أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثانى - السنة 13 - صـ 570

جلسة 26 من يونيه سنة 1962

برياسة السيد المستشار السيد أحمد عفيفى، وبحضور السادة المستشارين: عادل يونس، وتوفيق أحمد الخشن، ومحمود اسماعيل، وحسين صفوت السركى.

(144)
الطعن رقم 1723 لسنة 32 القضائية

قتل عمد "اقتران". نقض "ما لا يجوز الطعن فيه". دفاع.
(أ) عقوبة المادة 234/ 2 عقوبات. يكفى لتطبيقها: ثبوت استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل، وتميزها عنها، وقيام المصاحبة الزمنية بينهما.
المصاحبة الزمنية: أن تكون الجنايتان قد ارتكبتا فى وقت واحد، أو فى فترة قصيرة من الزمن. تقدير ذلك. يستقل به قاضى الموضوع. المجادلة فى ذلك أمام محكمة النقض. لا تجوز. مثال.
(ب) دفاع. لفت نظره بالجلسة إلى الوصف الصحيح للتهمة بما يشددها، وإلى مادة القانون المنطبقة. خلافا لما جاء بقرار الاتهام. مطالبته بالمرافعة على هذا الأساس .لا إخلال بحق الدفاع.
1- يكفى لتغليظ العقاب عملا بالفقرة الثانية من المادة 234 عقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا فى وقت واحد أو فى فترة قصيرة من الزمن، وتقدير ذلك مما يستقل به قاضى الموضوع. فمتى قدر الحكم قيام رابطة الزمنية هذه فلا تجوز اثارة الجدل فى ذلك أمام محكمة النقض. فاذا كان الثابت من وقائع الدعوى، كما أوردها الحكم المطعون فيه، أن الطاعن شرع فى قتل ... بأن أطلق عليها عيارين ناريين قاصدا قتلها وما أن أسرعت لنجدتها والدتها ... وشقيقتها ... حتى أطلق عليهما عدة أعيرة نارية قاصدا قتلهما فقضيتا ثم أردف ذلك بقتل ... كل ذلك تم فى مسرح واحد، وقد ارتكب كل جريمة من هذه الجرائم بفعل مستقل فكونت كل منها جناية قتل قائمة بذاتها، ولما كانت جنايات القتل قد تتابعت وكانت جناية الشروع فى القتل قد تقدمتها وقد جمعتها جميعا رابطة الزمنية بما يتحقق به معنى الاقتران المنصوص عنه فى الفقرة الثانية من المادة 234 عقوبات، فان الحكم يكون قد طبق القانون تطبيقا صحيحا على واقعة الدعوى.
2- إذا كانت الدعوى قد أقيمت على المتهم بوصف أنه قتل ثلاثة أشخاص وشرع فى قتل أخرى. وطلبت النيابة عقابه عن ذلك بالمواد 45 و46 و234/ 1 عقوبات، وكان يبين من الاطلاع على محضر الجلسة أن المحكمة لفتت نظر الدفاع إلى أن جناية القتل العمد تقدمتها جناية الشروع فى القتل الأمر المنطبق على المادة 234/ 2 عقوبات وطلبت إلى الدفاع المرافعة على هذا الأساس، فان المحكمة تكون قد أعملت بذلك حكم القانون ولم تخل بحق الدفاع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 18 أبريل سنة 1961 بدائرة مركز السنبلاوين محافظة الدقهلية: أولا - قتل نعيمة على الديب وبشرى طه الديب ومصطفية سلامة منصور عمدا بأن اطلق عليهن عدة أعيرة نارية من مدفعه الرشاش قاصدا من ذلك قتلهن فأحدث بكل منهن الاصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياتهن. ثانيا - شرع فى قتل نوال طه الديب عمدا بأن أطلق عليه مقذوفين ناريين من مدفعه الرشاش قاصدا من ذلك قتلها فأحدث بها الاصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لارادته فيه وهو مساعفة المجنى عليها بالعلاج. ثالثا - أحرز بدون ترخيص سلاحا ناريا مششخنا "مدفعا رشاشا". رابعا - أحرز ذخيرة مما تستعمل فى السلاح النارى سالف الذكر دون أن يكون مرخصا له فى حمله. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 45 و46 و234/ 1 من قانون العقوبات، والمواد 1 و6 و26/ 2 - 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والقسم الثانى من الجدول رقم 3 المرفق. فقررت الغرفة ذلك. ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضوريا بتاريخ 13 مارس سنة 1962 عملا بالمادة 234/ 2 من قانون العقوبات والمواد 1 و6 و26/ 2 - 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 سنة 1954 والجدول رقم 3 مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم "الطاعن" بالاعدام شنقا وأعفته من المصاريف الجنائية. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ... الخ.


