أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 3 ـ صـ 83

جلسة 22 أكتوبر سنة 1951
(35)
القضية رقم 864 سنة 21 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وإبراهيم خليل بك ومحمد أحمد غنيم بك وإسماعيل مجدي بك المستشارين.

أ - تزوير في أوراق رسمية. تغيير المبالغ المثبتة في الإيصالات المحررة بمعرفة كاتب المحكمة عن مقدار الرسوم المدفوعة للخزانة. تزوير في أوراق رسمية. لا قيمة للباعث في هذا الشأن.
ب - إثبات. قواعد الإثبات. ليست من النظام العام. عدم تمسك المتهم بعدم جواز الإثبات بالبينة أمام محكمة الموضوع. لا يجوز إثارة ذلك أمام محكمة النقض.
1 - متى كان واضحاً بالحكم أن التغيير الذي حصل في الاستمارات رقم 155 ع. ج ( قسائم التوريد) قد وقع من المتهم في قيمة المبالغ المثبتة في الوصول المحررة بمعرفة كاتب المحكمة عن مقدار الرسوم المدفوعة للخزانة، وهو الموظف المختص بحكم وظيفته بتحريرها، فإن التغيير يكون حاصلاً فيما أعدت هذه المحررات لإثباته، وتكون المحكمة إذ دانته بالتزوير في أوراق رسمية قد طبقت القانون تطبيقاً صحيحاً. ولا قيمة في هذا الشأن للباعث الذي دفع المتهم على ارتكاب التزوير.
2 - إن قواعد الإثبات ليست من النظام العام . فإذا كان المتهم لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بعدم جواز الإثبات بالبينة فليس له أن يثير ذلك أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العمومية الطاعن بأنه في خلال سنتي 1946 و1947 الموافق سنتي 1365 و1366 بدائرة بندر ومديرية أسيوط - أولاً - ارتكب تزويراً في أوراق رسمية هي الاستمارات رقم 155 ع. ج. الإيصالات رقم 296873 و296874 و296985 و298953 و29895 و298949 و296989 و296986 و298891 مجموعة ز - أ. وذلك بأن غير بقصد التزوير المبالغ المثبتة أصلاً بالاستمارات سالفة الذكر واستبدلها بأرقام وعبارات تزيد قيمة عن المبالغ التي دفعها فعلاً والثابتة فعلاً في الاستمارات. وثانياً: استعمل الاستمارات المزورة سالفة الذكر بأن قدمها لدائرة علي بك خشبة واستلم قيمتها مع علمه بتزويرها - ثالثاً - بدد مبلغ 16ج 598 م لدائرة علي خشبة إضراراً بها وكانت قد سلمت إليه على سبيل الوكالة لتوريدها لخزينة محكمة أسيوط فلم يفعل واختلسها لنفسه، وطلبت من قاضي الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 211 و212 و214 و341 من قانون العقوبات، فقرر بإحالتها إلى محكمة جنح أسيوط الجزئية للفصل فيها على أساسا عقوبة الجنحة لظروف الدعوى، ووافقت النيابة العمومية على ذلك. والمحكمة قضت بحبس المتهم ثلاثة شهور مع الشغل عن التهم الثلاث وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ وذلك عملاً بمواد الاتهام المطلوب محاكمته بها وبالمادة 32 من قانون العقوبات. فاستأنف، ومحكمة أسيوط الابتدائية قضت بتأييد الحكم المستأنف وذلك عملاً بالمواد المذكورة آنفاً وبالمادة 17 من قانون العقوبات. فطعن المحكوم عليه في الحكم الأخير بطريق النقض. الخ


المحكمة

...حيث إن الطاعن يقول في طعنه إن الحكم المطعون فيه إذ دانه بالتزوير في أوراق رسمية واستعمالها وبالتبديد قد أخطأ في تطبيق القانون وأخل بحقه في الدفاع. ذلك بأن المحكمة قد اعتبرت التزوير الواقع في الاستمارات والإيصالات تزويراً في أوراق رسمية، مع أن الكتابة كانت محررة بخط معروف وبمداد يختلف عن مداد المحرر الأصلي، ولم يكن القصد التمسك بهذه الأوراق قبل الخزانة، بل للحصول على قيمتها من دائرة المجني عليه. كما أنه دافع بأن المعاملة بينه وبين دائرة مخدومه كانت بالكتابة، فلم يكن من المعقول أن تسلم إليه مبالغ كبيرة يزيد مقدارها عن النصاب الجائز إثباته بالبينة بدون وصول. ولكن المحكمة خالفت حكم القانون، وقبلت الإثبات بالبينة، وسمعت الشهود. ويضيف الطاعن أنه طلب إلى المحكمة استحضار دفاتر التسليم والتسلم الموجودة بقلم كتاب المحكمة والثابت فيها أن الأوراق والقسائم لم تكن مسلمة إليه بل إلى غيره، إلا أن المحكمة دانته دون أن تجيب هذا الطلب أو ترد عليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله: "إنها تتحصل في أن المتهم كان يعمل محصلاً في دائرة المرحوم سيد باشا خشبة وكان يقوم بعملية توقيع الحجوزات التحفظية على مستأجري الدائرة ولما مرض المتهم في سنة 1947، عهدت الدائرة إلى عزيز ناروز صراف الدائرة بالقيام بعمل المتهم، ولما قام بتوقيع الحجوزات التحفظية الصيفية اكتشف تلاعباً في الحجوزات الشتوية التي قام المتهم بتوقيعها إذ تبين له أنه حصل رسوماً على عقود لم يستصدر عنها أمر حجز تحفظي، فأبلغ علي بك خشبة القائم بأعمال الدائرة، ولما قام الأخير بفحص الموضوع ظهر له أن هناك تلاعباً أيضاً في إيصالات الرسوم المقدمة من المتهم بزيادة المبالغ الثابتة بهذه الإيصالات عن المبالغ الثابتة علي أصل هذه الإيصالات الموجودة بالمحكمة، وأن مجموع المبالغ الثابتة بالإيصالات المقدمة من المتهم للدائرة هو مبلغ 37ج و558 م حالة أن مجموع المبالغ الثابتة على أصل هذه الإيصالات هو مبلغ 20ج و960م، فيكون المتهم قد اختلس الفرق بين المبلغين وقدره 16ج 598 م. وحيث إنه تبين من الاطلاع على الإيصالات المزورة ومقارنتها بالأصول في دفاتر التحصيل أن الإيصال الأول رقم 298891 مجموعة صرف ذ مبلغ 2 ج و400 م باسم عثمان بك سيد ضد رياض أحمد بتاريخ 20/ 7/ 1947 عليه ختم أزرق لوزارة المالية وبالرجوع إلى أصل هذا الإيصال بدفتر التحصيل اتضح أنه خاص بمبلغ 6 ج ،50 م دفعت من محمد محمد مقلد في القضية 413 سنة 1946 وأن الإيصال الثاني رقم 298949 بمبلغ 3 ج و200 م باسم عثمان بك سيد رسوم على جريس تارضروس بتاريخ 22/ 3/ 1947 وبالرجوع إلى أصل هذا الإيصال تبين أنه خاص بمبلغ 200م دفعت من عبد الرحمن عبد الراضي رسوم قضية ضد علي أحمد بتاريخ 22/ 3/ 1947 والإيصال الثالث رقم 298952 بمبلغ 2ج و8 م باسم عثمان بك