أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثانى - السنة 13 - صـ 524

جلسة 11 من يونيه سنة 1962

برياسة السيد المستشار محمود حلمى خاطر، وبحضور السادة المستشارين: عادل يونس، وتوفيق أحمد الخشن، ومحمود اسماعيل، وحسين صفوت السركى.

(132)
الطعن رقم 3422 لسنة 31 القضائية

دعوى جنائية "انقضاؤها". اثبات "خبرة". حكم "ما لا يعيبه".
(أ) انقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة. انقطاع المدة: باجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة، وكذلك بالأمر الجنائى أو بإجراءات الاستدلال. سريان المدة من جديد ابتداء من يوم الانقطاع. المادة 17 أ. ج.
الانقطاع يتم فى الدعوى بمعرفة السلطة المنوط بها القيام به. سواء أكان من اجراءات التحقيق أم الاتهام أم المحاكمة. وسواء أجريت فى مواجهة المتهم أو فى غيبته.
الأمر الجنائى وإجراءات الاستدلال. لا تقطع المدة إلا اذا اتخذت فى مواجهة المتهم، أو إذا أخطر بها بوجه رسمى.
الانقطاع عينى. يمتد أثره إلى جميع المتهمين فى الدعوى ، ولو لم يكونوا طرفا فى الاجراء الذى ترتب عليه الانقطاع. المادة 18 أ. ج.
(ب) خبرة. المضاهاة: لم تنظم فى قانون المرافعات ولا فى قانون الاجراءات بنصوص آمرة يترتب البطلان على مخالفتها.
اعتماد المحكمة فى تكوين عقيدتها على تقرير الخبير كان مطروحا بالجلسة، ودارت عليه المرافعة. اطمئنانها إلى صحة المضاهاة. لا تثريب
عدم طلب تحقيق اجراء معين فى خصوص عملية المضاهاة. النعى على الحكم بأنه أخل بحق الدفاع. لا يقبل
1- مفاد ما نصت عليه المادتان 17 و18 إجراءات أن المدة المسقطة الدعوى الجنائية تنقطع بأى إجراء يتم فى الدعوى بمعرفة السلطة المنوط بها القيام به سواء أكان من إجراءات التحقيق أم الإتهام أم المحاكمة، وسواء أجريت فى مواجهة المتهم أو فى غيبته. وأن هذا الانقطاع عينى يمتد أثره إلى جميع المتهمين فى الدعوى ولو لم يكونوا طرفا فى تلك الإجراءات. أما بالنسبة للأمر الجنائى وإجراءات الاستدلال فإنها لا تقطع المدة إلا إذا اتخذت فى مواجهة المتهم أو إذا أخطر بها بوجه رسمى. فإذا كانت إجراءات التحقيق التى اتخذت فى الدعوى فى مواجهة المجنى عليه والمتهم الأول قد صدرت من سلطة التحقيق المختصة وممن ندبته ندبا صحيحا من مأمورى الضبط القضائى مما تنتج أثرها فى قطع مدة التقادم بالنسبة إلى جميع المتهمين فى الدعوى فان ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من رفض الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة يكون سديدا وصحيحا فى القانون.
2- لم ينظم المشرع المضاهاة ، سواء فى قانون الإجراءات أو فى قانون المرافعات، بنصوص آمرة يترتب البطلان على مخالفتها. إذ العبرة فى المسائل الجنائية إنما تكون باقتناع القاضى بأن إجراء من الإجراءات يصح أو لا يصح أن يتخذ أساسا لكشف الحقيقة. وإذا كانت المحكمة قد رأت أن أوراق الاستكتاب التى اتخذها الخبير أساسا للمضاهاة هى أوراق تؤدى هذا الغرض، وأن المضاهاة التى تمت كانت صحيحة واطمأنت إليها المحكمة , فلا يقبل من الطاعنين العودة إلى مجادلتها فيما خلصت إليه من ذلك. ولا تثريب على المحكمة ان هى اعتمدت فى تكوين عقيدتها على تقرير الخبير المقدم فى الدعوى المدنية التى انتهت بالحكم برد وبطلان المحرر موضوع الجريمة، طالما أن هذا التقرير كان مطروحا بالجلسة ودارت عليه المرافعة.
وإذا كان الطاعنان أو المدافعان عنهما لم يطلبا تحقيق إجراء معين فى خصوص عملية المضاهاة فلا يقبل منهما النعى على الحكم المطعون فيه بقالة الاخلال بالدفاع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من آخر والطاعنين بأنهم فى يوم 27 سبتمبر سنة 1939 بدائرة مركز البلينا مديرية جرجا: أولا - اشتركوا مع موظف عمومى حسن النية هو كاتب التصديقات المختص بمحكمة البلينا الجزئية وذلك بطريق المساعدة فى ارتكاب تزوير فى محرر رسمى هو عقد البيع المنسوب صدوره من عبد الحافظ على أحمد إلى عبد المجيد محمد محمود حال تحريره المختص بوظيفته بجعله واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة مع علمهم بتزويرها بأن اتفقوا مع مجهول وأحضروه أمام الموظف سالف الذكر منتحلا شخصية عبد الحافظ على أحمد "البائع" وتسمى أمام هذا الموظف باسمه وقدم خاتما باسمه "أى البائع" وبصم به على العقد وقد تمت الجريمة بناء على هذه المساعدة وذلك الإتفاق. ثانيا - لأن المتهم الأول أيضا ... إلخ وطلبت عقابهم بالمواد 40/ 2 - 3 و41 و211 و213 و214 من قانون العقوبات. ومحكمة البلينا الجزئية قضت بتاريخ 17 يناير سنة 1960 عملا بمواد الإتهام مع تطبيق المادتين 17 و32 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهم الأول حضوريا للأول والثالث وحضوريا اعتباريا للثانى، بحبس المتهم الأول ستة أشهر مع الشغل وكفالة 10 جنيهات لوقف التنفيذ عن التهمتين وبحبس كل من المتهمين الثانى والثالث "الطاعنين" ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة 5 جنيهات لوقف التنفيذ. فاستأنف المتهمون هذا الحكم. ومحكمة سوهاج الإبتدائية قضت حضوريا بتاريخ 7 ديسمبر سنة 1960 بقبول الإستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليهما الثانى والثالث فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب، ذلك بأن الطاعنين دفعا بسقوط الحق فى إقامة الدعوى الجنائية قبلهما لمضى أكثر من عشر سنوات على تاريخ وقوع جريمة الاشتراك فى التزوير فى محرر رسمى فى 27/ 9/ 1939 التى دينا بها - دون أن يتخذ فيها إجراء قاطع للمدة إذ لم يسألا فى التحقيقات إلا فى 27 من نوفمبر سنة 1950، وقد ردت محكمة أول درجة على هذا الدفع بأن الطاعنين قد سئلا فى محضر الشرطة بتاريخ 22/ 12/ 1948 فى حين أن الذى سئل هو البائع مدعى التزوير دون غيره وتمسك الطاعنان بهذا الدفاع أمام محكمة ثانى درجة ولكنها تثبت أسباب الحكم المستأنف ولم ترد عليه.
وحيث إن الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه عرض للدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة الذى أثاره المتهم الأول فى الدعوى - الذى لم يطعن فى الحكم - ورد عليه فى قوله: "وحيث إنه عن انقضاء الدعوى فمردود بأن النيابة العامة قد تولت التحقيق فقد انتدب البوليس لسؤال المتهم المذكور وتم تنفيذا لذلك سؤاله بمحضر البوليس المرفق المؤرخ 22/ 12/ 1948 الساعة 12.55 م ووقع ببصمة ختمه على أقواله ومن ثم فلا حاجة للخوض فيما أثاره المتهم بشأن السقوط أو الانقضاء على النحو الذى ذكره باحدى مذكرتيه" لما كان ذلك، وكان يبين من المفردات التى أمرت المحكمة بضمها تحقيقا للطعن أن الجريمة المسندة إلى الطاعنين وقعت فى 27 سبتمبر سنة 1939 وبدأت النيابة العامة فى التحقيق وحددت لذلك يوم 15 أبريل سنة 1942 لسؤال المجنى عليه عبد الحافظ على أحمد حيدر والمطعون ضده فى دعوى التزوير المدنية "عبد المجيد محمد محمود" المتهم الأول فى الدعوى - وأجلت التحقيق لعدم حضورهما إلى أن سألت المجنى عليه بتاريخ 28 أبريل سنة 1942 ثم ندبت معاون بوليس مركز البلينا لسؤال طرفى الخصومة المذكورين، فقام بسؤال المجنى عليه بتاريخ 30 يناير سنة 1945 ثم ندبت النيابة العامة ضابط المركز بتاريخ 6 ديسمبر سنة 1948 لسؤال الطاعن والمطعون ضده فى دعوى التزوير المدنية "المجنى عليه والمتهم الأول فى الدعوى" وتنفيذا لهذا الندب قام الملازم أول حسين كامل ضابط مركز البلينا بسؤال المجنى عليه بتاريخ 14 ديسمبر سنة 1948 ثم سأل المتهم الأول فى الدعوى "عبد المجيد محمد محمود" بتاريخ 22 ديسمبر سنة 1948 وتوالت إجراءات التحقيق