أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 3 - صـ 373

جلسة 7 من يناير سنة 1952
(141)
القضية رقم 830 سنة 21 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وإبراهيم خليل بك ومحمد أحمد غنيم ومصطفي فاضل بك المستشارين.

دعوى عمومية. تحريكها بالطريق المباشر تحريكاً صحيحا سقوط الدعوى المدنية لسبب جد بعد رفعها واتصال المحكمة بها. ذلك لا يؤثر على الدعوى العمومية. يجب على المحكمة أن تفصل فيها.
ما دام الثابت أن الدعوى العمومية قد حركت بالطريق المباشر تحريكاً صحيحاً قبل قيام السبب المؤثر في الدعوى المدنية المطروحة على محكمة الجنح، فإنه إذا ما طرأ على الدعوى المدنية ما يسقطها بسبب جد بعد رفعها واتصال المحكمة بها فلا تأثير لذلك على الدعوى العمومية، لأنها وقد حركت وفقاً للقانون تظل قائمة ويكون على المحكمة أن تفصل فيها.


الوقائع

أقامت الآنستان جليلة هانم إمام وكلفراح هانم إمام هذه الدعوى مباشرة لدى محكمة عابدين الجزئية على محمود محمد حموده يتهمانه فيها بأنه في خلال سنة 1947 بدائرة قسم عابدين رست عليه مقاولة القيام بأعمال في منزلهما الكائن بشارع همدان رقم 4 بالجيزة وبدأ في تنفيذ عقد المقاولة إلا أنه خالف أحكام الأمر الذي اضطرهما إلى رفع دعوى مستعجلة طلبتا فيها إثبات مخالفات المتهم لشروط أحكام عقد المقاولة، وقد طلبتا معاقبة المتهم بالمادة 336 من قانون العقوبات، كما طلبتا القضاء لهما عليه مؤقتاً بمبلغ 25 جنيهاً مصرياً بصفة تعويض مع حفظ حقهما في طلب الزيادة بدعوى أخرى. ولدى نظر الدعوى أمام المحكمة دفع المتهم بعدم قبولها لسبق اختيار المدعيتين بالحق المدني الطريق المدني. وبتاريخ 16 ديسمبر سنة 1948 قضت المحكمة تمهيديا أولاً: - بقبول الدفع وعدم قبول الدعوة المدنية لاختيار المدعيتين الطريق المدني في القضية رقم 751 سنة 1948 كلي مصر. وثانيا - وفي الدعوى العمومية حددت جلسة 10 فبراير سنة 1949 لنظرها. وبتاريخ 5 مايو سنة 1949 نظرت المحكمة الدعوى وقضت فيها عملاً بالمادة 1/ 2 من القانون رقم 48 لسنة 1948 بتغريم المتهم 50 خمسين جنيهاً بلا مصاريف. فاستأنف المهتم الحكم. كما استأنفته النيابة. ومحكمة مصر الابتدائية قضت بإلغاء الحكم المستأنف وعدم قبول الدعوى العمومية.
فطعنت النيابة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... حيث إن النيابة العمومية تقول في طعنها إن الحكم المطعون فيه حين قضى بعدم قبول الدعوى العمومية قد استند في ذلك إلى أن اختيار المدعيتين بالحقوق المدنية الطريق المدني بعد أن رفعتا دعواهما قد ترتب عليه عدم قبول الدعوى المدنية وأنه بذلك تكون الدعوى العمومية غير مقبولة أيضاً. وهذا خطأ في القانون لأن الدعوى الجنائية وقد تحركت صحيحة يجب أن تسير حتى يفصل فيها بصرف النظر عن انفصال الدعوى المدنية عنها لسبب من الأسباب.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن المدعيتين بالحقوق المدنية رفعتا الدعوى بالطريق المباشر أمام محكمة الجنح وكلفتا المطعون ضده بالحضور أمامها بناء على ما ذكرتاه بصحيفة الدعوى من أنه خدعهما في ذاتية خشب باعه إليهما وطلبتا معاقبته والحكم لهما بالتعويضات وكانت أول جلسة نظرت فيها بتاريخ 4 سبتمبر سنة 1947 وبعدئذ رفعتا الدعوى المدنية رقم 751 سنة 1948 كلي مصر في أول مارس سنة 1948 ضد المطعون ضده ودائرة أسعد باسيلي باشا طلبتا فيها الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا لهما مبلغ 5414 جنيها و92 مليماً على سبيل التعويض عن ذات الخشب موضوع دعوى الجنحة التي رفعت بالطريق المباشر، فدفع المطعون ضده بجلسة 25 نوفمبر سنة 1948 أمام محكمة الجنح بعدم قبول الدعوى المدنية لاختيار المدعيتين الطريق المدني بالدعوى المشار إليها، فقضت المحكمة بقبول الدفع وعدم قبول الدعوى المدنية لهذا السبب، واتحاد موضوع الدعويين المدنيتين ثم حكمت بإدانة المتهم في الدعوى الجنائية وقالت إن اختيار المدعيتين للطريق المدني لا يؤثر في قيام الدعوى العمومية بعد أن حركت تحريكاً صحيحاً، وأن عدم قبول الدعوى المدنية لا يمنع المحكمة من النظر في الدعوى العمومية، والفصل فيها، فاستأنف المحكوم عليه، كما استأنفت النيابة العمومية فقضت المحكمة الاستئنافية بإلغاء الحكم المستأنف وعدم قبول الدعوى العمومية مستندة في ذلك إلى القول بأن المدعي بالمدني لا يستطيع تحريك الدعوى العمومية إلا إذا كان دعواه المدنية مقبولة، فإذا سقط هذا الشرط لا يجوز له أن يحرك الدعوى العمومية التي هي في الأصل من حق النيابة العمومية والتي منحها القانون استثناء للمدعي المدني، خصوصاً وأن النيابة العمومية كانت قد فوضت الرأي أمام محكمة أول درجة. كما أن استئناف النيابة لا يغير من الوضع شيئاً لأن استئنافها لا يعد تحريكاً للدعوى العمومية بعد إبداء الدفع.
وحيث إن هذا الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه ليس صحيحاً في القانون، إذ ما دام الثابت أن الدعوى العمومية قد حركت بالطريق المباشر تحريكاً صحيحاً، قبل قيام السبب المؤثر على الدعوى المدنية المطروحة على محكمة الجنح، فإنه إذا ما طرأ على الدعوى المدنية ما يسقطها لسبب جدّ بعد رفعها واتصال المحكمة بها، فإن هذا لا يؤثر على الدعوى العمومية، لأنها وقد حركت وفقاً للقانون فإنها تظل قائمة ومن حق المحكمة بل ومن واجبها الفصل فيها ما دام أنها قد قامت صحيحة.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه.