أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثالث - السنة 13 - صـ 713

جلسة 6 من نوفمبر سنة 1962

برياسة السيد المستشار السيد أحمد عفيفى، وبحضور السادة المستشارين: محمود حلمى خاطر، وعبد الحليم البيطاش، ومختار رضوان، ومحمد صبرى.

(174)
الطعن رقم 1908 لسنة 32 القضائية

قتل عمد "شروع". سلاح. عقوبة. ارتباط. حكم "تسبيبه. ما لا يعيبه" نقض "ما لا يقبل من الأسباب".
شروع فى قتل باستعمال سلاح نارى. استبعاد نية القتل واعتبار الواقعة جنحة ضرب. إدانة المتهم والقضاء بعقوبة الجريمة الأشد وهى إحراز السلاح والذخيرة للارتباط .استناد الحكم إلى أن إصابة المجنى عليه حدثت من عيار نارى مما يلزم عنه إحراز المتهم لسلاح وذخائر غير التى ضبطت ولم تثبت بها. النعى على الحكم بالفساد فى الاستدلال. لا يقبل.
إذا كانت النيابة العامة قد أسندت للطاعنين أنهما شرعا فى قتل المجنى عليهما بسلاحين كانا يحملانهما، وكان الحكم المطعون فيه قد استبعد نية القتل لعدم اقتناعه بتوافرها وانتهى إلى اعتبار الحادث جنحة منطبقة على المادة 242/ 1 عقوبات وجناية إحراز سلاح، وطبق المادة 32 عقوبات فقضى بعقوبة الجريمة الأشد، وهى العقوبة المقررة لجريمة إحراز السلاح والذخيرة، وكان الحكم لم يسند إلى الطاعنين إحراز السلاحين المضبوطين وإنما أسند إلى كل منهما إحراز السلاح والطلقة اللذين استعملهما فى الحادث واعتمد فى ذلك على أقوال المجنى عليهما ما أسفر عنه التقرير الطبى من أن إصابة كل منهما حدثت من عيار نارى معمر بالرش مما يلزم عند إحرازهما للأسلحة النارية التى أحدثت هذه الإصابات والذخائر، وهو لم يعرض للسلاحين المضبوطين إلا بصدد القضاء بمصادرتهما عملا بنص المادة 30 عقوبات، فإن النعى على الحكم بالفساد فى الاستدلال يكون فى غير محله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما فى يوم أول فبراير سنة 1959 بدائرة مركز مطاى مديرية المنيا: الأول - شرع فى قتل محمد لبيب طرقاوى عمدا بأن أطلق عليه بقصد قتله عيارا ناريا من فرد كان يحمله فأحدث به الاصابات المبينة بالتقرير الطبى الشرعى، وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مداركة المجنى عليه بالعلاج. والثانى - شرع فى قتل أحمد دكرورى حسانين عمدا بأن أطلق عليه بقصد قتله عيارا ناريا من فرد كان يحمله فأحدث به الاصابات المبينة بالتقرير الطبى الشرعى، وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مداركة المجنى عليه بالعلاج. وطلبت النيابة من غرفة الاتهام إحالتهما على محكمة الجنايات لمحاكمتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بقرار الاحالة. فقررت الغرفة ذلك. ومحكمة جنايات المنيا قضت حضوريا بتاريخ 10 من ديسمبر سنة 1960 عملا بالمواد 1 و6 و26/ 1 - 4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول المرافق وبالمواد 242/ 1 و 32 و30 من قانون العقوبات وذلك بالنسبة للمتهمين بمعاقبة كل منهما بالسجن لمدة ثلاث سنوات. فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض ... ألخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو فساد الاستدلال، ذلك أن الحكم المطعون فيه اعتمد فى إدانة الطاعنين على أقوال المجنى عليهما والتقارير الطبية على الرغم مما شاب إجراءات التحريز من خلط بين البيانات المدرجة على حرزى الفردين المضبوطين مما يبطل النتائج التى انتهى إليها التقرير الطبى الشرعى - كما استند الحكم فى إدانة الطاعنين إلى التقرير الطبى وحصله بما مؤداه أن المجنى عليهما أصيبا بجروح نارية صغيرة بمقدم الفخذ الأيمن من اطلاق عيار نارى معمر بالرش من مسافة تزيد على أربعة أمتار والتفت عما جاء بهذا التقرير بشأن تعذر تحديد المسافة بالضبط لعدم وجود دائرة كاملة لإنتشار الرش وهو ما يستفاد منه عدم ترجيحه بين المسافة التى زعمها المجنى عليهما وهى ثمانية أمتار والمسافة البعيدة التى تتفق والتصوير السليم للحادث وهو أن الأعيرة النارية