أحكام النقض - المكتب الفني- جنائى
العدد الثالث - السنة 13 - صـ 637

جلسة 16 من أكتوبر سنة 1962

برياسة السيد/ محمد متولى عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود حلمى خاطر، عبد الحليم البيطاش، وأديب نصر، ومختار رضوان.

(158)
الطعن رقم 2402 لسنة 31 القضائية

تهديد. قصد جنائى.
ركن القصد الجنائى. فى جريمة التهديد. متى يتوافر؟ ثبوت أن الجانى ارتكب التهديد وهو يدرك أثره فى نفس المجنى عليه.
قصد الجانى إلى تنفيذ التهديد فعلا، وتعرف الأثر الفعلى للتهديد فى نفس المجنى عليه. لا أهمية لذلك.
ركن القصد الجنائى فى جريمة التهديد بالقتل المصحوب بطلب يتوافر متى ثبت أن الجانى ارتكب التهديد وهو يدرك أثره من حيث إيقاع الرعب فى نفس المجنى عليه، بغض النظر عما إذا كان الجانى قد قصد إلى تنفيذ التهديد فعلا، ومن غير حاجة إلى تعرف الأثر الفعلى الذى أحدثه التهديد فى نفس المجنى عليه. فإذا كان القرار المطعون فيه قد خلط بين القصد والباعث بأن جعل الباعث معيارا لثبوت القصد أو نفيه فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون ما يستوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم بأنهم منذ ثلاثة أيام سابقة على 3/ 1/ 1960 بدائرة مركز نجع حمادى محافظة قنا: أولا - المتهمون الثلاثة: هددوا نادر بندرى جرجس كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس معاقب عليها بالقتل، وكان التهديد مصحوبا بطلب، بأن أرسلوا إليه بطريق البريد كتابا يهددونه فيه بالقتل إن لم يقم بتحرير عقد إيجار أطيان يمتلكها محمد أحمد جاد. ثانيا - المتهم الأول أيضا: - ارتكب تزويرا فى محرر عرفى هو الخطاب المرسل للمجنى عليه سالف الذكر وذلك بطريق الاصطناع بوضع عبارات وختم مزور لمحمد أحمد جاد ونسب صدوره زورا إليه. ثالثا - المتهمان الثانى والثالث: أولا - اشتركا مع المتهم الأول بطريق الاتفاق والمساعدة فى ارتكاب الجريمة سالفة الذكر بأن اتفقا معه على ارتكابها وساعداه عليها بأن قدما له ختم محمد أحمد جاد للتوقيع به على الخطاب فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. ثانيا - استعملا المحرر العرفى المزور سالف الذكر بأن أرسلاه لنادر بندرى جرجس بطريق البريد. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبة المتهم الأول بالمواد 211 و215 و327/ 1 من قانون العقوبات والمتهمين الثانى والثالث بالمواد 40/ 2 - 3 و41 و211 و 215 و327 من قانون العقوبات. وبتاريخ 16 يناير سنة 1961 قررت الغرفة: أولا - بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى العمومية بالنسبة للمتهمين عن التهمة الأولى. ثانيا - بإحالة المتهمين إلى محكمة الجنح المختصة لمعاقبتهم عن باقى التهم المسندة إليهم طبقا للقيد والوصف المحالة بهما الدعوى. فطعنت النيابة العامة فى هذا القرار بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو الخطأ فى تطبيق القانون وتأويله، ذلك أن القرار المطعون فيه أخطأ عند التحدث عن القصد الجنائى وتوفره فى حق المطعون ضدهم بأن خلط بين القصد والباعث مستندا فى نفى توفر ركن القصد الجنائى لجريمة التهديد بالقتل إلى ما قرره المجنى عليه من أن خطاب التهديد لم يترك أثرا فى نفسه، فى حين أن مناط القصد إنما ينصب على ما قارفه المتهم، ولا ينبغى أن يدخل فيه الأثر الذى أحدثه التهديد فى نفس المجنى عليه. كما جاء فى القرار المطعون فيه فى نفى توافر القصد الجنائى لدى المتهم الأول، أنه مجرد كاتب عمومى لم يقصد التهديد بالقتل وإنما كان غرضه الحصول على الأجر، وفى ذلك خلط بين الباعث وركن القصد الجنائى.
وحيث إن القرار المطعون فيه بعد أن حصل واقعة الدعوى عرض لركن القصد الجنائى فى جريمة التهديد بالقتل المصحوب بطلب "المسندة إلى المطعون ضدهم" وأثبت أن القصد الجنائى هو أن يكون الجنانى مدركا وقت مقارفته الجريمة أن قوله أو كتابته من شأن أيهما أن يزعج المجنى عليه. ثم أورد فى مقام التدليل على نفى توفر هذا القصد قوله "ومن حيث إن الثابت من مطالعة أوراق الدعوى أن المتهم الأول قرر بأنه لا نزاع بينه وبين المجنى عليه، ولم يكن يقصد تهديده بكتابة هذا الخطاب وما هو إلا مجرد كاتب عمومى هدف من تحريره إلى الحصول على أجر، كما تبين من أقوال نفس المجنى عليه أن المتهمين جميعا لا يقصدون من هذا المحرر تهديده ولكن مجرد الإيقاع بمحمد أحمد جاد وإيذائه ولم يترك فى نفسه أثرا" ثم انتهى إلى القول بأنه "وحيث إنه بالتطبيق لما سلف فإن التهمة الأولى المسندة إلى المتهمين تكون مفتقرة إلى ركن القصد الجنائى .. ومن ثم يتعين التقرير بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى".
وحيث إنه لما كان ركن القصد الجنائى فى جريمة التهديد بالقتل المصحوب بطلب يتوافر متى ثبت أن الجانى ارتكب التهديد وهو يدرك أثره من حيث إيقاع الرعب فى نفس المجنى عليه بغض النظر عما إذا كان الجانى قد قصد إلى تنفيذ التهديد فعلا، ومن غير حاجة إلى تعرف الأثر الفعلى الذى أحدثه التهديد فى نفس المجنى عليه، وكان القرار المطعون فيه وإن أورد القاعدة القانونية الصحيحة إلا أنه عندما تعرض لتطبيقها على واقعة الدعوى المطروحة أمامه خلط بين القصد والباعث بأن جعل الباعث معيارا لثبوت القصد أو نفيه مخالفا بذلك عند التطبيق ما أحاط به إيراد القاعدة القانونية على الوجه الصحيح مما يعتبر خطأ فى تطبيق القانون وتأويله يتعين معه نقضه وإعادة القضية لمستشار الإحالة بمحكمة قنا باعتبار الواقعة جناية تهديد بالقتل مصحوب بطلب الأمر المنطبق على المادة 327/ 1 من قانون العقوبات.