سيد فرق رسوم في قضية ضد عبد العظيم الجلداوي بتاريخ 23/ 2/ 1947 وبالرجوع إلى أصل هذا الإيصال تبين أنه عن مبلغ 80 م من أحمد أبو زيد فرق رسم في القضية 262 سنة 1946 ضد حسن يوسف بتاريخ 22/ 3/ 1947 والإيصال الرابع برقم 298953 بمبلغ 1 ج و230م من عثمان بك سيد رسم القضية المرفوعة ضد سليم جمعه بتاريخ 12/ 3/ 1947 وبالرجوع إلى أصل هذا الإيصال تبين أنه عن مبلغ 230م مدفوع من عبد العال أحمد رسم تصديق لعمل توكيل بتاريخ 12/ 3/ 1947 والإيصال الخامس برقم 296873 بمبلغ 1 ج و500 مليم من عثمان بك سيد ضد أحمد عمر ومحمد حماد بتاريخ 20/ 3 وبالرجوع إلى أصل هذا الإيصال تبين أنه عن مبلغ 300 م من عثمان بك سيد رسم قضية ضد أحمد عمر والإيصال السادس رقم 296587 بمبلغ 1 ج و600 م مدفوع من عثمان بك سيد ضد إسماعيل عبد المقصود بتاريخ 20/ 3/ 1947 وبالرجوع إلى الأصل تبين أنه عن مبلغ 600 م مدفوع من عثمان بك سيد في قضية ضد إسماعيل عبد المقصود، والإيصال السابع رقم 296875 بمبلغ 2ج و665 م باسم عثمان بك سيد ضد مرسي جبالي بتاريخ 2/ 3/ 1947، وبالرجوع إلى الأصل تبين أنه عن مبلغ 1 ج و945 م من عثمان بك سيد ضد مرسي جبالي في 2/ 3/ 1947، والإيصال الثامن برقم 296985 بمبلغ 1 ج و43 م من عثمان بك سيد ضد خميس علي بتاريخ 22/ 3/ 1947، وبالرجوع إلى الأصل تبين أنه عن مبلغ 430م من عثمان بك سيد ضد خميس علي بتاريخ 22/ 3/ 1947 والإيصال التاسع برقم 296986 بمبلغ 1 ج و690 م باسم عثمان بك سيد ضد سليمان أحمد بتاريخ 22/ 3/ 1947، وبالرجوع إلى الأصل تبين أنه عن مبلغ 690م باسم عثمان بك سيد ضد سليمان أحمد بتاريخ 22/ 3/ 1947 والإيصال العاشر برقم 296989 بمبلغ 900 م باسم عثمان بك سيد ضد عطا أحمد بتاريخ 22/ 3/ 1947" ولما كان الواضح بالحكم أن التغيير قد وقع من المتهم في قيمة المبالغ المثبتة في الوصول المحررة بمعرفة كاتب المحكمة عن مقدار الرسوم المدفوعة للخزينة، وهو الموظف العمومي المختص بحكم وظيفته بتحريرها، فإن التغيير يكون حاصلاً فيما أخذت هذه المحررات لإثباته، وتكون المحكمة إذ دانته التزوير في أوراق رسمية قد طبقت القانون تطبيقاً صحياً، ولا قيمة في هذا الشأن لما يشير إليه الطاعن عن الباعث الذي دفعه على ارتكاب التزوير ما دامت الجريمة قد توافرت أركانها. أما ما يثيره في شأن الإثبات بالبينة، فلا وجه له إذ أنه لم يعترض على هذا الطريق من طرق الإثبات بالجلسة بل على العكس قد تمسك أمام محكمة أول درجة بضرورة سماع الشهود جميعاً عندما تبين غياب بعضهم. ولما كانت قواعد الإثبات ليست من النظام العام فإنه يعتبر متنازلاً عن هذا الدفع ولا يكون له من بعد أن يتمسك به أمام محكمة النقض. وأما عن دعوى الإخلال بحقه في الدفاع فمردودة بما تبين من أنه لم يطلب أن المحكمة إحضار الدفاتر التي يشير إليها، فلا يصح له النعي على الحكم لهذا السبب.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.