أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثالث - السنة 13 - صـ 621

جلسة 15 من اكتوبر سنة 1962

برياسة السيد المستشار السيد أحمد عفيفى، وبحضور السادة المستشارين: عادل يونس، وتوفيق الخشن، وأديب نصر، وحسين السركى.

(155)
الطعن رقم 944 لسنة 31 القضائية

تفتيش. تلبس. ضبط. إثبات "بوجه عام".
الإذن لمأمور الضبط القضائى بتفتيش مسكن المتهم بحثا عن أسلحة وذخائر. حقه فى إجراء التفتيش فى كل مكان يرى احتمال وجود الأسلحة والذخائر به. كشفه عرضا أثناء ذلك جريمة أخرى. تلك الجريمة متلبس بها. يجب ضبطها.
اطمئنان المحكمة إلى صحة إجراءات التفتيش، وما أسفرت عنه من ضبط جريمة اكتشفت عرضا فى حدود ما يقتضيه تنفيذ الإذن. ذلك ما لا يصح مجادلة المحكمة فيه.
لمأمور الضبط القضائى - المأذون له بتفتيش منزل المتهم للبحث عن أسلحة وذخائر - أن يجرى التفتيش فى كل مكان يرى احتمال وجود هذه الأسلحة والذخائر به، فإن كشف عرضا أثناء هذا التفتيش جريمة أخرى غير المأذون بالتفتيش من أجلها، فإنه يكون حيال جريمة متلبس بها، ويكون من واجبه ضبط ما كشف عنه هذا التفتيش - فإذا كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن ضبط المخدر لدى الطاعن وقع أثناء التفتيش عن الأسلحة والذخائر ولم يكن نتيجة سعى رجل الضبط القضائى للبحث عن جريمة إحراز المخدر، وأن أمر ضبطها كان عرضا ونتيجة لما يقتضيه أمر البحث عن الذخيرة، وكان وصف المحكمة للفافة بما يسمح بفضها على اعتبار أنها تحتوى على مقذوف للمسدس المضبوط قد بنى على نتيجة معاينتها للحرز الذى به قطعة الحشيش - على ما هو ثابت بجلسة المحاكمة - فلا يصح مجادلتها فى ذلك ويكون الضبط قد وقع صحيحا فى القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 24/ 10/ 1959 بدائرة قسم روض الفرج محافظة القاهرة: حاز جواهر مخدرة "حشيشا" فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت إلى غرفة الإتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و33 و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول 1 المرفق به. فقررت الغرفة ذلك. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة جنايات القاهرة دفع الحاضر مع المتهم ببطلان التفتيش لأنه تجاوز الغرض المقصود منه. وبتاريخ 22 يونيه سنة 1960 قضت محكمة الجنايات حضوريا عملا بمواد الإتهام - عدا المادة 33 فبدلا منها المادة 34 من القانون المذكور - بمعاقبة المتهم "الطاعن" بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه خمسمائة جنيه وبمصادرة المادة المخدرة المضبوطة. وقد ردت المحكمة فى أسباب حكمها على الدفع قائلة بأنه على غير أساس متعينا رفضه. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ... الخ


