أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 3 ـ صـ 66

جلسة 15 من أكتوبر سنة 1951
(28)
القضية رقم 859 سنة 21 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا ورئيس المحكمة، وحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وإبراهيم خليل بك ومحمد أحمد غنيم بك وإسماعيل مجدي بك المستشارين.

أ - إثبات. حرية المحكمة في تكوين عقيدتها الأخذ بأقوال الشاهد بعضها دون بعض. الرد على كل ما يثيره. الدفاع. لا يلزم.
ب - تضامن. ثبوت اتحاد إرادتي المتهمين على الاعتداء على المجني عليه. كل منهما مسئول عن تعويض ما أصابه بصرف النظر عن جسامة ما وقع من كل.
1 - محكمة الموضوع حرة في تكوين عقيدتها من أي عنصر من عناصر الدعوى، ولها في سبيل ذلك أن تأخذ بما تطمئن إليه من قول الشاهد وتهمل ما عداه، وهي ليست ملزمة أن تتعقب الدفاع في كل شبهة يثيرها واستنتاج يستنتجه فترد عليه.
2 - إذا كانت المحكمة قد نفت عن المتهمين سبق الإصرار ومع ذلك أثبتت أنهما قد اعتديا معاً بالضرب على المجني عليه مما يفيد اتحاد إرادتهما على الاعتداء عليه بصرف النظر عن جسامة ما وقع من كل منهما، فهذا يستوجب مساءلة كل منهما عن تعويض الضرر الذي نشأ عن فعله وعن فعل زميله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين ومحمود عباس أحمد بأنهم بناحية بهجورة مركز نجع حمادي مديرية قنا: شرعوا في قتل عبد اللطيف سمان وهب الله عمداً ومع سبق الإصرار والترصد أن أعدوا آلات راضة وقاطعة وترصدوا له في طريقه وانهالوا عليه بهذه الآلات ضرباً فأحدثوا به الإصابات المبينة بالكشف الطبي الشرعي وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو إغاثته من بعض رجال الحفظ الذين حضروا على الاستغاثة مما أدى إلى هروب المتهمين قبل إتمام الجريمة ثم إسعافه بالعلاج. وطلبت من قاضي الإحالة إحالة المتهمين على محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 45 و46 و30 و321 و232 من قانون العقوبات فقرر بذلك. وقد ادعى (عبد اللطيف سمان وهب الله) بحق مدني وطلب القضاء له قبل المتهمين متضامنين بمبلغ ثلاثمائة جنيه مصري تعويضاً ومحكمة جنايات مصر قضت عملاً بالمادتين 240/ 1 و242/ 1 مع تطبيق المادة 22 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الأول والمادة 242/ 1 من نفس القانون بالنسبة إلى المتهم الثاني، أولاً - بمعاقبة المتهم الأول عباس أحمد عبد الكريم بالسجن لمدة خمس سنوات ومعاقبة المتهم الثاني فواز مرسي أحمد بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وإلزامهما بأن يدفعا متضامنين للمدعي بالحق المدني عبد اللطيف سمان وهب الله مبلغ 300 جنيه على سبيل التعويض والمصاريف المدنية ومبلغ 1000 قرش مقابل أتعاب محاماة وذلك على اعتبار أن المتهم الأول في الزمان والمكان المذكورين ضرب عبد اللطيف سمان وهب الله عمداً بالسيف فأحدث به إصابات في رأسه ووجهه ويديه وركبته اليمنى وظهره موصوفة في التقارير الطبية المرفقة بالقضية وقد نشأ عن بعض هذه الإصابات أربع عاهات مستديمة يستحيل برؤها وهي عاهة في رأسه عبارة عن فقد جزء من العظام بعملية التربنة في مساحة مستديرة الشكل قطرها 2.5 سم لا ينتظر ملؤه بنسيج عظمي مما يجعل المصاب عرضة لحدوث مضاعفات كالتهاب السحايا وخراجات المخ ونوبات الصرع والجنون كما أصبح المخ أشد تأثراً بالإصابات الخفيفة التي قد تقع على هذا الجزء الفاقد لوقايته الطبيعية والتي ما كانت لتؤثر فيه لو ظل محمياً بالعظام وذلك كله يعرض حياته للخطر ويقلل من كفاءته عن العمل بمقدار 10% وكذلك تخلفت عاهة بركبته اليمنى وهي عبارة عن انكليوز كامل بمفصلها أدى إلى تثبيت الطرف الأسفل الأيمن في حالة بسط قدم مما يقلل من منفعته وبالتالي من كفاءة المجني عليه عن العمل بمقدار 30% وتخلفت أيضاً عاهة بيده اليمنى عبارة عن إعاقة بنهاية حركة بسط الأصبع البنصر مما يقلل من منفعة هذه اليد وبالتالي من كفاءة المصاب عن العمل بمقدار 3% وتخلفت عاهة أخرى في يده اليسرى وهي إعاقة كبيرة في حركة بسط الأصبع الخنصر مما يقلل من منفعتها وبالتالي عن كفاءة المصاب عن العمل بمقدار4% وقد شفى من باقي إصاباته في مدة أقل من عشرين يوماً. وثانياً - المتهم الثاني فواز مرسي أحمد ضرب المجني عليه سالف الذكر عمداً بالعصا فأحدث به إصابات في ظهره وأضلاعه موصوفة في التقارير الطبية المرفقة بالقضية وقد شفى منها في مدة أقل من عشرين يوما.ً وثانياً - ببراءة المتهم الثالث محمود عباس أحمد من التهمة المنسوبة إليه ورفض الدعوى المدنية قبله وذلك عملاً بالمادة 50 من قانون تشكيل محاكم الجنايات. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... الخ


