أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 3 - صـ 344

جلسة 31 ديسمبر سنة 1951
(131)
القضية رقم 900 سنة 21 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة : أحمد حسني بك وإبراهيم خليل بك وإسماعيل مجدي بك وباسيلي موسى بك المستشارين.

أ - قصد. حكم ابتدائي باطل لعدم توقيعه في ثلاثين يوماً تصدي المحكمة الاستئنافية للموضوع. لا مخالفة فيه للقانون. سماع الشهود الدعوى من جديد. غير لازم. البطلان لا يلحق إجراءات المحاكمة.
ب - تحريات. تقدير جدية التحريات. موضوعي.
1 - إذا قضت المحكمة الاستئنافية ببطلان الحكم الابتدائي لعدم توقيعه في بحر ثلاثين يوماً ثم نظرت موضوع الدعوى وحكمت فيه فإنها لا تكون قد خالفت القانون. ذلك لأن محكمة أول درجة وقد استنفدت ولايتها بإصدار حكمها في الموضوع فلا سبيل إلى إعادة القضية إليها. ولا تكون المحكمة الاستئنافية في هذه الحالة ملزمة أن تسمع الشهود الذين سمعتهم محكمة أول درجة من جديد لأن البطلان إنما ينسحب إلى الحكم الابتدائي ولا يتعدى إلى إجراءات المحاكمة التي تمت وفقاً للقانون.
2 - إن تقدير جدية التحريات التي تسبق الإذن بالتفتيش من المسائل الموضوعية التي تخضع لسلطة قاضي الموضوع. فإذا ما أقرت المحكمة ما ارتأته النيابة من التحريات المعروضة عليها مسوغاً لإجراء التفتيش فلا تقبل المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العمومية الطاعنين بأنهما بدائرة قسم الرمل : أحرزا مع آخرين مخدراً "حشيشاً " بدون مسوغ قانوني وطلبت عقابهما بالمواد 1 و2 و35/ 6 ب و40 و41 و42 و45 من القانون رقم 21 لسنة 1928. سمعت المحكمة المخدرات الجزئية بالإسكندرية الدعوى وأمامها دفع المتهمان ببطلان التفتيش أولاً : لعدم صدور الإذن بالتفتيش لشخصيهما وثانياً: لأنهما لم يكونا في حالة تلبس تبرر التعرض لحريتهما بالتفتيش، فقالت المحكمة بأن هذا الدفع في غير محله، ثم حكمت بحبس كل من المتهمين ستة شهور مع الشغل والنفاذ وتغريم كل منهما ثلاثين جنيهاً والمصادرة وذلك عملاً بالمواد 1 و2 و36 و40 و41 و45 من القانون رقم 21 لسنة 1928، فاستأنفا. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية قضت بحبس كل منهما ستة شهور مع الشغل مع تغريم كل منهما ثلاثين جنيهاً والمصادرة. فطعن المحكوم عليهما في الحكم بطريق النقض...الخ.


المحكمة

...وحيث إن الطاعنين يقولان في الوجه الأول من طعنهما إن المحكمة الاستئنافية وقد قضت ببطلان الحكم الابتدائي لعدم التوقيع عليه في مدى ثلاثين يوماً، كان واجباً عليها، أن تعيد القضية إلى محكمة أول درجة لتفصل فيها من جديد وذلك حتى لا يحرما من إحدى درجتي التقاضي، وأنه إذا كانت المحكمة الاستئنافية قد رأت غير ذلك، وتصدت لموضوع الدعوى، فقد كان عليها أن تسمع الشهود إذ أصبحت هي محكمة الموضوع لا بوصفها هيئة استئنافية فحسب، بل عليها أن تسير في الإجراءات كما رسمها قانون تحقيق الجنايات في المحاكمة أمام محكمة الجنح. ويقول الطاعنان إن الإذن بالتفتيش صدر باطلاً لعدم جدية التحريات التي بنى عليها وأن الباعث على استصداره هو الرغبة في الانتقام لوجود ضغينة بين الضابط وفريق من المتهمين. وقد قرر الضابط أما المحكمة أن التحريات التي وصلت إليه لا تدل على صلة الطاعن الثاني بالمخدر، ويضيف الطاعن الثاني أن المحكمة اعتمدت في الإدانة على شهادة شاهد جرحه، وسلم الحكم بهذا التجريح مما كان مقتضاه عدم التعويل عليها. ثم إنها أخذت بأقوال شهود تناقضوا في أقوالهم ورجحت قولاً على الآخر دون بيان السبب في ذلك أو الرد على دفاع الطاعن في هذا الصدد. كذلك طلب ضم قضايا وإجراء معاينة عن مكان الحادث، لكن المحكمة لم تجبه أو ترد عليه.
وحيث إن ما سار عليه الحكم المطعون فيه من التصدي لموضوع الدعوى بعد القضاء ببطلان الحكم الابتدائي صحيح في القانون، ذلك لأن محكمة أول درجة وقد استنفذت ولايتها بإصدار حكمها في الموضوع، فلا سبيل إلى إعادة القضية لها بحال كما أنه ليس ما يلزم المحكمة الاستئنافية وهي تنظر الدعوى أن تسمع الشهود من جديد، ذلك لأن البطلان إنما ينسحب إلى الحكم ولا يتعدى إلى إجراءات المحاكمة التي تمت وفقاً للقانون، ولذا فإن المحكمة إذا ما قضت في الدعوى على ضوء ما تم فيها من هذه الإجراءات أمام محكمة أول درجة، فهي إنما تفعل ذلك بوصفها هيئة استئنافية تقضي في الدعوى على مقتضى الأوراق دون حاجة إلي إجراء تحقيق إلا ما تراه هي من جانبها -لما كان ذلك وكان عدم جدية التحريات التي أشار إليها الطاعنان هي من المسائل الموضوعية التي تخضع لسلطان قاضي الموضوع، فإذا ما أقرت المحكمة ما ارتأته النيابة من التحريات المعروضة عليها مسوغاً لإجراء التفتيش، فإن المجادلة في ذلك لا تقبل أمام محكمة النقض - لما كان ذلك - وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة لا يشير إلى أن الطاعن الثاني طلب إلى المحكمة ضم قضايا أو إجراء تحقيق أو معاينة، وكان للمحكمة أن تأخذ بقول للشاهد وتطرح ما عداه متى اطمأنت إليه، فإن ما يثيره الطاعنان لا يعدو أن يكون جدلاً في موضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا شأن لمحكمة النقض به.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.