أحكام النقض - المكتب الفني- جنائى
العدد الثالث - السنة 13 - صـ 741

جلسة 19 من نوفمبر سنة 1962

برياسة السيد المستشار السيد أحمد عفيفى، وبحضور السادة المستشارين: محمود حلمى خاطر، وعبد الحليم البيطاش، ومختار رضوان، ومحمد صبرى.

(181)
الطعن رقم 1782 لسنة 32 القضائية

وصف التهمة. محاكمة "إجراءاتها". دفاع. عاهة مستديمة.
إحالة المتهم لمحكمة الجنايات بتهمة العاهة المستديمة. قيام المحكمة بتغيير التهمة إلى ضرب أحدث بالمجنى عليه إصابة أخرى، وتبرئة المتهم من تهمة العاهة لعدم ثبوت نسبتها إليه بالذات. ذلك تغيير يقتضى تنبيه المتهم إليه. مخالفة ذلك ومعاقبته عن التهمة الجديدة. إخلال بحق الدفاع.
إذا كانت الدعوى الجنائية قد أقيمت على الطاعن الأول لإحداثه عمدا بالمجنى عليه إصابة تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة، ولأن الطاعنين الثانى والثالث أحدثا بالمجنى عليه نفسه إصابات أعجزته عن أعماله الشخصية مدة تزيد عن عشرين يوما، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى القول بأن المحكمة لا تطمئن إلى نسبة العاهة إلى الطاعن الأول وحده وانتهى إلى تبرئته من هذه التهمة ودان الطاعنين الثلاثة باعتبار أنهم ضربوا المجنى عليه عمدا فأحدثوا به الاصابات التى أعجزته عن أعماله الشخصية مدة تزيد عن عشرين يوما طبقا لنص المادة 241/ 1 عقوبات، وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن مرافعة الدفاع دارت حول الوصف الوارد بأمر الاحالة دون أن تعدل المحكمة التهمة فى مواجهة الطاعن الأول أو تلفت نظر الدفاع إلى هذا التعديل كى يعد دفاعه على أساسه مما يبطل إجراءات المحاكمة. ذلك أن المحكمة وإن كانت غير مقيدة بالوصف الوارد بأمر الاحالة بل إن من واجبها أن تطبق على الواقعة المطروحة عليها وصفها القانونى الصحيح، إلا أنه إذا تعدى الأمر مجرد تعديل الوصف إلى تغيير التهمة ذاتها بتحوير كيان الواقعة المادية التى أقيمت بها الدعوى وبنيانها القانونى والاستعانة فى ذلك بعناصر أخرى خلاف التى أقيمت بها الدعوى - كتعديل التهمة من إحداث إصابة معينة نشأت عنها عاهة إلى ضرب أحدث إصابة أخرى بالمجنى عليه غير التى وردت بأمر الاحالة والتى دارت عليها المرافعة - فان هذا التغيير يقتضى من المحكمة تنبيه المتهم إليه ومنحه أجلا لتحضير دفاعه إذا ما طلب ذلك. لما كان ما تقدم، وكانت المحكمة لم تنبه الطاعن الأول إلى هذا التعديل فانها تكون قد أخلت بحقه فى الدفاع مما يستوجب نقض الحكم والاحالة بالنسبة إلى الطاعنين جميعا نظرا لوحدة الواقعة وتحقيقا لحسن سير العدالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم فى يوم أول أغسطس سنة 1956 بدائرة قسم حلوان محافظة القاهرة: الأول "الطاعن الأول" - أحدث عمدا بعبد الحليم عبد الباقى الإصابات المبينة بالتقرير الطبى الشرعى والتى تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هى إعاقة فى نهاية حركات مفصل الرسغ الأيسر وتيبس بسيط فى حركة ثنى أصابع اليد اليسرى مما ينقص من قدرته على العمل ينحو 12%. والثانى و الثالث "الطاعنان الثانى والثالث" - أحدثا عمدا بعبد الحليم عبد الباقى قطايف الإصابات المبينة بالتقرير الطبى الابتدائى والشرعى والتى أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة تزيد على عشرين يوما. وطلبت من غرفة الإتهام إحالتهم على محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمادتين 240/ 1، 241/ 1 من قانون العقوبات. فقررت الغرفة ذلك. وقد أدعى المجنى عليه بحق مدنى قدره 200 جنيه قبل المتهمين متضامنين. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا بتاريخ 8 فبراير سنة 1961 عملا بالمادة 241/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين "الطاعنين" بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور وإلزامهم بالتضامن بأن يدفعوا للمدعى بالحق المدنى مبلغ ثلاثين جنيها والمصاريف المدنية المناسبة ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة، وذلك على اعتبار أن التهمة بالنسبة لجميع المتهمين هى إحداث إصابات تقرر لعلاجها مدة تزيد على العشرين يوما. فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ فى القانون والإخلال بحق الدفاع، ذلك أن المحكمة وقد قضت ببراءة الطاعن الأول من تهمة إحداث العاهة ما كان لها بعد ذلك أن تدينه بتهمة الضرب الذى أعجز المجنى عليه عن أعماله الشخصية مدة تزيد عن عشرين يوما وهى واقعة غير الواقعة التى رفعت بها الدعوى والتى تضمنها أمر الإحالة دون أن تلفت نظره إلى الإتهام الجديد وتسمع دفاعه فيه.
وحيث إن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعن الأول لإحداثه عمدا بالمجنى عليه الإصابة المبينة بالتقرير الطبى الشرعى والتى تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة، ولأن الطاعنين الثانى والثالث أحدثا بالمجنى عليه نفسه إصابات أعجزته عن أعماله الشخصية مدة تزيد عن عشرين يوما. وقد بين الحكم المطعون فيه واقعة الدعوى ثم خلص إلى أن "المحكمة لا تطمئن إلى نسبة العاهة إلى المتهم الأول - الطاعن الأول - وحده بعد التردد الذى شاب أقوال المجنى عليه أمام البوليس وبعد ذلك عند استجوابه بمعرفة النيابة ويكون المتهم بإحداث العاهة مجهولا بين المتهمين فيتعين تبرئة المتهم الأول من تهمة الجناية" ثم انتهى إلى إدانة الطاعنين الثلاثة بضرب المجنى عليه عمدا فأحدثوا به الإصابات التى أعجزته عن أعماله الشخصية مدة تزيد عن عشرين يوما الأمر المعاقب عليه بالمادة 241/ 1 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان يبين من الإطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن مرافعة الدفاع دارت حول الوصف الوارد بأمر الإحالة دون أن تعدل المحكمة التهمة فى مواجهة الطاعن الأول أو تلفت نظر الدفاع إلى هذا التعديل كى يعد دفاعه على أساس مما يبطل إجراءات المحاكمة، ذلك أن المحكمة وإن كانت غير مقيدة بالوصف الوارد بأمر الإحالة بل إن من واجبها أن تطبق على الواقعة المطروحة عليها وصفها القانونى الصحيح إلا أنه إذا تعدى الأمر مجرد تعديل الوصف إلى تغيير التهمة ذاتها بتحوير كيان الواقعة المادية التى أقيمت بها الدعوى وبنيانها القانونى والاستعانة فى ذلك بعناصر أخرى خلاف التى أقيمت بها الدعوى - كتعديل التهمة من إحداث إصابة معينة نشأت عنها العاهة إلى ضرب أحدث إصابة أخرى بالمجنى عليه غير التى وردت بأمر الإحالة والتى دارت عليها المرافعة - فإن هذا التغير يقتضى من المحكمة تنبيه المتهم إليه ومنحه أجلا لتحضير دفاعه إذا ما طلب ذلك عملا بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ما تقدم، وكانت المحكمة لم تنبه الطاعن الأول إلى هذا التعديل فإنها تكون قد أخلت بحقه فى الدفاع مما يستوجب نقض الحكم والإحالة دون حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى، وذلك بالنسبة إلى الطاعنين جميعا نظرا لوحدة الواقعة وتحقيقا لحسن سير العدالة مع إلزام المطعون ضده المصاريف.