المحكمة

... حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجناية القتل العمد المقترن بجناية شروع فى قتل أخرى طبقا للفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات قد أخطأ فى تطبيق القانون وانطوى على إخلال بحق الدفاع كما شابه قصور فى التسبيب. وفى تفصيل ذلك يقول الطاعن أن إعمال حكم الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات التى دان الطاعن بها يستلزم أن يجمع المصاحبة الزمنية بين الجريمة المقترنة وبين جناية القتل وهو ما لم يتوافر فى حالة الدعوى، إذ مضت بين الجنايتين فترة من الزمن لا يتحقق بها معنى الاقتران. كما أن ما ردت به المحكمة على ما دفع به الدفاع من أن الطاعن قارف الجريمة دون شعور منه بها جاء قاصرا عن بيان ماهية ظروف الدعوى التى خلصت منها إلى أنه كان يعى ويدرك ما يفعل فضلا عن أن اعترافه وشهادة المجنى عليها نوال طه لم يقطعا بشئ مما انتهت المحكمة إليه من اعتباره كامل العقل والإدراك حين قارف جريمته - هذا إلى أن المحكمة لم توجه إلى الطاعن التهمة والوصف الجديدين وإنما اكتفت بأن طلبت إلى المدافع عنه المرافعة على الأساس الذى رأت تعديل وصف التهمة إليه مما يعتبر إخلالا بحق الدفاع.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فى قوله: "إن المتهم خليل عبد السيد جرجس كان مستأجرا من طه أحمد الديب حجرة فى منزله الكائن بناحية بندر السنبلاوين محافظة الدقهلية وتأخر فى سداد الإيجار لبضعة أشهر بالرغم من استمرار مطالبته من المؤجر وزوجته وأولاده المجنى عليهن نعيمة على الديب وبشرى طه الديب ونوال طه الديب، وقد دأبت هذه الأخيرة فى مواصلة حثه على السداد لحاجتها لنقود بمناسبة قرب زواجها فبرم المتهم من تلك المطالبة وحقد عليهن جميعا بسببها. وفى يوم 8 من ابريل سنة 1961 دخلت المجنى عليها نوال طه الديب إلى حجرة المتهم وأخذت تتحدث معه فى أمر سداد الإيجار المتأخر عليه فضاق وعزم وقتئذ على قتلها وإزهاق روحها فأطلق عليها عمدا مقذوفين ناريين من مدفع رشاش صالح للاستعمال كان يحرزه بغير ترخيص قاصدا من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى. وأسرعت إليها لنجدتها والدتها نعيمه على الديب - المجنى عليها الأولى - وشقيتها بشرى طه الديب - المجنى عليها الثانية - وما أن رآهما المتهم حتى ثار حقده عليهما وعزم على قتلهما وإزهاق روحهما فأطلق عليهما عمدا عدة أعيرة نارية من مدفعه الرشاش قاصدا من ذلك قتلهما فأحدث بهما الإصابات الموضحة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياتهما،وحدث فى أثناء ذلك أن حضرت مصطفية سلامه منصور والدة المتهم وأرادت أن تمنعه من مواصلة إطلاق النار فأطلق عليها أيضا عيارا ناريا قاصدا قتلها وإزهاق روحها فأصابها فى بطنها وأحدث بها الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياتها". وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستمدة من شهادة شهود الإثبات الذين حصل مؤدى شهادتهم، ومن اعتراف المتهم ومن التقارير الطبية الشرعية، وهى أدلة سائغة تتوافر بها كافة العناصر القانونية للجرائم التى دين الطاعن بها وتؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها - لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من نعى على الحكم فى خصوص عدم انطباق الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات على الوقائع التى دين بها مردودا بأنه يكفى لتغليظ العقاب عملا بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا فى وقت واحد أو فى فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضى الموضوع، فمتى قدر الحكم قيام رابطة الزمنية هذه فلا تجوز إثارة الجدل فى ذلك أمام محكمة النقض. وإذا كان الثابت من وقائع الدعوى، كما أوردها الحكم، أن الطاعن شرع فى قتل نوال طه الديب بأن أطلق عليها عيارين ناريين قاصدا قتلها وما أن أسرعت لنجدتها والدتها نعيمة على الديب وشقيقتها بشرى طه الديب حتى أطلق عليهما عدة أعيرة نارية قاصدا قتلهما فقضيتا، ثم أردف ذلك بقتل مصطفية سلامه منصور، كل ذلك تم فى مسرح واحد وقد ارتكب كل جريمة من الجرائم بفعل مستقل فكونت كل منهما جناية قتل قائمة بذاتها، ولما كانت جنايات القتل قد تتابعت، وكانت جناية الشروع فى القتل قد تقدمتها وقد جمعتها جميعا رابطة الزمنية بما يتحقق به معنى الاقتران المنصوص عنه فى الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات، فإن الحكم يكون قد طبق القانون تطبيقا صحيحا على واقعة الدعوى. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصوره فى استظهار الظروف والملابسات التى استخلصت منها المحكمة أنه كان يدرك ما قارفه، مردودا بما أورده الحكم فى قوله "إن المحكمة لا تعول على ما ذهب إليه المتهم من أنه قارف جريمته دون أن يحس لأن ظروف الدعوى وملابساتها واعترافه التفصيلي في التحقيقات وشهادة المجنى عليها نوال طه الديب فى التحقيقات والجلسة تقطع بأن المتهم قارف جريمته وهو كامل العقل والإدراك وكان يعى ويدرك ما يفعل". لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن المستند إلى انتفاء مسئوليته وانتهى للأسباب السائغة التى أوردها أنه كان أهلا لحمل المسئولية الجنائية لتوافر الإدراك والاختيار لديه وقت مقارفته الفعل الذى ثبت فى حقه، وكان الفصل فى ذلك يتعلق بوقائع الدعوى يقدره قاضى الموضوع دون معقب عليه فلا وجه لمجادلته فى ذلك - لما كان ما تقدم، وكان يبين من الاطلاع على محضر الجلسة أن المحكمة لفتت نظر الدفاع إلى أن جناية قتل نعيمة على الديب وبشرى الديب ومصطفية سلامة عمدا تقدمتها جناية الشروع فى قتل نوال طه الديب الأمر المنطبق على المادة 234/ 2 من قانون العقوبات، وطلبت إلى الدفاع المرافعة على هذا الأساس، ولما كانت المحكمة قد أعملت بذلك حكم القانون ولم تخل بحق الدفاع - لما كان كل ذلك، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه لا يكون له محل ويكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
وحيث إن النيابة العامة عرضت القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة رأت فيها إقرار الحكم الذى صدر بإعدام الطاعن وذلك عملا بنص المادة 46 من قانون حالات إجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى على ما سلف بيانه بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التى دين بها الطاعن وجاء خلوا من مخالفة القانون أو الخطأ فى تطبيقه أو فى تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفقا للقانون ولها ولاية الفصل فى الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه، ومن ثم فإنه يتعين إقرار هذا الحكم الصادر بإعدام الطاعن.