أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 3 ـ صـ 129

جلسة 5 من نوفمبر سنة 1951
(49)
القضية رقم 1031 سنة 21 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك ومحمد أحمد غنيم بك وإسماعيل مجدي بك وباسيلي موسى بك المستشارين.

إثبات. سرقة بالمادة 317/ 8 من قانون العقوبات. ليس في القانون ما يلزم صاحب المال المسروق بتقديم دليل كتابي على وجود المال المسروق تحت يد سارقيه.
إن المادة 317/ 8 من قانون العقوبات صريحة في اعتبار الاختلاسات التي تحصل من المحترفين بنقل الأشياء في العربات أو المراكب أو أحد أتباعهم، إذا سلمت إليهم الأشياء المذكورة بصفتهم السابقة، من قبيل السرقة، وإعطائها حكمها، بالرغم من وجود المال المختلس في يد من اختلسه عند وقوع الاختلاس. وإذن فليس في القانون ما يلزم صاحب المال المسروق، بتقديم دليل كتابي على وجود هذا المال تحت يد سارقيه، بل يخضع الإثبات في هذا الأمر إلى قواعد الإثبات في المواد الجنائية عامة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من1 - أحمد دكروني إسماعيل 2- محمود حسين محمدين. بأنهما بدائرة مركز قنا سرقا الشعير المبين بالمحضر والمملوك لحسن محمد حالة كونهما من المحترفين بنقل الأشياء في المراكب، وطلبت عقابهما بالمادة 317/ 5 - 8 من قانون العقوبات. وقد ادعى حسن محمد علي بحق مدني قبل كل من المتهمين وأحمد أبو سنه محمدين صاحب المركب بصفته مسئولاً عن الحقوق المدنية وطلب القضاء له عليهم متضامنين بمبلغ 200 جنيه بصفة تعويض. ومحكمة جنح قنا الجزئية قضت غيابياً عملا بمادة الاتهام بحبس كل من المتهمين شهراً واحداً مع الشغل والنفاذ بلا مصاريف مع إلزامهما وأحمد أبو سنه المدخل من قبل المدعي المدني ضامنين متضامنين إلى المدعي المدني مبلغ 200 جنيه على سبيل التعويض ومصاريفها المدنية. فاستأنف المتهم. ومحكمة قنا الابتدائية قضت بتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

...حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم خالف القانون، وشابه قصور في التسبيب فقد ألزم الطاعن بمبلغ مائتي جنيه تعويضاً للمدعي بالحق المدني، على أساس أن مقدار الغلال التي أودعها مركبه 70 إردباً، مع أنه لم يقدم دليلاً كتابياً على أن الوديعة كانت بهذا القدر، وقد اعتمد الحكم في إثبات هذه الواقعة على أدلة استنتاجيه لا تؤدي إلى ما رتب عليها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد دان المتهمين في الدعوى وألزمهما متضامنين مع الطاعن بالتعويض المطلوب للمدعي بالحق المدني، تطبقاً للمادة 317/ 8 من قانون العقوبات وهي صريحة في اعتبار الاختلاسات التي تحصل من المحترفين بنقل الأشياء في العربات أو المراكب أو أحد أتباعهم، إذا سلمت إليهم الأشياء المذكورة بصفتهم السابقة، من قبيل السرقة، وإعطائها حكمها، بالرغم من وجود المال المختلس في يد من اختلسه عند وقوع الاختلاس. ومتى كان الأمر كذلك، فليس في القانون ما يلزم صاحب المال المسروق، بتقديم دليل كتابي على وجود هذا المال تحت يد سارقيه بل يخضع الإثبات في هذا الأمر إلى قواعد الإثبات في المواد الجنائية عامة، ومن ثم يكون الإثبات بالبينة وبالقرائن جائزاً، سواء بالنسبة لحصول السرقة أو لمقدار المال المسروق، ولما كان قد عرض، بعد بيان الواقعة، لمنازعة الطاعن في مقدار الغلال المسروقة وقال: "إنه مردود عليه بما هو ثابت من أقوال المجني عليه التي لم يجرحها المستأنف بأي تجريح، من أنه سلم المتهمين سبعين إردباً من الشعير، كان قد اشتراها من جملة أشخاص وأنه كلف المتهمين بنقلها، وأن ثمن الإردب 270 قرشاً، وقد زعم المتهمان، في معرض التخلص من التهمة أن المجني عليه سلمهما كمية من السماد لنقلها ولأن نقل السماد ممنوع، فقد سلمهما كمية من الشعير لا تتجاوز عشرة أرادب لتغطية السماد، وقد أسفر التحقيق الذي باشرته النيابة عن كذب المتهمين في هذا الادعاء حيث قرر الغلام مهني حسين عبد الرحمن الذي كان مع المتهمين في المركب أن ما كان بالمركب هو شعير، وأنه لا يعرف أن بها سماداً، كما أنه بسؤال الهويسي صابر الذي استشهد به المتهم أحمد دكروني على أنه شاهد السماد وهو يشحن بالمركب أنكر هذه الواقعة يضاف إلى ذلك أن السمسارين عبد الدايم وخليفة قد أيدا المجني عليه في أن الذي شحن كان شعيراً، ويخلص من ذلك بطريق الاستنتاج المقبول، أن حمولة المركب كانت شعيراً، كما ذكر المجني عليه.. وإذا لوحظ ما قرره الشاهد عبد الدايم محمد بتحقيق النيابة من أن المجني عليه اشترى منه تسعة أرادب شعيراً بسعر الإردب 270 قرشاً، كما اشترى من آخرين كثيرين شعيراً حيث كان اليوم يوم سوق البلدة وأن الشعير الذي اشتراه المجني عليه جميعه كان يوضع في المركب أولاً بأول وأن المركب رحلت بالشعير في نفس اليوم. ولم يشحن بها سمادا مع الشعير، إذا لوحظ ذلك كان فيه تأييد لدعوى المدعي المدني من أن كمية الشعير كانت 70 إردباً وأن الإردب الواحد ثمنه 270 قرشاً ويخلص من ذلك أن مبلغ التعويض المقضي به وقدره مائتا جنيه مبلغ غير مبالغ فيه، نظراً لكمية الشعير التي سرقت وما أصاب المجني عليه بسبب ذلك من خسارة وما فاته من كسب وتكبده من مصاريف" لما كان ذلك فإن الحكم يكون قد فصل فيما أثاره الطاعن من نزاع في مقدار الغلال المسروقة وثمنها وطريقة الإثبات فيها، وانتهى للأسباب السائغة التي أوردها، إلا أن مقدار هذه الغلال 70 إردباً وأن ثمن الإردب 270 قرشاً وأثبت الضرر الذي لحق المجني عليه من ذلك، وقدر التعويض على أساسه، ولما كان الحكم بذلك لم يخالف القانون، وكان تقدير التعويض من المسائل الموضوعية التي لا شأن لمحكمة النقض بها. فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله ويكون الطعن على غير أساس في موضوعه. متعيناً رفضه.