أطلقت من مكان المتشاجرين البعيد عن مكان وجود المجنى عليهما الأمر الذى يتعذر معه عليهما رؤية مطلق العيار وتمييزه من بين المتشاجرين. يضاف إلى ذلك أن الحكم انتهى إلى نسبة السلاح المضبوط إلى الطاعنين إستنادا إلى ضبطه فى أرض مجاورة لمكان الحادث، مع أن هذا السلاح كما هو ثابت من التحقيق ضبط بماكينة مهجورة تبعد عن مكان الحادث بحوالى 500 متر حسبما ذكر الضابط وهو مكان لا يمت للطاعنين بصلة فضلا عن أن أحدا لم يشهد برؤيتهما يخفيان فيه السلاح أو حتى يتجهان إليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بقوله "إنه فى يوم أول فبراير سنة 1959 بدائرة مركز مطاى حصل نزاع بين أحمد دكرورى حسانين وبين منير عبد الحكم مرسى بسبب الرى ثم تطور النزاع وحضر فريق الثانى وبعضهم يحمل بنادق وأطلق محمد عبد المقصود عيارا ناريا من فرد خوطوش غير مرخص على أحمد دكرورى فأصابه فى فخذه الأيمن، وعندئذ حضر محمد لبيب طرفاوى وطلب منه ومن فريقه أن يكفوا أيديهم عن الاعتداء فأطلق عليه طلعت حافظ حسين عيارا ناريا من فرد خرطوش غير مرخص فأصابه فى فخذه الأيمن". واستند الحكم فى الادانة إلى أقوال أحمد الدكرورى ومحمد لبيب طرفاوى اللذين حصل أقوالهم بما مؤداه أن الأول شهد بحصول نزاع بينه وبين من يدعى منير عبد الحكم وبعد ذلك أحضر الثانى أقاربه ومن بينهم محمد محمد عبد المقصود - الطاعن الثانى - الذى أطلق عليه عيارا ناريا أصابه فى فخذه من الأمام وكان على مسافة نحو قصبتين منه، وأن الثانى شهد بأن كان فى زراعته فسمع ضجة فاتجه إلى مصدرها فشاهد طلعت حافظ حسين - الطاعن الأول - حاملا فردا فطلب إليه أن يخلد إلى الهدوء فما كان منه إلا أن أطلق عليه عيارا ناريا أصابه فى فخذه الأيمن وكان فى مواجهته وعلى بعد نحو قصبتين منه. كما استند إلى ما تبين من الكشف الطبى الموقع على المجنى عليهما من أن بكل منهما جروحا نارية صغيرة بمقدم الفخذ الأيمن من إطلاق عيار نارى معمر بالرش من مسافة تزيد على أربعة أمتار. واستبعد الحكم المطعون فيه نية القتل لعدم اقتناعه بتوافرها، وانتهى إلى اعتبار الحادث جنحة منطبقة على المادة 242/ 1 من قانون العقوبات وجناية إحراز سلاحا، وطبق المادة 32 من قانون العقوبات وقضى بعقوبة الجريمة الأشد وهى العقوبة المقررة لجريمة إحراز السلاح والذخيرة التى دان الطاعنين بها استنادا إلى أقوال المجنى عليهما آنفى الذكر. وعرض الحكم للفردين المضبوطين ولم ينسب إحرازهما إلى الطاعنين ولكنه قضى بمصادرتهما عملا بنص المادة 30 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما فى حقهما أدلة سائغة لها أصلها الثابت فى الأوراق وتؤدى إلى ما رتب عليها، وكان الحكم لم يعول فى إدانة الطاعنين على الفردين المضبوطين أو تقرير فحصهما فإن ما ينعاه الطاعنان استنادا إلى ما شاب إجراءات التحريز من خلط لا يكون له أساس. ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن الطاعنين هما اللذان أطلقا العيارين على المجنى عليهما وأصابهما مستندا فى ذلك إلى أدلة صحيحة لها أصلها الثابت فى الأوراق استقاها من أقوال المجنى عليهما المؤيدة بما أسفر عنه التقرير الطبى من إصابة كل منهما بعيار معمر بالرش أطلق من مسافة تزيد على أربعة أمتار، فإنه لا يقبل من الطاعنين ما يثيرانه عن مسافة الاطلاق مما لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض - لما كان ما تقدم، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه لم يسند إلى الطاعنين إحراز الفردين المضبوطين وإنما أسند إلى كل منهما إحراز الفرد والطلقة اللذين استعملهما فى الحادث واعتمد فى ذلك على أقوال المجنى عليهما وما أسفر عنه التقرير الطبى من أن إصابة كل منهما حدثت من عيار نارى معمر بالرش مما يلزم عنه إحرازهما للأسلحة النارية التى أحدثت هذه الاصابات ولذخائرها، وهو لم يعرض للفردين المضبوطين إلا بصدد القضاء بمصادرتهما، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.