المحكمة

..حيث إن الطاعنين يستندان في طعنهما على أن الحكم المطعون فيه قد انطوى على قصور إذ دانهما استناداً إلى أقوال المجني عليه، مع أنهما تقدما للمحكمة بأدلة تنقض أقواله، وفي حين أن الحكم قد أطرح شهادته ولم يأخذ بها بالنسبة لمتهم آخر في الدعوى، وأن المحكمة قد أغفلت ما تقدم به الطاعنان من دفاع بأن المجني عليه يتهمهما لضغن سابق بينه وبينهما، وأنها لم تأخذ بما شهد به شهود النفي الذين سمعوا في التحقيق وأمام المحكمة بالجلسة.
ومن حيث إن محكمة الموضوع حرة في تكوين عقيدتها من أي عنصر من عناصر الدعوى ولها في سبيل ذلك أن تأخذ بما تطمئن إليه من قول الشاهد وأن تهمل ما عداه، وهي ليست ملزمة أن تتعقب الدفاع في كل شبهة يثيرها أو استنتاج يستنتجه فترد عليه. ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص إذ هو في حقيقته جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى ومبلغ الاطمئنان إليها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا معقب عليها فيه.
ومن حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه - غير ذلك - أن المحكمة أخطأت في تطبيق القانون إذ أنها قد استبعدت سبق الإصرار قضت بإلزامهما متضامنين بالتعويض المدني. وما يقوله الطاعنان في هذا الخصوص مردود بأن المحكمة، وإن نفت عن المتهمين سبق الإصرار، إلا أنها ثبتت أنهما قد اعتديا معاً بالضرب على المجني عليه مما يفيد اتحاد إرادتهما على الاعتداء عليه بصرف النظر عن جسامة ما وقع من كل منهما. وهذا يستوجب مساءلة كل منهما عن تعويض الضرر الذي نشأ عن فعله وعن فعل زميله ويكون الحكم إذ قضى بإلزامهما بالتضامن، صحيحاً في القانون.
ومن حيث إنه لذلك يكون الطعن على غير أساس في موضوعه متعيناً رفضه.