بعد ذلك فى مواجهة الطاعنين إلى أن أحيل التحقيق لقاضى التحقيق فى 6 أغسطس سنة 1952 الذى أحال المتهمين إلى غرفة الاتهام التى قررت بدورها بتاريخ 6 نوفمبر سنة 1954 إحالتهم إلى محكمة الجنح لمحاكمتهم على أساس عقوبة الجنحة. لما كان ذلك، وكانت المادة 17 من قانون الإجراءات الجنائية تجرى على أنه "تنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة، وكذلك بالأمر الجنائى أو باجراءات الاستدلال إذا اتخذت فى مواجهة المتهم أو إذا أخطر بها بوجه رسمى، وتسرى من جديد ابتداء من يوم الانقطاع. كما نصت المادة 18 على أنه إذا تعدد المتهمون فإن انقطاع المدة بالنسبة لأحدهم يترتب عليها انقطاعها بالنسبة للباقين ولو لم تكن قد اتخذت ضدهم إجراءات قاطعة للمدة". ومفاد ما تقدم أن المدة المسقطة للدعوى الجنائية تنقطع بأى إجراء يتم فى الدعوى بمعرفة السلطة المنوط بها القيام به سواء أكان من إجراء التحقيق أن الاتهام أم المحاكمة، وسواء أجريت فى مواجهة المتهم أو فى غيبته، وان هذا الانقطاع عينى يمتد أثره إلى جميع المتهمين فى الدعوى ولو لم يكونوا طرفا فيها. أما بالنسبة إلى الأمر الجنائى وإجراءات الاستدلال فإنها لا تقطع المدة إلا إذا اتخذت فى مواجهة المتهم أو إذا أخطر بها بوجه رسمى. ولما كانت إجراءات التحقيق التى اتخذت فى الدعوى فى مواجهة المجنى عليه والمتهم الأول قد صدرت من سلطة التحقيق المختصة وممن ندبته ندبا صحيحا من مأمورى الضبط القضائى مما تنتج أثرها فى قطع مدة التقادم بالنسبة إلى جميع المتهمين فى الدعوى، ومن ثم يكون ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه سديدا وصحيحا فى القانون، ويكون ما ينعاه الطاعنان عليه فى غير محله. ولا وجه لما يثيره الطاعنان من سكوت الحكم المطعون فيه عن الرد على ما أثاراه أمام المحكمة الاستئنافية فى شأن هذا الدفع طالما أن الرد عليه قد تضمنته أسباب الحكم الابتدائى التى اعتنقها الحكم المطعون فيه.
وحيث إن مبنى الوجه الثانى من الطعن هو الإخلال بحق الدفاع والقصور فى التسبيب، ذلك بأن الطاعنين تمسكا فى مرحلتى التقاضى بأن تقرير الخبير الذى ارتكنت عليه المحكمة المدنية فى التزوير لا يصلح أن يكون دليلا قاطعا عليه، لأن ورقة المضاهاة لم تكن معاصرة للعقد المطعون عليه فلا تنتج أثرها لاحتمال أن يكون للمجنى عليه أكثر من ختم واحد، وقد أطرح الحكم هذا الدفاع دون أن يحققه أو يرد عليه بما يفنده، وكان من المتعين على المحكمة أن تمحصه وألا تتقيد بالأحكام المدنية التى لا تلزمها فى قضائها.
وحيث إن الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الاشتراك فى تزوير المحرر الرسمى التى دين الطاعنان بها، وأورد على ثبوتها فى حقهما أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وأقوال الطاعنين ومن نتيجة المضاهاة التى أجراها قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعى، وهى أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الأصل أن المضاهاة لم تنظم سواء فى قانون الإجراءات الجنائية أو فى قانون المرافعات المدنية والتجارية فى نصوص آمره يترتب البطلان على مخالفتها إذ العبرة فى المسائل الجنائية إنما تكون باقتناع القاضى بأن إجراء من الإجراءات يصح أو لا يصح أن يتخذ أساسا لكشف الحقيقة. وإذا كانت المحكمة قد رأت أن أوراق الإستكتاب التى اتخذها الخبير أساسا للمضاهاة هى أوراق تؤدى هذا الغرض، وأن المضاهاة التى تمت كانت صحيحة واطمأنت إليها المحكمة، فلا يقبل من الطاعنين العود إلى مجادلة المحكمة فيما خلصت إليه من ذلك ولا تثريب على المحكمة ان هى اعتمدت فى تكوين عقيدتها على تقرير الخبير المقدم فى الدعوى المدنية التى انتهت بالحكم برد وبطلان المحرر موضوع الجريمة، طالما أن هذا التقرير كان مطروحا بالجلسة، ودارت عليه المرافعة، ولما كان الطاعنان أو المدافعان عنهما لم يطلبا تحقيق إجراء معين فى خصوص عملية المضاهاة فلا يقبل منهما النعى على الحكم بقالة الإخلال بالدفاع - لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعنان فى هذا الوجه لا يكون سديدا.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين لذلك رفضه موضوعا.