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو الخطأ فى تطبيق القانون والقصور والفساد فى التسبيب والخطأ فى الاسناد. وفى بيان ذلك يقول الطاعن إنه دفع أمام المحكمة ببطلان التفتيش لتجاوزه الغرض المقصود منه، ذلك أن النيابة بالتفتيش صدر للبحث عن سلاح وذخيرة يحرزهما الطاعن فما كان يصح لرجل الشرطة بعد أن ضبط المسدس أن يعمد إلى فتح لفافة وضبط ما بها من مخدر مع أنها لا تشف عما بها ولا يبدو ما بداخلها. ولكن المحكمة رفضت هذا الدفع والتمست عذرا غير سائغ للضابط فى فضه اللفافة بأن قالت إن فى لف ورق الغلاف حول المخدر ما يجعلها شبيهة بجسم المقذوف كما إن المحكمة أطرحت دفاعه القائم على أن المادة المخدرة دست عليه بقولها إنه اعترف بوضعه المخدر فى مكان العثور عليه مع أن هذا الإعتراف لا سند له من الأوراق، فضلا عن ثبوت إمكان دس المخدر من النافذة. ولم ترد المحكمة كذلك على ما أثاره الدفاع من تضارب ضابطى الشرطة فى أقوالهما فيمن ضبط المخدر وفى كيفية الضبط. هذا إلى أن الطاعن كان غائبا عن البيت فلما علم بالأمر سارع بالعودة ولم يهرب مما ينفى علمه أن فى البيت مخدرا.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها - لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن وما أثاره من دفاع ببطلان التفتيش فقال "وحيث إن الدفاع عن المتهم قد دفع ببطلان التفتيش بمقولة إنه تجاوز الغرض المقصود به خاصا بضبط أسلحة نارية وذخائر ولم يكن عن ضبط جواهر مخدرة، وأن اللفافة المضبوطة بما فيها لا تدل على وجود ذخائر فيها - وهو قول مردود بما اطمأنت المحكمة إلى الأخذ به من شهادة شاهدى الإثبات من أن النقيب يحيى حمدى قد أجرى ضبط المسدس أولا ثم أجرى الملازم عزت توفيق بعد ذلك تفتيش الرف الأوسط لضبط ما يوجد لدى المتهم من ذخائر فعثر عرضا على اللفافة المضبوطة وهى من ورق غير شفاف لا يكشف عما فيه، والقول بأن وضع اللفافة بما فيها من مخدر لا ينم عن وجود ذخائر على ما ذكر لا تأخذ به المحكمة، لأن فى لف ورق الغلاف حول قطعة المخدر المضبوطة ما يجعلها شبيهة بجسم طلقة الذخيرة فإذا ما كشف عنها الضابط على هذا الإعتبار وتبين جوهرها فلا تثريب عليه وهو ما اقتنعت المحكمة به على ما جاء بشهادة ضابط المباحث، لما كان ما تقدم، وكان لمأمور الضبط القضائى المأذون له بتفتيش منزل المتهم للبحث عن أسلحة وذخائر أن يجرى التفتيش فى كل مكان يرى هو إحتمال وجود هذه الأسلحة والذخائر به، فإن كشف عرضا أثناء هذا التفتيش جريمة أخرى غير المأذون بالتفتيش من أجلها، فإنه يكون حيال جريمة متلبس بها ويكون من واجبه ضبط ما كشف عنه هذا التفتيش - ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن ضبط المخدر لدى الطاعن وقع أثناء التفتيش عن الأسلحة والذخائر ولم يكن نتيجة سعى رجل الضبط القضائى للبحث عن جريمة إحراز المخدر، وأن أمر ضبطها كان عرضا ونتيجة لما يقتضيه أمر البحث عن الذخيرة، ولما كان وصف المحكمة للفافة بما يسمح بفضها على اعتبار أنها تحتوى على مقذوف للمسدس المضبوط قد بنى على نتيجة معاينتها للحرز الذى به قطعة الحشيش - على ما هو ثابت بجلسة المحاكمة - فلا يصح مجادلتها فى ذلك ويكون الضبط قد وقع صحيحا فى القانون. لما كان ما تقدم، وكان ما أبداه الدفاع من دس المخدر وإمكان حصول ذلك عن طريق النافذة المجاورة للدولاب هو دفاع موضوعى يدخل تقديره فى صميم سلطة محكمة الموضوع فلا يصح إثارته أمام محكمة النقض. ولما كان القول بأن الحكم مشوب بخطأ فى الاسناد فى شأن اعتراف الطاعن بأن المخدر له ينفيه أن له أصلا ثابتا فى الأوراق إذ جاء بمحضر ضبط الواقعة الذى أثبتت فيه إجراءات الإنتقال والتفتيش أنه "أثناء وجودنا بالحجرة حضر المدعو مطاوع على مطاوع (الطاعن) وقمنا بتفتيشه فلم نعثر معه على شئ من الممنوعات ... وبسؤال المذكور عن المضبوطات قرر أن جميع المضبوطات التى ضبطت بحجرته خاصة به ...". ولما كان من المقرر أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بأن تتبع دفاع المتهم الموضوعى فى كل جزئية يثيرها وأن ترد عليها بل أن فى إيراد أدلة الثبوت ما يفيد ضمنا إطراحها لما يثيره من دفاع لم تر الأخذ به، وكان تناقض الشهود لا يعيب الحكم ما دام قد أورد الأدلة بما لا تناقض فيه - لما كان كل ذلك , فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.