى" دعواه مباشرة أمام محكمة اللبان الجزئية على كل من المطعون ضدهما قال فى عريضتها المعلنة لهما فى 6 و8 نوفمبر سنة 1958 إنهما قلدا موضوع اختراع فنى منحت عنه براءة اختراع له وفقا للقانون. وطلب معاقبتهما طبقا لنص المادة 48 من القانون رقم 132 لسنة 1949 وإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ واحد وخمسين جنيها تعويضا. وبتاريخ 17 مايو سنة 1959 أصدرت المحكمة المذكورة حكما تمهيديا بندب أحد الأساتذة بقسم الهندسة الكيمائية بكلية الهندسة بجامعة الاسكندرية لمعاينة مصانع المدعى بالحق المدنى ومصنع المتهمين وفحص الطريقة المستعملة فى كل منهما لإعادة الزيوت المعدنية المستعملة إلى أصلها ... إلخ ما جاء بالحكم. وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة حضوريا بتاريخ 28 فبراير سنة 1960 ببراءة المتهمين ورفض الدعوى المدنية وإلزام رافعها بالمصاريف المدنية. استأنف المدعى بالحق المدنى "الطاعن" هذا الحكم. ومحكمة اسكندرية الابتدائية بهيئة استئنافية قضت حضوريا بتاريخ 27 أبريل سنة 1960 بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف المصاريف ومائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الأستاذ جمال بدر المحامى الوكيل عن الطاعن فى هذا الحكم بطريق .. الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى السبب الأول هو بطلان فى الإجراءات مبناه عدم سماع دفاع الطاعن وفى ذلك يقول إن محاميا حضر عن محاميه الموكل وطلب التأجيل حتى يحضر المحامى الأصيل لكنه فوجئ بحجز الدعوى للحكم دون سماع دفاعه شفويا ودون الترخيص له بتقديم مذكرة، هذا إلى أن محضر الجلسة جاء خلوا من إثبات أقوال الخصوم أو دفاعهم الأمر الذى يخالف نص المادة 276 من قانون الإجراءات الجنائية ويتنافى مع وجوب تحقيق المحكمة لواقعة الدعوى.
وحيث إنه لما كان الأصل أن المحكمة الاستئنافية تقضى على مقتضى الأوراق المطروحة عليها ولا تلتزم بأن تجرى من التحقيق إلا ما ترى ضرورة لإجرائه، وكان الأصل أيضا طبقا لنص المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 أن الإجراءات قد روعيت أثناء الدعوى وأن على صاحب الشأن أن يثبت أنها أهملت أو خولفت، وكان من المقرر أن سكوت الطاعن أو المدافع عنه لا يصح أن يبنى عليه طعن ما دامت المحكمة لم تمنعها من مباشرة حقهما فى الدفاع ولا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم إذ عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته فى هذا المحضر. كما أن عليه - إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه فى الدفاع قبل حجز الدعوى للحكم - أن يقدم الدليل على ذلك وأن يسجل عليها هذه المخالفة فى طلب مكتوب قبل صدور الحكم. لما كان ذلك، وكان يبين من مطالعة محاضر الجلسات أن محكمة أول درجة حققت الدعوى واستمعت إلى أقوال الخصوم ودفاعهم وعينت خبيرا ناقشته فى تقريره، وأن المرافعة أمام المحكمة الإستئنافية تمت فى جلسة واحدة أثبت فيها أن النيابة طلبت إلغاء الحكم المستأنف القاضى بالبراءة، وأن محاميا حضر عن زميله وكيل المدعى المدنى (الطاعن) كما حضر المتهمان (المطعون ضدهما)، وأن المحكمة قررت إصدار الحكم فى جلسة تالية. وكان يبين من الحكم الإستئنافى المطعون فيه والمكمل لمحضر الجلسة أن الطاعن طلب إلغاء الحكم المستأنف وكان الطاعن لا يدعى فى طعنه أنه قدم بعد عجز الدعوى للحكم طلبا بفتح باب المرافعة لإبداء دفاعه أو بالترخيص له بتقديم مذكرة ولم يقدم أى دليل على أن المحكمة صادرته فى دفاعه وعلى وجه يخالف ما هو مثبت فى محضر الجلسة من سكوته عن إبداء أى دفاع اكتفاء بما أبداه منه أمام محكمة أول درجة - لما كان كل ذلك، فإن هذا السبب من الطعن يكون قائما على غير أساس.
