أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثانى - السنة 13 - صـ 483

جلسة 21 من مايو سنة 1962

برياسة السيد المستشار السيد أحمد عفيفى، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد السلام، وعبد الحليم البيطاش، وأديب نصر حنين، ومختار مصطفى رضوان.

(123)
الطعن رقم 2412 لسنة 31 القضائية

إستئناف "حالاته". عقوبة "تعددها". عمل.
إستئناف المتهم. جوازه: عند الحكم عليه بغرامة تزيد على خمسة جنيهات. المادة 402/ 1 أ. ج.
تقدير نصاب الاستئناف: مثال. عمل. جريمة المادتين 28 و52 من م. بق. 317 لسنة 1952. عدم توفير صاحب العمل وسائل الرعاية الطبية للعمال: وجوب تعدد الغرامة بقدر عدد العمال الذين وقعت فى شأنهم المخالفة.
الحكم على المتهم بغرامة مائتى قرش عن كل عامل من العمال البالغ عددهم 194. استئناف المتهم هذا الحكم. جائز. علة ذلك.
هذه جريمة ذات طابع خاص. قوامها فعل واحد. رأى الشارع زيادة العقاب عنه تبعا لزيادة عدد العمال.
إختلاف هذا التعدد عن تعدد العقوبات بمعناه المعرف به فى القانون.
تعدد العقوبات. متى يتحقق؟ عند التعدد الحقيقى للجرائم بلا ارتباط بينها.
إذا كانت الدعوى قد أقيمت على المتهم لأنه "بصفته صاحب عمل لم يقم بتوفير وسائل الرعاية الطبية للعمال الذين يشتغلون لديه. الأمر المعاقب عليه بالمادتين 28 و52 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952" فقضت محكمة أول درجة بتغريمه مائتى قرش عن كل عامل من العمال الذين وقعت فى شأنهم المخالفة والبالغ عددهم 194 عاملا، فإن استئناف المتهم هذا الحكم يكون جائزا - ذلك أن العبرة فى تقدير نصاب الاستئناف إنما يكون - فى مثل هذه الجريمة - بمجموع ما يحكم به من الغرامة، إذ أنها جريمة ذات طابع خاص تتميز عن غيرها من الجرائم، أوجب الشارع عند تقدير العقوبة فيها أن تتعدد الغرامة بقدر عدد العمال الذين أجحفت المخالفة بحقوقهم، وهدفه من ذلك تشديد العقاب الواجب إنزاله على الفعل المؤثم. وهذا التعدد ليس من شأنه أن يغير من الواقع وهو أن الغرامة فى مجموعها إنما أنزلها الحكم بالمتهم عن فعل واحد استحق عليه عقوبة تزداد بازدياد عدد العمال الذين أجحف بهم هذا الفعل، وقد تبلغ العقوبة فى هذه الحالة حدا يجعلها أشد خطرا على أموال المحكوم عليه من الخمسة جنيهات التى جعلت حدا لنصاب الاستئناف مما لا يتصور معه أن يكون الشارع قد قصد أن يجعل ما يحكم به عن كل عامل على حدة أساسا لتقدير هذا النصاب. كما أن هذا التعدد ليس من قبيل تعدد العقوبات بمعناه المعرف به فى القانون والذى يقتضى وجود التعدد الحقيقى للجرائم دون أن يقوم بينها الارتباط المنصوص عليه فى المادة 32 من قانون العقوبات. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز استئناف المتهم "الطاعن" يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون ويتعين لذلك نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 5 من أبريل سنة 1959 بدائرة قسم الشرق: بصفته صاحب عمل لم يقم بتوفير وسائل الرعاية الطبية للعمال الذين يشتغلون لديه. وطلبت عقابه بالمادتين 28 و52 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952. ومحكمة ميناء بور سعيد الجزئية قضت حضوريا بتاريخ 6 من أبريل سنة 1960 عملا بمادتى الاتهام بتغريم المتهم مائتى قرش مع تعدد العقوبة بالنسبة للمائة وأربعة وتسعين عاملا الذين وقعت فى شأنهم المخالفة. استأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة بور سعيد الابتدائية قضت حضوريا بتاريخ 29 نوفمبر سنة 1960 بعدم جواز الاستئناف لرفعه عن حكم غير قابل له. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

... حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ فى القانون، ذلك بأنه قضى بعدم جواز الاستئناف تأسيسا على أن العقوبة المحكوم بها تقل عن النصاب الجائز استئنافه مع أنها تزيد فى مجموعها عن هذا النصاب، ولا يؤثر فى ذلك أن تكون الزيادة بسبب تعدد العقوبة بقدر عدد العمال لأن العبرة إنما تكون بما قضى به فعلا.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم جواز الاستئناف لرفعه عن حكم غير قابل له بمقولة إن الحكم المستأنف قضى بتغريم المتهم جنيهين وهو دون نصاب الاستئناف تطبيقا لنص المادة 402 من قانون الإجراءات الجنائية، وأنه لا يؤثر فى ذلك تعدد الغرامة المحكوم بها بقدر عدد العمال الذين وقعت المخالفة فى شأنهم، ذلك بأن العقوبة - على ما يقول الحكم - وإن تعددت إلا أن قوامها مقدار الغرامة المقضى بها بالنسبة لكل عامل ورتب على ذلك وجوب النظر إلى كل عقوبة على حدتها، وإذ كانت تقل عن خمسة جنيهات فيكون الاستئناف غير جائز. لما كان ذلك، وكانت الجريمة التى دين بها الطاعن هى جريمة ذات طابع خاص تتميز به عن غيرها من الجرائم، فقد أوجب الشارع عند تقديره العقوبة فيها أن تتعدد الغرامة الواجب الحكم بها بقدر عدد العمال الذين أجحفت المخالفة بحقوقهم، وكان هدفه من ذلك تشديد العقاب الواجب إنزاله على الفعل المؤثم. هذا التعدد ليس من شأنه أن يغير من الواقع وهو أن الغرامة فى مجموعها قد أنزلها الحكم بالطاعن عن فعل واحد فوجب أن ينظر إليها على أنها كل لا يتجزأ، وليس هذا التعدد من قبيل تعدد العقوبات بمعناه المعرف به فى القانون فهو يقتضى وجود التعدد الحقيقى للجرائم دون أن يقوم بينها الارتباط المنصوص عنه فى المادة 32 من قانون العقوبات - أما فى واقعة الدعوى فلم يقع من الطاعن غير فعل واحد استحق عليه عقوبة تزداد بازدياد عدد العمال الذين أجحف بهم هذا الفعل، ولما كانت العقوبة فى هذه الحالة قد تبلغ حدا يجعلها أشد خطرا على أموال المحكوم عليه من الخمسة جنيهات التى جعلت حدا لنصاب الاستئناف فإنه لا يتصور أن الشارع قصد أن يجعل ما يحكم به عن كل عامل على حدة أساسا لتقدير هذا النصاب. لما كان ما تقدم، فإن العبرة فى تقدير نصاب الاستئناف يكون بمجموع ما يحكم به فى مثل هذه الجريمة. وإذ كان الحكم قد قضى بتغريم الطاعن مائتى قرش عن كل عامل من العمال البالغ عددهم 194 عاملا الذين وقعت فى شأنهم المخالفة، فقد جاوزت الغرامة المحكوم بها - ككل - النصاب الجائز فيه الاستئناف عملا بنص المادة 402 من قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه قد أخطأ إذ قضى بعدم جواز الاستئناف استنادا إلى الأسباب التى أوردها فيتعين لذلك نفضه، ولما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن نظر موضوع الدعوى فإنه يتعين مع النقض الإحالة.