أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 3 - صـ 429

جلسة 15 يناير سنة 1952
(162)
القضية رقم 913 سنة 21 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة، وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وإبراهيم خليل بك ومحمد أحمد غنيم بك وإسماعيل مجدي بك المستشارين.

دخول عقار بقصد ارتكاب جريمة فيه. تظاهر رجل الجيش بموافقة المتهمين ومرافقتهم إلى الثكنات التي انتووا السرقة منها. ذلك لا يفيد التحريض على الجريمة أو خلقها.
إن تظاهر رجل الجيش بموافقة المتهمين ومرافقتهم إلى الثكنات التي انتووا السرقة منها، ذلك ليس فيه ما يفيد أنه خلق الجريمة أو حرض عليها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة 1- برشاوي محمد أحمد 2 - زهدي محمود قاسم 3 - سيد سالم محمد الشهير بسيد العسكري 4 - محروس قلادة ميخائيل 5 - يوسف عبد العزيز عبد الله (الطاعنين) بأنهم بدائرة مصر الجديدة محافظة القاهرة المتهمون الثلاثة الأول مع آخر حفظت القضية بالنسبة له لوفاته شرعوا في قتل الضابط البريطاني (أرنست جون هورسمان) وآخرين بأن أطلقوا عليهم عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتلهم وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو عدم إحكام الرماية وقد تقدمت هذه الجناية جناية أخرى هي أنهم في الزمان والمكان سالفي الذكر شرعوا في سرقة الأقمشة المبينة الوصف والقيمة بالمحضر والمملوكة للجيش البريطاني حالة كونهم يحملون أسلحة نارية ظاهرة (طبنجتين) ولم تتم الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو مفاجأتهم أثناء مفارقتها وضبطهم متلبسين بالجريمة الأمر المنطبق على المواد 45 و46 و316 من قانون العقوبات. والمتهمان الرابع والخامس اشتركا مع المتهمين الأول والثاني والثالث في ارتكاب الجريمة سالفة الذكر بطريق الاتفاق والتحريض والمساعدة بأن اتفقا معهم على ارتكاب السرقة بظروفها وحرضاهم على ذلك وساعداهم بأن أحضرا لهم سيارة نقلتهم إلي مكان الحادث ولاستعمالها في نقل المسروقات وكانت جناية الشروع في القتل التي وقعت بالفعل على النحو المبين آنفاً نتيجة محتملة لذلك الاشتراك. وطلبت من قاضي الإحالة إحالة المتهمين على محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 45 و46 و234/ 2 و40/ 1 - 2 - 3 و41 و43 و45 و46 و234 من قانون العقوبات فقرر بذلك. ومحكمة جنايات مصر قضت عملاً بالمادة 369/ 1 - 2 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهمين الثلاثة الأول والمادتين 40/ 1 - 2 و41 من نفس القانون بالنسبة إلى المتهمين الرابع والخامس (الطاعنين) أولاً - ببراءة المتهمين من التهمة الأولى. ثانياً - بمعاقبة كل من برشاوي محمد أحمد وزهدي محمود قاسم وسيد سالم سيد العسكري ومحروس قلادة ميخائيل ويوسف عبد العزيز عبد الله بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وذلك على اعتبار أن المتهمين الثلاثة الأول دخلوا عقاراً (مطاراً) في حيازة الجيش البريطاني بقصد ارتكاب جريمة فيه حالة كون بعضهم يحمل سلاحاً. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه حين دان الطاعنين بالاشتراك في دخول عقار (مطار في حيازة الجيش البريطاني بقصد ارتكاب جريمة فيه حالة كون بعضهم يحمل سلاحا) جاء قاصراً وأخطأ في تطبيق القانون: ذلك بأن المحكمة لم تقم الأدلة على الاشتراك الذي قالت به وأن ما استندت إليه منها يشوبه النقص والغموض فضلاً عن أنها لم تبين واقعة حمل السلاح بياناً كافياً بل جاء بيانها عنه مضطرباً لا يمكن الاعتماد عليه. ويضيف الطاعن الأول أن المحكمة جعلت أن الدخول كان بقصد السرقة أو شراء المسروق مع أنها في موضع آخر من حكمها قد نفت تهمة السرقة والشروع فيها وقالت إنها كانت جريمة مستحيلة إذ دخلوا حظيرة الطيران ولم يكن بها شيء يمكن سرقته مما كان مقتضاه اعتبار الجريمة التي دين بها جريمة مستحيلة كذلك. ويقول الطاعن الثاني إن أركان الجريمة غير متوافرة أيضاً إذ لابد فيها من أن يكون الدخول على غير إرادة صاحب العقار فإن كان الجاني قد دخل - على ما ورد بالحكم - وفق إرادة الحائز للعقار وبإيعاز منه فلا جريمة ولا عقاب لانقضاء شرط الدخول الإرادي كما أن القصد الجنائي غير متوفر إذ استدرج زملاءه للدخول في الحظيرة بدلاً من المخزن مما لا يمكن معه القول بتوفر القصد الجنائي في حقهم لأن قصدهم لم يتجه إلى الحظيرة إطلاقاً بل أدخلوا فيها رغم إرادتهم وما كانوا يقصدون إلى ارتكاب أية جريمة فيها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى وذكر الأدلة التي استخلص منها ثبوتها واستظهر الاشتراك كما هو معرف به في القانون. ومتى كان الأمر كذلك وكان ما أوردته المحكمة من شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص لا يكون له محل إذ يخرج عن محاولة المجادلة في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. هذا وليس مما يؤثر في قيام الجريمة ما يشيران إليه من الاستدراج أو الرضا إذ ليس من شأن تظاهر رجل الجيش بموافقة المتهمين ومرافقتهم إلى الثكنات ما يفيد أنه خلق الجريمة أو حرض عليها ولذا فلا حرج على المحكمة إن هي استندت إلى أقواله وأقوال باقي الشهود أما ما يثيرانه في صدد التكييف القانوني فمردود بأن الواقعة - كما هي ثابتة بالحكم المطعون فيه - تتوافر فيها أيضاً جميع العناصر القانونية لجريمة الاتفاق الجنائي على السرقة المنصوص عليها في المادة 48 من قانون العقوبات كما أن العقوبة التي قضى بها على المتهمين تدخل في نطاق العقوبة الواردة في هذه المادة مما يجعل مصلحة الطاعنين في الطعن بهذا الوجه منتفية.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.