أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 3 ـ صـ 160

جلسة 12 فبراير سنة 1951
(59)
القضية رقم 385 سنة 21 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حسني بك وبحضور حضرات أصحاب العزة إبراهيم خليل بك ومحمد أحمد غنيم بك وإسماعيل مجدي بك و باسيلي موسى بك المستشارين.

غش. جريمة غش لبن. العلم بالغش. لا تصح إقامته على الافتراض والتخمين. لا يكفي لإدانة المتهم أن يكون هو المتعاقد أصلاً على توريد اللبن.
لا يصح في صدد إثبات العلم بغش البضاعة (لبن) الأخذ بالافتراض والتخمين. كما أنه لا يكفي في مساءلة المتهم جنائياً عن غش اللبن أن يكون هو المتعاقد أصلاً على توريده بل لابد أن يثبت أن له دخلاً فيما وقع من المتنازل إليه وأن العمل كان بالاتفاق بينهما[(1)].


الوقائع

اتهمت النيابة العامة: 1 - محمد دسوقي عطيه و2 - محمود علي خليفه (الطاعن) بأنهما بدائرة قسم الزيتون باعا لبناً مغشوشاً بأن نزعا الدسم بنسبة 26% من دسمه مع علمهما بذلك. وطلبت عقابهما بالمواد 2 و8 و9 من القانون رقم 48 لسنة 1941 ومحكمة جنح الزيتون قضت عملاً بمواد الاتهام بتغريم كل من المتهمين ألف قرش والمصادرة. فاستأنفت النيابة كما استأنف المتهمان. ومحكمة مصر الابتدائية قضت غيابياً بتأييد الحكم المستأنف. فعارض المتهم الثاني (الطاعن) وقضى بتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ


المحكمة

...حيث إن الطاعن ينعي فيما ينعاه على الحكم المطعون فيه أنه حين دانه بأنه باع لبناً مغشوشاً بنزع الدسم منه مع علمه بذلك، جاء باطلاً لقصوره وخطئه في القانون ذلك بأن المحكمة لم تقم الأدلة على ثبوت العلم بالغش لديه وقد دافع بأنه لا صلة له باللبن موضوع الدعوى بل كان البائع والمورد له شخصاً آخر تنازل له هو عن عقد التوريد الصادر إليه من المستشفى فلم تأخذ المحكمة بدفاعه وردت عليه رداً غير سليم في القانون.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أشار إلى ما يفيد أن الطاعن هو المتعاقد وأن العينة أخذت من اللبن الذي ورده، تعرض لركن العلم وقال "إن المتهم تاجر ألبان له من خبرته ودرايته مما يجعله يعلم بما خالط اللبن من غش فضلاً عن أن الغش في هذه القضية كان وليد عمل إيجابي تقطع ظروف الدعوى سالفة الذكر أنه هو الذي قام به بغية الكسب الحرام". ثم تعرض لدفاع الطاعن فعدّل في بيانه الأول وقال: "أما ما يقوله المتهم عن تنازله عن عقد التوريد لآخر (محمد دسوقي عطيه) فهو اتفاق خاص بينهما ولا أثر له على بقاء هذا المتهم المستأنف مسئولاً عن التوريد مع من كان معه أصلاً ولا شأن لوزارة الدفاع التي تعاقدت معه ولا يزال تعاقدها معه قائماً رغم ما يجري من اتفاقات لم تكن هي طرفاً فيها" ثم قالت المحكمة عن دفاعه عن الدسم وقلته: "وبما أنه عن الوجه الثالث بالنسبة لأوجه دفاع المتهم وهو الخاص بعدم وجود قاعدة لنسبة الدسم فملحه أن يؤخذ اللبن من بهيمة واحدة فيحتمل عندئذ أن تكون ذات لبن نسبة الدسم فيه قليلة أما والمتهم يورد ألباناً بالجملة لا شك أنه يأخذها من عدد كبير من المواشي فلا محل للأخذ بوجهة النظر هذه سيما إذا لوحظ أنه يورد في نفس الوقت لمستشفى آخر لم تظهر من نتيجة تحليل عيناته فله نسبة الدسم وإن كان قد أصيب بسوء الطالع ومواشيه فنسبة الدسم فيها بطبيعة خلقتها منخفضة لكان الحال كذلك في تحليل عينات مستشفى الطيران".
ولما كان ما استخلصته المحكمة وذكرته من العلم بالغش وثبوته ليس من شأنه أن يؤدي إلى ثبوت تلك الحقيقة القانونية التي لا يصح الأخذ بها بالافتراض والتخمين، كما أن ما أوردته من دفاعه من انقطاع صلته باللبن بسبب تنازله عن عقد التوريد إلى آخر فضلاً عن أنه لا يتفق وما ذكرته فيما سبق لا يصلح لمساءلته جنائياً عن الجريمة التي لا يكفي فيها أن يكون هو المتعاقد أصلاً بل لابد أن يثبت أن له دخلاً فيما وقع من المتنازل إليه وأن العمل كان بالاتفاق فيما بينهما. لما كان الأمر كذلك وكانت المحكمة لم تبحث هذه الصلة وكان ما قالته عن العلم مع تلك الظروف التي أوردتها عن المتهم لا يكفي لأن تحمل عليه الإدانة - فإن الحكم حين دان الطاعن يكون معيباً متعيناً نقضه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه وذلك من غير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.


[(1)] قررت المحكمة هذه القاعدة أيضاً في حكميها الصادرين في هذه الجلسة في القضيتين رقمي 382 سنة 21 و387 سنة 21 القضائية.