أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 3 ـ صـ 141

جلسة 5 من نوفمبر سنة 1951
(53)
القضية رقم 1038 سنة 21 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك ومحمد أحمد غنيم بك وإسماعيل مجدي بك وباسيلي موسى بك المستشارين.

حكم. تسبيبه. دفاع شرعي. نفيه بناء على أسباب غير مؤدية إلى ذلك. حكم معيب.
إذا كانت المحكمة بعد أن أثبتت أن المجني عليه دخل الحديقة التي يحرسها المتهم ليلاً وشرع في السرقة منه قد نفت صدور فعل من المجني عليه يستوجب الدفاع الشرعي من المتهم، ورتبت على ما قالته من فرار المجني عليه ابتعاد خطره، دون أن تبين في حكمها أنها وزنت الظروف التي وجد فيها المتهم بفعل المجني عليه وهل كان مجرد شروع هذا الأخير في الفرار كافياً لأن يعيد إلى المتهم طمأنينته إلي أن الخطر قد زال مع أن المجني عليه كان لا يزال في الحديقة وكان الوقت مظلماً - فإن حكمها بذلك يكون مشوباً بفساد الاستدلال متعيناً نقضه


الوقائع.

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة مركز أبنوب مديرية أسيوط -قتل أحمد علي السنط بأن أطلق عليه عيارين ناريين قاصدا قتله فأحدث به الإصابات المبينة في تقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، وطلبت إلي قاضي الإحالة إحالته إلي محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 234/1 من قانون العقوبات فقرر بذلك . ومحكمة جنايات أسيوط قضت عملا بمادة الاتهام بمعاقبة المتهم محمود صالح سليمان بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنين .فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض ...الخ.


المحكمة

...حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه حين دانه بالقتل العمد جاء قاصراً وأقيم على أدلة لا تؤدي إلى ما انتهي إليه ذلك بأنه دافع بأنه كان في حالة دفاع شرعي إذ كان يقوم وحده بحراسة حديقة منعزلة في ليلة من ليالي شهر يناير وفوجئ بلصوص يسرقون الأخشاب فذعر واستعمل سلاحه فأصيب المجني عليه الذي وجد بذات الحديقة وبجواره عصا غليظة بها صامولة مما يتبين منه أن الخطر الذي كان ماثلاً أمام الطاعن وقت أن فوجئ ليلاً بالسرقة كان خطراً حقيقياً إلا أن المحكمة لم تأخذ بما تمسك ودافع به وردت عليه رداً لا ينفي قيام حق الدفاع الشرعي فضلاً عن أنها أغفلت التعرض لما قاله عن العصا ووجود آخرين مع القتيل عند السرقة مع ما لهذا من أثر على تقدير موقفه عند الاعتداء وبالتالي على الرأي الذي انتهت إليه المحكمة عنه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى والأدلة التي استند إليها ومنها المعاينة تعرض لدفاع الطاعن فقال: "وحيث إن المحكمة لا تأخذ بهذا الدفاع لأن الثابت من وقائع الدعوى وظروفها ومن نفس أقوال المتهم أن المجني عليه شرع في سرقة أخشاب من عريشة العنب ولما ناداه المتهم فر هارباً داخل الحديقة دون أن يحمل أي شيء من المسروقات فأطلق عليه العيارين الناريين فأصابه ونشأت عن ذلك وفاته- ومؤدي هذه الوقائع أن المجني عليه لم يأت أي عمل يؤدي إلى تخوف المتهم أو يستوجب الدفاع بل بالعكس من ذلك فإن هذه الوقائع تؤدي إلى القول بفرار المجني عليه وابتعاد خطره عن المتهم كما تنبئ بعدم قيام أسباب معقولة تبيح للمتهم أن يتخوف من وقوع خطره محدق حال على وشك الوقوع - إذ يجب أن يكون للتخوف أسباب جدية معقولة بعيدة عن الرعونة والاندفاع الذي ينم عن الاستخفاف بالأرواح، وعلاوة على ذلك فإن المحكمة لا تطمئن إلى قول المتهم بأنه شاهد على ضوء العيار الأول شيئاً بيد المتهم ترتب عليه ذعره وخوفه لأنه لم يذكر في بدء التحقيق ولأنه من غير المعقول أن يبصر شيئاً على ضوء العيار، وما ذكر هذه الواقعة أخيراً إلا ليتخلص من مسئوليته وليبرر جريمته. وحيث إنه لا محل لتطبيق أي حالة من حالات الدفاع الشرعي الأخرى المنصوص عليها في المادتين 249 و250 من قانون العقوبات لعدم توفرها". ويبين من ذلك أن المحكمة نفت صدور فعل من المجني عليه يستوجب الدفاع رغماً مما أثبته من أنه دخل الحديقة التي يحرسها المتهم ليلاً وشرع في السرقة منها فعلاً وأنها رتبت على ما قالته من فرار المجني عليه ابتعاد خطره دون أن يبين من الحكم أنها وزنت الظروف التي وجد فيها الطاعن بفعل المجني عليه، وهل كان مجرد شروع هذا الأخير في الفرار كافياً لأن يعيد الثقة لدى الطاعن بأن الخطر قد زال مع أن المجني عليه كان لا يزال في الحديقة وكان الوقت مظلماً. ولما كان الأمر كذلك، فإن الحكم يكون مشوباً بفساد الاستدلال مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه.