أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 3 - صـ 292

جلسة 17 من ديسمبر سنة 1951
(113)
القضية رقم 1011 سنة 21 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة، وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وإبراهيم خليل بك ومحمد أحمد غنيم بك وإسماعيل مجدي بك المستشارين.

قانون. شيوعية:
أ - المادة 41 من الدستور مرسوم صادر بين دوري الانعقاد. عدم دعوة البرلمان إلى اجتماع غير عادي لعرضه عليه. لا جزاء على مخالفة ذلك.
ب - المرسوم بقانون رقم 117 لسنة 1946. لا مخالفة فيه لأحكام الدستور.
1 - إن المادة 41 من الدستور وإن أوجبت دعوة البرلمان على اجتماع غير عادي ليعرض عليه المرسوم بقانون الذي تصدره السلطة التنفيذية بين دوري الانعقاد فإنها لم ترتب جزاء على مخالفة ذلك كما فعلت بالنسبة إلى حالة عدم عرض تلك المراسيم على البرلمان في أول انعقاد له وحالة عدم إقرارها من أحد المجلسين.
2 - إن القول ببطلان المرسوم بقانون رقم 117 لسنة 1946 بدعوى مخالفته لأحكام الدستور - ذلك مردود بأن الدستور وإن نص في المادة 14 منه على أن حرية الرأي مكفولة إلا أنها جعلت مناط هذه الحرية أن يكون في حدود القانون. لأن حرية الإعراب عن الفكر شأنها كشأن ممارسة سائر الحريات لا يمكن قيامها بالنسبة إلى جميع الأفراد إلا في حدود احترام كل منهم حريات غيره. وإذن فإن من حق المشرع بل من واجبه بمقتضى الدستور أن يعين تلك الحدود حتى لا يكون من وراء استعمالها اعتداء على حريات الغير وإذ كانت أحكام المرسوم سالف الذكر لا تمس حرية الرأي ولا تتجاوز تنظيم ممارسة الفرد حرية التعبير عن فكره ووضع الحدود التي تكفل عدم المساس بحريات غيره - فالقول ببطلان هذا المرسوم لا يكون له محل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة هذين الطاعنين بأنهما في يوم 27 ديسمبر سنة 1949 الموافق 7 ربيع أول سنة 1369 بدائرة قسم الوايلي محافظة القاهرة - انضما إلى جمعية بالمملكة المصرية ترمى إلى سيطرة طبقة اجتماعية على غيرها من الطبقات وإلى القضاء على طبقة اجتماعية وقلب نظام الدولة الأساسية الاجتماعية والاقتصادية والقضاء على النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية وكان استعمال القوة والإرهاب والوسائل غير المشروعة ملحوظاً في ذلك بأن انضما إلى جمعية سرية تعمل على القضاء على طبقة الملاك والرأسماليين وسيادة الطبقة العاملة وحكمها المطلق وإلغاء المملكة الخاصة لوسائل الإنتاج ونقلها للدولة - كل ذلك عن طريق خلق مجتمع مصري على غرار الوضع القائم في روسيا بالأسلوب الثوري الذي اتبعه لينين وستلين في الثورة الروسية وبتحريض العمال على الاعتصاب والاعتداء على حق الغير في العمل وتحريضهم على بعض طائفة الملاك والرأسماليين تحريضاً من شأنه تكدير السلم العام، وروجا كذلك في المملكة المصرية تغيير مبادئ الدستور ولتسويد طبقة اجتماعية على غيرها من الطبقات وللقضاء على طبقة اجتماعية ولقلب نظم الدولة الأساسية الاجتماعية وكان استعمال القوة والإرهاب والوسائل غير المشروعة ملحوظاً في ذلك بأن انضما للجمعية السرية سالفة الذكر وهي تعمل على تغيير مثل هذه المبادئ عن طريق إصدار نشرات وتأليف خلايا وترويج أفكار من شأنها قيام حكم الطبقة العاملة في مصر وسلطانها المطلق والقضاء على طبقة الملاك والرأسماليين وإلغاء الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج إتباعاً للبرنامج الثوري الذي نادى به لينين وستالين واقتفاء لأسلوبهما الثوري الذي خلق هذا الانقلاب في روسيا السوفيتية، وطلبت إلى قاضي الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 98/ أ - 3 و98/ ب - 1 و98/ هـ من قانون العقوبات. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات مصر قضت عملاً بمواد الاتهام والمادة 17 من قانون العقوبات أولاً - بمعاقبة كل من أحمد محمد ناصر وليلى فيلكس ديان بالحبس مع الشغل لمدة سنة ونصف وتغريم كل منهما مبلغ خمسين جنيهاً ومصادرة المضبوطات، وذلك عن التهمة الأولى - ثانياً - ببراءة المتهمين المذكورين من التهمة الثانية. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... حيث إن الطاعنة الثانية قد طعنت على الحكم إلا أنها لم تقدم أسباباً لطعنها، فطعنها يكون غير مقبول شكلاً.
وحيث إن طعن الطاعن الأول قد استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن مبنى هذا الطعن هو أن المرسوم بقانون رقم 117 لسنة 1946 الذي طبقته المحكمة في حق الطاعن قد زالت عنه قوة القانون فضلاً عن مخالفته لأحكام الدستور مما كان مقتضاه أن تقضي المحكمة ببطلانه أو على الأقل تمتنع عن تطبيقه.
وحيث إنه وإن كان المرسوم بقانون رقم 117 لسنة 1946 الذي طبقته المحكمة في حق الطاعن قد صدر في غيبة البرلمان ولم يدع إلى دورة غير عادية للنظر فيه طبقاً للمادة 41 من الدستور إلا أن هذه المادة وإن أوجبت هذه الدعوة لتعرض عليه المراسيم التي تصدرها السلطة التنفيذية بين دوري انعقاده إلا أنها لم ترتب جزاء على مخالفة ذلك، كما فعلت بالنسبة إلى حالة عدم عرض تلك المراسيم على البرلمان في أول انعقاد له وحالة عدم إقرارها من أحد المجلسين. أما القول ببطلان هذا المرسوم لمخالفته لأحكام الدستور فمردود بأن الدستور وإن نص في المادة 14 منه على أن حرية الرأي مكفولة إلا أنها جعلت مناط هذه الحرية أن يكون في حدود القانون ذلك لأن حرية الإعراب عن الفكر شأنها كشأن ممارسة سائر الحريات لا يمكن قيامها بالنسبة إلى جميع الأفراد إلا في حدود احترام كل منهم لحريات غيره. وإذن فإن من حق المشرع بل من واجبه بمقتضى الدستور أن يعين تلك الحدود حتى لا يكون من وراء استعمالها اعتداء على حريات الغير. ولما كان ذلك وكانت أحكام المرسوم سالف الذكر لا تمس حرية الرأي ولا تتجاوز ممارسة الفرد لحرية التعبير عن فكره ووضع الحدود التي تضمن عدم المساس بحريات غيره، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.