وحيث إن مبنى السبب الثانى هو بطلان الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم الإبتدائى دون أسباب جديدة وبذا لحقه ما لحق بهذا الحكم من عيب إغفال الرد على ما دفع به الطاعن من بطلان تقارير الخبراء المقدمة من المطعون ضدهما وإغفال الرد على ما ناقش به تقرير الخبير الذى عينته المحكمة.
وحيث إنه لما كان الأمر فى تقدير رأى الخبراء من إطلاقات محكمة الموضوع ولها أن تطمئن إلى رأى خبير دون آخر وكان يبين من الحكم الإبتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تعول فى قضائها ببراءة المطعون ضدهما ورفض دعوى الطاعن قبلهما على تقارير الخبراء المقدمة منهما حتى يصح النعى على الحكم بإغفاله الرد على أوجه بطلان هذه التقارير بل استند الحكم إلى تقرير الخبير الذى عينته المحكمة. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يحدد فى طعنه العناصر التى يعيبها على هذا التقرير والتى يقول إن الحكم أغفل الرد عليها حتى تتبين محكمة النقض إن كانت من العناصر الجوهرية التى تستلزم من محكمة الموضوع ردا خاصا أو من العناصر التى لا تؤثر على وجه الرأى فى الدعوى والتى يكون الرد عليها مستفادا ضمنا من الأخذ بتقرير الخبير. لما كان ذلك، فإن هذا السبب من أسباب الطعن يكون هو الآخر قائما على غير أساس.
وحيث إن مبنى السبب الثالث هو الخطأ فى تطبيق القانون، إذ أسس الحكم المطعون فيه قضاءه بالبراءة من تهمة تقليد الإختراع ورفض الدعوى المدنية على قيام أوجه خلاف بين طريقة الطاعن فى اختراع المسجل وطريقة المطعون ضدهما مع أن القاعدة القانونية المقررة فى جرائم التقليد تقضى بأن العبرة هى بأوجه الشبه لا بأوجه الخلاف.
وحيث إنه لما كان يبين من الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه حصل تقرير الخبير الذى عينته المحكمة واطمأنت إلى تقريره فى أن صناعة تكرير الزيوت المعدنية هى صناعة قديمة جدا وأنها تقوم على عمليات طبيعية وكيميائية مشتركة ومعروفة للكافة وظهرت فى مئات البحوث المنشورة فى المجلات العلمية وأن هذا النوع من الصناعة لا يختلف فى أساس العمليات ذاتها بل فى كيفية إجرائها وتطبيقها وأن أوجه الشبه بين طريقة الطاعن وطريقة المطعون ضدهما لا تقوم إلا فى أساس العمليات وأنها تختلف فى التطبيق. لما كان ذلك، وكان يبين منه أن الحكم لم يخالف القاعدة القانونية المقررة فى جرائم التقليد والتى تقضى بأن العبرة هى بأوجه الشبه لا بأوجه الخلاف واستند فى قضائه بالبراءة ورفض الدعوى المدنية إلى أن أوجه الشبه مقصورة على أساس العمليات الطبيعية والكيمائية المشتركة المقررة علميا والمعروفة للكافة وأنها معدومة فيما يتميز به اختراع عن آخر من كيفية إجراء العمليات وتطبيقها - لما كان ذلك، فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه يكون صحيحا فى القانون.
وحيث إنه لما تقدم الحكم فى موضوع الطعن برفضه.