أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 3 ـ صـ 218

جلسة 26 من نوفمبر سنة 1951
(82)
القضية رقم 1116 سنة 21 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة، وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وإبراهيم خليل بك ومحمد غنيم بك وإسماعيل مجدي بك المستشارين.

حكم. تسبيبه. إثبات. تقرير فني. الأخذ به. يقيد اطراح التقرير الاستشاري. الرد على هذا التقرير الأخير. غير لازم.
إن استناد المحكمة إلى التقرير الفني المقدم في الدعوى يفيد اطراحها للتقرير الاستشاري المقدم فيها وليس بلازم عليها أن ترد على هذا التقرير.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة قسم الرمل تسبب في قتل عبد الحميد محمد الزيات وفي إصابة مصطفى حسن إبراهيم بغير قصد ولا تعمد بأن كان ذلك ناشئاً عن عدم احتياطه وإهماله وعدم انتباهه وعدم انتباهه وعدم مراعاة اللوائح بأن قاد سيارة بسرعة وفراملها معطلة ولم ينتبه إلى خلو الطريق ولم يستعمل آلة التنبيه فصدم عبد الحميد محمد الزيات ومصطفى حسن إبراهيم وأحدث بهما الإصابات المبينة بالمحضر والتي أودت بحياة الأول، وطلبت عقابه بالمادتين 238 و244 من قانون العقوبات. وقد ادعى على عبد الحميد الزيات بحق مدني قبل المتهم وطلب القضاء له عليه بمبلغ قرش صاغ واحد بصفة تعويض مؤقت. ومحكمة الرمل قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم سنة ونصفا بالشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف تنفيذ العقوبة وإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية. فعارض والمحكمة قضت بتعديل الحكم الغيابي بالنسبة لعقوبة الحبس والاكتفاء بحبس المتهم ستة شهور وكفالة 1000 قرش لوقف تنفيذ العقوبة وتأييده فيما عدا ذلك. فاستأنف ومحكمة إسكندرية الابتدائية قضت غيابياً بتأييد الحكم المستأنف. فعارض والمحكمة قضت بتأييد الحكم المعارض فيه وألزمت المعارض بمصاريف المعارضة المدنية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

...حيث إن الطاعن يقول في طعنه إن المحكمة أخلت بحقه في الدفاع، ذلك لأنه طلب إلى محكمة ثان درجة سماع شاهد، فقررت المحكمة إعلانه وأجلت الدعوى أكثر من مرة لتنفيذ ذلك القرار، إلا أنها قضت بإدانته دون أن تسمع هذا الشاهد، أو تأمر بتلاوة أقواله، كما أنه قدم تقريراً استشارياً بعد سماع محكمة ثاني درجة لشهادة المهندس الفني ثم حجزت القضية للحكم، وقدم طلبا بإعادتها إلى المرافعة لمناقشة ذلك المهندس فيما جاء بالتقرير المقدم منه واستدعاء مهندس فني آخر لمناقشته في كل ذلك إلا أن المحكمة التفتت عن هذا الطلب ولم تفند ما جاء بالتقرير الاستشاري هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قد استبعد تقرير المهندس الفني في موضع، ثم عاد وعول عليه في موضع آخر، كما استند إلى شهادة شاهدين لم يسمعا - ولم تتل أقوالهما بالجلسة، ويضيف الطاعن أنه دفع بانقطاع صلة السببية بين الخطأ المنسوب إليه والوفاة واستشهد على صحة هذا الدفاع بما جاء بالتقرير الاستشاري إلا أن المحكمة دانته دون أن ترد عليه وهذا قصور يعيب الحكم.
وحيث إنه يبين من محضر جلسة المحاكمة أمام المحكمة الاستئنافية أن الدفاع عن الطاعن طلب سماع شاهد تأجلت الدعوى لهذا الغرض وإذ تعذر على النيابة الاهتداء إلى محل إقامته أخذ الطاعن على عاتقه أن يقوم بإعلانه فأجيب إلى طلبه إلا أنه لم يفعل بالرغم من تأجيل القضية أكثر من مرة لتنفيذ هذا الغرض. وأخيراً طلب استدعاء المهندس الفني لمناقشته فسمعته المحكمة. ولما كان الثابت مما تقدم أن المحكمة تابعت الطاعن في إجابته إلى ما طلب فلا محل لما ينعاه من الإخلال بحقه في الدفاع. أما ما يقوله بصدد تناقض الحكم بشأن التقرير الفني فإن ما أورده الحكم من ذلك التقرير لا تناقض فيه إذ قال: "وحيث إنه حتى مع طرح هذا التقرير ظهريا فان الثابت من أقوال الشاهد مصطفى حسن إبراهيم وبهنسي الزرقاني أن المتهم كان جد مسرع غير مطلق لأداة التنبيه وهذا وحده كاف لتحقيق ركن الخطأ الذي يتصل اتصالاً مباشراً بما ترتب عليه من نتائج في حق المتهم". ثم أردف ذلك بقوله: " وحيث أنه فضلاً عن ذلك فإن استنتاج المهندس الفني الذي خلص منه أن المتهم ضغط على البنزين بدلاً من الفرامل له ما يبرره إذ أن اصطدام السيارة بشجرة وكسر هذه الشجرة من جذع وخلع جذرها جزئيا ثم استمرار السيارة في السير بعد ذلك حتى داخل الحانوت على النحو الظاهر بالمعاينة لا يتأتى أن يكون بسبب سير المتهم سيراً عادياً أو حتى سيراً مسرعاً هوناً ما بل إن هذه القوة في الاندفاع الذي يحطم كل حائل يعترضها يستقر الخاطر معه إلى صواب ما استنتجه الشاهد. وحيث إنه بالنسبة لما قال به الشاهد من أنه تحقق من سلامة الفرامل فإن خبرته الفنية لا شك كان لها أثرها في القطع بصلاحية الفرامل وبالقطع فنيا بعد إمكان تقويتها بوجود زيت كاف". أما ما يقوله الطاعن عن عدم تلاوة أقوال الشهود بالجلسة فمردود بأنه لم يثبت بمحضر الجلسة أنه طلب إلى المحكمة هذه التلاوة، وليس هناك ما يمنع المحكمة من الأخذ بأقوال هؤلاء الشهود كما وردت بالتحقيق بوصفها عنصراً من عناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث. لما كان الأمر كذلك، وكان في استناد المحكمة إلى التقرير الفني الذي أخذت به ما يفيد اطراحها للتقرير الاستشاري المشار إليه بالطعن، فإن ما يثيره الطاعن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.