أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 3 - صـ 328

جلسة 25 من ديسمبر سنة 1951
(126)
القضية رقم 505 سنة 21 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وإبراهيم خليل بك ومحمد أحمد غنيم بك وإسماعيل مجدي بك المستشارين.

دفاع شرعي. تناسب فعل الدفاع مع الاعتداء متى ينظر فيه؟ عند ثبوت قيام هذه الحالة. مجرد التحدث عن عدم التناسب بين ما وقع من الطاعن وما وقع من غريمه. قصور.
نقض. نقض الحكم بالنسبة إلى الطاعن يستتبع نقضه بالنسبة إلى المحكوم عليهم معه لاتصاله بهم ولو كانوا لم يقدموا طعناً. المادة 435 من قانون الإجراءات الجنائية.
إن حق الدفاع الشرعي قد قرر بالقانون لدفع كل اعتداء مهما كانت جسامته. وتناسب فعل الدفاع مع الاعتداء لا ينظر فيه إلا بعد ثبوت قيام حالة الدفاع الشرعي. فإذا ثبت قيام هذه الحالة وتحقق ذلك التناسب حقت البراءة للمدافع، وإن زاد فعل الدفاع على الاعتداء وكانت الزيادة غير مقبولة عدا المتهم متجاوزاً حق الدفاع وحق عليه العقاب في الحدود المبينة في القانون. فإذا كان ما أورده الحكم لا يعدو التحدث عن عدم التناسب بين الفعلين، ما وقع منهما من الطاعن وما وقع من غريمه، وليس فيه ما يؤدي إلى نفي قيام حالة الدفاع الشرعي حسبما هي محددة فيما سبق بيانه فإنه يكون قاصراً قصوراً يعيبه بما يستوجب نقضه. ونقض هذا الحكم بالنسبة إلي طاعن يقتضي نقضه أيضاً بالنسبة إلى المحكوم عليهم الآخرين في الدعوي وإن لم يقدموا طعنا لاتصاله بهم. وذلك تطبيقا للمادة 435 من قانون الإجراءات الجنائية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة: 1 - محمد محمد جاد (الطاعن) و2 -عبده نور حسن و3 - خضر عودة سالم بأنهم بناحية الدميمي مركز الصف مديرية الجيزة - أولاً: - المتهم الأول شرع في قتل خضر عوده سالم عمداً بأن طعنه بسكين عدة طعنات قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي وقد نفذت إحداها إلى التجويف الصدري وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو إسعاف المجني عليه بالعلاج. ثانيا - المتهم الثاني ضرب خضر عودة سالم أيضاً بعصا على رأسه فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على العشرين يوماً. ثالثا - والمتهم الثالث شرع في سرقة القطن المبين بالمحضر لمحمد محمد جاد وأوقفت الجريمة لسبب خارج عن إرادته هو مفاجأته أثناء السرقة وضبطه. وطلبت من قاضي الإحالة إحالة المتهمين المذكورين إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم الأول بالمواد 54 و46 و234/ 1 من قانون العقوبات والثاني بالمادة 242/ 1 من القانون المذكور والثالث بالمواد 45 و47 و317/ 4 و321 منه. فقرر بذلك. وقد ادعى خضر عوده سالم بحق مدني قبل المتهمين وطلب أن يحكم له قبل المتهم الأول (الطاعن) بمبلغ 100 جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة جنايات الجيزة قضت أولاً - بمعاقبة محمد محمد جاد (الطاعن) بالحبس مع الشغل مدة سنة واحدة وإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني مبلغ خمسين جنيهاً والمصاريف المدنية وذلك عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات. وثانيا - بمعاقبة عبده نور حسين بالحبس مع الشغل مدة ثلاثة أشهر وأمرت بإيقاف التنفيذ وذلك عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 55 و56 من قانون العقوبات. وثالثا - بمعاقبة خضر عوده سالم بالحبس مع الشغل مدة ثلاثة أشهر وذلك عملاً بالمادتين 317/ 4 و321 من قانون العقوبات. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض...الخ.


المحكمة

...حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه تمسك أمام المحكمة بأنه كان في حالة دفاع شرعي، فرد الحكم على ذلك بما لا يصلح رداً ومع أن المحكمة قد سلمت في حكمها بحصول الاعتداء عليه في ماله وعاقبت المجني عليه في الشروع في القتل من أجل ذلك فإنه كان يتعين أن تقضي بقيام حالة الدفاع الشرعي لدى الطاعن.
...وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بقوله: "إن المتهم الثالث خضر عوده ذهب إلى حقل المتهم الأول محمد محمد جاد (الطاعن) وشرع في سرقة القطن المنزرع فيها.... ولما أحس به المتهم الأول استغاث بالمتهم الثاني عبده نور حسن الذي يجاوره في زراعته وأسرعا معا نحو مكان وجود المتهم الثالث وطعنه المتهم الأول بسكين عدة طعنات أحدثت به الإصابة الموضحة بالتقرير الطبي كما أن المتهم الثاني ضربه بعصا ثم اقتاداه إلى العمدة". وقد عرض الحكم بعد ذلك لدفاع الطاعن من أنه كان في حالة دفاع شرعي عن زراعته ورد عليه بقوله: "إن ما وقع من المتهم الثالث أي شروعه في سرقة قطن المتهم الأول لا يستلزم من الأخير استعمال السكين لدفع ما وقع منه، كذلك لم يكن اعتداء المتهم الأول على المتهم الثالث الوسيلة الوحيدة لبلوغ غايته خصوصاً وقد أسرع إليه المتهم الثاني وترى المحكمة أنه كان من اليسير، وفي استطاعة المتهم الأول بمعاونة المتهم الثاني الذي حضر على الفور، عقب استغاثته أن يقبضا على المتهم الثالث بغير حاجة إلى الاعتداء عليه، وخاصة أنه لم يكن يحمل سلاحاً ولم تبد من جانبه أية مقاومة أو رغبة في الإيذاء ومن ثم لا تتوافر شروط الدفاع الشرعي".
وحيث إن حق الدفاع الشرعي قد قرر بالقانون لدفع كل اعتداء مهما كانت جسامته، تناسب فعل الدفاع مع الاعتداء لا ينظر فيه إلا بعد ثبوت قيام حالة الدفاع الشرعي، فإذا ثبت قيام هذه الحالة وتحقق ذلك التناسب، حقت البراءة للمدافع، وإن زاد فعل الدفاع على الاعتداء، وكانت الزيادة غير مقبولة عدا المتهم متجاوزاً حق الدفاع وحق عليه العقاب في الحدود المبينة في القانون. ولما كان ذلك وكان ما أورده الحكم لا يعدو التحدث عن عدم التناسب بين الفعلين، ما وقع منهما من الطاعن، وما وقع من غريمه، وليس فيه ما يؤدي إلى نفي قيام حالة الدفاع الشرعي حسبما هي محددة فيما سبق بيانه، فإنه يكون قاصراً قصوراً يعيبه ويستوجب نقضه من غير حاجة إلى التحدث عن أوجه الطعن الأخرى.
وحيث إن نقض الحكم بالنسبة إلى الطاعن يقتضي نقضه أيضاً بالنسبة للمحكوم عليهما الآخرين في الدعوى، وإن لم يقدما طعناً، لاتصاله بهما، وذلك تطبيقاً للمادة 435 من قانون الإجراءات الجنائية.