أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 3 ـ صـ 105

جلسة 29 أكتوبر سنة 1951
(42)
القضية رقم 412 سنة 21 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وإبراهيم خليل بك ومحمد أحمد غنيم بك وإسماعيل مجدي بك المستشارين.

(أ) محام عام. قراره بإلغاء. أمر حفظ أصدره رئيس النيابة صحيح قانوناً عملاً بالقانون رقم 147 سنة 1949.
(ب) إثبات. شهادة. اطراح أقوال شهود النفي بدعوى أنهم من أقارب المتهم ولهم معه معاملات. عدم صدق هذا القول بالنسبة لواحد منهم. لا يؤثر فيما انتهت إليه المحكمة من عدم الأخذ بشهادتهم. العبرة هي باطمئنان المحكمة إلى صحة ما شهد به الشاهد بغض النظر عن الباعث على الشهادة.
1 - إن المادة 36 من القانون رقم 147 لسنة 1949 الخاص بنظام القضاء وقد جرى العمل به من 15 أكتوبر سنة 1949 - تنص على أن يكون لدى كل محكمة استئناف محام عام له - تحت إشراف النائب العام - جميع حقوقه واختصاصاته المنصوص عليها في القوانين. وإذن فقرار المحامي العام بإلغاء أمر حفظ صدر من رئيس النيابة العمومية التابع له يكون صحيحاً.
2 - إذا كانت المحكمة قد اطرحت ما شهد به شهود النفي في التحقيق وأمامها بالجلسة بدعوى أن هؤلاء الشهود من أقارب المتهم ولهم معه معاملات، وكان ما قالت به المحكمة أن ذلك غير صادق بالنسبة لواحد من هؤلاء الشهود، فذلك ليس من شأنه - في صورة هذه الدعوى - أن يؤثر فيما انتهت إليه من عدم الأخذ بشهادتهم في مجموعها، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى اطمئنانها وعدم اطمئنانها إلى صحة الوقائع التي شهدوا عليها بقطع النظر عن الباعث الذي دعاهم على الشهادة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بعزبة الفابريقة مركز أبو قرقاص قتل أحمد جابر عمداً بأن خنقه بيديه وجثم فوق صدره وضغط عليه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته خنقا. وطلبت من قاضي الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات فقرر بذلك. وقد ادعت زكية وهانم أحمد جابر بنتي القتيل ونبوية الليثي حسن زوجته بحق مدني قدره 100 ج على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهم المذكور. ومحكمة جنايات المنيا عملاً بالمادة 236 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم عبد الجواد محمد حسن بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات وإلزامه بأن يدفع على سبيل التعويض للمدعيات بالحق المدني نبوية الليثي حسن وهانم أحمد جابر وزكية أحمد جابر مبلغ مائة جنيه والمصاريف المدنية وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.. الخ


المحكمة

... حيث إن أسباب الطعن تتحصل أولاً: في أن الحكم بنى على إجراءات باطلة، فقد صدر في القضية قرار من رئيس نيابة المنيا بتاريخ 29 من سبتمبر سنة 1949 بحفظها مؤقتاً لعدم كفاءة الأدلة، فألغي المحامي العام هذا القرار في 22 من نوفمبر سنة 1949، ولما كان المحامي العام لا يملك إلغاء أمر الحفظ وكان هذا الحق مخولاً للنائب العام وحده، فإن القرار الصادر بذلك من المحامي العام يكون باطلاً، ويكون ما ترتب عليه من تحريك الدعوى العمومية، ومحاكمة الطاعن باطلاً أيضاً. وثانياً: أن الحكم قد انطوى على قصور في الأسباب وعيب في الإسناد، فقد استند الطاعن في دفاعه على ما جاء في بلاغ الحادث مما يتعارض مع شهادة ابنة المجني عليه، وإلى اضطراب هذه الشاهدة في أقوالها إذ لها في التحقيق ثلاث روايات مختلفات، وإلى تناقضها مع ابنتها، إذ تقول إن ابنتها لم تحضر الحادث بينما تقول الابنة إنها حضرته، كما استند الطاعن إلى ما شهد به شهود نفيه في التحقيق وأمام المحكمة بالجلسة إلا أن المحكمة أغفلت التعرض لذلك كما أطرحت أقوال شهود النفي ولم تأخذ بها بدعوى أنهم من أقاربه ولهم معه معاملات ولأن أحداً منهم لم يذهب إلى مكان الحادث حين سمعوا صراخ ابنة المجني عليه، مع أن القرابة والمعاملة لم تثبتا إلا بالنسبة لشاهد واحد منهم فقط، ومع أن الثابت في التحقيق أنهم خفوا جميعاً إلى بيت المجني عليه عدا واحد منهم قال أنه بقي مع الطاعن لأنه ظن أن الصراخ في جهة أخرى وثالثاً: أن المحكمة قد أخلت بدفاع الطاعن بعدم استدعائها الطبيب الشرعي لمناقشته في تقديره سن المجني عليه بين 45، 55 سنة مع أنه يبلغ التسعين من عمره وفيما أثبته من إصابات متعددة في جسمه، مع أن وكيل النيابة أثبت في محضره بعد معاينة الجثة، أنه لم يجد بها إصابات أو أثارا ظاهرة.
ومن حيث إن المادة 36 من القانون رقم 147 لسنة 1949 الخاص بنظام القضاء وقد جرى العمل به من 15 أكتوبر سنة 1949، تنص على أن يكون لدى كل محكمة استئناف، محام عام، له، تحت إشراف النائب العام جميع حقوقه واختصاصاته المنصوص عليها في القوانين، ومن ثم كان قرار المحامي العام الصادر بتاريخ 22 من نوفمبر سنة 1949 بإلغاء أمر الحفظ صحيحاً في القانون.
ومن حيث أنه عن الوجه الثاني فإن الحكم المطعون فيه قد بين الواقعة مما يتوافر فيه جميع العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وذكر الأدلة التي استخلص منها ثبوت وقوعها منه وتعرض لدفاعه ففنده للاعتبارات التي أوردها ولما كان الأمر كذلك، وكان من أوردته المحكمة عن انتقال الشهود إلى بيت المجني عليه له أصله في التحقيقات التي أجريت في الدعوى، وكما يبين من الرجوع إلى صورة القضية الأصلية وكان ما ذكرته المحكمة من شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، فإن ما يثيره الطاعن في ذلك لا محل له إذ هو في حقيقته جدل موضوعي، مما لا يصح إثارته أمام هذه المحكمة. وما يقوله الطاعن عن شهود النفي، فإنه، وإن صح بالنسبة لواحد منهم، لا تربطه به قرابة أو معاملة فإن ذلك ليس من شأنه، في صورة هذه الدعوى، أن يؤثر على ما انتهت إليه المحكمة من عدم الأخذ بشهادتهم في مجموعها، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى اطمئنانها أو عدم اطمئنانها إلى صحة الوقائع التي شهدوا عليها بقطع النظر عن الباعث الذي دعاهم إلى الشهادة.
ومن حيث إن ما يثيره الطعن أخيراً من إخلال المحكمة بحقه في الدفاع لعدم استدعائها الطبيب الشرعي لمناقشته، فلم يثبت بمحضر الجلسة أنه طلب من المحكمة شيئاً في هذا الخصوص، حتى ينعي على الحكم عدم إجابته إليه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس في موضوعه متعيناً رفضه.