أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 3 ـ صـ 267

جلسة 10 من ديسمبر سنة 1951
(102)
القضية رقم 1165 سنة 21 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة، وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وإبراهيم خليل بك ومحمد أحمد غنيم بك وإسماعيل مجدي بك المستشارين.

شهود. حكم ابتدائي ببراءة المتهم دون سماع شهود. إلغاؤه استئنافيا مع عدم سماع الشهود الذين طلب المتهم سماعهم. خطأ في الإجراءات وإخلال بالدفاع.
الأصل في الأحكام الجنائية أن تبنى على التحقيقات الشفوية التي تجريها المحكمة بنفسها في الجلسة، فإذا كانت محكمة الدرجة الأولى لم تسمع شهوداًَ ولم تجر أي تحقيق في الدعوى وقضت ببراءة المتهم ثم جاءت المحكمة الاستئنافية فقضت بإلغاء حكم البراءة وأدانت المتهم دون أن تسمع شهوداً مع طلبه سماعهم وكان ما عللت به رفض طلب سماع الشهود غير متفق مع أسباب الحكم - فإن المحكمة تكون قد أخطأت خطأ جوهرياً في الإجراءات وأخلت بحق الطاعن في الدفاع مما يعيب حكمها ويوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العمومية الطاعن بأنه بدائرة إطسا: تسبب من غير قصد ولا تعمد في قتل ليلى عبد اللطيف خليفه، وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه ومخالفته للوائح بأن قاد سيارة دون انتباه فصدم المجني عليها وأحدث بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياتها، وطلبت عقابه بالمادة 238 من قانون العقوبات. وادعى عبد اللطيف خليفه والد المجني عليها بحق مدني، وطلب الحكم له قبل المتهم ووزارة الصحة متضامنين بمبلغ مائة وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض. ومحكمة إطسا الجزئية قضت غيابياً في 5 ديسمبر سنة 1950 ببراءة المتهم مما أسند إليه وبرفض الدعوى المدنية قبله، وذلك عملاً بالمادة 172 من قانون تحقيق الجنايات. فاستأنفت النيابة والمحكمة قضت غيابياً في 29 يناير سنة 1951 بإلغاء الحكم المستأنف وحبس المتهم ستة شهور مع الشغل عملاً بمادة الاتهام. فعارض حيث قضى بتأييد الحكم المعارض فيه. فطعن المحكوم عليه بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه، أن محكمة أول درجة لم تسمع شهوداً، وقضت في الدعوى غيابياً بالبراءة. فلما استأنفت النيابة تمسك الطاعن أمام محكمة الاستئناف بطلب سماع الشهود ومناقشتهم أمامها، فلم تجبه إلى طلبه وقضت بإلغاء الحكم الصادر بالبراءة، وأدانته.
وحيث أن الثابت من محاضر الجلسات، أن المحكمة الابتدائية لم تسمع شهوداً وقضت ببراءة الطاعن، وأن محامي الطاعن تمسك بسماع الشهود أمام المحكمة الاستئنافية عند نظر معارضته في الحكم الغيابي الصادر بإدانته. ولكنها أصدرت الحكم المطعون فيه، دون أن تجيبه إلى هذا الطلب، وردت عليه بقولها بأن لا محل له لأن الحكم الغيابي قد بنى على المعاينة التي أجريت والتي تأيدت بأقوال المتهم نفسه أمام محكمة أول درجة، ولم يعول على شهادة الشهود الذين طلب الدفاع سماع أقوالهم، فضلاً عن أن هذا الطلب لو كان جدياً لطلبه في الجلسة الأولى، أو الثانية لنظر القضية.
وحيث إنه لما كان الأصل في الأحكام الجنائية أن تبني على التحقيقات الشفوية التي تجريها المحكمة بنفسها في الجلسة، ولما كانت محكمة الدرجة الأولى لم تسمع شهوداً، ولم تجر أي تحقيق في الدعوى، وقضت ببراءة المتهم، وأن المحكمة الاستئنافية قضت بإلغاء حكم البراءة وأدانته، دون أن تسمع شهوداً، مع طلبه سماعهم، وكان ما عللت به رفض طلب سماع الشهود غير متفق مع أسباب الحكم، إذ يبين منها أنه مؤسس "على إهمال المتهم وعدم احتياطه بأن قاد السيارة برعونة وبحالة خطرة على حياة الجمهور، ولم يطلق آلة التنبيه لتنبيه المارة "وهذا ما لم يثبت من المعاينة، ولم يعترف به المتهم أمام محكمة أول درجة - لما كان ذلك، فإن المحكمة تكون قد أخطأت خطأ جوهرياً في الإجراءات، وأخلت بحق الطاعن في الدفاع، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه، من غير حاجة إلى التحدث عن أوجه الطعن الأخرى.